صدرت الطبعة الأولى من كتاب " نحو تطوير التشريع الإسلامي" لمؤلفه عبد الله أحمد النعيم، ترجمة وتقديم: حسين أحمد أمين عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالقاهرة، عام 1993م، ثم صدرت الطبعة الثانية -التي ننشر نسخة منها اليوم- عام 2006م، ضمن سلسلة قضايا الإصلاح التي يقوم المركز بنشرها، حيث يحمل هذا الكتاب رقم (7) من تلك السلسلة.
والدكتور عبد الله أحمد النعيم -مؤلف الكتاب- هو أكاديمي وناشط حقوقي سوداني يعيش في الولايات المتحدة، ويُدرس في جامعة إيموري، وهو أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة إيموري، وأستاذ مشارك في كلية إيموري للفنون والعلوم، وزميل أول في مركز دراسة القانون والدين بجامعة إيموري، يعمل على تدريس القانون الدولي والقانون المقارن وحقوق الإنسان والشريعة الإسلامية، وعمل أيضًا باحثًا قانونيًا عالميًا في كلية الحقوق بجامعة وارويك في المملكة المتحدة حتى نوفمبر 2009، وعمل أستاذًا فوق العادة في مركز حقوق الإنسان بكلية الحقوق في جامعة بريتوريا حتى نوفمبر 2009. له العديد من المؤلفات باللغتين العربية والإنجليزية، وكانت حصيلة مشروعه البحثي عن علاقة الدين بالدولة والسياسة محل جدل وحوار في العديد من الأوساط الأكاديمية، وقد تضمن كتابه الذي صدر عن دار ميريت للنشر بالقاهرة تحت عنوان «الإسلام وعلمانية الدولة» خلاصات هذا المشروع، كما ترجمت أيضًا أعمال المشروع بسبع لغات منها الإنجليزية والفرنسية والتركية والفارسية. اهتم النعيم بالدراسات حول الإسلام وحقوق الإنسان وقدم مساهمات كبيرة في سبيل نشر التقارب بين مبادئ وتعاليم الإسلام والفهم الصحيح للدين ومبادئ حقوق الإنسان، وتشمل اهتماماته البحثية الدستورية في البلدان الإسلامية والأفريقية، والعلمانية والإسلام والسياسة.
ويعالج هذا الكتاب قضية الإصلاح الإسلامي من منظور مفهوم تطوير التشريع، وحسبما يرى مؤلف هذا الكتاب أن الدعوة لتطوير التشريع الإسلامي إنما هي لإصلاح فهم المسلمين للإسلام والتزامهم بقيمه العليا، حتى يكون قوة خلاقة ومبدعة في حياة كل مسلم ومسلمة، وليست من أجل فرض أحكام الشريعة من خلال مؤسسات الدولة، فالمطلوب هو التجديد الإسلامي في عقول المسلمين وقلوبهم وفي سلوكهم اليومي وتجربتهم المعاشة.
ويستكمل وجهة نظره قائلاً: "فإذا تم ذلك، فلا داعي لوصف الدولة بأنها "إسلامية" ولا الزعم بأن القانون الذي تطبقه الدولة "شريعة إسلامية"، وإذا لم يتم تجديد حيوية وفعالية الإسلام في عقول وقلوب المسلمين، فلا جدوى من الزعم بأن الدولة القائمة عليهم هي دولة إسلامية تدعي تطبيق الشريعة الإسلامية، وحقيقة الأمر أن مزاعم الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة هي الدليل القاطع بأن المسلمين ليسوا على الإسلام وأن الشريعة ليست هي أساس حياتهم اليومية كما ينبغي أن تكون".
وسعى المؤلف من خلال هذا الكتاب إلى إبراز وجهة نظره التي تمحورت حول أن مزاعم الدولة الإسلامية التي تطبق الشريعة الإسلامية من خلال مؤسسات الدولة التشريعية والقضائية والإدارية هو مفهوم متناقض في جوهره، ويخالف طبيعة الشريعة الإسلامية نفسها؛ حيث يرى أن أحكام الشريعة الإسلامية لا يمكن أن تقنن وتطبق بواسطة الدولة على الإطلاق؛ لأنها تفقد طبيعتها الإسلامية الدينية بمجرد تحولها إلى تشريع رسمي للدولة؛ حيث أن إلزامية القانون تقوم دائمًا على الإرادة السياسية للدولة وليس الإسلام كدين، والأساس الأقوى عند المؤلف لهذه الأطروحة هو أن الإقرار العلني والواضح بعلمانية الدولة ضروري لإمكانية التزام المسلمين بأحكام الشريعة الإسلامية كما ينبغي أن يكون ذلك من منطلق العقيدة الدينية، وليس خوفًا من أجهزة الدولة أو طمعًا في عرض الدنيا.
