موقع حوارات

موقع حوارات

 

عقدت رابطة الجامعات الإسلامية مؤتمرًا علميًا بمدينة الرباط بالمملكة المغربية حول: “تأطير الحريات بين القيم الإسلامية وضوابط القانون الدولي”، وذلك يوم الخميس الموافق 24 أغسطس 2023م.

وعُقد المؤتمر بمقر منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” تحت رعاية وتشريف معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى –رئيس الرابطة-، وحضر المؤتمر لفيف من العلماء ورؤساء الجامعات الإسلامية إلى جانب خبراء ومتخصصين من دول العالم المختلفة.

وناقش المؤتمر آليات التنسيق والتعاون بين العلماء والخبراء في مجال ضبط المصطلحات في تعريف الحرية المسئولة والمنضبطة بما لا يتعدى حقوق وحريات الآخرين.

وفي هذا الصدد أشار معالي الأستاذ الدكتور سامي الشريف –الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية-، إلى أن هذا المؤتمر يأتي انطلاقًا من سعي جاد من جانب المنظمات الإسلامية التي تمد يد التعاون مع الغرب -دولا ومنظمات وأفرادًا- بهدف بناء جسور من التفاهم والمودة والسلام.

كما أشار معاليه إلى تفاقم حدة العداء والكراهية التي يطلقها بعض المتطرفين في الدول الغربية من اعتداء على المقدسات وحرق لنسخ من المصحف الشريف بما يُعد تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، ومن ثم فإن المؤتمر بحث سبل دعم جهود الحوار بين المثقفين والحكماء في الشرق والغرب من أجل تقويض كل محاولات الفتنة والضغينة والبغضاء لتحل مفاهيم السلام بدلا من مفاهيم حتمية الصراع بين الحضارات.

وأثناء جلسات المؤتمر تمت الإشارة إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي تبنَّته الشهرَ الماضي (يوليو 2023م)، بإجماع أعضائها الـ193، وهو قرار كانت قد تقدمت به المملكة المغربية، ضد حرق نسخ المصحف الشريف، وخطاب الكراهية.

وشهدت عملية اعتماد هذا القرار محاولة الاتحاد الأوروبي حذف الإشارة إلى الفقرة الثالثة عشرة من القرار، والتي تنص على أن مشروع القرار «يستنكر بشدة جميع أعمال العنف ضد الأشخاص على أساس دينهم أو معتقدهم، وكذلك أي أعمال من هذا القبيل ضد رموزهم الدينية أو كتبهم المقدسة أو منازلهم أو أعمالهم أو ممتلكاتهم أو مدارسهم أو مراكزهم الثقافية أو أماكن العبادة، فضلاً عن جميع الهجمات على الأماكن الدينية والمواقع والمزارات.. التي تنتهك القانون الدولي».

وصرحت المتحدثة باسم رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، السيدة بولينا كوبياك، بأن وفد إسبانيا طالبَ بحذف عبارة «التي تنتهك القانون الدولي» من مشروع القرار، لكن طلبه قوبل بالرفض.

وذكر وزير العدل الدنماركي، بيتر هاملغارد، خلال مؤتمر صحفي، أن القانون «سيحظر التعامل بطريقة غير مناسبة مع أشياء تكتسي أهمية دينية كبيرة لدى ديانة ما»، وهذا التشريع القانوني يمكن اعتباره ثمرة أنتجتها شجرة القانون الدولي الجديد في مجال مناهضة الكراهية، وهي شجرة يجب تعهدها بالمتابعة الدائمة لتُؤتي أكلَها كل حين.

ويُذكر أن الدكتور محمد عثمان الخشت أستاذ فلسفة الدين والمذاهب الحديثة والمعاصرة ورئيس جامعة القاهرة، ترأس جلسة بعنوان “الحرية في المنظور الإسلامي” ضمن جلسات المؤتمر.

وناقشت جلسة “الحرية في المنظور الإسلامي” أربعة موضوعات رئيسة وهي: الحرية في الفكر الإسلامي .. الأسس والمبادئ، وحرية الآخر في التاريخ الإسلامي، حرية الرأي والتعبير في ميزان الشريعة الإسلامية، الحرية والمسؤولية المجتمعية.    

   وقد صدر عن المؤتمرين إعلان رابطة الجامعات الإسلامية الذي تضمن التوصيات التالية:

  • الكلمة مسؤولية أخلاقية وأمانة روحية، لا يجوز إطلاقُها بلا علم أو برهان؛ فتكون سبباً في الإساءة إلى الآخرين، وتأجيج المشاعر الدينية، والنزعات العنصرية.
  • التأكيد على حق الحريات عمومًا، وحرية التعبير عن الرأي خصوصًا، وفق أُطُرٍ تحفظ حقوق الآخرين ولا سيما صيانةَ كرامتهم، وترعى متطلباتِ سلام عالمنا ووئامِ مجتمعاتِه الوطنية.
  • دعوة المؤسسات الإعلامية للارتقاء بالمحتوى الإعلامي نحو تعزيز أواصر الأُخُوةِ الإنسانيةِ والوطنيةِ واحترامِها المتبادل، ومواجهةِ كافة الأساليب الداعية للكراهية والتحريضِ على الصدام والصراع الحضاري.
  • ضرورةُ احترام الدول لالتزاماتها بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وتطويرِ استراتيجياتِ التعايش والاحترام المتبادل، واعتمادِ تشريعاتٍ تحظُرُ التحريضَ على الكراهية المفضيةِ إلى التطرف وبَعثِ الأحقاد، والدخولِ في دوامة الفوضى والعنف، والعنفِ المضاد.
  • إدانة ظاهرة الإسلاموفوبيا باعتبارها خطابًا عنصريًا يؤجج الكراهية ويستولد العنف، ويقوض مشاريع بناء مجتمعات الوئام والسلام، والتحذير من تبعات أساليب الاستفزاز الديني في عالم هو أحوج ما يكون إلى التهدئة والتفاهم والاحترام المتبادل.
  • دعوة الحكومات والشعوب إلى تجاوز خلافات الماضي بين المكونات الدينية والعرقية والثقافية، والتوجه إلى مناقشة مشكلات التعايش برُؤيةٍ حضارية تؤسَّسُ على تفهُّمِ حكمة الخالق في حتمية الاختلاف والتنوع، والإيمانِ بأهميةِ التعاون والثقة المتبادلة المستحقة، وتَستثمرُ مشتركاتها في تعزيز الوعي لتكوين مجتمعات تتجاوز التحضر المادي إلى التحضر الأخلاقي.
  • الدعوة إلى أن تتضمن مناهج التعليم الدراسي حول العالم موادَّ تُعزز من الوعي المجتمعي باحترام الآخرين، وتفهُّمِ حقِّهم في الوجود والعيش بكرامة دون إهانة لكرامتهم ولا سيما مقدساتِهم الدينية، وتُنبه على مخاطر الصدام والصراع بين الأمم والشعوب.
  • دعوة الدول التي سمحت بحرق نسخ من المصحف الشريف إلى مراجعة مفاهيمها الدستورية واستعادة وعيها الحضاري واستحضار عظات التاريخ، وعدمِ الخلطِ بين المعنى الإنساني للحريات وبين الفوضى المسيئةِ لذلك المعنى، وبخاصة تسيب مفهوم الحريات إلى أن يصل لإهانة كرامة الآخرين والتحريض على المواجهة الخاسرة بين الأمم والشعوب لمجرد اختلافاتها الدينية والفكرية فضلاً عن مجرد سوء الفهم المتبادل، ومن ثم تعميق الفجوة بين أبناء الأسرة الإنسانية الواحدة التي أراد الله بعلمه وحكمته أن تكون مختلفةً كما هي طبيعة وجودها.

وقد حظي المؤتمر بتغطية عربية وإسلامية ودولية واسعة، من مختلف وسائل الإعلام.


* نقلاً عن:

– موقع رابطة الجامعات الإسلامية.

– جريدة إيلاف في الثلاثاء 29 أغسطس 2023م.

– الهيئة الوطنية للإعلام “ماسبيرو” في السبت 26 أغسطس 2023م.

