موقع حوارات

موقع حوارات

أعد هذه المشروعات نخبةٌ من كبار علماء الشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف، وكبار رجال القانون، في إطار سعيهم وحرصهم الشديد على أن تأخذ الشريعة الإسلامية مكانتها الجديرة بها في الحياة التشريعية والقانونية، وقد بُذل في هذا المشروع جهد كبير ليكون دليلًا عمليًا على صلاحية الشريعة الإسلامية للتطبيق في كل زمان ومكان، ووثيقة يستعين بها المشرعون والمسئولون في البلاد الإسلامية على تنفيذ ما جاء في دساتيرهم من أن تكون الشريعة الإسلامية مصدرًا رئيسيًا للقانون.

خرجت الطبعة التمهيدية إلى النور عام 1972، وفي مقدمة المشروع أكد الدكتور محمد عبد الرحمن البيصار الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أن القائمين على هذا المشروع مستعدين لاستقبال أي إسهام بأي صورة كانت، وكان من جميل ما كتب في مقدمة المشروع:

ولقد كان مما يثير العجب ويدعو للدهشة، ويحز في نفس كل مسلم غيور أن تلجأ الأمة الإسلامية وتستعين في أحكامها بقانون وضعي من وضع البشر، ولو أن واضعها كان ينتمي إلى أمتنا الإسلامية لهان الأمر، لأن لا محالة كان يلجأ إلى دستورها الإسلامي ليستنبط منه مواد ذلك القانون، ولكن الحقيقة أن واضعها لا ينتمي إلى الأمة الإسلامية، ولا يدين بدينها“.

روابط للتحميل للمباشر:

مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان
مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب مالك
مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام الشافعي
مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام أحمد

مذكرة تخرج شارك فيها عدد من الطلبات الجزائريات بجامعة محمد بوضياف، بعنوان “نشأة علم مقاصد الشريعة الإسلامية وأهم أعلامه”،

وأهم النتائج التي توصل إليها البحث:

أولا: مقاصد الشريعة:هي الغايات والأسرار التي وضعتها الشريعة عند كل حكم من أحكامها من أجل تحقيق مصلحة العباد.

ثانيا: لمقاصد الشريعة تعبيرات مختلفة تتفاوت من حيث مدى تطابقها مع مدلول المقاصد، وللمقاصد علاقة كبيرة مع هذه التعبيرات ومن هذه التعبيرات نجد العلة، المصلحة، الحكمة وسد الذرائع. فللعلة علاقة وطيدة بالمقاصد وهي مفتاح علم المقاصد، أما المصلحة فهي ملازمة لمقصد الشارع ولا يتصور انفكاكها عنها وأن المصالح الشرعية هي مقاصد الشارع ومراده.أما بالنسبة للحكمة فمقصد الشارع أعم منها ولكن في أغلب الأحيان يترادفان ويتماثلان في الإطلاق والتعبير، وأما علاقة المقاصد بسد الذرائع وطيدة جدًا حيث تظهر هذه العلاقة من كون سد الذرائع يعتبر مقصدًا من مقاصد الشريعة.

ثالثا: تتجلى أهمية مقاصد الشريعة الإسلامية في أنها بالنسبة للمسلم العادي تكون في ترسيخ العقيدة حين يعلمها وتحقيق العبودية لله تعالى التي من أجلها خلق الإنسان، ومعرفة المقاصد تعطي مناعة كافية كما عليه أن يوافق قصده قصد الشارع الحكيم. أما بالنسبة للداعية تظهر في ترتيب سلم الأولويات في الدعوة إلى الله تعالى والتأكيد على خصائص الشريعة… أما بالنسبة للفقيه والمجتهد تتجلى في فهم النصوص وتفسيرها ومعرفة أحكام ما لم يرد حكمه من أقوال الشارع. ومن الخصائص التي تتميز بها مقاصد الشريعة نجد الثبات، العموم، الاطراد، الكمال والوضوح.

رابعا: أما بداية ظهور مقاصد الشريعة قبل التدوين تتضح في ثلاث مراحل بارزة نذكرها: ــــ في القرآن الكريم ونزول آيات قرآنية مقصدها الأول والأخير الحفاظ على الإنسان في كلياته الخمس بداية بنزول آيات تدعو إلى حفظ الدين وأخرى في حفظ النفس والعرض والعقل وحفظ المال، كما تجلت معالم المقاصد في السنة النبوية التي جاءت مبينة لمراد القرآن ونجد معالم المقاصد في الشريعة العامة فيها مقصد اليسر والسماحة ومقصد العدل، كما جاء في السنة بيان لبعض المقاصد الخاصة للأحكام مثل مقصد الاستئذان. مرورًا بظهور نشأة المقاصد عند الصحابة وقد تميزوا بمرتبة عليا في معرفة المقاصد بسبب قربهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن اجتهاداتهم في حفظ المقاصد نجد جمع القرآن في عهد أبي بكررضي الله عنه وإيقاف حد السرقة عام المجاعة. أما المقاصد عند التابعين الذين هم ورثة الصحابة فتجلت في ظهور مدرستان فقهيتان وهما مدرسة الأثر في الحجاز ومدرسة الرأي في العراق.

