بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
المحكمة الدستورية
بالجلسة المنعقدة علنًا بالمحكمة بتاريخ ١٥ من محرم ١٤٣٩هـ الموافق 5 أكتوبر ٢٠١٧م.
برئــاســة الــسيــــد الـــمـــســتــشــار/ يوسف جاسم المطاوعة رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ خالد سالم على ومحمد جاسم بن ناجي
وخالد أحمد الوقيان وإبراهيم عبد الرحمن السيف
وحــــضــــــــــور الـســـيــــــــد/ عبد الله سعد الرخيص أمين سر الجلسة
صدر الحكم الآتي:
في الطعن المباشر بعدم دستورية القانون رقم (۷۸) لسنة (۲۰۱٥)
في شأن البصمة الوراثية. المرفوع من: مرزوق خليفة مفرج الخليفة.
والمقيد في سجل المحكمة الدستورية برقم (٦) لسنة ٢٠١٦ “طعن مباشر دستوري”.
الوقائع
أقام الطاعن (مرزوق خليفة مفرج الخليفة) طعنًا -أمام هذه المحكمة- بطريق الادعاء الأصلي المباشر بعدم دستورية القانون رقم (۷۸) لسنة ٢٠١٥ في شأن البصمة الوراثية، وذلك بموجب صحيفة أودعت إدارة كتاب هذه المحكمة بتاريخ 13/6/2016، حيث قيد الطعن في سجلها برقم (٦) لسنة ۲۰۱٦، وأسس الطاعن طعنه على سند من القول بأن القانون المطعون عليه قد صدر مستهدفًا إنشاء قاعدة بيانات لحفظ البصمات الوراثية للعينات الحيوية التي تؤخذ من الأشخاص الخاضعين لأحكامه، تستعين بها الجهات المختصة في تحديد هوية المشتبه فيهم والتعرف على أصحاب الجثث المجهولة، فألزم من خلاله جميع المواطنين والمقيمين والزائرين وكل من دخل الأراضي الكويتية بإعطاء العينة اللازمة لإجراء فحص البصمة الوراثية متى طلب منهم ذلك، حيث تناول القانون في المادة (1) منه النص على أنه في تطبيق أحكام هذا القانون تكون للكلمات والعبارات التالية المعاني الموضحة قرين كل منها:
البصمة الوراثية: هي خريطة الجينات البيولوجية الموروثة والتي تدل على شخصية الفرد وتمييزه عن غيره، وتمثل السمات البيولوجية أو الخط الجيني للمواقع غير المشفرة عالية التبيان في الحمض النووي الكروموزومي التي تنتج من تحليل الحمض النووي بالعينات البيولوجية. العينة الحيوية: الجزء الذي يؤخذ من الجسم البشري أو إفرازاته الحيوية بهدف إجراء المقارنة لتحديد الشخصية. قاعدة بيانات البصمة الوراثية: نظام حاسب آلي تخزن فيه البيانات التي تحوي السمات الوراثية للحمض النووي للأشخاص المخزن بياناتهم. الوزير: وزير الداخلية. الوزارة: وزارة الداخلية.
