لدكتور نجيب الأرمنازي … صاحب كتاب “الشرع الدولي في الإسلام”

نجيب الأرمنازي (1897- 1968)، سياسي ودبلوماسي سوري من دمشق، كان رئيسًا لديوان المؤتمر السوري العام سنة 1920 ثم مديرًا لمكتب الرئيس محمد علي العابد وأمينًا عامًا للقصر الجمهوري في عهد الرؤساء تاج الدين الحسني وشكري القوتلي 1941-1949.

شارك في تأسيس جامعة الدول العربية سنة 1944 وفي اجتماعات تأسيس الأمم المتحدة عام 1945. وفي عهد الاستقلال، سمّي سفيرًا في أنقرة ونيودلهي، قبل أن يُصبح سفيرًا في مصر في مطلع عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ثم سفيرًا في لندن خلال العدوان الثلاثي سنة 1956.

البداية:

ولد نجيب الأرمنازي في دمشق ودرس القانون الدولي في جامعة السوربون في باريس، حيث نال شهادة الدكتوراه بتقدير جيد جدًا عن رسالته المعنونة: “الشرع الدولي في الإسلام”، ثم عاد الأرمنازي إلى سورية وعمل في الصحافة والمحاماة وانتسب في شبابه إلى جمعية العهد ثم إلى جمعية العربية الفتاة المناهضة للدولة العثمانية، وذلك بعد إعدام شقيقه الصحفي محمد علي الأرمنازي على يد العثمانيين سنة 1914. وبعد انسحاب الجيش العثماني عن دمشق بايع الأمير فيصل بن الحسين حاكمًا عربيًا على البلاد. وفي سنة 1919 عُيّن الأرمنازي رئيسًا لديوان المؤتمر السوري العام الذي قرر تتويج فيصل الأول ملكًا على سورية في 8 آذار 1920.(

العائلة:

اشتهر من عائلة نجيب الأرمنازي اثنين من أولاده وهما الدكتور غيث الأرمنازي، سفير جامعة الدول العربية إلى لندن من 1992-2000، والدكتور عمرو الأرمنازي، رئيس مركز البحوث العلمية في سورية حتى سنة 2021.

المؤتمر السوري الفلسطيني:

بعد سقوط الحكم الفيصلي وفرض الانتداب الفرنسي على سورية، صدر قرار اعتقال بحق نجيب الأرمنازي فسافر إلى أوروبا هربًا وفي سنة 1921، عمل مع الدكتور عبد الرحمن الشهبندر على تأسيس المؤتمر السوري الفلسطيني في مدينة جنيف السويسرية. وكان عضوًا في لجنة المؤتمر التنفيذية، وقد هدف المؤتمر إلى لم شمل القوى السياسية العربية في المنفى لتحرير البلاد من الاحتلال الأجنبي في سورية وفلسطين ولبنان والعراق. بقي الأرمنازي منفيًا حتى صدور عفو عام سنة 1928 أمكنه من العودة إلى سورية، ليعمل سنة 1930 سكرتيرًا لتحرير جريدة الأيام الدمشقية.

العمل في القصر الجمهوري:

عند انتخاب محمد علي العابد رئيسًا سنة 1932، قام بتعيين نجيب الأرمنازي مديرًا لمكتبه في القصر الجمهوري بمنطقة المهاجرين. وقد بقي الأرمنازي في منصبه خلال رئاسة هاشم الأتاسي الأولى (1936-1939) وفي سنة 1942، عينه الرئيس تاج الدين الحسني أمينًا عامًا للقصر الجمهوري.

وبعد وفاة الشيخ تاج في 17 كانون الثاني 1943، خدم مع رئيس الدولة المؤقت عطا الأيوبي ومع الرئيس شكري القوتلي عند انتخابه رئيسًا في 17 آب 1943. وقد أرسله القوتلي ممثلًا عنه إلى مفاوضات تأسيس جامعة الدول العربية في الإسكندرية سنة 1944، ضمن وفد حكومي رفيع كان برئاسة رئيس الوزراء سعد الله الجابري.

الأرمنازي سفيرًا:

وفي سنة 1945 عينه الرئيس القوتلي وزيرًا مفوضًا في لندن وعضوًا في وفد سورية الدائم إلى مؤتمر تأسيس الأمم المتحدة، الذي كان برئاسة فارس الخوري. وقد عمل الأرمنازي على حشد دعم دولي لقضية استقلال سورية وعلى التنسيق مع الحكومة البريطانية لأجل الإنذار الشهير الذي صدر عن الرئيس ونستون تشرشل في 1 حزيران 1945، وطالب من فرنسا ببدء انسحاب قواتها العسكرية عن الأراضي السورية.  وبعد جلاء القوات الفرنسية في 17 نيسان 1946، كلّف الأرمنازي بتمثيل سورية في مفاوضات لندن المتعلقة بقضية فلسطين.

