يعد الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري (1891- 1977) واحدًا من أهم علماء الشريعة الإسلامية المبجلين، كما أنه من أبرز رجال القضاء الشرعي، وقد تدرج في وظائف القضاء الشرعي حتى أصبح نائبًا لرئيس المحكمة العليا الشرعية، ثم كان أول من وصل إلى الوزارة من رجال القضاء الشرعي.
ولد الشيخ السنهوري بقرية المندورة مركز دسوق في يناير عام 1891، وهو العام الذي ولد فيه عَلَمَان آخران من خريجي مدرسة القضاء الشرعي، هما المفتي الشيخ عالم نصار الذي تخرج معه أيضا في دفعة 1917 ، والذي أصبح مفتيًا في 1950، وتقاعد من منصب الإفتاء قبل أن يتولى الشيخ السنهوري الوزارة بأقل من شهرين، والأستاذ الشيخ علي الخفيف الذي تخرج قبلهما بدفعتين في دفعة 1915 وتولى أستاذية الشريعة في كلية الحقوق بجامعة القاهرة كما أصبح عضوًا في مجمع اللغة العربية.
عُين الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري قاضيًا، وتبوأ عددًا من المناصب القضائية، واشترك في هذه الأثناء في وضع عدة قوانين مهمة للأحوال الشخصية والمواريث (1943) والوقف والوصية (1946).
التفريق والمقارنة بينه وبين د. عبد الرزاق السنهوري:
يشترك هذا العالم الجليل -خريج مدرسة القضاء الشرعي- في اللقب مع القانوني الأشهر الدكتور عبد الرزاق السنهوري، الذي كانت بعثته العلمية في بداية حياته واحدة من بعثات مدرسة القضاء الشرعي. ومن الجدير بالذكر أن الشيخ السنهوري يكبر الدكتور السنهوري بأربع سنوات وعاش بعده ست سنوات، وهكذا فقد كان عمر الشيخ 86 عامًا على حين كان ّعمر الدكتور السنهوري 76 عامًا، لكن أطرف ما في المقارنة بينهما أنهما حصلا على شهادتيهما المصريتين في العام نفسه، فقد تخرج الشيخ السنهوري بالشهادة العالمية من مدرسة القضاء الشرعي في 1917 في السادسة والعشرين من عمره، وتخرج الدكتور السنهوري في مدرسة الحقوق1917 في الثانية والعشرين من عمره، وعلى حين وصل الدكتور السنهوري للوزارة في 1945 فقد وصل الشيخ إليها في 1952، وقد اشتغل الشيخ السنهوري في بداية حياته العملية بالقضاء فلم يُدَّرس في المدرسة التي تخرج فيها، على حين أن الدكتور السنهوري عمل بالتدريس في مدرسة القضاء الشرعي بعد أن عمل في النيابة العامة، وأبعد إلى الصعيد.
في منصب الوزارة:
اختير الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري وزيرًا للأوقاف في وزارة حسين سري باشا الخامسة والأخيرة (يوليو 1952) التي عاشت ثلاثة أسابيع فقط، وضمت معه من العلماء المقاربين له في الفضل والعلم: الدكتور أحمد زكي، والأستاذ علي بدوي، ولم يكن من حظ هذه الوزارة أن تثبت أي جدوى في إصلاح النظام، وكان هذا أول وآخر عهده بالمناصب الوزارية. فلما انتهي عهده بالوزارة عمل بالمحاماة.
قيمته العلمية والثقافية:
كان الشيخ السنهوري من أبرز العلماء الذين قربوا علوم الشريعة إلي طالب العلم حيث قام لفترات طويلة بالتدريس في الأزهر، ومعهد الدراسات العربية، وفي أقسام الدراسات العليا بكليتي الحقوق في جامعتي القاهرة والإسكندرية.
عاش حياته المهنية قاضيًا شرعيًا ملتزمًا بعيدًا عن الحزبية وعن نشاط المجتمع، لكن فضله وعلمه لم يكن من الممكن تجاوزه، وقد اختير عضوًا في مجمع البحوث الإسلامية، عند انشائه، كما كان عضوًا في اللجنة العليا لتطوير القوانين المصرية، وعضوًا في لجنة تطوير الأزهر، وعضوًا في اللجنة العليا لتطوير الجامعات، وعضوًا في اللجنة العليا لوضع الموسوعة الفقهية، وعضوا في لجنة التراث، وترأس لجنة إحياء المؤلفات والتراث الإسلامي في دار التأليف والترجمة والنشر.
آثاره:
- الأسرة في التشريع الإسلامي، القاهرة: وزارة الإرشاد القومي، 1957م.
- حاجة المجتمع إلى الدين.
- مجموعة القوانين المصرية المختارة من الفقه الإسلامي، القاهرة: مطبعه مصر، 1949م، 1368ه.
- المسكرات، القاهرة: دار النهضة العربية، 1978م، 1398ه.
- وله كتاب شهير صغير الحجم عن التأمين طُبع كثيرًا بعنوان (التأمينات)، بحث مقدم إلى المؤتمر السابع لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، كتاب المؤتمر بعنوان بحوث اقتصادية وتشريعية شعبان سنة 1392هـ ـ سبتمبر سنة 1972م.
- التلفيق بين أعمال المذاهب، المؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامية، القاهرة: مجمع البحوث الإسلامية، 1964م، 1383ه. ونُشر أيضًا في: مجلة الأزهر، السنة 35، العدد 9 (ذو القعدة 1383ه/ أبريل 1964م)، الصفحات 954-957.
وقد صدرت الأعمال الكاملة للسنهوري عن دار الإفتاء المصرية في 13 مجلدًا: الأعمال الكاملة للعلامة محمد فرج السنهوري، تصدير أ.د. شوقي علام؛ جمع ودراسة أ.د. محمد كمال إمام، دار الإفتاء المصرية، الطبعة الأولى، 2019.
وفاته
توفي الشيخ محمد فرج السنهوري سنة 1977.
__________________________________________________
المصدر: د. محمد الجوادي، العصر الذهبي للقضاة الشرعيين، دار الروضة، الطبعة الأولى، 2021، ص99 (بتصرف كبير، فضلاً عن إضافة بعض المعلومات).