السياسة الجنائية لجريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني

By كرار راضي ديوان شباط/فبراير 27, 2025 366 0

نوقشت هذه الدراسة، والتي جاءت تحت عنوان: "السياسة الجنائية لجريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني" للباحث كرار راضي ديوان، عام 1445هــــ/ 2014م للحصول على درجة الماجستير في القانون العام، من كلية القانون- جامعة ميسان، بجمهورية العراق، تحت إشراف د. اميل جبار عاشور، أستاذ القانون الجنائي بالكلية.

ومما جاء في مقدمة هذه الدراسة:

إنَّ السياسة الجزائية في مواجهة جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني يقصد بها مجموعة الوسائل التي تستخدم لمواجهة جرائم التطبيع، أو في العقاب عليها، من خلال ما يسترشد به المشرع في مكافحة هذه الجرائم، حيث إنَّ مواجهة هذه الجريمة يعد من مقتضيات حق الدولة في التجريم والعقاب بهدف حماية الأمن والمصلحة الاجتماعية على وفق المبادئ والأهداف التي يسعى المشرع لتحقيقها، بالنظر إلى خطورة الكيان الصهيوني على أمن الدولة والأمة العربية والإسلامية والتي لها أهمية كبيرة في السياسة الجنائية للمشرع العراقي، حيث يعمل الكيان الصهيوني منذ بداية احتلاله لدولة فلسطين وأجزاء من الدول العربية وإلى يومنا هذا على تطبيع العلاقات مع العرب المسلمين لتحقيق أهدافهم في المنطقة من خلال غرس أفكار هذا الكيان الصهيوني الاستعماري الاستيطاني، وذلك من أجل الاعتراف بوجوده داخل منطقتنا العربية. وقد كان هذا أساس العمل للكيان الصهيوني من أجل تطبيع العلاقات مع الدول العربية وكذلك الدول الإسلامية عملًا مخططًا وواسعًا يخضع لاستراتيجية وخطط طويلة المدى واستخدم خلالها آليات متنوعة من أجل تحسين صورة هذا الكيان المحتل.

ومن منطلق مواجهة خطورة التطبيع مع الكيان الصهيوني بمختلف الوسائل والطرق شرع المشرع العراقي باتخاذ إجراءات عملية فعلية لمواجهة التطبيع وممارساته من خلال مواجهته في القوانين الجزائية والتي تتمثل في قانون العقوبات العراقي رقم (۱۱۱) لسنة ١٩٦٩ المعدل، وقانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني رقم (۱) لسنة ۲۰۲۲. بالإضافة إلى ذلك أيضًا جرمت بعض الدول المقارنة تجريم التطبيع وإقامة العلاقات سواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة مع الكيان الصهيوني، وكذلك لمواجهة خطورة التطبيع مع الكيان الصهيوني. صدر القانون الخاص بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني في العراق؛ بسبب مرور المنطقة العربية بعلاقات تطبيعيه مكثفة مع الكيان الصهيوني، لذلك جرم المشرع العراقي التطبيع في قانون خاص من أجل ردع أفكار التطبيع مع الكيان المحتل، إذ إن القوانين الجنائية الخاصة هي اتجاه واضح نحو الزيادة أو التوسع في التجريم في نطاق تجريم التطبيع إلا إنَّ هذا التوسع له ما يبرره أحيانًا؛ نتيجة تزايد أنواع من الجرائم بشكل مطرد، لذلك فإنَّ الأسباب الداعية إلى إصدار قانون خاص بتجريم التطبيع أو مبررات إصداره متعددة وأهمها: الفراغ التشريعي والذي يظهر نتيجة التطبيق العملي لقانون العقوبات أو ضرورة التجريم وتناسب العقاب فضرورة المحافظة على أمن المجتمع وحماية مصالحه من خطر الاعتداء عليها هي أهم مبررات تشريع قوانين خاصة.

والدراسة تثير إشكالية قانونية تتجلى في بيان مدى المواجهة الجنائية في القانون العراقي والقوانين المقارنة في كل من لبنان والكويت لموضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني، كما تتجسد إشكالية الدراسة في تحديد مسؤولية الجاني عن أفعال التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، كما تعالج الدراسة إشكالية أخرى على درجة كبيرة من الأهمية تتمثل في مدى كفاية النصوص الجزائية في تحقيق الحماية الجنائية اللازمة لأمن الدولة من أفعال التطبيع مع الكيان الصهيوني، وبيان ومدى مساس العلاقات وأفعال التطبيع مع الكيان الصهيوني للشعور الديني والقومي.