صادق مجلس الأمة الكويتي بغالبية الأصوات الثلاثاء الموافق 1 أغسطس 2023م على المادة 16 من قانون مفوضية الانتخابات بنصها المعدل الذي يطرح إشكالا ويثير جدلاً في الكويت وهي المادة التي تقول في الفقرة الثانية منها “ويشترط لممارسة حق الانتخاب والترشيح الالتزام بأحكام الدستور والقانون والشريعة الإسلامية”.

وتم تمرير المادة في المداولة الثانية على مشروع قانون انتخاب أعضاء مجلس الأمة، والذي سبق أن أقره المجلس في مداولته الأولى في جلسة الخميس الماضي، بحضور 62 نائبًا وبموافقة 53 منهم واعتراض تسعة أعضاء فقط بينهم النائبة الوحيدة بالمجلس جنان بوشهري، بينما انسحب الحضور النساء من جلسة المداولات كشكل احتجاجي على تمرير مادة تضبط شكل المرأة المترشحة وتلزمها بارتداء الحجاب (بحكم تطبيق الشريعة الاسلامية الواردة في المادة 16).

وطالب النواب التسعة حذفها باعتبار أنها تتضمن إقصاء للمرأة غير المحجبة بالمشاركة في الحياة السياسية. كما رفض المجلس طلبًا من النائب مرزوق الغانم (الرئيس السابق لمجلس الأمة) بحذف المادة استنادًا إلى أن “الالتزام بالدستور والقانون والشريعة منصوص عليها في الدستور”.

ورفض المجلس أيضا ثلاث طلبات بالحذف من النائبة جنان بوشهري التي حذّرت من “خطورة إقحام نص ذو مدلول عام يحمل أكثر من تفسير ومعنى في قانون الانتخاب”، معتبرة أن التعديل “موائمة سياسية وعبث سياسي في الشريعة وأحكامها وفتاويها”.

وسجلت الجلسة إلى جانب بوشهري اعتراض كل من حمد المدلج ومرزوق الغانم وسعد العصفور وداود معرفي ومهلهل المضف وعبدالوهاب العيسى وحمدالعليان وبدر الملا.

واعتبر كثيرون أن النص يستهدف “إقصاء النساء من المشاركة السياسية” وكذلك فرض مزيد من الوصاية عليها “باسم الدين والشريعة”.

وقد أعربت الأستاذة نوال الرشيد عن رفضها لبس الحجاب كأحد شروط الترشح إلى مجلس الأمة الكويتي. وقالت في تصريح من أمام مبنى مجلس الأمة “الناس تتطور أو ترجع إلى الوراء، هل هذا البند فيه تطور أو تخلف؟ ألف بالمئة تخلف، الكويت لم تكن بهذا الشكل في الستينات والسبعينات”، مضيفة “الديرة كلها مختطفة من الدينيين”.

ويهيمن الإسلاميون على مجلس الأمة الكويتي في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أعادت بعض الوجوه في المجلس السابق واستبعدت آخرين، بينما لم يكن للمرأة حضور يذكر.

واثارت تصريحات الرشيد جدلاً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ورافض لتصريحاتها وموقفها وبين من اعتبرها مسيئة للحجاب والشريعة الإسلامية.

ومصدر الانزعاج الأكبر من تصريحات الرشيد هو ربطها بين ارتداء الحجاب والتخلف. وقال مغرد “نوال الرشيد تحدثت وأنا تعجبت إذا كان خلع الحجاب تطور فخلع اللباس المحتشم يكون تطورا وإنجازًا!! أعتقد أي قضية تطالب فيها امرأة حتى وإن كانت مستحقه نتائجها خاسره”.

وغرد آخر قائلاً “إذا كان شرع الله ودينه وتعاليم الإسلام الصحيحة تخلف بأعين الليبراليين والنسويات فنحن نراها قمة الرقي والتحضر والشرف”، فيما قالت مغردة أخرى “أنا ضد الاقتراح بس كلامج غلط صار شرع الـلّـه والحجاب تخلف!!! صارت الديره مختطفه من الدينين؟ لو الأغلبية ليبراليين بتقولين الديره مختطفه؟؟”.

في مقال بجريدة القبس الكويتية شبق جلسة الثلاثاء كتبت الدكتورة غدير محمد أسيري تحت عنوان “أهذا ما تستحقه الكويتية؟” أمس الاثنين “اشتركت المرأة الكويتية في صفوف المقاومة (خلال غزو العراق للكويت في تسعينات القرن الماضي) واستُشهد الكثير منهن في تلك الحقبة السياسية وأُسر الكثير منهن من قبل جنود الاحتلال واعتقلن وعُذِبن في السجون ومراكز الاعتقال كما الرجل الكويتي، فبعد 15 عامًا من التحرير ومن المطالبة بحقوقها والوقوف لإقناع من يستمر في مهاجمتها والتشكيك بقدراتها وحصولها على حقها في المساواة بالانتخاب والترشح”.

وتابعت “نجد أن المجتمع، بدلاً من تمكينها في 2023م، لا يزال يمارس الضغوط على المرأة في سن القوانين والقيود لتقليص حركتها وتطورها وتقليل مشاركاتها السياسية بضوابط تشكك وتُميّز بين قدرتها في المشاركة السياسية”.

وقالت أيضًا “سلوك التقليل من قدرة المرأة أصبح يتنقّل ويتفشى بشكل ملاحظ في الآونة الأخيرة، من خلال القوانين المطروحة من بعض النواب، إن المتاجرة بقضاياها بالوصاية عليها غير مقبولة، خصوصًا مشروع إنشاء المفوضية العليا للانتخابات في دولة مدنية تتبع دستورًا واضحًا متطورًا متعايشًا، ينصف ويساوي بين الجميع، فمن غير المنطقي أن يكون القانون، وهو مرحلة تلي الدستور، أن يتناقض مع مواده التي تنص بشكل صريح على المساواة التامة وعدم التطرق بالوصاية في القوانين والقرارات على المرأة شكلاً ومضمونًا”.

وخلصت كاتبة المقال إلى القول “في دولة الكويت، فالانتقاص من شكلها وطريقة تفكيرها هو سلوك يقمع حقها في اختيار شكلها أو وظيفتها أو طريقة حياتها ومستقبلها أسوة بالرجل في الدولة”. وشهدت نتائج انتخابات أعضاء مجلس الأمة الكويتي للعام 2023م فوز 10 مرشحين جدد بعضوية المجلس وعودة بعض الأعضاء ممن سبق لهم الفوز بعضوية المجلس في دورات سابقة، لكن المرأة الكويتية فقدت أحد المقعدين في المجلس السابق، إذ حافظت النائبة جنان بوشهري على حضورها، بينما لم يحالف الحظ زميلتها عالية الخالد.


نقلاً عن ميدل إيست أونلاين في الثلاثاء الموافق 1 أغسطس 2023م.

نشر مركز نهوض للدراسات والبحوث ملفًا بحثيًا جديدًا بعنوان “الأخلاق الإسلامية في عصر ما بعد الأخلاق”، ويضم الملف 15 مادة بحثية متنوعة في أربعة محاور، إيمانًا منه بضرورة الإسهام في النقاش الأخلاقي المعاصر، عبر تأطير المفاهيم، وتحليل طبيعة التحديات المعاصرة، وفحص مدى كفاية الدرس الفلسفي الأخلاقي المعاصر في الاستجابة لهذه التحديات.

وفيما يلي مقدمة الملف التي تبرز محتويات المادة العلمية بداخله:

“لقد تآكلت في هذا العصر القِيَمُ الدينية التقليدية، التي عرفتها المجتمعات والحضارات آلافًا من السنين، وتعرّضت المنظومات الأخلاقية الكبرى إلى تحديات نظرية وعملية هائلة منذ صعود التقنية والتصنيع وظهور النُّظُم الاجتماعية الحديثة وما صاحبها من صيغٍ علمية تطورية وطبيعانية، وصولًا إلى التحولات المتسارعة في مجالات الطب والجينوم والتواصل والفضاء والحروب وغيرها، والتي باتت تهدِّد المفاهيم الأساسية للتصورات الإنسانية (كالفطرة، والطبيعة البشرية، والهوية الإنسانية، والروح، والعلاقة بالأرض)، وتشكِّك في الأسس التي تقوم عليها النظريات الأخلاقية (المسؤولية، والإلزام، والحساب)، ولهذا وُصِفَ هذا العصر بأنه عصرُ “ما بعد الأخلاق”.