خامسا: أما نشأة علم المقاصد في عصر التدوين فقد مرت بدورها على مرحلتين: الأولى إدراجه ضمن المؤلفات الأصولية والثانية إفراده بالتأليف، فأما الأولى فمعناها جعل علم المقاصد مدونا ومبثوثا على شكل مباحث وفنون في المؤلفات الأصولية كتكلمهم عن بعض المتعلقات الأصولية كالمصلحة والضروريات الخمس والمناسبة وغيرها… وتجلت هذه المرحلة مع الإمام الجويني والغزالي والرازي وغيرهم.. وأما الثانية فاتضحت مع الإمام الشاطبي في كتابه”الموافقات” الذي جعل فيه المقاصد ركن من علم أصول الفقه يضاف إلى الركن الثاني وهو حذق اللغة العربية ووجوهها الدلالية، ثم جاء الإمام الطاهر بن عاشور وألف كتاب “مقاصد الشريعة الإسلامية”ويكون بهذا أول من اصطلح عليه اسم مقاصد الشريعة وجعله علما مستقلا بذاته، ثم توالت الدراسات والمؤلفات بعد ذلك وتنوعت فمنهم من ألف في مقاصد الشريعة بصفة عامة ومنهم من ألف في بعض جزئياتها.

يمكنك تحميل المذكرة كاملة من هنا

صدر كتاب “إسلام بلا خوف: مصر والإسلاميون الجدد” لمؤلفه الدكتور ريموند بيكر، وترجمة الدكتورة منار الشوربجي عن المركز العلمي للدراسات السياسية في الأردن. ويعتبر هذا الكتاب من المؤلفات المميزة التي تناولت أبرز المدارس الفكرية المعاصرة في مصر، والتي تبنت تيار الوسطية الإسلامي، وامتد تأثيرها إلى خارج الحدود المصرية.

تعامل هذا الكتاب مع رموز مدرسة الإسلاميين الجدد من أمثال: محمد الغزالي، ويوسف القرضاوي، وكمال أبو المجد، وفهمي هويدي، وطارق البشري، ومحمد سليم العوا، وغيرهم، على اعتبار أنهم ينتمون لمدرسة فكرية واحدة، ولهم خصائصهم وتوجهاتهم. ولذا فقد اهتم بيكر بإسهامهم الجماعي؛ لأنهم ـ كما يرى ـ يكملون بعضهم البعض؛ كل يقوم بجهده الخاص المتميز، ولكنه يستفيد من أعمال الآخرين، مع محافظة كل منهم على شخصيته الفكرية المستقلة.

كشف الكتاب بوضوح عن أن تيار الوسطية الإسلامية قد شهد نقلة نوعية بالغة الأهمية بظهور هذه المدرسة الفكرية؛ فقد صار لتيار الوسطية- بفضل تلك المدرسة- مشروعٌ فكريٌ متماسكٌ لا مجرد أفكار تجديدية في هذا المجال، وكما يتبين من الكتاب ـ أيضا ـ أن رموز هذه المدرسة لعبوا أدوارا بالغة الأهمية في الكثير من الأحداث المحلية والإقليمية والدولية طوال الفترة التي غطاها البحث. 

وتأتي أهمية هذا الكتاب لكونه قام برصد وتحليل كل ما صدر عن أولئك المفكرين من كتابات وإسهامات في الحياة العامة، إضافة إلى تناولها تجليات أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وما تبعها من حملات “للتشهير” بالعرب والمسلمين، وما تم في إطارها من استغلال رؤى أكثر التيارات الإسلامية تطرفا وتخلفا للقفز منها إلى تعميمات تطول العرب والمسلمين. ووسط كل هذا الصخب والعنف المادي واللفظي والمعنوي يبرز في الغرب صوت يقدم رؤية رصينة مبنية على دراسة متعمقة لواحدة من أهم المدارس الفكرية الإسلامية في تاريخنا المعاصر تهدف للكشف والتركيز على إسلام آخر حضاري: إسلام متصالح مع العالم، ومتفاعل معه، إسلام لا يثير التوجس والقلق، فهو “إسلام بلا خوف”. 

وقد اختار بيكر أن يدرس الظاهرة من داخلها لا من خارجها؛ من خلال بذل الجهد في قراءة الغالبية الساحقة من الأدبيات التي صدرت عن المفكرين الذين تناولهم الكتاب.

يتضمن الكتاب ثلاثة أجزاء، كل جزء يتناول رؤية الإسلاميين الجدد للثقافة والمجتمع والسياسة.