وتهدف هذه الدراسة تهدف إلى بيان جملة من النقاط ومن أهمها الاتي:

  • تحديد الأساس القانوني لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني سواء في التشريعات الوطنية أم في التشريعات المقارنة، وبيان موقف الشريعة الإسلامية من التطبيع مع الكيان الصهيوني.
  • تحديد المصلحة المعتبرة من تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، وكذلك بيان المصلحة من استثناء الزيارات الدينية المشروطة بموافقة وزارة الداخلية العراقية من نطاق التجريم.
  • بيان سبب تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني في قانون خاص، وهو قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وبالرغم من تجريم قانون العقوبات النافذ التطبيع مع الكيان الصهيوني.
  • تحديد دور العقوبات والتدابير الوقائية في مواجهة جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني وبيان مدى كفاية هذه التدابير في مواجهة هذه الجريمة.
  • التعرف على دور الظروف المشددة للعقوبة والمخففة لها وبيان مدى سريانها في مواجهة جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني.

 

وقد اختتمت الدراسة بعدد من النتائج والمقترحات، يمكن إجمالها على النحو التالي:

أولاً: النتائج:

  • يختلف التطبيع مع الكيان الصهيوني عن الاعتراف به لأنَّ، الاعتراف يعني التسليم من جانب الدول القائمة والتي تتمتع بالشخصية القانونية الدولية بوجود الكيان الصهيوني كدولة وقبول هذا الكيان كعضو في الجماعة الدولية، وهو ما يعني أنَّ الاعتراف هو الإقرار بشرعية الكيان الصهيوني كدولة محتله لأراضي دولة فلسطين أو أي أراضِ عربية أخرى، أمَّا التطبيع فيذهب إلى إقامة العلاقات بمختلف أنواعها بصورة طبيعية مع الكيان الصهيوني المحتل.
  • إنَّ الاعتراف بالكيان الصهيوني كدولة لا يعني التطبيع معها وإقامة العلاقات بصورة طبيعية؛ لأنه من الممكن الاعتراف بها كدولة وفي نفس الوقت تجريم العلاقات معها فلا مانع في ذلك، وهو فعله المشرع المقارن متمثلاً في لبنان من خلال اعترافها اعتراف ضمني بشرعية الكيان الصهيوني كدولة محتلة لفلسطين وأجزاء من الدول العربية والتي من بينها لبنان وذلك من خلال عقدها اتفاقية ترسيم الحدود معها.
  • بعد أنْ جرَّم المشرع العراقي (والمشرع الكويتي) التطبيع مع الكيان الصهيوني فإنَّه وفي نفس الوقت رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني كدولة حرصًا منها في الدفاع عن الأراضي الفلسطينية والأجزاء الأخرى من الدول العربية المحتلة من قبل الكيان الصهيوني، ولكن المشرع اللبناني اختلف عن التشريعات السباقة في سياق الاعتراف بالكيان الصهيوني كدولة فإنه اعترف بالكيان الصهيوني كدولة من خلال عقده معها اتفاقية ترسيم الحدود وهو اتجاه لم يكن موفقًا به المشرع اللبناني لأنه في اعترافه بالكيان الصهيوني كدولة يعتبر تنازل منه عن أراضيه وأراضي دولة فلسطين والأجزاء الأخرى من الأراض العربية المحتلة من قبل الكيان الصهيوني.
  • يلاحظ من تعريف المشرع العراقي للكيان الصهيوني أنَّ الغصب، أو الاحتلال للأراضي الفلسطينية والعربية من قبل هذا الكيان المحتل هو الجريمة الوحيدة التي تستحق العداء والتجريم وقطع العلاقات معه، ولكن في الحقيقة إنَّ للكيان الصهيوني الكثير جدًا من الجرائم التي تجعل من المشرع العراقي يقف بالضد منه ويجرم العلاقات معه بأي صورة من الصور ومن أهم هذه الجرائم هي التآمر على الشعوب العربية وسياسته الاستعمارية وعنصرية الكيان في التعامل مع غيره من الدول ومحاولة تشويه الدين الإسلامي.
  • اختلاف السياسة العقابية التي انتهجها المشرع العراقي في مواجهة جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل عن تلك التي انتهجها المشرع المقارن من حيث تشديد العقوبة فقد لاحظنا إنَّ مشرعنا قد شدّد العقوبات أكثر من المشرع المقارن بحيث وصلت هذه العقوبة كحد أعلى إلى الإعدام والحد الأدنى هي السجن المؤقت، في حين أن المشرع المقارن قد قرر عقوبات تتراوح بين السجن المؤقت الذي لا يقل عن ثلاث سنوات ولا يزيد على خمس عشر سنة والغرامة.
  • انتهاج التشريعات الجزائية المقارنة الخاصة بمواجهة جريمة التطبيع مع الكيان لسياسة جزائية تختلف عن المشرع العراقي، حيث اتسمت السياسة الجنائية للمشرع المقارن بأنها سياسة تشريعية مزدوجة، فهي من جانب تقوم على الردع من خلال فرض العقوبات الجنائية، ومن جانب آخر تقوم على إتباع أسلوب المكافأة التي تحدد من قيمة الأشياء المحكوم بمصادرتها من خلال تحفيز وتشجيع الأشخاص على التوبة والتعاون مع السلطات المختصة لمواجهة جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل.
  • تبين لنا من خلال البحث وجود نوعين من التدابير الوقائية لمواجهة جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني (الوقائية واجتماعية) لا يقل أحدهما عن الآخر في الأهمية من أجل منع تلك الجرائم، إلا أن اتخاذ التدابير الاجتماعية لها تأثير كبير وفاعلية أكثر في مواجهة جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل لأنها العلاج الحقيقي والناجع لدوافع الظاهرة الإجرامية، ولأنها تتخذ غالبًا قبل ارتكاب الجريمة بخلاف التدابير الاحترازية التي تتخذ بعد ارتكاب الجريمة، كما أن السياسة الجنائية للوقاية من الإجرام في مواجهة جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني لها عدة مظاهر انطلاقًا من الأسرة والمدرسة ومؤسسات الدولة والمؤسسات الاجتماعية وصولاً إلى الفرد المواطن الذي يعتبر له دور رئيسي وأساسي في الوقاية وللمكافحة الجريمة ومنعها من خلال التعاون مع الجهات الأمنية والقضائية.