وخلص المؤلف في -خاتمة كتابه- إلى العديد من النتائج والأفكار منها:
- إن الغرض الأساسي من هذا الكتاب هو تدشين عملية إصلاح جذري للقانون الإسلامي يمكن المسلمين من السعي إلى نيل حقهم في تقرير المصير في إطار هويتهم الإسلامية (سنية أو شيعية أو ما تفرع من السنية أو الشيعية من فرق متنوعة)، بما في ذلك تطبيق القانون الإسلامي، دون انتهاك لحقوق الآخرين في تقرير المصير، ولتحقيق هذا الغرض قمنا في هذا الكتاب بعرض العواقب السلبية للتطبيق الحديث للشريعة كي نثبت أنه ليس الوسيلة المناسبة لتقرير المسلمين لمصيرهم في السياق الراهن، وقد عرضنا بديلاً إسلاميا للشريعة كإطار مناسب يمكن للمسلمين فيه ممارسة حقهم في تقرير المصير، مع احترامهم الكامل لحقوق الآخرين، سواء داخل بلادهم أم في الأقطار الأخرى.
- من المؤلم أن الغالبية العظمى من الشعوب الإسلامية في مختلف أنحاء العالم لا تعيش إلا على المستوى السطحي من الإسلام ومن الحضارة الحديثة على سواء، ورغم ادعائهم الانتماء إلى الإسلام، وإظهارهم التزامًا ظاهريًا بشعائره وشكلياته، فإن غالبية المسلمين المعاصرين عاجزون عن إدراك جوهره الأخلاقي والروحي وعن العيش وفق ذلك الجوهر. كذلك فإنه بالرغم من اعتيادهم الاستمتاع بثمار التكنولوجيا الحديثة، ومن زعمهم التمسك بالنظم الحديثة فإن غالبية الشعوب الإسلامية عاجزة عن أن تفهم حق الفهم القيم وطرائق التفكير التي هي أساس تلك التكنولوجيا والنظر وركائزها. وقد نعى الكثيرون من علماء المسلمين المحدثين على العالم الإسلامي هذا القصور في الوعي، غير أن المؤكد أنه مع استمرار هذا الوضع فإن صوت المتعصبين سيلقى آذانا صاغية، وستجد قوى التخلف أتباعًا مخلصين.
- لا يخاطب هذا الكتاب المسلمين المعاصرين وحدهم، فرغم أن قضايا إصلاح القانون الإسلامي والتحول الاجتماعي والسياسي في العالم الإسلامي هي من شأن شعوب الأقطار الإسلامية في المقام الأول، فإنها أيضًا تدخل في الاهتمامات المشروعة للبشرية جمعاء بسبب تأثيرها في حقوق الإنسان والحريات الأساسية للبشر، وفي مقابل ذلك ينبغي على شعوب الأقطار الإسلامية أن تشغلهم قضايا مماثلة في الأقطار غير الإسلامية، ذلك أنه لم يعد بوسع البشرية أن تتنصل من مسئوليتها عن مصير البشر في أي جزء من العالم، وهو ما تعده إنجازًا مجيدًا للحركة الدولية الحديثة المناصرة لحقوق الإنسان، فكافة شعوب العالم مدعوة إذًا لمساعدة المسلمين في محنتهم، ولأن تقبل مساعدة المسلمين لغير المسلمين في محنهم، غير أنه ينبغي أن نؤكد مع ذلك أن هذه الجهود في سبيل التعاون المتبادل ينبغي أن يضطلع بها في رهافة حس وطيب نية إن أردنا لها أكبر قدر ممكن من النجاح والفعالية.
- عدم الإيمان بأن القانون العام في الشريعة لا يمثل قانون الإسلام الذي يطالب المسلمون المعاصرون بتطبيقه على أساس أن هذا التطبيق التزام ديني.
- الإيمان بقوة بأن تطبيق القانون العام في الشريعة اليوم سيلحق الضرر بالمسلمين وبالإسلام ذاته. وأن المحاولات الراهنة لتطبيق القانون العام في الشريعة سيكون مآلها الفشل بسبب إضرارها بمصالح الإسلام والمسلمين، وسيكون فشل هذه المحاولات راجعاً إلى تناقض القانون العام في الشريعة بصورة أساسية مع حقائق الحياة المعاصرة.
تقسيمات الكتاب:
قسم المؤلف كتابه إلى سبعة فصول وخاتمة، وذلك على النحو التالي:
الفصل الأول: القانون العام في العالم الإسلامي.
الفصل الثاني: عن مصادر الشريعة وتطورها.
الفصل الثالث: نحو منهاجية مناسبة للتطور.
الفصل الرابع: الشريعة والمبادئ الدستورية الحديثة.
الفصل الخامس: العدالة الجنائية.
الفصل السادس: الشريعة والقانون الدولي الحديث.
الفصل السابع: الشريعة وحقوق الإنسان الأساسية.
خاتمة.
رابط مباشر لتحميل الكتاب