يقدم الجزء الخاص بالمجال الثقافي ـ بفصليه الأول و الثاني عن التعليم والفنون ـ بناء الصلة بين تجاوزات الثقافة الشعبية وضعف كفاءة المؤسسة الحاكمة التي تتخذ عادة مواقف دفاعية. أما الفصلان التاليان اللذان يتناولان المجتمع والاقتصاد، فيقدم لهما بمقال يهجو بسخرية بالغة الرؤى المشوهة للمتشددين الإسلاميين حين يصرفون الأنظار عن الأجندة الوطنية ويركزون على قضايا ثانوية. وفي الفصلين الخامس والسادس يتناولان السياسة والديمقراطية والعمل السياسي وأخيرًا التفاعل مع العالم والمجتمع الدولي.

إن قصة الإسلاميين الجدد في مصر تنتهي كما بدأت عبر ملامح لمثل تلك الكفاحات التي خاضوها من أجل خلق أسس فكرية وأخلاقية لبناء مجتمع إسلامي أكثر تميزًا. وكل الصور التي قدمها الكتاب إنما هي صور يرسمها الإسلاميون الجدد لأنفسهم، وهي صور تم صنعها من كلمات وأفعال الإسلاميين الجدد أنفسهم، ووفقاً لفهمهم الخاص. وقد حرص المؤلف على أن يستمع لأصوات الإسلاميين الجدد، وأن يسجل بأمانة ما يقولون؛ بهدف رسم تلك الصورة من الخارج بزاوية واسعة، وعمل تقويم نهائي لوزن سجلهم ومغزاه، والذي يشير إلى أن المشروع الاجتماعي للإسلاميين الجدد يستجيب بأشكال متعددة للآمال والاحتياجات الأساسية للمصريين في مواجهة أحداث تتطلب تفسيرًا، ومعضلات تفتقر إلى حلول.

موضوعات الكتاب:

  • المقدمة
  • الباب الأول: الثقافة
    الفصل الأول: إصلاح التعليم
    الفصل الثاني: الاهتمام بالفنون
  • الباب الثاني: المجتمع
    الفصل الثالث: بناء الجماعة الوطنية
    الفصل الرابع: إقامة نظام اقتصادي
  • الباب الثالث: السياسة
    الفصل الخامس: الكفاح من أجل التجديد الإسلامي
    الفصل السادس: التفاعل مع العالم
  • الخاتمة

يمثّل كتاب «الإسلام والدستورية: حوار مفتوح» -والذي صدر باللغة الأسبانية- خطوة جديدة لمؤسسة الثقافة الإسلاميّة نحو فهم الإسلام بصورة أعمق، وكسر الأفكار السابقة حول هذا الدين وثقافته المتكوّنة في ذهن الشعب الإسباني. فمنذ أن بدأت هذه المؤسسة الإسبانيّة –التي يترأسها السيد شريف عبد الرحمن جاه– نشاطها عام 1982، لم تتوقف عن تنظيم أنشطة عديدة ومتنوعة في مجاليْ العلم والثقافة على حدّ السواء. وتغطي هذه الأنشطة من معارض فنية، ونشر كتب ومقالات إلى ومشاريع اجتماعيّة وتربويّة مرورًا بمشاريع الحفاظ على بيئة المنطقة المتوسطيّة.

إن كتاب «الإسلام والدستورية: حوار مفتوح» يبيّن فكرة أنّ الإسلام ليس فقط قادرًا على المشاركة في تطوير الأنظمة الديموقراطية الغربية، بل إن دوره أساسي في هذه العملية. ويتخذ الكتاب شكلين للإنشاء فمن جهة يقدّم لنا أربع مقالات علميّة قد تميل إلى الأسلوب الأكاديمي أكثر من اللازم بالنسبة للقارئ العام، ومن جهة أخرى يحتوي على خمس مقابلات تدور مع شخصيات بارزة ذات علاقة مباشرة بالموضوعات المطروحة في المقالات.

ويتركّز المقال الأول، الذي يوقّعه فريق البحث لدى مؤسسة الثقافة الإسلاميّة نفسها، على تحليل الوضع الراهن بما يخصّ موضوع الإسلام والدستورية. فعلى سبيل المثال يُطرح في هذا الفصل مسائل كـأبعاد تأسيس دولة دستورية معاصرة في البلدان العربية أو إذا كانت الشريعة تفرض تشكيل نظام سياسي معين على البلدان الإسلامية. كما يتناول في هذا الجزء بعض التعارضات الواقعة بين مبادئ الإسلام الجوهرية ومبادئ مفهوم الدولة-الأمّة كما يعتبرها الغربيون. ومن أهم هذه التعارضات ثلاثة أمور مركزية وهي: أولاً: التمييز بين مفهوميْ الأمة والجنسية؛ وثانيًا إبعاد الدين عن المشهد العام؛ وثالثًا: الاهتمام المُعطى للفرد في الغرب على الصعيد الاجتماعي وبشكل خاصّ على الصعيد الاقتصادي.

وفيما يتعلّق بهذه النقطة الأخيرة يعالج هذا المقال الأول موضوع انضمام حقوق الإنسان إلى الأنظمة السياسية المعتمدة على الشريعة، غير أنّ هذه العملية تتعارض مع ثلاث مبادئ رئيسية: حقوق المرأة وحقوق غير المسلمين وحرية العبادة. وفي حقيقة الأمر بات موضوع حقوق المرأة أساسيًا في هذا العمل الذي يكرس فصلاً كاملاً، وهو المقال الرابع بقلم الأستاذة زيبا مير حسيني (جامعة لندن)، عن مسألة «بناء مفهوم المرأة ضمن الفكر الإسلامي وإستراتيجيات من أجل إصلاحه».