إن أسئلة ما بعد الأخلاق تتضمَّن داخلها ارتيابًا من الأخلاق المعيارية التي ينحصر دورها في تعيين قيمة الأشياء والأفعال انطلاقًا من مقولات: الخير والشر، أو المحمود والمذموم، إنها -أي ما بعد الأخلاق- لغة خَلْفَ اللغة الأخلاقية، ونزولٌ إلى أعماق المبادئ الأولى لإنارتها ومُكَاشَفتها.

إن العالم اليوم يشهد عصرًا جديدًا لم تعرفه الحضارة الإنسانية من قبل، فقد يصدق عليه أنه عصرُ ما بعد الواجب الذي جاء بنمطٍ أخلاقيٍّ مغايرٍ تمامًا للقيم الأخلاقية التي كانت تحكم المجتمعات البشرية، إنها أخلاق السعادة الفردانية التي تُعَدُّ المولود الشرعي لثقافة ما بعد الواجب التي جاءت مُعلِنةً عن انهيار الأخلاق المتعالية ومُبشِّرةً بأفول الواجب، وكان السبب المباشر لتجاوز هذا الواجب هو إعادة الاعتبار للذات البشرية، فبعد أن كانت تقوم بالواجب لأجل شيء ما بات يجب أن تقوم به لأجل ذاتها وفقط، وبعد أن كان الواجب يشكِّل إلزامًا وإكراهًا ونكرانًا للذات، حلَّت محلَّه حرية الاختيار، وباتت الذات معيار الواجب وَفق ما تمليه رغباتها، وكأن الأخلاق مجرَّد بحث عن الغايات السعيدة. فكل نظرية أخلاقية ربطت الخير باللذَّة أو السعادة أو المنفعة وأهملت جانبًا مهمًّا من جوانب الأخلاق، أَلَا وهو جانب الإلزام أو الواجب، وهذا ما أحدث الأزمات الأخلاقية التي يعيشها الإنسان المعاصر في عالم التطور التكنولوجي والصناعي، الذي ألغى أهمَّ معالم الإنسانية في بُعدها الأخلاقي والنفسي والاجتماعي، وأدخلها في دوامة أزمة حقيقية تسودها الفوضى والعبثية بإبعاها عن كينونتها الحقيقية. وقد كان لهذه الأزمات انعكاسات سلبية جعلت الإنسان مجرَّد كائن استهلاكي يعيش غربة وكآبة وخوفًا لم يعرفه من قبل، الأمر الذي يحتم علينا محاولة إيجاد حلٍّ لهذه الأزمة عن طريق البحث عن أخلاق إنسانية والوصول إلى “المجتمع السويّ”.

وفي ظل هذه السياقات، اهتمَّ مركز نهوض للدراسات والبحوث بضرورة الإسهام في النقاش الأخلاقي لعالم اليوم، عبر تأطير المفاهيم، وتحليل طبيعة التحديات المعاصرة، وفحص مدى كفاية الدرس الفلسفي الأخلاقي المعاصر في الاستجابة لهذه التحديات، وعبر العودة إلى مصادر الذات العميقة وتراثها الأخلاقي لاستنطاق مضامينه، وإبراز عناصره الأساسية، وتصوراته النظرية، وتجسُّدها في مسالك العيش التي عرفها المسلمون في حضارتهم وصاغوا بها ذواتهم، ثم الإقدام بجرأةٍ على معالجة هذه التحديات الأخلاقية، والبحث عن حلول ناجعة لها، ومعرفة ما يمكن أن يُحدثه التراث الإسلامي الأخلاقي والروحي أن يقدِّمه لنا نحن المسلمين، وللحضارة المعاصرة. فإذا كان البعض يرى أن الحضارة المعاصرة تعيش حالةً من التيه القِيمي، وتفتقد إلى أساس صلب للبنيان الأخلاقي، فإن في الإسلام (نصًّا وتاريخًا) نظامًا قيميًّا عميق الجذور، وإن كان يعاني التعطيل وعدم التفعيل في أجندة الحوار الأخلاقي المعاصر. 

ومن ذلك كله جاءت دعوة المركز للباحثين للإسهام في الملف البحثي المعنون: “الأخلاق الإسلامية في عصر ما بعد الأخلاق“. فلطالما اعتبر سؤال الإنسان من القضايا المحورية والأساسية في الوقت ذاته التي شغلت بالَ المفكرين والفلاسفة والباحثين في ميدان العلوم الإنسانية والاجتماعية، نتيجة الأبعاد الرئيسة التي يطرحها هذا المفهوم على الصعيد العالمي في ظل الرهانات الجديدة التي يعيشها العالم اليوم.

وفي هذا السياق، اقترح المركز جملةً من المحاور البحثية التي تجاوب معها الباحثون، فجاء المحور الأول بعنوانالنظرية الأخلاقية الإسلامية: المفاهيم والأصول“، ليتناول تأطير العائلة المفاهيمية لسؤال الأخلاق المعاصر: ماذا يعني مفهوم ما بعد الأخلاق؟ وما صلته بالمفاهيم المستجدَّة في النقاش الأخلاقي المعاصر؟ كما يهدف هذا المحور إلى البحث عن جذور المشكل الأخلاقي في الفلسفة الحديثة وما بعد الحديثة، من خلال تفحُّص أصول النظريات الأخلاقية لعصرنا ومدى كفايتها في التأسيس الأخلاقي على المستويين: الأدنى (العدل)، والأعلى (الإحسان)، وذلك عبر الإجابة عن سؤال: إذا كان الدين هو الأساس المتين للنظرية الأخلاقية، فهل هناك أساس ما بعد ديني للأخلاق في الفلسفة الغربية المعاصرة؟ وهل يمتلك هذا الأساس ما تحتاج إليه النظرية الأخلاقية من ثبات وقدرة على الإلزام وتوجيه السلوك الإنساني؟ ويهدف هذا المحور إلى البحث في مضامين النظريات الأخلاقية في التراث الإسلامي، واستنطاق أبرز مفاهيمها وتصوراتها عن النَّفْس والمجتمع والوجود، وذلك عبر إجراء حوارات فلسفية وأخلاقية داخل التراث الأخلاقي الإسلامي وبين أعلام تراثنا الأخلاقي والروحي وبين النقاشات الأخلاقية المعاصرة. فالبحث في التيارات والمدارس الإسلامية وتصوراتها عن الأخلاق من شأنه أن يُبرز تنوُّع المنظورات الأخلاقية الإسلامية وغناها، وتنوُّع مشاربها مع اتحاد أصولها، وأن يُبرز خريطة الحقل الدلالي للأخلاق الإسلامية ومفرداته المركزية، كما من شأن المقارنة عبر الزمان والمكان مع التصورات الأخلاقية الحديثة أن تُبرز راهنية الأخلاق الإسلامية وتجيب عن سؤال مدى قدرتها على التجدُّد والعطاء في عالم اليوم.

كما يتناول هذا المحور الاستجابات الأخلاقية (النظرية والتطبيقية) لعلاج الإشكال الأخلاقي المعاصر، ومناقشة أبرز الأطروحات النقدية والتأسيسية المعاصرة فيما يمكن تسميته بمحاولات التغلُّب على الأزمة الأخلاقية التي ضربت البنى الأصلية الدينية والبنى الفرعية العقلية أيضًا.

وانتظمت في هذا المحور ست ورقات، فجاءت الورقة الأولى بعنوان: “الأخلاق الإنسانية: ماهية أم هوية؟” للدكتورة سوسن العتيبي التي تناولت في البحث جدوى وضع الأخلاق تحت مقولتي الماهية أو الهوية، وما يتصل بهما من تبيين مفهومي الماهية والهوية وخصائصهما ومحل اتفاقهما ومحل اختلافهما، ودلالة الأخلاق في المجال التداولي الإسلامي، والتحقُّق من صحَّة رصف الأخلاق تحت الماهية أو الهوية، ومن ثَمَّ الخلوص لمعنى “الأخلاق” المتجاوز لمقولتي الماهية والهوية، باعتباره المجلّي للثوابت القيمية والأفعال الإنسانية المبتغاة.