وألزمت المادة (۲) وزارة الداخلية بإنشاء قاعدة بيانات تخصص لحفظ البصمات الوراثية الناتجة عن العينات الحيوية التي تؤخذ من الأشخاص الخاضعين لهذا القانون، وأحالت المادة (۳) من القانون للائحة تنفيذية تنظيم أحكام أخذ العينات الحيوية المنصوص عليها في المادة السابقة، متطلبة تلك المادة أن يتم التسجيل بقاعدة بيانات البصمة الوراثية خلال سنة من تاريخ إصدار هذه اللائحة، على أن يصدر وزير الداخلية قرارًا بالتنسيق مع وزارة الصحة بتحديد المكلفين بأخذ العينات الحيوية والأماكن المحددة لذلك، وألزمت المادة (٤) الأشخاص الخاضعين لأحكام هذا القانون بإعطاء العينة اللازمة لإجراء الفحص متى طلب منهم ذلك، وخلال الموعد المحدد لكل منهم، مع التزام جميع جهات وأجهزة الدولة بمعاونة المختصين على أخذ العينات الحيوية اللازمة، وأبانت المادة (٥) حالات الاستعانة بقاعدة بيانات البصمة الوراثية، وأضفت المادة (٦) السرية على البيانات المسجلة بتلك القاعدة، كما أسبغت عليها صفة المحررات الرسمية، وأجازت المادة (٧) تبادل البيانات والمعلومات بشأن البصمات الوراثية مع الجهات القضائية الأجنبية والمنظمات الدولية وفقًا لأحكام القوانين المعمول بها في الدولة بشرط المعاملة بالمثل، وتكفلت المواد (۸) و(۹) و(۱۰) بتحديد العقوبات الجزائية عن الأفعال المؤثمة طبقًا لهذا القانون وحددت المادة (۱۱) نطاق سريان ذلك القانون والمخاطبين بأحكامه، وعهدت المادة (۱۲) إلى مجلس الوزراء -وبناء على عرض الوزير المختص- إصدار اللائحة التنفيذية للقانون وذلك في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به، ونصت المادة (۱۳) على العمل بهذا القانون اعتبارًا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
وبنى الطاعن طعنه في القانون سالف الذكر على سند حاصله ما يلي:
أولاً: أن عبارات نصوص هذا القانون قد جاءت بالغة العموم والسعة ومفتقدة للتحديد الجازم لضوابط تطبيقها، ومفتقرة إلى عناصر الضبط والإحكام الموضوعي، منطوية على خفاء وغموض وتجهيل يؤدي إلى الالتباس في معناها، ويُثار الجدل في شأن حقيقة محتواها، وأن هذا التجهيل يفضي إلى الإخلال بحقوق كفلها الدستور كتلك المتعلقة بالحرية الشخصية المنصوص عليها في المادة (۳۰) من الدستور، إذ فرض على المواطنين والمقيمين والزائرين وكل من دخل الأراضي الكويتية إجراء فحص البصمة الوراثية متى طلب منهم ذلك، وفي خلال الموعد المحدد لكل منهم، وألزمهم بإعطاء العينة الحيوية لهم بقوة القانون ودون إرادتهم، أو موافقتهم، أو إجازتهم السابقة، وذلك لحفظها قاعدة البيانات رغم تعلق ذلك بحق لهم هو من الحقوق اللصيقة بالشخص بموجب في إنسانيته وأدميته.
ثانيًا: إهدار القانون لأصل البراءة التي جُبل الإنسان عليها والذي حرص الدستور على النص عليه في المادة (٣٤) منه.
ثالثًا: مخالفة القانون لمبدأ شخصية العقوبة المنصوص عليه في المادة (٣٣) من الدستور، إذ فرض تطبيق العقوبات الواردة في القانون في حالة الامتناع عن إعطاء العينة الحيوية، ولو كان الامتناع عن إعطاء تلك العينة لمن له عليهم ولاية أو وصاية أو قوامة، في حين أنه قد تتوافر لديهم الأهلية اللازمة لتوقيع العقوبة عليهم، إذ لا تلازم بين الولاية على النفس أو المال وبين انعدام المسئولية الجنائية للخاضع للولاية، وأن الامتناع عن إعطاء العينة قد يكون من جانبهم وراجعًا إليهم، على الرغم من أن الأصل في شرعية العقوبة أن بينها وبين شخصية العقوبة صلة لا تنفصم، فهما ترتبطان بمن كان مسئولاً عن ارتكاب الجريمة، فالأصل في الجريمة أن عقوبتها لا يتحملها إلا المسئول عنها قانونًا، ذلك بأن الشخص لا يحمل إلا وزر نفسه، ولا يُدعى إلى حمل وزر غيره، فعاقبة الجريمة لا يؤخذ بها إلا من جناها، ولا يُعاقب عنها إلا شخص من قارفها، فضلاً عن أن من شأن تطبيق ذلك في حالة امتناع من هو في ولاية المكلف بها عن إعطاء العينة، أن يسود الخلاف والشقاق بين الأب وأبنائه في الأسرة الواحدة، بدلاً من جو التماسك والوفاق، وهو ما قد يؤدي إلى تقويض الأسرة، والإخلال بوحدتها، وهدم كيانها، لتصبح الأسرة كيانًا مهددًا، ضعيف في أواصره، قاصرًا عن أداء دوره، متعارضًا مع ما أكده الدستور في المادة (۹) منه على أن الأسرة أساس المجتمع ووجوب الحفاظ على كيانها وتقوية أواصرها.