أمّا بالنسبة للمقال الثاني فيشرح فيه الدكتور نادر شاه حسين (جامعة موناش في أستراليا) ما هي في رأيه الآليات الملائمة لمراقبة السلطات الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) في دستورية إسلامية افتراضية، وهذا انطلاقاً من فكرة أنّ النصوص الإسلاميّة التشريعيّة (السنّة والقرآن) لا تحدد تطبيق أي نظام سياسي على غيره، وأنّ الخلافة نظام سياسي أساسه بشري وظرفي كونه يَنتُج عن إجراءات تاريخية معينة. كما يلح الأستاذ حسين على أن إبرام نص دستوري في دولة ما لا يضمن تطبيق نظام دستوري فيها ولذلك يجب الإشراف على هذا النظام من طرف آليات للمراقبة تكون عادلة ومستقلة عن السلطة الحكومية.

أما الدكتور عبد الله مبروك النجار (جامعة الأزهر) فيعالج في المقال الثالث موضوع “الإسلام والديموقراطية”، ولعل هذا المقال يتميّز عن البقية بسبب وجهة نظر صاحبه من حيث اتخاذ موقف متحفظ أكثر من الآخرين ويدافع عن المبادئ الإسلاميّة التقليديّة بطريقة واضحة. فبعد مقدمة حول مبدأ الثبات والمرونة في تأويل الشريعة الإسلامية يدخل المؤلف في موضوع الديموقراطيّة بحد ذاته، ابتداء من تحليل المصطلح لغويًا، وشرح تطبيقاته في سياق الحقوق المدنية. ويتابع بعد ذلك بتأطير مفهوم الديموقراطيّة ضمن التيار الفلسفي الأوروبي وفهمه كعقد بين رئيس السلطة والشعب، وحينئذ يلجأ الكاتب إلى نظريات بعض المفكرين الكلاسيكيين مثل توماس هوبز، جون لوك، وجان جاك روسو. ومن ثم يقارن الدكتور النجار بين طبيعة “العقد” الديموقراطيّ ومجلس الشورى ليستنتج أن الأخير جاء لإصلاح مسار الديموقراطية وليس العكس، لأن في رأيه النظام الديموقراطي يمثّل الطريقة المثالية لاختيار الحكام ولتحديد العلاقات بينهم وبين الشعب، غير أنه لا يلبي المصلحة العامة وهي أمر جوهري في الإسلام.

وبالإضافة إلى هذه المقالات الرئيسية الأربع يحتوي العمل الذي بين يدينا على خمس مقابلات تزيد من قيمته العلمية، وهي تدور بين كل من المؤسسة والدكتور محمّد هاشم كمالي (الجامعة الإسلاميّة العالميّة في ماليزيا)، والأستاذة محرزية العبيدي (قياديّة في حركة النهضة التونسيّة)، والدكتورة آسفة قريشي-لانديس (جامعة ويسكونسين ماديسون في الولايات المتحدة الأمريكية)، والدكتور عبد الله أحمد النعيم (جامعة إيموري في الولايات المتحدة الأمريكية)، والدكتور نادر الهاشمي (جامعة دينبير في الولايات المتحدة الأمريكية).

إلى جانب الأسئلة الخاصة المتعلقة بخلفيات المخاطبين وتجاربهم الاجتماعية والسياسية تُكرر المؤسسة نفس الأسئلة لكل منهم، وهي تركز على النقاط الجدلية التي أُدرجت في المقالات السابقة. ومن خلال ذلك «الحوار» يدرك القارئ تعدد الآراء المتينة والعاقلة حول هذه النقاط، وعن إمكانية التفاهم الحقيقي بين الحضارات.

ولا بد من أن نختتم مقالنا بذكر أجدّ مشروع لمؤسسة الثقافة الإسلامية وهو مبادرة أخرى لتحطيم الأفكار النمطيّة ضد الإسلام. والمشروع عبارة عن موقع إلكترونيّ بالإسبانيّة والإنجليزيّة بعنوان تويست الاسلاموفوبيا أيْ ما يعنيه بالعربية “قلّبْ رهاب الإسلام”، والذي بدأ نشاطه في الثاني عشر من ديسمبر الماضي بمناسبة “اليوم العالمي ضد رهاب الإسلام”.

ونجد في هذا الموقع مواد ومراجع ثقافية وتاريخية وتربوية متعددة الأشكال (فيديوهات وبودكاست ومنشورات … إلخ)، تكشف لنا الأخطاء المرتكبة المتعلقة بالمفاهيم، وليس فقط على الصعيد الشخصي بل الرسمي والإعلامي أيضًا. وتهدف المؤسسة من خلال إنشاء هذا الموقع الدفاع عن اتخاذ موقف عادل وموضوعي اتجاه الإسلام، والتأكيد على أنّ الحوار الضروري بين الشرق والغرب يتجاوز عنوان كتاب “الإسلام والدستورية”، فإنه يغطي روح مؤسسة الثقافة الإسلاميّة كليًا.