أما الورقة الثانية فبعنوان: “أسس النظرية الأخلاقية في الفكر الإسلامي المعاصر: سؤال المرجعية النظرية للأخلاق عند محمد عبد الله دراز” للأستاذ عيسى بن بها، الذي تناول تحديات الفكر الإسلامي المعاصر المعقَّدة في مجال الأخلاق، التي تمثَّلت في تراجع القوة التأثيرية للأخلاق في حياة الانسان، ودخول الحياة الأخلاقية في حقبة جديدة توصَف بـ”ما بعد الأخلاق”. وقد جاء هذا البحث ليقارب سؤال أُسس النظرية الأخلاقية في الفكر الإسلامي المعاصر، وتحديدًا نظرية دراز القرآنية، وهي مقاربة ذات سياق مزدوج، تهدف إلى إخراج الفكر الأخلاقي الإسلامي من الجمود، وإلى إثبات قدرة الفكر القرآني على تأسيس نظرية أخلاقية متماسكة الأركان.

وجاءت الورقة الثالثة في هذا المحور بعنوانالأبعاد الأخلاقية للدرس المقاصدي المعاصر: طه عبد الرحمن أنموذجًا” للأستاذ ربيع رحومة، الذي تتبَّع لحظة مهمة من مسيرة الدرس المقاصدي المعاصر مثَّلتها جهود البروفيسور طه عبد الرحمن؛ إذ قدَّم إسهامًا إبستيمولوجيًّا جادًّا في علم المقاصد يهدف إلى تأسيسه على قواعد فلسفته الائتمانية، فكان إسهامًا ذا أبعاد أخلاقية واضحة في مختلف تفاصيله، مرتبطًا بالتراث الأصولي وينقد الحداثة ويتجاوزها، منشغلًا بالهاجس المنهجي، قاصدًا بذلك كلِّه محاولةً تأسيسيةً يضربها في عمق الدرس المقاصدي.

وأما الورقة الرابعة في هذا المحور فكانت ورقة مترجمة للدكتور عمر فرحات، بعنوان: “الزمان والخيار اﻷخلاقي في علم أصول الفقه الإسلامي“، وترجمها الباحث خالد أبو هريرة. وقد تناولت الورقة كيفية تقديم الشريعة الإسلامية لمفاهيمها الخاصة حول الزمان، كون الدراسات الحديثة حول الشريعة لم تُولِ اهتمامًا كبيرًا لمثل هذه المفاهيم. وتجادل هذه الورقة بأن علم أصول الفقه الإسلامي قد فهم الزمان من زاوية أخلاقية، وليس كوعاء محايد أو مجرد خلفية للأفعال، وإنما كسلسلة من الفرص التي يجري التعبير فيها عن سلطة الوحي الإلهي والتفكير الأخلاقي الإنساني.

وجاءت الورقة الخامسة في هذا المحور بعنوانعودة التنوير الراديكالي والتحول ما بعد الأخلاقي: نقد عربي إسلامي ديكولونيالي للإبادة الأخلاقية” للدكتور رشيد بن بيه، الذي استند فيها إلى منظور ديكولونيالي تحرُّري عربي إسلامي لدراسة موضوع ما بعد الأخلاق، وانطلق من عصر التنوير لفهم جذوره، وحاجج بأن ما بعد الأخلاق ليست إلا استنباتًا لمنظور التنوير الراديكالي للأخلاق. وفسَّرت الدراسة الظروف المسؤولة عن التحوُّل ما بعد الأخلاقي، وتوقفت بالتحليل عند مواقف مفكرين وصفوا حالة المجتمع ما بعد الأخلاقي بتوصيفات لا ترسم حدودًا واضحة بين الخير والشر. وبيَّنت أن ما بعد الأخلاق لا تعني لدى المفكرين الأخلاقيين العرب والمسلمين إلغاء الأخلاق الدينية، وإنما تعني النظر أبعد من أخلاق الحداثة.

واختتم هذا المحور بالورقة السادسة التي جاءت بعنوان: “الأخلاق الإسلامية في عصر ما بعد الأخلاق: رؤية ديكولونيالية” للأستاذ المولدي بن عليّه، الذي تناول فيها نقد تيار التقليدية الجديدة للأخلاق الحداثية وما بعد الحداثية كما أرساها رينيه غينون وطوَّرها لاحقًا سيد حسين نصر. وترصد الاستتباعات الإبستيمولوجية لهذا النقد على منهجية العلوم الاجتماعية والإنسانية. وتبيِّن أن هذا النقد يفرض تصورًا جديدًا للأخلاق الإسلامية وللعلاقة بين ما هو تقليدي وما هو حداثي على قاعدة الاختلافات الحضارية، وهي علاقة يتضمَّنها موقف إبستيمولوجي طريف، بلوره على نحو عميق سيد حسين نصر في جُلِّ كتاباته.

أما المحور الثاني فجاء بعنوان: “في أخلاق الذات والتواصل“. وقد تناول هذا المحور محاولة إيجاد صيغٍ للعيش المعاصر في عصر التواصل الفائق ومعالجة الإشكال الأخلاقي والقِيمي في ألصق وجوهه بالإنسان وتجربته المعيشة. فمنذ صعود التقنية الصناعية، بدأت أمارات النزعة الفردانية بالنموِّ في المدن الحديثة، التي فصلت الإنسان عن محيطه الطبيعي والاجتماعي، وأحالت علاقته الوجاهية والتكافلية إلى علاقات تعاقدية مؤطّرة القانون (اللاشخصي). وإذا كان النقد الأخلاقي والفلسفي قد تناول هذه الظاهرة في تأثيرها في قدرة الإنسان على التأمُّل والتسامي والإحسان الأخلاقي، فإن تسارع التطور التقني، وتزايد إيقاع الاستهلاك الرأسمالي، ومستجدات تقنيات التواصل الاجتماعي (وآخرها الميتافيرس)، قد أفرزت صيغًا ما بعد إنسانية من التواصل مع الآخر ومع الذات.

واخترنا في هذا المحور دراستَيْن، الأولى بعنوان: “سؤال النقد الأخلاقي التواصلي والتعارفي في عصر ما بعد الأخلاق” للدكتور عبد الرحمن العضراوي، وتتلخص فكرة هذه الدراسة في اتخاذ منهج المقاربة التحليلية للنقد الأخلاقي المتعلِّق بنظرية الأخلاق التواصلية الهبرماسية، وبنظرية الأخلاق التعارفية القائمة على الميثاقية التكاملية الإشهادية والاستئمانية والإرسالية. وتأتي نظرية الأخلاق التواصلية في سياق نقدي يعمل على تجاوز فلسفة كانط الأنوارية والحداثية، وذلك بإخراج النقد الأخلاقي من بُعده الذاتي إلى بُعده الاجتماعي، وجعله في قضايا الثقافة والعلم والمجتمع.

وأما الدراسة الثانية في هذا المحور فبعنوان: “المأزق الحداثي وفقدان البوصلة الأخلاقية: في الحاجة إلى أخلاق إحسانية” للدكتور عبد الرحيم الدقون، الذي تناول محاولة الخوض في بعض المسائل الأخلاقية المعاصرة من منظور مقارن، حيث توقف عند النقد الفلسفي الغربي لبعض ملامح التوعكات التي أصابت الحداثة في عمقها الأخلاقي، وفي مقدمتها الفردانية والإذلال الذي ما برح يتعرض له الفرد في المجتمعات المعاصرة. وفي هذا الإطار، تقترح الدراسة الانفتاح على البُعْد الإحساني الحاضر في الأخلاقيات الإسلامية، متجليًا في أخلاق الإحسان مثلما بلورها العز بن عبد السلام.