 

ثانيًا: المقترحات:

  • يقترح الباحث على المشرع العراقي تعديل المادة (١/ أولاً) من قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والخاصة بتعريف الكيان الصهيوني لكي تكون بالشكل الآتي: الكيان الصهيوني هو ((الكيان الإسرائيلي المحتل لدولة فلسطين وبعض من الأراضي العربية والذي يسعى للتوسع المستمر في باقي الأراضي العربية معتمدًا على العنصرية والاستعمار ومتخذًا من الدين اليهودي غطاء لتحقيق هذه الأهداف)).
  • يقترح الباحث على المشرع العراقي إضافة نص إلى قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني يجرم صورة التحبيذ للكيان الصهيوني، فبعد أن كان المشرع العراقي في قانون العقوبات قد جرم هذه الصورة من السلوك الإجرامي، ولكن في قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني لم ينص على التحبيذ كصورة من صور السلوك الإجرامي، لذا كان ينبغي على المشرع العراقي عندما جرم التطبيع مع الكيان الصهيوني في قانون خاص أن يوسع من نطاق جرائم التطبيع وليس العكس، بالإضافة إلى ذلك فإن من مبررات صدور القوانين الجنائية الخاصة لمواجهة جريمة معينة التوسع من نطاق مواجهتها عن طريق تجريم صور لم تجرمها القوانين العقابية العامة.
  • نقترح على المشرع العراقي عند تضمين نص في قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني بأن يستفيد الجاني من الإعفاء من العقاب لمرة واحدة فقط لأن المشرع العراقي عندما أخذ بسياسة الاعفاء من العقاب في بعض الجرائم لم يحدد هذه السياسة بعدد معين، والسبب في تحديد الاعفاء من العقاب لمرة واحدة فقط هو لكي لا يستغل الجاني هذا النظام العقابي ويفقد غرضه التشريعي، إذ يجب أن لا يكون جديرًا بالإعفاء الجاني الذي عاد وارتكب جريمة التطبيع مره أخرى بعد اعفاءه منها، ونقترح تشديد العقوبة عليه بإضافة عقوبة أعلي منها سابقًا.
  • يدعو الباحث المشرع العراقي إنشاء هيئة مركزية لرسم السياسة الجنائية للدولة تتشكل بالتعاون مع الجهات المختصة، تكون مهمتها وضع الأطر العامة للسياسة الجنائية في تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني بشكل عام سواء كان على مستوى سياسة التجريم والعقاب أو على مستوى السياسة الوقائية لتكون المنظومة الجزائية قادرة على التعامل مع ما يستجد في المستقبل وتلافي أي نقص تشريعي في جميع التشريعات الجنائية التي تجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني.
  • دعوة مراكز الأبحاث والباحثين إلى تناول سياسات الكيان الصهيوني واستراتيجيتها تجاه الدول العربية ورغبتها بالتطبيع الكامل مع الدول، وتبيان مخاطر ذلك على أمن واستقرار المنطقة ومستقبلها في محاولة للتوعية والكشف عن أهداف الكيان الصهيوني التوسعية.

 

تقسيمات الدراسة:

المقدمة

الفصل الأول: الإطار المفاهيمي لجريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني

المبحث الأول: الإطار المفاهيمي لجريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني

المبحث الثاني: أساس تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والمصلحة المعتبرة فيه

الفصل الثاني: السياسة الجنائية لجريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني

المبحث الأول: سياسة التجريم في مواجهة جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني

المبحث الثاني: السياسة العقابية في جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني

الخاتمة

 

 

رابط مباشر لتحميل الدراسة

Rate this item
(0 votes)
Last modified on الخميس, 27 شباط/فبراير 2025 18:49

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.