باولا سانتيان – أستاذة في جامعة برشلونة المستقلة

مقال منشور على موقع مؤسسة الثقافة الإسلامية بتاريخ 15 سبتمبر 2016م.

 

 

رابط المقال الأصلي

يمثّل كتاب «الإسلام والدستورية: حوار مفتوح» -والذي صدر باللغة الأسبانية- خطوة جديدة لمؤسسة الثقافة الإسلاميّة نحو فهم الإسلام بصورة أعمق، وكسر الأفكار السابقة حول هذا الدين وثقافته المتكوّنة في ذهن الشعب الإسباني. فمنذ أن بدأت هذه المؤسسة الإسبانيّة –التي يترأسها السيد شريف عبد الرحمن جاه– نشاطها عام 1982، لم تتوقف عن تنظيم أنشطة عديدة ومتنوعة في مجاليْ العلم والثقافة على حدّ السواء. وتغطي هذه الأنشطة من معارض فنية، ونشر كتب ومقالات إلى ومشاريع اجتماعيّة وتربويّة مرورًا بمشاريع الحفاظ على بيئة المنطقة المتوسطيّة.

إن كتاب «الإسلام والدستورية: حوار مفتوح» يبيّن فكرة أنّ الإسلام ليس فقط قادرًا على المشاركة في تطوير الأنظمة الديموقراطية الغربية، بل إن دوره أساسي في هذه العملية. ويتخذ الكتاب شكلين للإنشاء فمن جهة يقدّم لنا أربع مقالات علميّة قد تميل إلى الأسلوب الأكاديمي أكثر من اللازم بالنسبة للقارئ العام، ومن جهة أخرى يحتوي على خمس مقابلات تدور مع شخصيات بارزة ذات علاقة مباشرة بالموضوعات المطروحة في المقالات.

ويتركّز المقال الأول، الذي يوقّعه فريق البحث لدى مؤسسة الثقافة الإسلاميّة نفسها، على تحليل الوضع الراهن بما يخصّ موضوع الإسلام والدستورية. فعلى سبيل المثال يُطرح في هذا الفصل مسائل كـأبعاد تأسيس دولة دستورية معاصرة في البلدان العربية أو إذا كانت الشريعة تفرض تشكيل نظام سياسي معين على البلدان الإسلامية. كما يتناول في هذا الجزء بعض التعارضات الواقعة بين مبادئ الإسلام الجوهرية ومبادئ مفهوم الدولة-الأمّة كما يعتبرها الغربيون. ومن أهم هذه التعارضات ثلاثة أمور مركزية وهي: أولاً: التمييز بين مفهوميْ الأمة والجنسية؛ وثانيًا إبعاد الدين عن المشهد العام؛ وثالثًا: الاهتمام المُعطى للفرد في الغرب على الصعيد الاجتماعي وبشكل خاصّ على الصعيد الاقتصادي.

وفيما يتعلّق بهذه النقطة الأخيرة يعالج هذا المقال الأول موضوع انضمام حقوق الإنسان إلى الأنظمة السياسية المعتمدة على الشريعة، غير أنّ هذه العملية تتعارض مع ثلاث مبادئ رئيسية: حقوق المرأة وحقوق غير المسلمين وحرية العبادة. وفي حقيقة الأمر بات موضوع حقوق المرأة أساسيًا في هذا العمل الذي يكرس فصلاً كاملاً، وهو المقال الرابع بقلم الأستاذة زيبا مير حسيني (جامعة لندن)، عن مسألة «بناء مفهوم المرأة ضمن الفكر الإسلامي وإستراتيجيات من أجل إصلاحه».

أمّا بالنسبة للمقال الثاني فيشرح فيه الدكتور نادر شاه حسين (جامعة موناش في أستراليا) ما هي في رأيه الآليات الملائمة لمراقبة السلطات الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) في دستورية إسلامية افتراضية، وهذا انطلاقاً من فكرة أنّ النصوص الإسلاميّة التشريعيّة (السنّة والقرآن) لا تحدد تطبيق أي نظام سياسي على غيره، وأنّ الخلافة نظام سياسي أساسه بشري وظرفي كونه يَنتُج عن إجراءات تاريخية معينة. كما يلح الأستاذ حسين على أن إبرام نص دستوري في دولة ما لا يضمن تطبيق نظام دستوري فيها ولذلك يجب الإشراف على هذا النظام من طرف آليات للمراقبة تكون عادلة ومستقلة عن السلطة الحكومية.