ثم يأتي المحور الثالث في هذا الملف ليتناول الأخلاق الاجتماعية والسياسية، ويهدف هذا المحور إلى محاولة الإجابة عن علاقة الأخلاق بالسياسة وإمكانية القبول ببعض القواعد التي تحكمها في حقلٍ تكاد أدبياته ووقائعه أن تستبعد الأخلاق جملةً وتفصيلًا من اعتبارها. فقد دأبت جُلُّ مدارس علوم السياسة والاجتماع والعلاقات الدولية على تدبير شؤون الاجتماع بين البشر، أفرادًا وجماعات وأممًا، عبر النظر في آليات إدارة الصراع الحتميِّ بين الفاعلين المتنافسين على الموارد والنفوذ والمصالح، وأخذت النظريات الواقعية والبنائية تضع “المصالح المجرَّدة” فوق كلِّ اعتبار لصياغة السلوك السياسي “العقلاني” للدول والفاعلين السياسيين، في الوقت الذي انحسرت فيه القيم الأخلاقية لتصبح ورقةً في الدعاية السياسية. ومن المفيد التأكيد هنا على أنه عند الحديث عن العلاقة بين الأخلاق السياسية، فنحن لا نستند على الأخلاق الفردية بل الأخلاق الاجتماعية، ويضمُّ هذا المحور خمس دراسات:

جاءت أولاها بعنوان: “علمنة التجربة الأخلاقية الإسلامية: بين الإمكان والاستحالة: قراءة في مقاربة وائل حلاق” للدكتورة نزهة بوعزة، التي تناولت فيها النموذج الحداثي الغربي باعتباره نموذجنا الإرشادي في تحقيق نهضة إسلامية، وهي تبعية ولَّدتها الحركات الاستعمارية، ومن ثَمَّ استوطن في فكرنا ضرورة استلهام الحداثة الغربية، متناسين مسألة السياق التاريخي الحداثي الغربي، وكذا خصوصية التجربة الإسلامية. لكن الأزمنة الحداثية التي كانت مشعلًا لتحقيق نهضتنا تعيش اليوم على وقع تراجعٍ مهولٍ في القيم الأخلاقية؛ إذ أنتجت عملية تهميش الجانب الديني وإرجاع الوازع الأخلاقي للإنسان فراغًا قيميًّا. وخلصت الباحثة إلى أهمية عودة القيم الأخلاقية في الفكر المعاصر، وهي مسألة تناولها العديد من الفلاسفة المعاصرين، ويُعَدُّ وائل حلاق -في رأي الباحثة- أبرز مفكر استطاع أن يعيد ما جرى تهميشه إلى الصدارة.

وجاءت الدراسة الثانية في هذا الملف بعنوان: “لا أخلاقية عقوبة السجن في الفكر الإسلامي: مقاربة بين المفكر الباكستاني جواد غامدي والحقوقية الأمريكية أنجيلا ديفيس“، وهي ورقة مترجمة للبروفيسور عدنان ذو الفقار ترجمها الباحث جابر محمد، تناول فيها الطبيعة الخاصة للسجون في النظام الجنائي الأمريكي التي أضحت محلَّ نقاشٍ حادٍّ خلال السنوات القليلة الماضية، والتي طالت السجون خلالها سمعة سيئة للغاية. ولذا لقيت حُجَّةُ إلغاء السجون ترحابًا واسعًا، وأصبحت موضوعًا للنقاش في العديد من الحوارات العامة، والكثير من المقالات العلمية. وتركِّز معظم هذه المناقشات على تشخيص أسباب الاعتماد المبالغ فيه على عقوبة السجن. وتحاول هذه الورقة البحثية أن تستكشفَ أحدَ هذه الانتقادات التي تمثِّل مسارًا في التفكير الداعي إلى إلغاء منظومة السجن في الفقه الإسلامي. فإذا كان الخطاب الأمريكي منشغلًا بحملة إلغاء السجون كعلاج لتضخم منظومة السجن، فإن الخطاب الإسلامي لم ينشغل بهذا المقصد، بل انتقد مؤسسة السجن لذاتها.

أما الدراسة الثالثة فبعنوان: “قيمة إفشاء السلام في التحول الذهني للإنسان المعاصر” للمهندس عبد الحكيم السلماني بوعيون، الذي تناول فيها تأصيل الصياغة العلمية لقيمة “إفشاء السلام” (كفعل نفسي واجتماعي) وأثرها في التحول الذهني للإنسان، حيث يعيش الإنسان المعاصر تحت وابلٍ من القصف الدعائي لأحادية تفسير الفعل الاجتماعي المبني على آليات تدبير الصراع والعقلانية المقتصرة على إشباع الرغبات المادية. ويركِّز التحليل على حاجتين أساسيتين: “الرغبة في التنافس” و”الرغبة في التعاون”، ثم يتطرق للتصرفات النفسية-الاجتماعية من حيثُ كونها استراتيجيات مختلفة لتلبية الرغبات الأساسية، ومدى تأثير المناخ الثقافي العام في التحوُّل الذهني للفرد لتحديد اختياراته وتفاعلاته الاجتماعية.

وأما الدراسة الرابعة فدراسة مترجمة للأستاذ الدكتور أنيس أحمد بعنوان: “نحو أخلاق عالمية لِعالم العولمة“، ترجمها الدكتور حمدي الشريف. وتطرقت الدراسة إلى أن الأخلاق الإسلامية تعترف بدور الحدس والعقل والعادات والتقاليد، طالما أن الأخيرة تستمدُّ شرعيتها من المبادئ الإلهية، ولعل أهم ما يميِّز الأخلاق الإسلامية أنها تدعو -أولًا وقبل كل شيء- إلى مبدأ التماسك والوحدة والتآلف في الحياة. أما المبدأ الأخلاقي التأسيسي الثاني، الذي تدعو إليه فيتمثَّل في الأمر بالعدل، أو القسط والإنصاف والإحسان في الحياة. ثم يأتي احترام الحياة وتعزيزها كمبادئ تالية مرتبطة ومقترنة بالمبادئ السابقة.

وأما الدراسة الأخيرة في هذا المحور فكانت بعنوان: “التأريخ كرهان أخلاقي: علم التاريخ وإنتاج الذوات الأخلاقية” للأستاذ محمد البشير رازقي، الذي تناول فيها التاريخ بوصفه علمًا، ورأى أنه العلم الأفضل والأمثل والأكثر تأهيلًا لفهم زبدة الممارسات الأخلاقية للجنس البشري، خاصةً في عصر “ما بعد الأخلاق” لا فقط دراستها وتأريخها، بل قدرة هذا العلم على توريثها وإعادة إنتاجها، وخاصةً بناء الكائنات/الكينونات الأخلاقية. إذا لا يمكن لنا أن نشكِّل الذوات الأخلاقية اليوم بمعزِلٍ عن علم التاريخ.

وجاء المحور الرابع والأخير في هذا الملف بعنوان: “في أخلاق الجسد والفطرة“، ليتناول التحديات التي تواجه منظومة الأخلاق التقليدية في مجالات تطبيق الأخلاق، أو في إحلال منظومات أخرى محلّها، كون التحدي بات يمسُّ الأُسس والتصورات العميقة التي يقوم عليها البنيان الأخلاقي نفسه. إذ لا يستطيع المتأمِّل في أسئلة الأخلاق المعاصرة أن يتجاهل ما تنادي به المساعي العلمية من إعادة تشكيل الطبيعة البشرية تشكيلًا جديدًا. لقد غدت قضايا الأدوار الجندرية وتغيير الجنس وطبيعية الميول المتعدِّدة قضايا مفروضةً على أجندة الحقوق العالمية. فإذا كانت الأسرة في الإسلام -وفي غيره من الأديان أيضًا- تقع في قلب الرؤية الأخلاقية عن المجتمع، فإن مفهوم الأسرة بات مُهدَّدًا بألوان هجينة من الأُسر. لقد باتت الافتراضات البنائية مهيمنةً على ساحة النقاش الأخلاقي الغربي؛ إذ لم تعُد لمفاهيم “الفطرة” أو “الروح” صلاحية “علمية”، في وجه النزعات القائلة بإمكانية التشكيل الاجتماعي المستمرّ للذوات.

ويتكوَّن هذا المحور من دراستين جاءت الأولى بعنوان: “الأخلاق الإسلامية والجينوم من منظور اللاهوت العملي” للدكتور معتز الخطيب، الذي تناول فيها مفهوم الأخلاق وصلته بالدين من منظور اللاهوت العملي (practical theology)، أي إنه يرصد أبعاد التداخل بين مفهومي الأخلاق والدين على مستويين: المستوى النظري المتمثِّل بما بعد الأخلاق (meta-ethics) ومفاهيم مركزية أخرى، والمستوى التطبيقي الذي يرصد النقاشات الفعلية لأشكال الممارسة الصالحة أو المُبرَّرة أخلاقيًّا ودينيًّا. وقد جاءت معالجة الموضوع من خلال مسألة حديثة ومعقَّدة هي “التجيين” (geneticization)، أي ظاهرة المقاربة الجينية للجسد الإنساني بما تشتمل عليه من تدخلات (التدخل الجيني).