رابعا: مخالفة القانون لمبدأ فصل السلطات، إذ فوض السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة الداخلية بوضع أحكام أخذ العينات الحيوية على الرغم من عدم جواز التفويض التشريعي في المسائل المحجوزة أصلاً للمشرع، وهو ما أكدته المادة (٥٠) من الدستور والتي لم تُجز لأي سلطة النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في الدستور، فضلاً عن أن ما تضعه السلطة التنفيذية من أحكام بخصوص أخذ العينات يترتب عليه عقوبات جزائية، وهو ما يخالف المادة (۳۲) من الدستور التي تقضي بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون بما يسفر عن مخالفة جلية للدستور.
خامسا: أن القانون المطعون عليه توسع في نصوصه في تحديد أوجه الاستعانة بالبصمة الوراثية فجعل منها تحديد هوية المشتبه فيهم والتعرف على ذويهم، وكذلك أية حالات أخرى تقتضيها المصلحة العليا للبلاد، فأقحم بذلك أمر التعرف على ذوي المشتبه فيهم دون داع، وبغير تحديد للمقصود أصلاً بالمشتبه فيهم، كما جاءت عبارة (المصلحة العليا للبلاد) عامة، مطلقة، مرنة، بالغة السعة، بما يُفسح المجال لتأويل معناها، وإدخال العديد من الأفعال في مدلولها على نحو يبرز معه وجه أخر من وجوه عدم الدستورية.
وأضاف الطاعن بأنه كويتي الجنسية ومن المخاطبين بأحكام هذا القانون، كما أن من شأن تطبيقه عليه أن يكون احتمال الإضرار به راجحًا بإنزال العقوبة عليه في حالة امتناع ولديه القاصرين -وهما في سن الأهلية الجزائية- عن إعطاء العينة لإجراء البصمة الوراثية لهما، وهو مما يوفر له المصلحة الشخصية المباشرة في الطعن على ذلك القانون بعدم الدستورية.
وحيث إن هذا الطعن قد عرض على المحكمة -في غرفة المشورة- بتاريخ 17/10/2016، وقررت تحديد جلسة 21/12/2016 لنظره، وتم قيد الطعن في سجل المحكمة برقم (٦) لسنة ۲۰۱٦ “طعن مباشر دستوري” وجرى نظره على الوجه المبين بمحاضر جلساتها، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إنه مما ينعاه الطاعن في طعنه بعدم الدستورية على القانون رقم (۷۸) لسنة ٢٠١٥ في شأن البصمة الوراثية أنه قد صدر مخالفاً للدستور، إذ ألزم جميع المواطنين والمقيمين والزائرين وكل من دخل الأراضي الكويتية بإعطاء العينة اللازمة لإجراء الفحص متى طلب منهم ذلك وخلال الموعد المحدد لكل منهم، وفرض عقوبة على من يمتنع عمدًا ودون عذر مقبول عن إعطاء تلك العينة، وذلك بقصد إنشاء قاعدة بيانات للبصمة الوراثية تخصص لحفظ البصمات الوراثية الناتجة عن العينات الحيوية التي تؤخذ من هؤلاء الأشخاص الخاضعين لأحكامه، وذلك وفق نصوص تضمنها القانون صيغت بعبارات بالغة السعة والعموم، مفتقدة إلى التحديد الجازم لضوابط تطبيقها، منطوية على إخلال بالحرية الشخصية، وانتهاك خصوصيته، وحقه في حماية جسده من الاعتداء بالمخالفة للمادتين (۳۰) و(۳۱) من الدستور، وهو ما يصم القانون برمته بعدم الدستورية.