أما الدكتور عبد الله مبروك النجار (جامعة الأزهر) فيعالج في المقال الثالث موضوع “الإسلام والديموقراطية”، ولعل هذا المقال يتميّز عن البقية بسبب وجهة نظر صاحبه من حيث اتخاذ موقف متحفظ أكثر من الآخرين ويدافع عن المبادئ الإسلاميّة التقليديّة بطريقة واضحة. فبعد مقدمة حول مبدأ الثبات والمرونة في تأويل الشريعة الإسلامية يدخل المؤلف في موضوع الديموقراطيّة بحد ذاته، ابتداء من تحليل المصطلح لغويًا، وشرح تطبيقاته في سياق الحقوق المدنية. ويتابع بعد ذلك بتأطير مفهوم الديموقراطيّة ضمن التيار الفلسفي الأوروبي وفهمه كعقد بين رئيس السلطة والشعب، وحينئذ يلجأ الكاتب إلى نظريات بعض المفكرين الكلاسيكيين مثل توماس هوبز، جون لوك، وجان جاك روسو. ومن ثم يقارن الدكتور النجار بين طبيعة “العقد” الديموقراطيّ ومجلس الشورى ليستنتج أن الأخير جاء لإصلاح مسار الديموقراطية وليس العكس، لأن في رأيه النظام الديموقراطي يمثّل الطريقة المثالية لاختيار الحكام ولتحديد العلاقات بينهم وبين الشعب، غير أنه لا يلبي المصلحة العامة وهي أمر جوهري في الإسلام.

وبالإضافة إلى هذه المقالات الرئيسية الأربع يحتوي العمل الذي بين يدينا على خمس مقابلات تزيد من قيمته العلمية، وهي تدور بين كل من المؤسسة والدكتور محمّد هاشم كمالي (الجامعة الإسلاميّة العالميّة في ماليزيا)، والأستاذة محرزية العبيدي (قياديّة في حركة النهضة التونسيّة)، والدكتورة آسفة قريشي-لانديس (جامعة ويسكونسين ماديسون في الولايات المتحدة الأمريكية)، والدكتور عبد الله أحمد النعيم (جامعة إيموري في الولايات المتحدة الأمريكية)، والدكتور نادر الهاشمي (جامعة دينبير في الولايات المتحدة الأمريكية).

إلى جانب الأسئلة الخاصة المتعلقة بخلفيات المخاطبين وتجاربهم الاجتماعية والسياسية تُكرر المؤسسة نفس الأسئلة لكل منهم، وهي تركز على النقاط الجدلية التي أُدرجت في المقالات السابقة. ومن خلال ذلك «الحوار» يدرك القارئ تعدد الآراء المتينة والعاقلة حول هذه النقاط، وعن إمكانية التفاهم الحقيقي بين الحضارات.

ولا بد من أن نختتم مقالنا بذكر أجدّ مشروع لمؤسسة الثقافة الإسلامية وهو مبادرة أخرى لتحطيم الأفكار النمطيّة ضد الإسلام. والمشروع عبارة عن موقع إلكترونيّ بالإسبانيّة والإنجليزيّة بعنوان تويست الاسلاموفوبيا أيْ ما يعنيه بالعربية “قلّبْ رهاب الإسلام”، والذي بدأ نشاطه في الثاني عشر من ديسمبر الماضي بمناسبة “اليوم العالمي ضد رهاب الإسلام”.

ونجد في هذا الموقع مواد ومراجع ثقافية وتاريخية وتربوية متعددة الأشكال (فيديوهات وبودكاست ومنشورات … إلخ)، تكشف لنا الأخطاء المرتكبة المتعلقة بالمفاهيم، وليس فقط على الصعيد الشخصي بل الرسمي والإعلامي أيضًا. وتهدف المؤسسة من خلال إنشاء هذا الموقع الدفاع عن اتخاذ موقف عادل وموضوعي اتجاه الإسلام، والتأكيد على أنّ الحوار الضروري بين الشرق والغرب يتجاوز عنوان كتاب “الإسلام والدستورية”، فإنه يغطي روح مؤسسة الثقافة الإسلاميّة كليًا.

باولا سانتيان – أستاذة في جامعة برشلونة المستقلة

مقال منشور على موقع مؤسسة الثقافة الإسلامية بتاريخ 15 سبتمبر 2016م.

 

 

رابط المقال الأصلي

كتاب: “الجريمة والعقاب في الشريعة الإسلامية” من إصدارت دار عالم الأدب في مصر، لمؤلفه رودولف بيترز، أستاذ الشريعة بجامعة أمستردام بهولندا، وله عدد من الدراسات عن الشريعة الإسلامية.
يتناول الكتاب تاريخ التعامل الإسلامي مع الجرائم التي نصت عليها الشريعة وعقوباتها. فقد قامت بعض الأنظمة الإسلامية في السنوات الأخيرة قبل صدور الكتاب، -كإيران وباكستان والسودان وولايات شمال نيجيريا- بنبذ القوانين الجنائية الغربية واستبدال الشريعة الإسلامية بها. وحدث ذلك عقب إلغاء التشريع الجنائي الإسلامي في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين. وكان التشريع الجنائي الإسلامي يطبق في فترة ما قبل الحداثة في شتى ربوع العالم الإسلامي، وتتوفر العديد من الأمثلة على ذلك في فيض الأرشيفات والمصادر الأخرى التي وصلتنا عن تلك الفترة.
ويوفي بيترز فقه المذاهب حقَّه من الدراسة، ويتعقب تطبيق التشريع الجنائي من لدن الحقبة العثمانية حتى يومنا هذا. وتلقي القضايا الحقيقية التي يوردها -والتي تتراوح بين السرقة إلى الحرابة والقتل والزنا والردة- الضوءَ على “تعقيدات” الشريعة وتفقه القضاة الشرعيين الذين قاموا على تطبيقها وفطنتهم.