وجاءت الدراسة الثانية في هذا المحور بعنوان: “النقد الائتماني للنموذج الثقافي الحديث: نحو عصر أخلاقي” للدكتور عادل الطاهري، الذي تناول فيها أزمةَ العصر الحديث في القيم التي نجمت عن تنحية المقدَّس الديني واتخاذ منظومات قيمية جديدة تدين بمرجعيتها للعلم الوضعي أو للفلسفات المختلفة، وما قدَّمه الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن من نقد لهذه النظريات الحديثة المجافية للحِس الأخلاقي في شقيها العلمي والفلسفي الثقافي، من منطلق المسؤولية الفكرية والأخلاقية للفكر الإسلامي المعاصر.

وأخيرًا، نختم هذا الملف بحوار نقديّ مع الدكتور عبد الرزاق بلعقروز، الأستاذ المحاضر في فلسفة القيم والمعرفة في جامعة سطيف 2، الجزائر، حيث تطرقنا إلى جملة من أعماله في مجال فلسفة الأخلاق، التي تناول فيها جذور أزمة القيم المعاصرة ومظاهرها والاجتهادات الفلسفية لدرء آفاتها، وآفاق الاستفادة من التراث الروحي والأخلاقي الإسلامي لعلاج الأعطاب الأخلاقية للحداثة.

وفي الختام، يأمل مركز نهوض للدراسات والبحوث أن تُسهم هذه المقاربات -على تنوّعها، وعلى اختلاف مآلاتها ونتائجها- في الوصول إلى إجابات عن الأسئلة التي طرحها هذا الملف، ونكون قد رسمنا من خلاله خريطة لأبرز التحديات والحلول لبعض ما فَرَضته أجندة ما بعد الأخلاق على الأديان عامَّة، وعلى الإسلام خاصَّة. ونتمنَّى أن نكون قد شخَّصنا المشكلة بعمقها، وصحَّحنا بعض التصورات عنها، وقلَّلنا من حالة التِّيه القِيمي المعاصر من أجل تحصين مجتمعاتنا وتوليد مسارات فكرية وتربوية بديلة، وفتحنا آفاقًا للحوار الأخلاقي العالمي.”

رابط مباشر لتحميل الملف

توفي أمس (في الرابع والعشرين من يوليو عام 2023) أحد أعلام الاقتصاد الإسلامي، وهو الأستاذ الدكتور علي السالوس، عن عمر يناهز 89 عامًا.
تخرج السالوس في كلية دار العلوم، ونال منها درجتي الماجستير والدكتوراه في الشريعة الإسلامية.
وكان آخر ما شغل الفقيد هو منصب أستاذ الفقه والأصول والأستاذ الفخري في المعاملات المالية المعاصرة والاقتصاد الإسلامي في جامعة قطر.
وقد ترك الشيخ السالوس العديد من الكتب والبحوث في الفقه الإسلامي وفي الفقه المقارن، مثل: “المعاملات المالية المعاصرة في ميزان الفقه الإسلامي”، و”الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة” (في جزئين)، “الكفالة بين الفقه والقانون”، وغيرها.

أعلن 5 نواب من مجلس الأمة الكويتي عن تقدمهم باقتراح بقانون بشأن تأسيس “بنك التعاون” شركة مساهمة تزاول المهن المصرفية وفق أحكام الشريعة الإسلامية.

ويقضي الاقتراح الذي تقدم به كل من النواب أسامة الشاهين وبدر العنزي وعبدالله فهاد ود. حمد المطر وشعيب المويزري، بتأسيس بنك التعاون كشركة مساهمة تزاول المهن المصرفية وفق أحكام الشريعة الإسلامية مع تخصيص 50% من أسهمها للاكتتاب العام توسيعًا لنطاق الملكية، وتخصيص 26% من الأسهم للجمعيات التعاونية و24% للحكومة.

ونص الاقتراح على ما يلي:

بعد الاطلاع على الدستور،

وعلى القانون رقم ‎15‏ لسنة ‎1960‏ بإصدار قانون الشركات التجارية والقوانين المعدلة له،

وعلى القانون رقم ‎32 لسنة ‎1968‏ في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية والقوانين المعدلة له،

وعلى المرسوم بالقانون رقم ‎68 لسنة ‎1980‏ بإصدار قانون التجارة والقوانين المعدلة له.

وافق مجلس الأمة على القانون الآتي نصه وقد صدقنا عليه وأصدرناه:

المادة الأولى: يؤسس “بنك التعاون” شركة مساهمة عامة لمزاولة النشاط المصرفي تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية برأس مال مقداره مائة مليون دينار كويتي تخصص أسهمها كالتالي:

أ – أربعة وعشرون في المائة (24%)‏ للجهة الحكومية المكلفة بتأسيس الشركة أو أي جهة حكومية أخرى يحددها مجلس الوزراء.

ب – خمسون في المائة (50%) من الأسهم تخصص كمنحة لجميع الكويتيين، تقوم بإجراء الاكتتاب بها بأعداد متساوية من الأسهم باسم كل منهم. الجهة الحكومية المكلفة بتأسيس الشركة.

وتتحمل الدولة قيمة هذا الاكتتاب وتؤخذ المبالغ اللازمة لتغطيته من الاحتياطي العام للدولة، ولا يجوز لأي منهم التصرف في هذه الأسهم قبل مضي ثلاث سنوات من تاريخ تأسيس الشركة أو إدراج أسهمها للتداول في سوق الكويت للأوراق المالية، أيهما أقرب ويحدد النظام الأساسي للشركة اسمها.

ج- ستة وعشرون في المائة (26%) للجمعيات التعاونية الاستهلاكية، بأعداد متساوية من الأسهم باسم كل واحدة منها.

المادة الثانية: يتم تأسيس الشركة خلال سنة على الأكثر من تاريخ العمل بهذا القانون، ويحدد مجلس الوزراء الجهة الحكومية التي يعهد إليها القيام بإجراءات التأسيس وتعيين أول مجلس إدارة للشركة.

ويستثنى أعضاء أول مجلس إدارة للشركة من شرط النسبة المحددة في القانون رقم ‎15‏لسنة ‎1960 المشار إليه لعدد الأسهم التي يجب أن يملكها عضو مجلس الإدارة.

المادة الثالثة: تسري على الشركة، فيما لم يرد به نص بهذا القانون، أحكام القانون رقم ‎15‏ لسنة 1960 ‏ المشار إليه.

المادة الرابعة: على رئيس مجلس الوزراء والوزراء – كل فيما يخصه – تنفيذ هذا القانون.

أمير دولة الكويت

نواف الأحمد الجابر الصباح

ونصت المذكرة الإيضاحية على ما يلي:

لما كان حجم مبيعات الجمعيات التعاونية في الكويت يبلغ سنويًا مليار دينار كويتي وتصل سيولتها النقدية في بعض الفترات لنحو 400 مليون دينار كويتي، مما يجعلها من مراكز الاستثمار الرئيسية، ويبلغ عدد الجمعيات التعاونية في الكويت أكثر من 48 جمعية تعاونية .

ومن منطلق توفير عوائد متجددة ذات نفع متواصل ومتزايد قدم هذا الاقتراح بقانون، حيث يستهدف القانون المرفق تأسيس “بنك التعاون” شركة مساهمة تزاول المهن المصرفية وفق أحكام الشريعة الإسلامية مع تخصيص جزء من أسهمها ليطرح للاكتتاب العام توسيعًا لنطاق الملكية وحتى يستفيد أكبر عدد من المواطنين من عائدات هذه الشركة، وتخصيص جزء من الأسهم للجمعيات التعاونية .

نص القانون المذكور في مادته الأولى على تأسيس “بنك التعاون” شركة مساهمة تزاول المهن المصرفية تعمل وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، يقوم المؤسسون بتحديد اسمها في نظامها الأساسي وتوزع أسهمها كالتالي:

تخصيص ما نسبته 24% ‏من أسهم الشركة للجهة المكلفة بتأسيس الشركة أو أي جهة حكومية أخرى يحددها مجلس الوزراء.

تخصيص نسبة 50 % من الأسهم للاكتتاب كمنحة لجميع الكويتيين. حيث تقوم الجهة الحكومية المكلفة بتأسيس الشركة بإجراءات الاكتتاب بها بأعداد متساوية من الأسهم باسم كل منهم، وتؤخذ المبالغ اللازمة لتغطيته من الاحتياطي العام للدولة.