وحيث إن المادة (۲) من القانون رقم (۷۸) لسنة ٢٠١٥ في شأن البصمة الوراثية تنص على أن “تنشأ بوزارة الداخلية قاعدة بيانات للبصمة الوراثية، وتخصص لحفظ البصمات الوراثية الناتجة عن العينات الحيوية التي تؤخذ من الأشخاص الخاضعين لهذا القانون”.
وتنص المادة (٤) من ذات القانون على أنه “لا يجوز للأشخاص الخاضعين لأحكام هذا القانون الامتناع عن إعطاء العينة اللازمة لإجراء الفحص، متى طلب منهم ذلك وخلال الموعد المحدد لكل منهم…”.
كما تنص المادة (۸) من القانون على أن “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من امتنع عمدا ودون عذر مقبول عن إعطاء العينة الحيوية الخاصة به أو بمن له عليهم ولاية أو وصاية أو قوامة”.
وتنص المادة (۱۱) منه على أن “تسري أحكام هذا القانون على جميع المواطنين والمقيمين والزائرين وكل من دخل الأراضي الكويتية على النحو الذي تنظمه اللائحة التنفيذية”.
وحيث إن الدستور أكد الحرية الشخصية كحق طبيعي من حقوق الإنسان، فنص في المادة (۳۰) منه على أن “الحرية الشخصية مكفولة”، ونص في المادة (۳۱) على أنه “لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون. ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة”، دالاً بذلك على اعتبار الحرية الشخصية أساسًا للحريات العامة الأخرى وحق أصيل للإنسان، ويندرج تحتها تلك الحقوق التي لا تكتمل الحرية الشخصية في غيبتها، ومن بينها حق الفرد في صون كرامته والحفاظ على خصوصياته التي يحرص على عدم تدخل الناس فيها بعدم امتهانها وانتهاك أسراره فيها إعمالًا لحقه في احترام مناطق خصوصيته، ذلك أن ثمة مناطق وجوانب خاصة بالفرد تمثل أغوارًا لا يصح النفاذ إليها. وينبغي دومًا ألا يقتحمها أحد ضمانًا لسريتها وصونًا لحرمتها، فكل ما يتعلق بخصوصية الفرد هو جزء من كيانه لا يجوز لأحد أن يناله أو يطلع عليه إلا بإذنه الصريح. وإذا كان تنظيم الحرية الشخصية يقع في نطاق السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، إلا أنه من غير الجائز أن يفرض المشرع تحت ستار هذا التنظيم قيودًا يصل مداها إلى حد نقض هذا الحق أو الانتقاص منه أو إفراغه من مضمونه.
