النظرية العامة للالتزامات في الشريعة الإسلامية

By د. شفيق شحاتة تشرين2/نوفمبر 29, 2023 1376 0

يعد هذا المؤلف من المؤلفات المهمة في موضوعه، وهو عبارة عن رسالة الدكتوراة التي نال بها الدكتور شفيق شحاتة الدرجة في القانون في ثلاثينيات القرن الماضي، وكان الأستاذ المشرف عليه هو فضيلة الشيخ أحمد إبراهيم. ود. شفيق شحاتة مفكر مسيحي قبطي يعد من كبار أساتذة القانون، وتعتبر دراساته غاية في العمق، وكانت كتاباته في القانون المدني شديدة التأثر بالفقه الإسلامي، حتى إنه شغل منصب أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة باريس، وكان نابهًا ويعتبر حجة في فهم تلك الشريعة وأصولها وفروعها، وله مؤلفات قيمة، من أهمها كتابه (الاتجاهات التشريعية في قوانين البلاد العربية).

أما عن طريقته في هذا المؤلف فكان يري د. شفيق أن "خطة" تناول النظرية العامة للالتزامات لم تكن مما ترتضيه دائمًا القواعد العلمية، فمن جهة، أن من تصدى من العلماء الغربيين لمعالجة مثل هذه المسائل، لم يصلوا أبدًا إلى تفهم روح النصوص. وهم في الغالب، يجهلون أيضًا اللغة التي وردت بها هذه النصوص. أما المستشرقون، فلا نجد بينهم القانوني الفقيه، الذي سرعان ما يلحظ، ما للنص من خطر. ومن جهة أخرى، نرى المؤلفين الشرقيين تنقصهم الروح العلمية، ومؤلف (سافاس باشا) على شهرته، مثل ناطق لهذا النقص. وكذلك الأمر في الرسائل والمؤلفات، التي حاول فيها مؤلفوها، التقريب بين الفقه الإسلامي، وآخر ما وصلت اليه اتجاهات المحاكم في عصورنا هذه، فما كان من تأثير حماسهم الصبياني إلا مسخ الشريعة الإسلامية.

لذلك ذهب د. شفيق شحاته إلى أنه من المتعين وضع -في مواجهة هؤلاء وهؤلاء- الطريقة التي يرى وجوب اتباعها، وقد سماها "الطريقة الموضوعية التاريخية"؛ لأنها تتناول مواضيع البحث وتقررها كما وردت في النصوص، مراعية في ذلك منتهى الأمانة، ثم هي تتبع هذه النصوص على مدى الأجيال، لتتلمس تطورها التاريخي. فهي قائمة على فكرة أساسية، ألا وهي، أن التشريع كائن حي، وليد الهيئة الاجتماعية، ينمو بها ولها، ويتطور معها، ويحمد عند جمودها، وهذه الطريقة تعمد لذلك، إلى المسائل. فقد رأي د. شفيق أن التشريع الإسلامي لم يهتم إلا بالمسائل، فإذا أردنا تفهمه على حقيقته، وجب أن تقصى المسائل، ونستوعب ما ورد عليها من الحلول. فتكون هي الحجارة التي بها يتم بناء هيكل النظريات، بصرف النظر عما حشر في الكتب حشرًا، لتفسير هذه الحلول، إذا كانت هذه التفسيرات لا تتفق والواقع، فمن يتصفح كتب الفقه، يتبين أن التفسير الذي يرد على الحلول، لا يكون صادرًا دائمًا عن مبادئ عامة، متمشية في جميع أجزاء الجسم الواحد، بل هو يرمى إلى تبرير الحل، الذي ورد بشأنه فقط، تبريرًا يستند سواء إلى فكرة مقبولة عقلًا، أم إلى أن حلولًا مشابهة قد جاءت في مناسبات أخرى.

ومما جاء في مقدمة المؤلف:

"إن صرح القانون مشيد على فكرة الالتزام. وقد ارتدت هذه الفكرة في القانون الخاص، رداءً خاصًا، حيث ظهرت في صورة الحق الشخصي، المقابل للحق العيني. ثم هي فيه، تخضع لقواعد عامة، تحكم مختلف المسائل التي تعرض للالتزام. وقد استخلص هذه القواعد فقها. الرومان، ونقلت عنهم في القوانين المستمدة من التشريع الروماني. وجمعت هذه القواعد، النظرية المعروفة بالنظرية العامة للالتزامات، وهي نظرية أجمعت الآراء، على أنها من خير ما أنتجت قريحة الرومان القانونية.

أما في الشريعة الإسلامية، فقد وجه الفقها، جهودهم نحو الحلول الفرعية، ولم يحاولوا وضع قواعد عامة، تحكم الالتزام في مصادره، وفي آثاره، وفي طرق انقضائه على أن بالشريعة الإسلامية كنوزًا من الأفكار والآراء والتصورات القانونية، فاذا نحن أردنا الانتفاع بها، يتحتم علينا أولًا الوصول إلى القواعد العامة التي تحكمها جميعًا، اذ لا يقوم العلم إلا على أساس من القواعد العامة.

ثم إن الفقه الاسلامي، قام وترعرع في مدى أجيال عديدة، وساد في مختلف الأقطار التي جمعتها المدنية العربية، تلك المدنية التي تركت آثارًا خالدة في جميع مناحي العلوم والفنون. فليس من الغريب إذًا أن يكون أثرها كذلك في ناحية التفكير القانوني. وفي الواقع قد ظهر هذا التفكير في صورة من أبهى صوره، ولا تزال آثار هذا التفكير من أنفس ما يدخر الشرق من التراث العلمي.

فمن العقوق إذًا أن يهمل هذا التراث، ومن العناية به أن يحمد إلى التأليف بين فروعه. ففي جميع الأمم وفي مختلف العلوم عمد العلماء إلى التركيب بعد التحليل. وقد قام الفقهاء بقسطهم الوافر من التحليل، فيتعين إذًا البدء من حيث انتهوا، وبهذا العمل نكون قد وصلنا ما كان قد انقطع. فعسى أن يكون الاهتمام بالآثار القانونية لفقهاء المسلمين على هذا الوجه. فاتحة عصر إحياء لتشريع، لا يمكن أن يكون غيره، ملائمًا مثله، في بلاد كانت مهدًا لله ومرتعًا".

أما تقسم الكتاب؛ فكان كالتالي:

مقدمة عامة

  • طريقة البحث
  • عرض عام لنظرية الالتزام في الشريعة
  1. القسم الأول الالتزام في ذاته
  • الكتاب الأول: طرفا الالتزام
    • الباب الأول في تعدد الملتزم لهم
      • الفصل الأول: في الالتزام لمتعدد بغير متضامن
      • الفصل الثاني: في الالتزام لمتعدد بغير متضامن
    • الباب الثاني في تعدد الملتزمين
      • الفصل الأول في تعدد الملتزمين بغير تضامن
      • الفصل الثاني في التضامن بين الملتزمين
  1. القسم الثاني مصادر الالتزام
  2. القسم الثالث الفكرة الإسلامية للالتزام

رابط تحميل الكتاب

Rate this item
(0 votes)
Last modified on الأربعاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2023 23:27

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.