ولا يجوز لأي منهم التصرف في هذه الأسهم قبل مضي ثلاث سنوات من تاريخ تأسيس الشركة أو إدراج اسهمها للتداول في سوق الكويت للأوراق المالية. أيهما أقرب.

تخصيص نسبة 26% للجمعيات التعاونية الاستهلاكية، بأعداد متساوية من الأسهم باسم كل واحدة منها، ويحدد النظام الأساسي للشركة اسمها.

كما جاء بالمادة الثانية أن يتم تأسيس الشركة خلال سنة على الأكثر من تاريخ العمل بهذا القانون.

وأن يستثنى أعضاء مجلس إدارة الشركة من شرط النسبة المحددة في القانون رقم 15 لسنة 1960‏ بشأن الشركات التجارية لعدد الأسهم التي يجب أن يملكها عضو مجلس الإدارة. وأوضحت المادة الثالثة أن تطبق أحكام القانون رقم ‎15‏ لسنة ‎1960‏ في شأن الشركات التجارية قيما لم يرد به نص في هذا القانون.


نقلاً عن كويت نيوز في الاثنين الموافق 10 يوليو 2023م.

صدر عن دار مصر للتوزيع والنشر كتاب “علم النفس القضائي- سبيل السمو بمرفق العدالة إلى مزيد من الأداء والفعالية”، ضمن مشروع تتبناه الدار في نشر مؤلفات الدكتور رمسيس بهنام، والذي شغل منصب أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائي في كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية، ويستهدف هذا المشروع ” إحياء التراث القانوني العربي”، ويُعد مؤلف الكتاب وفق -كلام المنقح الأستاذ وائل بندق- “صاحب مدرسة خاصة ليس في المضمون الفقهي لكتاباته فحسب، وإنما أيضًا في الصياغة الأدبية العالية والمصطلحات المتفردة، فكل كتاب من كتابات العلامة رمسيس بهنام يعتبر بمثابة لوحة فنية خاصة لا يحسن أن تمتد إليها يد التعديل إلا للضرورة وفي حدود تلك الضرورة”.
وقد راعى الأستاذ وائل بندق ما يلي:

أولاً: إدخال أي تعديلات تشريعية تمت على قانون العقوبات أو قانون الإجراءات الجنائية أو أي قانون من القوانين الأخرى التي تمت الإشارة إليها والاستعانة بها في تلك المؤلفات.

ثانيًا: حشد الأحكام القضائية حتى عام ٢٠٢٣، والتي يمكن الاستعانة بها في تلك المؤلفات، حتى يكون التحديث شاملاً لتطور حركة القضاء في تطبيق القوانين العقابية.
ثالثًا: الحرص الشديد على عدم التدخل في أي موضع من مواضع تلك الكتب إلا إذا كان التعديل ضروريًا للتحديث، حتى يتم الحفاظ على الطابع الأصيل لفقه العلامة رمسيس بهنام، بما فيه من آراء فقهية ومصطلحات خاصة، وقد بدا ذلك واضحا في كتاب علم النفس القضائي وكتاب نظرية التجريم في القانون الجنائي، ففي هذين الكتابين تحديدًا لم نتدخل إلا لتحديث الإشارة للنصوص القانونية أو بعض الأحكام، بحكم أن الكتاب الأول ليس كتابًا قانونيًا خالصًا، وباعتبار أن الكتاب الثاني هو نظرية خاصة يمكن نسبتها للعلامة رمسيس بهنام على الصعيدين الداخلي والعالمي، أما بقية الكتب فهي كتب كان من الضروري أن يتوسع فيها التحديث قليلاً بحكم أنها تقع في قلب دراسات القانون الجنائي، وهي من الأدوات الأساسية للقضاة والمحامين في العمل القضائي اليومي وتتطلب تحديثاً من حيث النصوص القانونية المعدلة والأحكام القضائية.

[والجدير بالذكر أن للراحل د. رمسيس بهنام بحث باللغة الإيطالية عنوانه: “النظرية العامة للقانون الجنائي الإسلامي” منشور بمجلة الحقوق، غير أنه لم يتسن لنا معرفة هل تمت ترجمته للغة العربية من عدمه].

 

(منقول بتصرف يسير من مقدمة أ. وائل بندق المنقح للكتاب).

رابط مباشر لتحميل الفهرس

ناقش الباحث أحمد علي حسن عامر، المدرس المساعد بقسم الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر فرع أسيوط، رسالة الدكتوراه، تحت عنوان: “دور المصارف المالية في تفعيل العقود الاستثمارية- دراسة مقارنة“.

وتناولت الرسالة موضوع الدور الذي تقوم به المصارف المالية بأنواعها في التفعيل والتنمية للتطبيقات التمويلية والاستثمارية لتلك العقود، وذلك من خلال التحليل لأحكام الفقه الإسلامي والفقه المالي الاقتصادي، والمقارنة بينهما.

وناقشت في الباب الأول: معرفة الدور الذي تقوم به المصارف المالية في تفعيل العقود الاستثمارية القائمة على استغلال الأراضي، وذلك من خلال تفعيلها لعقدي المزارعة، وإحياء الموات (استصلاح الأراضي) وأثرهما على تنشيط الحركة الاقتصادية.

وفي الباب الثاني: ناقشت مدى الدور الذي تقوم به المصارف المالية في تفعيل العقود الاستثمارية القائمة على العمل، وذلك من خلال تفعيلها لعقدي الاستصناع، والمشاركات، وأثرهما على تنشيط الحركة الاقتصادية.

    وفي الباب الثالث: ناقشت مدى الدور الذي تقوم به المصارف المالية في تفعيل العقود الاستثمارية القائمة على رأس المال، وذلك من خلال تفعيلها لعقدي المضاربة، والوقف، وأثرهما على تنشيط الحركة الاقتصادية.

 وتوصلت هذه الرسالة إلى مجموعة من النتائج والتوصيات التي من شأنها أن تسهم في تطوير القواعد والصيغ المنظمة للمصارف المالية في كيفية تفعيلها لتلك العقود والصيغ.

وتكونت لجنة الإشراف على الرسالة، من: الدكتور أشرف محمود محمد الخطيب – أستاذ ورئيس قسم الفقه في كلية الشريعة والقانون بأسيوط – (مشرفًا شرعيًا)، والدكتور حسين علي محمد منازع – أستاذ المالية العامة والتشريع الضريبي والاقتصاد المتفرغ في كلية الشريعة والقانون بأسيوط – (مشرفًا قانونيًا).

وضمت لجنة المناقشة والحكم على الرسالة: الدكتور عباس عبدالله شومان – أستاذ الفقه المتفرغ في كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، ووكيل الأزهر السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، ورئيس اللجنة الرئيسية للفتوى بالأزهر الشريف، ورئيس لجنة المصالحات (مناقشًا شرعيًا ورئيسًا)، والدكتور سيد حسن عبدالله حسن – أستاذ المالية العامة والتشريع الضريبي والاقتصاد المتفرغ في كلية الشريعة والقانون بأسيوط، ووكيل الكلية السابق، وعضو اللجنة العلمية الدائمة لترقية الأساتذة بقسم القانون العام سابقًا (مناقشًا قانونيًا).

وفي نهاية المناقشة، حصل الباحث على درجة الدكتوراه بتقدير: مرتبة الشرف الأولى.


* نقلاً عن موقع صدى البلد، الجمعة الموافق 14 يوليو 2023م.

حصل المحامي الشاب “جورج إبراهيم حشمت إبراهيم” ابن محافظة المنيا على دبلوم الفقه الإسلامي المقارن في كلية الحقوق جامعة أسيوط بتقدير “جيد” وسط حالة من الدهشة من الجميع.

ويقول جورج، إنه يعد أول طالب قبطي خريج يحصل على دبلوم الفقه الإسلامي المقارن منذ تأسيس كلية الحقوق بجامعة اسيوط عام 1975م.

ويضيف جورج إبراهيم، أنه حصل على ليسانس الحقوق جامعة أسيوط 2014 ثم حصل على دبلوم العلوم الجنائية 2020 يليه ماجستير في القانون العام 2021، ومؤخرًا حصل علي دبلوم الفقه الإسلامي المقارن عام 2022، وأنه بصدد الحصول على الدكتوراة في القانون الجنائي من جامعة السوربون بفرنسا.