وحيث إنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه وإن كان غموض النصوص التشريعية عامة يعيبها، إلا أن غموض النصوص لا سيما المتعلقة منها بنصوص جزائية خاصة وانغلاق فهمها يصمها بعدم الدستورية، لما يمثله ذلك من إخلال بالجوانب القانونية الجزائية بقيمها وضوابطها وأهدافها وقواعدها الإجرائية، والتي تعتبر وثيقة الصلة بالحرية الشخصية.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان المشرع بموجب المواد سالفة البيان من قانون البصمة الوراثية رقم (۷۸) لسنة ۲۰۱٥ قد فرض على جميع المواطنين والمقيمين والزائرين وكل من دخل الأراضي الكويتية التزاماً بإعطاء العينة الحيوية اللازمة لإجراء فحص البصمة الوراثية متى طلب منهم ذلك وخلال الموعد المحدد لكل منهم، وفرض عقوبة على كل من يمتنع منهم عن إعطاء تلك العينة عمداً ودون عذر مقبول، وأوجب تسجيل نتائج الفحوصات التي تجرى في هذا الشأن في قاعدة بيانات البصمة الوراثية التي تنشأ بوزارة الداخلية وتخصص لحفظ جميع البصمات الوراثية، مما مؤداه أن تصبح هذه السجلات التي تحوي قاعدة بيانات البصمات الوراثية بمثابة سجلات تكشف أمور الحياة الخاصة لكل من تواجد على الأراضي الكويتية، باعتبار أن البصمة الوراثية لكل إنسان تحوي كل صفاته الشخصية التي تميزه عن غيره وتوضح نسبه وعائلته والأمراض الوراثية فيها، وأسراره الطبية الدفينة، وهو ما يمثل انتهاكا صارخًا للحرية الشخصية التي حرص الدستور على صونها، كما جاءت النصوص المشار إليها عامة يطبق حكمها على جميع الأشخاص سالفي البيان، ودون رضاهم بشأن ما أمروا به أو حتى صدور موافقة أو إجازة سابقة منهم تتعلق بحق لهم، هو من الحقوق اللصيقة بالشخص بموجب إنسانيته وآدميته منتهكا القانون حق الفرد في الخصوصية، كما أطلق القانون التحليل دون أن يقصره على إعطاء الحد الأدنى الضروري من المعلومات، والذي يكفي لتحقيق الغاية التي صدر من أجلها القانون ودون أن يبين القانون مآلها بعد الوفاة، أو كيفية ووسيلة تصنيف المعلومات المأخوذة من البصمات الوراثية، أو يُسبغ الحماية الواجبة على العينات ذاتها مكتفيًا بتقرير سريتها في حين أن الأمر مختلف ما بين الحماية والسرية، وهو ما يعيب القانون ويصمه بعدم الدستورية. ولا يغير من ذلك ما قد يسهم فيه ذلك القانون عند تطبيقه من الحفاظ على الأمن والمساعدة في كشف الجرائم وتحديد ذاتية مرتكبيها والتعرف على هوية الجثث المجهولة، إذ أن ممارسة الدولة لحقها في حماية الأمن العام يحده حين ممارسته حق الفرد الدستوري في كفالة حريته الشخصية، بما يقتضيه ذلك من الحفاظ على كرامته واحترام مناطق خصوصيته بعدم امتهانها أو انتهاك أسراره فيها دون مقتضى. وهو ما يتعين معه القضاء بعدم دستورية المواد (۲) و (٤) و(۸) و(١١) من القانون رقم (۷۸) لسنة ٢٠١٥ في شأن البصمة الوراثية.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت باقي مواد القانون سالف البيان إنما تتعلق بتعريف العبارات الواردة بالقانون، وإصدار لائحته التنفيذية وكيفية الاستعانة بقاعدة بيانات البصمة الوراثية وسرية بياناتها وكيفية تبادلها مع الجهات الأجنبية، وعقوبة إفشاء أسرارها وتزوير محررات متعلقة بها، وهي ترتبط بالنصوص المقضي بعدم دستوريتها ارتباط لزوم لا يقبل التجزئة بحيث لا يتصور وجودها بدونها، ومن ثم فإن القضاء بعدم دستورية المواد الأولى يرتب سقوط باقي مواد القانون سالفة البيان تبعًا لذلك، دون حاجة -من بعد- إلى التعرض إلى باقي ما أثاره الطاعن من مناع بعدم دستورية باقي نصوص القانون لزوال تلك النصوص التي كانت محلاً لهذه المناعي بقضاء هذه المحكمة بعدم الدستورية، وسقوط باقي مواد القانون.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً: بعدم دستورية المواد (۲) و ( ٤ ) و ( ٨) و (١١) من القانون رقم (۷۸) لسنة ٢٠١٥ في شأن البصمة الوراثية.
ثانيًا: بسقوط باقي مواد القانون لارتباط هذه المواد بالمواد المقضي بعدم دستوريتها ارتباط لزوم لا انفصام فيه.
أمين سر الجلسة رئيس المحكمة