صدرت الطبعة الأولى من كتاب "جوهر القانون" للأستاذ الدكتور سمير تناغو* عن مكتبة الوفاء القانونية بالإسكندرية عام 2014م، ويتناول هذا المؤلف القيم موضوعات فلسفة القانون، ونظريات فلاسفة القانون منذ أفلاطون إلى سارتر، حيث تناول هذه الموضوعات بطريقة متعمقة وواضحة، وذلك على عادة دكتور سمير تناغو حين يتناول موضوعًا من موضوعات القانون.
وقد قدم لهذا الكتاب الأستاذ وائل أنور بندق**، حيث أوضح أن هذا الكتاب في أصله هو نفسه الباب الثاني من كتاب د. تناغو "النظرية العامة للقانون"، وكلفه د. تناغو بإعداده للطبع في كتاب مستقل ونشره بحيث يستفيد منه كل من يرغب في دراسة فلسفة القانون.
وجاء في خاتمة هذا المؤلف: إذا أردنا أن نضع خاتمة لدراستنا عن العلاقة بين القانون والإرادة فإننا نسجل أولاً أن القانون الذي يحكم سلوك الأفراد في المجتمع هو عمل إرادي من صنع المشرع نفسه، أو من صنع القضاء، أو من صنع العرف.
فلا يوجد قانون في الدولة غير القانون الوضعي، وكل قانون وضعي هو عمل إرادي من صنع الإنسان.
وإرادة المشرع في كل دولة هي إرادة وضعية واقعية تتأثر بكل ما يجري في هذه الدولة من تيارات وما يوجد فيها من ظروف، وفي كل مجتمع توجد صراعات من كل نوع لعل أبرزها الصراع بين الفلسفات، والصراع بين الطبقات، والصراع بين المصالح.
وفي كل مجتمع توجد قوى كثيرة خلاقة يؤدي تفاعلها إلى تكوين إرادة المشرع الوضعية، وهذه القوى تضع في حسابها دائمًا الحقائق الموجودة في المجتمع سواء كانت حقائق طبيعية أو تاريخية أو دينية أو اقتصادية أو اجتماعية.
والصراع من أجل القانون الوضعي، أو الصراع في سبيل تكوين إرادة المشرع الوضعية، تقوم به عادة الأحزاب السياسية في الدول التي تسمح بتعدد الاتجاهات، ويحتكره الحزب الواحد أو الحاكم الأوحد في الدول التي لا تعرف الأحزاب، ولكن حتى في هذه الدول الأخيرة فإن أي فرد يستطيع أن يلعب دورًا في الصراع من أجل القانون ولو لم يتخط هذا الدور موقف السياسة الكاملة.
والصراع من أجل القانون قد يتم بطريقة ثورية سواء كانت هذه الثورة عنيفة ودموية، أو كانت ثورة سلمية كتلك التي قادها غاندي في الهند، وقد يتم أيضًا -وهو الغالب- بطريقة تدريجية إصلاحية.
والصراع من أجل القانون قد يؤدي إلى التقدم اجتماعي أو يؤدي إلى التأخر الاجتماعي، وقد يقود إلى الديمقراطية أو يؤدي إلى الديكتاتورية.
والصراع من أجل القانون قد يؤدي إلى تمزيق الدولة إلى دولتين أو أكثر، وقد يؤدي إلى تجميع أكثر من دولة في دولة واحدة، أو قد يؤدي إلى تكوين دولة واحدة عالمية.
والصراع من أجل القانون قد يسفر عن إصدار قوانين عادلة وقد يسفر عن إصدار قوانين ظالمة.
والصراع من أجل القانون ليست له نهاية فهو دائم أبدًا، وموجود فعلاً في كل المجتمعات سواء تلك التي تسمع فيها أصوات كثيرة أو تلك التي لا يسمع فيها غير صوت واحد.
فالقانون الذي يحكم سلوك الأفراد في كل المجتمعات هو دائمًا عمل إرادي من صنع الإنسان، وإرادة المشرع التي تضع القانون إنما تفرض إرادتها على الأفراد المخاطبين بهذا القانون.
ولكن عندما يصدر القانون فإنه ينفصل عن إرادة المشرع ويصبح قاعدة عامة مجردة تحكم سلوك جميع الأفراد في المجتمع بما في ذلك الشخص الذي وضع هذه القاعدة.
والقانون لا يقتصر على وضع القواعد التي تحكم سلوك الأفراد، بل يضع أيضًا القواعد التي تحكم سلوك السلطات الموجودة في الدولة، وخضوع هذه السلطات لحكم القانون إنما يعني في الواقع أن القانون بعد أن كان عملاً إراديًا أصبح أسمى من إرادة جميع الأشخاص بما في ذلك إرادة السلطات التي وضعته وأصدرته، ويعبر عن هذا المبدأ باسم سيادة القانون أو سمو القانون.
ولكن نظرًا لأن الظاهرة التي تحكمها القاعدة القانونية هي إرادة إنسانية سواء كانت إرادة الأفراد العاديين أو كانت إرادة السلطات الحاكمة، وهي ظاهرة لا تمكن -بحسب طبيعتها- السيطرة عليها سيطرة كاملة، لأن إرادة الإنسان تملك الاختيار أي تملك القبول أو الرفض، الطاعة أو عدم الطاعة، فيترتب على ذلك أن قواعد القانون لا تنطبق بطريقة آلية، فهي إذا كانت تلزم إلا أنها لا تحتم، فهي تلزم لأن الخروج عليها يترتب عليه توقيع جزاء على من خرج على القاعدة، أما أنها لا تحتم، فلأن الخروج عليها يظل ممكنًا دائمًا.
محتويات الكتاب:
تمهيد.
الفصل الأول: نظرية أرسطو في القانون الطبيعي.
الفصل الثاني: نظرية العقد الاجتماعي ونظرية سلطان الإرادة.
الفصل الثالث: الانحراف في نظرية القانون الطبيعي أو الخلط بين القانون الوضعي والقانون الطبيعي (هوبز وهيجل).
الفصل الرابع: نظرية إرادة القوة (نيتشه).
الفصل الخامس: الفلسفات المنكرة للإرادة (فلسفة الشك والمادية التاريخية)
الفصل السادس: الاتجاهات المعاصرة.
خاتمة.
رابط مباشر لتحميل الكتاب
* الدكتور سمير تناغو (1938م- 2020م): أحد أبرز رواد القانون المدني، ليس في مصر فحسب، ولكن في العالم العربي بأسره، له العديد من المؤلفات التي أثرت المكتبة العربية، والتي حملت أفكارًا جديدة، وكانت نبراسًا للكثير من الباحثين بل وللفقهاء والعلماء أيضًا، ومن أمثلة هذه المؤلفات: النظرية العامة للقانون، مصادر الالتزام، أحكام الالتزام والإثبات، عقد الإيجار، عقد البيع، نظام التأمينات الاجتماعية، أحكام الأسرة لغير المسلمين من المصريين، الأفكار الكبرى في السياسة والقانون، النظرية العامة للإثبات.
** باحث ومحاضر في القانون ومؤلف العديد من الكتب والبحوث القانونية، سواء منفردًا أم بالاشتراك مع غيره من فقهاء القانون، كما ساهم في إعداد الكثير من الموسوعات القانونية العربية، وأمد المكتبة القانونية بالعديد من كتب كبار فقهاء القانون بعد تنقيحها ومراجعتها.