وأكد خلال لقائه كنت منذ الصغر لدى رغبة في التعرف على الأديان الأخرى وخاصة الدين الإسلامي وبحكم عملي كمحام شاب من 8 سنوات وجب علي التعرف علي الفقه الإسلامي، فمهنة المحاماة تحتاج إلى أن يكون لدى معلومات كافيه وكبيرة عن الفقه الإسلامي.

وأضاف أن دراسة الفقه الإسلامي كان لابد منها لأن الشريعة الإسلامي مصدر التشريع في مصر، وإن لم تكن واجبة دراستها للمعرفة، لذلك قررت التعمق فيها لأن المعرفة شيء رئيس في حياتي.

وأشار جورج قائلاً: في البداية كانت هناك عدة مخاوف من صعوبة المادة العلمية ولكنني وجدت كل الدعم والمساندة والترحاب من المسلمين والمسيحيين جميعًا بمجرد التحاقي بدارسة الدبلوم، وأوضح أن علاقته بالمسلمين طيبة للغاية.

وعن رد فعل المحيطين به على إقدامه على دراسة الفقه الإسلامي المقارن أكد جورج أنهم كانوا في دهشه واستغراب شديدين مما أقوم بفعله ولكنهم شجعوني بعد ذلك وقدموا لكي كل الدعم اللازم” متمنيًا أن يكون المسلم لديه معلومات كبيرة عن الدين المسيحي والمسيحي يجب أن يكون لديه معرفه بالدين الإسلامي من منطلق مبدأ انتشار ثقافة التعارف على الطرف الآخر.

منذ دعوة الملك محمد السادس في خطاب العرش، العام الماضي، لمراجعة مدونة الأسرة المغربية لم يهدأ الجدل حول هذا الموضوع، الذي يعتبر من أكثر الملفات حساسية في المغرب.

ورغم أن الملك محمد السادس حدّد التوجهات العامة لأية مراجعة مقبلة لمدونة الأسرة، وربطها بمقاصد الشريعة الإسلامية وخصوصيات المجتمع المغربي، فإن النقاش الدائر داخل المجتمع ومؤسسات الدولة سرعان ما انتقل إلى مواضيع ظلت مثار صراع بين المحافظين بمختلف ألوانهم والعلمانيين.

وخلافًا لما يبدو عليه الأمر، فإن مراجعة مدونة الأسرة ليست مثار خلاف بين الحكومة والإسلاميين، بل إن هذه الخلافات انتقلت إلى داخل مكونات أحزاب الأغلبية الحكومية.

في هذا الصدد كشف مصدر حكومي، أن خرجات عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة حول مدونة الأسرة، خاصًة في القضايا التي قد تتصادم مع نصوص دينية قطعية كما هو الشأن في المساواة في الإرث، ومنع تعدد الزوجات، لا تحظى بدعم حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة.

وأكد المصدر ذاته أن تصريحات وزير العدل لا تعكس موقف الحكومة، مشيرًا إلى أن ما يحكم عمل الحكومة هو أشغال اجتماعات المجلس الحكومي والقوانين التي تصادق عليها.

وشدد المصدر أن تصريحات وزير العدل تمثل موقفه الشخصي، الذي لا يمكن مصادرته، إلا أنها لن تجد طريقها نحو التطبيق في ظل حرص حزب التجمع الوطني للأحرار، قائد الائتلاف الحكومي، على عدم مخالفة الشريعة الإسلامية، مضيفًا أن الحكومة لا يمكن أن تصادم هوية المغاربة.

توجيهات الملك تصطدم بمطالب العلمانيين

في خطابه بمناسبة عيد العرش، العام الماضي، حدَّد الملك محمد السادس الركائز والمنطلقات التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار أثناء مراجعة مدونة الأسرة.

في هذا الخطاب اعتبر الملك محمد السادس أن مدونة الأسرة وإن كانت قد شكلت قفزة إلى الأمام منذ اعتمادها سنة 2004 ميلادية، فإنها أصبحت غير كافية، لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها.

وقد أرجع الملك محمد السادس عدم تطبيقها الصحيح لأسباب سوسيولوجية متعددة، لاسيما أن فئة من الموظفين ورجال العدالة مازالوا يعتقدون أن هذه المدونة خاصة بالنساء.

وأكد الملك أن مدونة الأسرة ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة، وإنما هي مدونة للأسرة كلها، مع دعوته لتجاوز الاختلالات والسلبيات التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض البنود التي تم الانحراف بها عن أهدافها، إذا اقتضى الحال ذلك في احترام لمبادئ الشريعة الإسلامية، فإن معسكر العلمانيين المهيمن على عدد من مؤسسات الدولة يضغط في اتجاه اعتماد مقتضيات جديدة تتصادم مع النصوص الدينية.

في هذا الصدد دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة دستورية يسيطر على تركيبتها أشخاص من ذوي الانتماءات اليسارية، إلى حذف ما يصفها بالنصوص التمييزية من مدونة الأسرة، بما في ذلك التمييز الذي يعاني منه الأطفال المزدادون خارج مؤسسة الزواج والأمهات العزباوات، وإنهاء التمييز الذي يواجه النساء في موضوع الولاية على الأبناء، ومراجعة نظام الإرث.

من سيراجع مدونة الأسرة؟

رغم دعوة الملك محمد السادس إلى مراجعة مدونة الأسرة، فإنه لم يفوض ذلك لأية جهة، وهو ما ترك الباب مفتوحًا لمختلف المؤسسات والأحزاب لتقديم مقترحاتها.

ويبدو أن الملك محمد السادس، باعتباره أميرًا للمؤمنين وحكمًا بين المؤسسات، سيتدخل مرة أخرى لحسم الصراع المحتدم بين العلمانيين والإسلاميين حول مدونة الأسرة. ويرى د. إدريس الكنبوري أن الملك محمد السادس سيتدخل في النهاية لحسم هذا النقاش، وأن الحل سوف يتم بالصيغة نفسها التي حصلت عام 1993 مع الحسن الثاني، وعام 2004 مع الملك الحالي؛ أي تشكيل لجنة خاصة وهي التي ستنظر في الاقتراحات المقدمة، وترفع مشروعها النهائي إلى الملك، الذي سيعرضه على المجلس العلمي الأعلى الذي يرأسه، فهذه هي المسطرة التي سلكتها الدولة في تعديلات المدونة سابقا، وفي قضايا أخرى كالتعليم وتعديل الدستور.

____________________________________________

المصدر: موقع عربي بوست (بتصرف).

عقد قسم الشريعة والقانون بكلية الشريعة بجامعة الثقافة السنية بالهند، الورشة الفقهية الأولى لقسم الشريعة والقانون بعنوان “شمولية الفقه الإسلامي”، تحت رعاية الدكتور عبد الجليل الثقافي عميد الكلية.

وافتتح الجلسة المدير العام لجامعة الثقافة السنية، الشيخ عبد الحكيم الأزهري الكاندي، الذي أكد على إمكانيات الداعية الإسلامي المعاصر وضرورة سعة الاطلاع الواعية له في العلوم الشرعية وأهمية إتقانه للآلات العلمية الأخرى.

وألقى الشيخ عبد الجليل الثقافي كلمات حول “اتساع علم الفقه وأهمية تحقيقه”، والشيخ عبد الله الثقافي البلنوري عميد كلية أصول الدين، حول “أساليب الكتب الفقهية التراثية”.

وقام مجموعة من أبناء كلية الشريعة بتقديم أوراق في المحاور الثلاث الآتية:

  • الورقة الأولى بعنوان: “أهمية الفقه الإسلامي” ألقاها طالب كلية الشريعة عبد النافع.
  • الورقة الثانية بعنوان “شمولية الفقه الاسلامي” ألقاها طالب كلية الشريعة حفيظ الرحمن بانغلور.
  • الورقة الثالثة بعنوان: “الفقه والقضايا المعاصرة” ألقاها طالب كلية الشريعة محمد راشد تميم الحكمي كلاتور.

ودارت الكثير من المناقشات والمداخلات من الحضور والتي غطت الكثير من موضوع الورشة بالكثير من الأفكار والمقترحات.

*نقلاً عن موقع مصراوي، الأربعاء الموافق 28 يونيو 2023م.