أصول العلاقات الدولية في فقه الإمام محمد بن الحسن الشيباني "دراسة فقهية مقارنة"

By د. عثمان جمعة ضميرية حزيران/يونيو 02, 2024 1016 0

 

صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب للدكتور عثمان جمعة ضميرية[1] عن دار المعالي بعمان بالأردن عام 1999م.

وترجع أهمية موضوع الدراسة وأسباب اختياره كما بيَّنها المؤلف على النحو التالي:

  1. وإن ما أسلفتُ ينبئ عن أهمية هذا الموضوع ومكانته، لذلك وجدت في نفسي رغبة ملحة في أن أتناول بالبحث جانبًا من جوانب فقهنا الإسلامي العظيم مما يتعلق بالعلاقات الدولية استنادًا إلى آثار الإمام محمد ابن الحسن الشيباني ومؤلفاته، ليكون موضوعًا لرسالتي التي أتقدم بها إلى كلية الشريعة في كعبة العلم والعلماء (الأزهر الشريف) لنيل درجة العالمية (الدكتوراه) في السياسة الشرعية، فكان هذا البحث بعنوان «الإمام محمد بن الحسن الشيباني وأثره في العلاقات الدولية».
  2. ويزكي هذه الأهمية ويقويها أن الدراسات السابقة عن الإمام الشيباني تناولت أثره في الفقه الإسلامي العام واتجاهه الحديثي، فقدمت بذلك جهدًا طيبًا مشكورًا، لعله يكتمل بإفراد العلاقات الدولية بالبحث والدراسة، فضلاً عن كونه أول من أولى هذا الجانب -كما أومأت- عناية خاصة في أكثر كتبه، ثمَّ خصه بمؤلفين اثنين في غاية الجودة والنفاسة، وكان ذلك ترجمة عملية لصلة الفقه الإسلامي بواقع الأمة وتلبية احتياجاتها، وبخاصةً إذا ذكرنا أن الإمام الشيباني عاش في القرن الهجري الثاني وقد اتسعت رقعة الدولة الإسلامية وتعددت الصلات مع الأمم الأخرى.
  3. وهذا يُسْلِمنا إلى جانب آخر في أهمية البحث يتصل بمكانة الفقه الإسلامي، ويعود بالأمر إلى نصابه في قدرة الشريعة الإسلامية -بما تتصف به من سمو وشمول وواقعية وتوازن وعدل- على حل مشكلات البشرية والإجابة على تساؤلاتهم، مما يردُّ على أولئك الذين يظنون أنه لا رفعة للأمة إلا بأن تقتفي أثر الغربيين في تنظيماتهم وتشريعاتهم، ويحسبون أن حلول مشكلات المجتمع إنما تأتي من هناك، من وراء البحار ومن خلف السهوب.
  4. وإذا وضعنا في الاعتبار كثيرًا من التطورات في العلاقات الدولية المعاصرة، حيث انحسرت أو تهاوت بعض الأنظمة التي كانت تنازع غيرها السيطرة والنفوذ، وبرزت أنظمة أخرى، أو تفردت بالعمل والهيمنة على الساحة الدولية تحت شعارات النظام العالمي الجديد أو الشرعية الدولية... وهي تتخذ من الوسائل والأساليب ما يمكنها من أن تمسك بمصادر التأثير ووسائل الاتصال، فتؤثر على عقول المسلمين وأفكارهم، لتسلخهم عن مصادر قوتهم وعزتهم، ولتجعلهم تابعين لا متبوعين، وفي موقف الأخذ والاستجداء لا في موقف الريادة والعطاء -إذا وضعنا ذلك كله وغيره أيضًا في الاعتبار، فإنه يجعل من الوفاء لهذا الدين الذي نعتز به، ولهذا الفقه الذي نتشرف بدراسته وحمله، ولهؤلاء العلماء الذين أنــاروا الطريق بعلمهم وفكرهم، أن نحاول إبراز جهودهم على قدر الوسع والطاقة، ونسأله تعالى أن يهيئ الأسباب لذلك".

 

وقد اُختتمت الدراسة بعدد من النتائج منها ما يلي:

  1. القانون الدولي ظاهرة حديثة ذات جذور موغلة في القدم، ولكن نشأته علمًا مستقلاً حديثًا ارتبطت بالدول الأوربية النصرانية التي تعصبت تعصبًا واضحًا ضد الدولة الإسلامية "دار الإسلام"، ثم تضافرت جملة من العوامل جعلته قانونًا دوليًا، وهذا الحكم ينصب على هذا العلم في النطاق الأوروبي، أما في النطاق الإسلامي فإن الإسلام قد وضع أصول هذا العلم منذ قيام الدولة الإسلامية في المدينة، ثم أفرده العلماء بالتدوين تحت اسم "السير"، وكان من رواده أبو حنيفة، والأوزاعي، والثوري، والفزاري، إلا أن الذي له فضل التدوين والتأصيل وأفرده علمًا مستقلاً هو الإمام محمد بن الحسن الشيباني.
  2. تأثر آباء القانون الدولي، وبخاصة المدرسة الإسبانية بالفكر الإسلامي، وفي مقدمتهم جروسيوس، وكان لكتب الإمام الشيباني وفكره أثره في ذلك.
  3. تعود الجذور التاريخية لنشوء عصبة الأمم إلى المدرسة اللاتينية التي تعكس الطبيعة الرومانية والتعصب ضد العالم الإسلامي، وقامت وريثتها "هيئة الأمم" لتخدم سياسة الدول الكبرى وهيمنتها على العالم وتسيير سياسته العالمية، وبخاصة الدول ذات التمثيل الدائم في مجلس الأمن، وفي كثير من الأحيان تنفرد دولة واحدة بالهيمنة.
  4. تميز القانون الدولي الإسلامي "علم السير" بأنه جزء من الفقه، يقوم على الوحي، وترتبط أحكامه بالعقيدة والأخلاق فيكون ذلك أساسًا للالتزام والإلزام، وقد أولى عناية للفرد فجعله من أشخاص القانون الدولي، ومن خصائصه الثبات في مصادره بما يؤدي إلى الاستقرار، والمرونة التي تلبي الحاجات والوقائع المستجدة.
  5. أما في تحديد نطاق البحث في العلاقات الدولية في الإسلام فإنه ينصب أساسًا على العلاقات مع غير المسلمين في دار الحرب "الدول الأجنبية"، ويتناول أيضًا علاقة المسلمين بغير المسلمين في دار الإسلام.
  6. المسلمون في كل بلاد الإسلام "دار الإسلام" أمة واحدة، والمسلم مواطن في أي بلد كان مهما اختلف جنسه أو لونه أو لغته، له حقوق المواطنين وعليه واجباتهم، فهو ليس أجنبيًا عن أي بلد مسلم، أما التجزئة التي نراها، والتي تجعل لكل بلد جنسية، فهي طارئة على أمة الوحدة والتوحيد، ولعلها تعود إلى سابق عهدها إن شاء الله تعالى.
  7. الإسلام ذو نزعة عالمية، ولكنه لما لم يمتد إلى كل البقاع فقد انقسم العالم إلى دار إسلام ودار حرب، وليس مناط هذا التقسيم هو وقوع الحرب فعلاً، وإنما هو ظهور الأحكام وسيادة الشريعة أو عدمها، ولهذا التقسيم أصول في القرآن والسنة، كما أنه بيان لواقع قائم، وهذا أمر تنكب الصواب فيه بعض المعاصرين فهاجموا تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار حرب تحت تأثير الغزو الفكري للأمة الإسلامية.
  8. اختلاف الدارين له تأثيره في الأحكام عند الإمام محمد بن الحسن وشيخه أبي حنيفة، ولم يجعل كثير من العلماء هذا التأثير لاختلاف الدارين وإنما لاختلاف الدين.
  9. الجهاد مصطلح إسلامي وحقيقة شرعية قد تتصل بها بعض المصطلحات أو تؤدي معناها، ولكنه إذا أُطلق ينصرف إلى قتال الكفار، ولا يضاف إلى لفظ آخر في الاستعمال كالجهاد المقدس والجهاد المشروع، فليس في الإسلام جهاد مقدس وجهاد غير مقدس أو غير مشروع، فما لم يكن مشروعًا فهو ليس جهاد.
  10. للحرب في الإسلام آداب رائعة، وتنظيم عالٍ، وأحكام ضابطة لسيرها وإدارتها، تنولها كلها الإمام محمد بن الحسن، وأبان عن كل ما يحقق العزة للمسلمين من خلال هذه الأحكام والنظريات التي تتصل بذلك.

 

تقسيمات الدراسة:

تم تقسيم الدراسة إلى الباب التمهيدي، وبابين وخاتمة، وذلك على النحو التالي:

الباب التمهيدي: محمد بن الحسن وفقهه.

الفصل الأول: عصر الإمام محمد.

الفصل الثاني: حياة الإمام محمد وسيرته.

الفصل الثالث: مكانته الفقهية وآثاره

الباب الأول: أثر الإمام محمد بن الحسن في العلاقات الدولية وقت السلم.

الفصل الأول: مفهوم العلاقات الدولية وتطورها.

الفصل الثاني: العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين.

الفصل الثالث: المعاهدات الدولية.

الفصل الرابع: السفارة والسفراء.

الباب الثاني: أثر الإمام محمد بن الحسن في العلاقات الدولية وقت الحرب.

الفصل الأول: تعريف الجهاد ومشروعيته.

الفصل الثاني: قواعد السياسة الحربية.

الفصل الثالث: القواعد العليا في قانون القتال "قواعد القانون الدولي الإنساني"

الخاتمة

 

رابط مباشر لتحميل الكتاب

 


[1] أستاذ في جامعة الشارقة – كلية الشريعة والدراسات الإسلامية – 2004م حتى 2017م، وهو من مواليد رنكوس في سوريا عام 1949م، تلقـى فيهـا تعليمـه الابتدائي، وتخرج من الثانوية الشرعية بدمشق، ومـن كليتي الشريعة والتربية بجامعة دمشق، ونال الدكتوراه في الشريعة من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وله الكثير من المؤلفات، إضافة إلى الإشراف على الرسائل الجامعية، توفاه الله بمدينة الطائف مساء الأحد الموافق 11 فبراير من العام 2018م.

 

Rate this item
(0 votes)
Last modified on الأحد, 02 حزيران/يونيو 2024 01:58

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.