قُدمت هذه الدراسة من الباحث راجح بن بخيت السناني إلى كلية الدراسات العليا بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في العدالة الجنائية عام 2009م.
وترجع أهمية هذه الدراسة لكون مهنة المحاماة من أشق المهن العلمية وأكثرها حرجًا على المحامي المستقيم الذي يحرص على الالتزام بشريعة الإسلام وآدابها فيسعى لتحري الحقيقة وإنصاف المظلوم، الأمر الذي يجعلنا نرى أن رسالة المحامي تتفق مع رسالة القاضي في ترجيح كفة العدالة.
وانطلقت هذه الدراسة من إشكالية بحثية مفادها أن كثيرًا من الناس لا يحيطون علمًا بحقوقهم طبقًا للشريعة والنظام القانوني، ولهذا يحتاجون في خصوماتهم إلى من يعينهم في الوصول إلى هذه الحقوق من أصحاب المعرفة بأحكام الشرع والأنظمة وما استقر عليه القضاء، سواء كان ذلك في دعاوي مدنية أم إدارية أم جنائية أم غيرها، ولما للمحامي من هدف نبيل في نصرة المظلوم وإيصال الحقوق لأصحابها، فيفترض أن تتوفر فيه صفات الشرف والاستقامة والنزاهة والعلم.
وتأسيسًا على ما سبق دارت هذه الدراسة حول تساؤل رئيس مفاده: ما الصفات التي ينبغي توفرها في المحامي لكي يرقى بمهنته إلى أعلى مستويات العدالة؟
وتفرع عن هذا التساؤل عدة تساؤلات فرعية يمكن إجمالها على النحو التالي:
- ما أسس الرقابة الذاتية للمحامي؟
- ما المبادئ العلمية للمحامي؟
- ما المقومات السلوكية للمحامي؟
- ما علاقة المحامي بموكله؟
- ما علاقة المحامي بالقاضي؟
- ما علاقة المحامي بخصم موكله؟
وسعت الدراسة إلى تحقيق العديد من الأهداف التي يمكن إجمالها على النحو التالي:
- بيان أسس الرقابة الذاتية للمحامي.
- بيان المبادئ العلمية للمحامي.
- بيان المقومات السلوكية للمحامي.
- بيان علاقة المحامي بموكله.
- بيان علاقة المحامي بالقاضي.
- بيان علاقة المحامي بخصم موكله.
وقام الباحث بدراسة موضوع البحث باستخدام المنهج الوصفي (الوثائقي)، وذلك باستعراض ما ينبغي أن يكون عليه المحام من صفات، وما يجب عليه من التزامات مدعمة بالأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم، ويعقبها ذكر ما ورد في القانون الوضعي، وما جاءت به الدراسات والبحوث التي تناولت هذا الموضوع، ومعرفة مدى اتفاق القانون الوضعي مع الشريعة الإسلامية ومدى اختلافه في هذا الشأن.
تقسيمات الدراسة:
وفي سبيل الإجابة على التساؤلات التي أثارتها الدراسة قسمها الباحث إلى خمسة فصول، وذلك على النحو التالي:
الفصل الأول: مشكلة الدراسة وأبعادها
الفصل الثاني: مفهوم المحاماة وتاريخها وأهميتها في الشريعة والقانون.
الفصل الثالث: الصفات الشخصية للمحامي.
الفصل الرابع: الالتزامات المهنية للمحامي.
الفصل الخامس: ملخص الدراسة والتوصيات
واختتمت الدراسة بعدد من النتائج والتوصيات يمكن إجمالها على النحو التالي:
أولاً: النتائج:
- تعد التقوى هي الرادع الرئيس لدى المحام حيث يتكون لديه شعور بمراقبة الله تعالى يدفعه نحو الإحسان وفعل الخير ويمنعه من الانحراف والظلم والجشع.
- إن أهم صفات المحامي أن يكون قويًا أمينًا؛ لأنه بالقوة يستطيع القيام بالعمل بالمطلوب منه، وبالأمانة يؤديه على وجه تبرأ به ذمته.
- العدالة مطلب ضروري في المحامي، فمن لم يكن عدلاً بعيدًا عن الريب فإنه لا يؤمن منه الضرر والفساد.
- للمحامي مع القضية ثلاث صور: تتمثل الصورة الأولى في أن يحصل عنده اليقين تجاه موكله، وذلك في حالتين هما أن يعلم المحامي صدق موكله في دعواه فيجوز له التوكل عنه، وأن يعلم المحامي كذب موكله فلا يجوز له التوكل عنه، وأما الصورة الثانية فتتمثل في أن يترجح عنده أحد الاحتمالين اعتمادًا على غلبة الظن فيتبع إجراءً له مجرى العلم، في حين تتمثل الصورة الثالثة في أن يتساوى عنده الأمران من غير مرجح فمن باب الاحتياط والورع ألا يدافع عنه.
- إن معرفة الأحكام الشرعية مطلب ضروري للمحامي، وإذا لم يكن كذلك فقد يفسد أكثر مما يصلح.
- إن معرفة الأنظمة والقوانين مهمة للمحامي، وخاصة الجديد منها، وعليه أن يتدرب على كيفية تطبيقها وتطويعها لصالح دعوى موكله بالوجه الشرعي.
- الثقافة العامة في سائر العلوم تمكن المحامي من تفهم كثير من القضايا فهمًا صحيحًا واضحًا.
- الحلم كسوة المحامي وجماله، ومن لوازمه الرفق واللين، ومن ثمراته الوقار والسكينة.
ثانيًا: التوصيات:
- اشتراط العدالة فيمن يريد أن يزاول مهنة المحاماة.
- إنشاء معاهد في الجامعات الإسلامية تكون خاصة في النظم والسياسة الشرعية، ليكون المتخرج منها مؤهلاً تأهيلاً شرعيًا لمهنة المحاماة.
- إنشاء لجنة خاصة لمتابعة شؤون المحامين المبتدئين، وعقد دورات ومحاضرات لتدريبهم وتعليمهم أسس وقواعد وآداب المحاماة، يشارك فيها رجال القضاء وكبار المحامين.
- عقد مؤتمرات وندوات تجمع بين المحامين والقضاة ورجال التحقيق لتدارس مسيرة العدالة، وطرح النقاشات ذات العلاقة، وتفهم وجهات النظر.
- على المحامي أن يكون أمينًا نحو خصم موكله، وأن يحافظ على سره كما يحافظ على سر موكله.
- ينبغي للمحامي أن يحترم القاضي ويحسن الجلوس والاستماع والكلام في مجلس القضاء، وأن يلتزم بنظام المحكمة في ضبط وإدارة الجلسات، وألا يقاطع القاضي أو الخصم أو الشهود أو يعترض على الحكم الشرعي إذا تبين له عدله، وأنا قام على قواعد صحيحة وأدلة قاطعة.
رابط مباشر لتحميل الكتاب