كتاب “القرآن والشريعة: نحو دستورية إسلامية جديدة” للدكتور وائل حلاق، جاء أربعة فصولٍ بعد مقدمةٍ للمؤلف وتقديمٍ للدكتور هبة رءوف عزت، ويتناول الفصل الأول أُسس القانون الأخلاقي: نظرة جديدة في الأخلاق وتشكُّل الشريعة، ويعالج الفصل الثاني مسألة الدستورية القرآنية وتحكيم الأخلاق: نظرات جديدة في المبادئ المؤسسة للمجتمع ومنظومة الحكم الإسلامي، وخصَّص الفصل الثالث لموضوع أوَّليَّة القرآن في النظرية الأصولية عند الشاطبي، ثم يختم الكتاب بفصلٍ رابعٍ جعله جوابًا على سؤال: هل يمكن إحياء الشريعة؟

قام الدكتور أحمد الفراك بقراءة للكتاب جمعت بين عرض مضامين فصوله من جهة، وإبراز حضور الأطروحات المضادة التي يشتبك معها الكاتب نقدًا وتقويمًا من جهة ثانية، فهو يرى أن الكتاب عبارة عن سجالٍ معرفيٍّ وحجاجيٍّ مع دعاوى علمية وثقافية وتاريخية عدَّة، تحملها أطروحاتٌ فكرية لكبار المستشرقين المعاصرين، وخاصةً المستشرق الألماني جوزيف شاخت. كما أنه قد سجل بعض الملاحظات النقدية لأطروحة حلاق نفسها.

حمل المادة من هنا

 

يُعد الشيخ علي الخفيف من أبرز علماء تيار التجديد في مصر والعالم العربي في القرن العشرين، فهو عالم شرعي وقاض وباحث لغوي، وقد توفى رحمه الله عام 1978، وترك عددًا من الكتب المهمة، نستعرض منها كتاب “أحكام المعاملات الشرعية” والذي صدر عن دار الفكر العربي عام 2008.

بدأ الشيخ كتاب بمقدمة عرّف فيها بالشريعة الإسلامية، وعلوم الشريعة والشُعب المختلفة لعلم الفقه، وبين أن الشارع هو الله سبحانه وتعالى بما أوحاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وتحدث عن عهد التشريع وكيف انقضى، وتطرق إلى معنى الإجماع والقياس، والخلاف وأسبابه، وتحدث عن المذاهب المختلفة وأصحابها.

قسم الشيخ الكتاب بعد المقدمة إلى عدد من الأبواب، وجاء ترتيبها كالآتي:

    • باب المال
    • باب الملكية
    • باب حقوق الارتفاق
    • باب أساس الملك التام
    • باب الميراث
    • باب الشفعة
    • باب العقد
    • باب صيغة العقد
    • باب العاقد ونيته
    • باب تأثير إرادة العاقد في إنشاء العقود وتحديد آثارها
    • باب اتصال آثار العقد بصيغته
    • باب محل العقد
    • باب الأهلية
    • باب الولاية
    • باب عقد الوكيل
    • باب عقد الفضولي
    • باب العقد يباشره شخص واحد
    • باب حكم العقد
    • باب الرضا والاختيار وما يؤثر فيهما
    • باب الغلط في العقد
    • باب الغبن والغرور
    • باب الخيارات
    • باب خيار الرؤية
    • باب خيار العيب
    • باب البيع
    • باب السلم
    • باب الإجارة
    • باب الأجرة

صدر عن مركز نهوض للدراسات والبحوث كتاب “الدساتير الثورية: القيادة الكاريزمية وحكم القانون” لمؤلفه بروس أكرمان، وترجمة محمد طه عليوة، وهو كتاب ضخم يقع في قرابة ستمائة صفحة، والكتاب يؤرخ لقضية التحولات الدستورية الثورية خلال القرن الماضي، بما فيها من محطات كبرى، كالحربَيْن العالميتَيْن، وانهيار الاتحاد السوفيتي، وتشكُّل الاتحاد الأوروبي وتراجع جاذبيته، وصعود السياسات الشعبوية.

وتشمل الحالات التي يدرسها باستفاضة كلًّا من الولايات المتحدة والهند وإيران وجنوب إفريقيا وإيطاليا وبولندا وفرنسا وبورما و”إسرائيل”، ويجمع المؤلّف بإتقانٍ بين إيلاء كل حالة عنايةً تحليليةً خاصةً تتناول تحولاتها التفصيلية، وبين بناء نموذجٍ عامّ يدرس القواسم المشتركة بين هذه الحالات.