وفي سنة 1947، سمّي الدكتور الأرمنازي سفيرًا في الهند ثم في تركيا وبعدها في مصر بعد وصول الضباط الأحرار إلى الحكم سنة 1952. خدم في القاهرة حتى كانون الثاني 1956 عندما عينه الرئيس القوتلي سفيرًا في لندن، حيث قدم أوراق اعتماده إلى الملكة إليزابيث الثانية وكان شاهدًا على حرب السويس التي أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين سورية وبريطانية.

الأرمنازي والانفصال:

لم تعجبه الطريقة التي أقيمت بها الوحدة السورية المصرية سنة 1958 ولكنه لم يعترض عليها بسبب قربه من الرئيس جمال عبد الناصر الذي عرفه ضابطًا شابًا في القاهرة في مطلع الخمسينيات.

قضى الأرمنازي سنوات الوحدة صامتًا ومتألمًا من الدولة البوليسية التي أوجدها جمال عبد الناصر في سورية، وقد عارض قانون الإصلاح الزراعي في أيلول 1958 وقرارات التأميم التي طالت المصانع والمصارف السورية في تموز 1961. خرج نجيب الأرمنازي عن صمته وقام بتأييد الانقلاب العسكري الذي أطاح بجمهورية الوحدة في 28 أيلول 1961. وقد حضر اجتماع كبير عُقد في منزل وزير الدفاع الأسبق أحمد الشرباتي، الذي صدر عنه بيان تأييد الانفصال، مع نقد لاذع للرئيس عبد الناصر. وكانت هذه هي أخر مشاركة سياسية لنجيب الأرمنازي، الذي اعتزل السياسة من بعدها.

كتابه “الشرع الدولي في الإسلام”:

وصف فارس بيك الخوري هذا الكتاب -عند تقديمه له- بأنه: بحث جديد لم يطرقه أحد من المؤلفين قبل اليوم، وسبب ذلك أن الشرع الدولي بالعرف الراهن لم ينشأ إلا مع الدول الأوروبية الحديثة، ولا ظهرت آثاره للناس إلا في التاريخ الحديث، في الانبعاث منذ القرن السادس عشر، فكان ذلك نتيجة طبيعية للمذاهب الحديثة التي اعتبرت كل دولة شخصًا حُكميًا له وعليه من الحقوق والواجبات المتقابلة مثلما للأفراد وعليهم بعضهم تجاه بعض.

كما ذكر الخوري في مقدمته أن هذا الكتاب قد جاء بخير ما يُستطاع الإتيان به في سبيل الإجابة على التساؤل عما إذا كان المسلمون وضعوا شيئًا من قواعد الشرع الدولي وجاء هذا الجواب شافيًا مقنعًا لكل متسائل بما جمع بين دفتيه من المذاهب النظرية والحوادث الفعلية التي جرى عليها المسلمون في العهد العربي لدولتهم الزاهرة. وأنه: ولما كان كل موضوع ينقسم إلى قسمين: النظري والعملي، فقد قدم السيد الأرمنازي جميع النظريات الاسلامية ذات العلاقة بموضوع كتابه مبتدئًا بنصوص الآيات في القرآن الكريم إلى توصيات النبي والخلفاء وأمراء الأجناد في حالة الحرب إلى آراء الفقهاء المعتمدة على الحكم والحديث والسنة، ثم أفاض بتفصيل الوقائع التي طبقت فيها هذه النظريات بحالات السلم والحرب والفتح والصلح والعهد وفى الصلات السياسية والعلائق التجارية وما هي الأوضاع التي شرعها الني والخلفاء الراشدون بعده لأهل الذمة وكيف جرى عليها المسلمون بعدهم، كل ذلك بأسلوب شيق ومنهاج صريح جمع فيه بين بلاغة التراكيب وفصاحة الألفاظ وروعة المعاني وسلاسة المباني وجرى فيه انسجام الحديث في تضاعيف جزالة القديم.

مؤلفاته:

– الشرع الدولي في الإسلام.

– مذكرات دبلوماسي.

– عشر سنوات في الدبلوماسية.

– السياسة الدولية وأشهر رجالها: مجلدان.

– محاضرات سورية من الاحتلال حتى الجلاء.

– الحملة المصرية أو من باريس إلى صحراء التيه: الترجمة عن التركية.

وله عدد من المقالات، منها:

– صناعة السياسة، الهلال.

– طائفة من آراء رنان، المقتطف.

– وقفة في قصر لويس الرابع عشر مشاهد الشرق والغرب، الزهراء.

– عصر المتنبي السياسي، الطليعة.

– القيصر وامرؤ القيس، المجمع العلمي العربي.

– المعاهدات.

الوفاة:

توفي الدكتور نجيب الأرمنازي في دمشق عن عمر ناهز 71 عامًا سنة 1968.

_____________________

المصادر:

1. نجيب الأرمنازي، الموسوعة الدمشقية، أعلام وشخصيات، https://2u.pw/lhJ4svP.

2. خير الدين الزركلي، الأعلام، بيروت، لبنان: دار العلم للملايين، ج. الجزء الثامن، ص: 13.

3. من أعلام حماة.. الدكتور نجيب الأرمنازي 1897- 1968، مجلة فداء، 10 مايو 2010، https://2u.pw/izHj5cW.

Rate this item
(0 votes)

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.