صدر عن مركز أركان للدراسات والأبحاث والنشر كتاب “الشريعة والتحديث: مباحث تاريخية واجتماعية” للدكتور محمد وفيق زين العابدين، والكتاب يقع في 288 صفحة، يبدأ مؤلف الكتاب مقدمته قائلًا:

يقول فلاسفة القانون إن القانون هو مقياس الأشياء، أي الفاصل المميز بين الخير والشر، بين الحق والباطل، بين الاستقامة والانحراف، وهو سر الإلزام به، فإذا كان ذلك؛ فهل يسوغ أن ينفصل عن طبيعة المجتمع الذي يحكمه، وعادات هذا المجتمع التي ترجع إلى الأخلاق السائدة فيه؟! أو أن تمتد جذوره إلى ثقافة غير ثقافته الأصلية وما استقر فيها من تحسين وتقبيح؟!
لقد عاشت البلاد العربية في ظل الحكم الإسلامي لعقود طويلة من الزمان، وظل أهلها مُنذ فتحها يحتكمون إلى الشريعة المتمثلة في القرآن والسُّنة والأحكام التي استمدت منهما باستعمال أصول الفقه وضوابطه وقواعده الكلية التي وضعها الفقهاء المسلمون، مستلهمين الحلول من سوابقهم وسوابق أسلافهم والأشباه والنظائر إذا لم يجدوا في كتاب الله وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم بُغيتهم، وقد اجتهدوا في ذلك أيما اجتهاد، وصنفوا في أصول التقاضي والأحكام والدعاوى ما عجزت سائر الأمم السابقة عن الإتيان بمثله، بل سبقوا إلى تأصيل النظريات التي يُفاخر القانونيون المعاصرون بتأصيلها وذِكْرها في كتبهم، وبلغ بهم الشأن العظيم أن كانوا مرجعًا للأوروبيين في المسائل الحقوقية والمعضلات القانونية يفزعون إليه كلما دعتهم الحاجة ليجدوا لدى المسلمين كلمة الفصل فيما يهمهم ويشغل بالهم.
عن ذلك يُحدثنا علي حيدر وزير العدلية في الدولة العثمانية، والأستاذ بكلية الحقوق في الأستانة، ورئيس محكمة التمييز (النقض)، وأمين الفُتيا (١٨٣٧: ١٩٠٣م) فيقول: “وقد استُفْتِيَتْ دارُ الاستفتاء هذه في بعض الأحوال من قبل دول أوروبا في بعض المسائل الغامضة الحقوقية
” (1)”

 

 

 

 

قد عاشت البلاد العربية في ظل الحكم الإسلامي لعقود طويلة من الزمان، وظل أهلها مُنذ فتحها يحتكمون إلى الشريعة المتمثلة في القرآن والسُّنة والأحكام التي استمدت منهما باستعمال أصول الفقه وضوابطه وقواعده الكلية التي وضعها الفقهاء المسلمون، مستلهمين الحلول من سوابقهم وسوابق أسلافهم والأشباه والنظائر إذا لم يجدوا في كتاب الله وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم بُغيتهم، وقد اجتهدوا في ذلك أيما اجتهاد، وصنفوا في أصول التقاضي والأحكام والدعاوى ما عجزت سائر الأمم السابقة عن الإتيان بمثله، بل سبقوا إلى تأصيل النظريات التي يُفاخر القانونيون المعاصرون بتأصيلها وذِكْرها في كتبهم، وبلغ بهم الشأن العظيم أن كانوا مرجعًا للأوروبيين في المسائل الحقوقية والمعضلات القانونية يفزعون إليه كلما دعتهم الحاجة ليجدوا لدى المسلمين كلمة الفصل فيما يهمهم ويشغل بالهم.

 

 

وفي الجملة كانت الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس والأوحد للأحكام لأكثر من ألف وثلاثمائة عام حتى نهاية القرن الماضي حين تزايد النفوذ الأجنبي الذي استهدف إقصاء الشريعة وتغيير البنية الاجتماعية للأُمة، حيث أُنشئت المحاكم المختلطة، وأُلغيت المحاكم الشرعية، واستمدت القوانين من مصدر أجنبي غير شرعي لا يتصل بانتماء البلاد الإسلامي ولا بخصائصها الثقافية والاجتماعية التي حددت ذاتية البلاد وهويتها الإسلامية.

 

 

يبحث هذا الكتاب مسألة تقنين الشريعة والتحديث في نهاية الخلافة العثمانية وكيف انتقلت الحالة القانونية للبلاد العربية خصوصًا مصر من حاكمية الشريعة إلى حاكمية القوانين والمحاولات التي جرت لتقنين الشريعة وإعادة إحيائها خلال القرن العشرين.

 

 

______________________________________________

 

 

(1) علي حيدر خواجة أمين أفندي: درر الحكام شرح مجلة الأحكام، ترجمة: فهمي الحسيني، دار الكتب العلمية (بيروت)، ج 4 ص 566.