المولد والنشأة:
ولد العالم والمفكر والأديب والسياسي المغربي علال ابن المفتي العالم عبد الواحد بن عبد السلام بن علال الفهري الفاسي يوم 20 يناير/كانون الثاني 1910 في مدينة فاس بالمغرب، لأسرة عربية مسلمة عريقة، هاجرت من الأندلس إلى المغرب هربًا بدينها من محاكم التفتيش الإسبانية، واستقرت في البداية بمدينة القصر الكبير لفترة من الزمن قبل أن تستقر بشكل نهائي في مدينة فاس. عرفت هذه العائلة بأسرة بني الجد واشتهرت بآل الفاسي الفهري، وكان علال محلّ عناية كبيرة من والده لكونه ولده الوحيد.
الدراسة والتكوين:
تلقى الشيخ علال الفاسي مبادئ الكتابة والقراءة وحفظ القرآن الكريم في الكتّاب على يد الفقيه محمد الخمسي، ثم انتقل إلى المدرسة العربية الحرة بفاس القديمة لتعلم مبادئ الدين وقواعد اللغة العربية.
التحق علال الفاسي عام 1920 بجامع القرويين، فقرأ على يد كبار العلماء -كالفقيه محمد بن العربي العلوي، والشريف المفتي الحسين العراقي، والقاضي أحمد بن المأمون البلغيثي، والقاضي عبد الله الفضيلي، والفقيه الشيخ أبي شعيب الدكالي، وغيرهم- أمهات كتب العلم الشرعي والتاريخ حتى حصل على الإجازة وشهادة العالِمية.
موجز مسيرته العملية العلمية:
عمل علال الفاسي مدرسًا بالمدرسة الناصرية، وذلك أثناء دراسته بالقرويين، وبعد تخرجه وحصوله على إجازة من والده، ومن عمه الفقيه عبد الله الفاسي، ومن شيخيه العلامتين أبي شعيب الدكالي ومحمد بن جعفر الكتاني، صار يدرّس بجامع القرويين حول التاريخ الإسلامي، ثم عمل أستاذًا محاضرًا بكلية الشريعة التابعة لجامعة القرويين بفاس، كما عمل محاضرًا بكليتي الحقوق والآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومحاضرًا بدار الحديث الحسنية بالرباط.
والفاسي هو صاحب فكرة إنشاء وزارة للشؤون الإسلامية بالمغرب، وكان له فضل حث الملك الحسن الثاني سنة 1964م على إنشاء دار الحديث الحسنية، كما كان له دور بارز في تطوير جامعة القرويين واستحداث كلية الشريعة وكلية أصول الدين وكلية اللغة العربية.
وكان عضوًا ومقررًا عامًا في لجنة مدونة الفقه الإسلامي التي شُكلت في فجر الاستقلال المغربي. انتخب عضوًا مراسلًا في مجمع اللغة العربية بدمشق، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة، وبقي رئيسًا لحزب الاستقلال وأمينًا عامًا له في الفترة 1960-1967.
وكان للفاسي باع طويل وقدم راسخة في الفقه الإسلامي، وخاصة الفقه المالكي والفقه المقارن، وله اجتهادات فقهية يحتج بها علماء المغرب العربي.
التوجه الفكري
آمن الشيخ علال الفاسي أنه لا يمكن للأمة العربية والإسلامية أن تخرج مما هي فيه من استعمار وتأخر إلا من خلال العودة الواعية للدين الإسلامي والاستفادة من أخطائها والانفتاح على باقي الأمم والثقافات، ولخص رؤيته الإصلاحية في كتابه الأشهر “النقد الذاتي.”
الحياة السياسية
عارض علال الفاسي الاستعمار بقوة انطلاقا من قناعاته الدينية والوطنية، وسطع نجمه في الحركة الوطنية أكثر برفضه “الظهير البربري” عام 1930 والدعوة الواسعة لرفضه، مما جعل فرنسا تعتقله لأجل ذلك، ثم أفرجت عنه ومنعته من التدريس، فانصرف إلى جامع القرويين يلقي الدروس العلمية الليلية عن تاريخ الإسلام.
حاولت فرنسا اعتقاله مرة أخرى عام 1933 فسافر إلى إسبانيا وسويسرا، والتقى بالأمير شكيب أرسلان وعدد من الزعامات التحررية في العالم العربي والإسلامي.
بعد أن عاد إلى المغرب عام 1934 لم يقبل أن يكون وزيرًا للعدل، رافضًا العمل تحت مظلة الاستعمار، وأسس أول نقابة للعمال عام 1936، وكتلة العمل الوطني السرية عام 1937 (النواة الأولى لحزب الاستقلال).
غضب الاستعمار الفرنسي من علال الفاسي فنفاه إلى الغابون في الفترة 1937-1941، وبعدها إلى الكونغو لغاية عام 1946 حيث عاد للبلاد وأسس حزب الاستقلال.
ولأجل الدعوة لاستقلال المغرب والدفاع عن قضيته، سافر علال الفاسي إلى عدد من الدول العربية والأوروبية، لكن فرنسا منعته من الدخول إلى المغرب عام 1949، فأقام في مدينة طنجة لكونها يومئذ منطقة دولية.
وفي عام 1953 دعا الشعب المغربي للثورة ضد فرنسا بعد نفيها الملك محمد الخامس عام 1953 إلى جزيرة مدغشقر.
وبعد عودة الملك من المنفى وحصول المغرب على الاستقلال عام 1956، رجع علال الفاسي للمغرب عام 1957 وقاد حزب الاستقلال، وتولى وزارة الدولة للشؤون الإسلامية عام 1961، ثم استقال عام 1963 مع باقي أعضاء الحزب في الحكومة وخرج إلى المعارضة.
دفاعه عن الشريعة الإسلامية:
خاض علال الفاسي معركة حين جاء وقت كتابة الدستور المغربي بعد الاستقلال ومحاولة التيار الشيوعي في المغرب إلغاء هوية المغرب الإسلامية في الدستور، وأَلَّف كتبه “دفاع عن الشريعة”، “تاريخ التشريع الإسلامي” و”المدخل للفقه الإسلامي”، ليثبت للمخالفين سبق الإسلام للغرب، واقتباس الغربيين لكثير من فقه الإسلام في قوانينهم. ولم يتمكن علال الفاسي من ترؤس لجنة وضع الدستور بسبب معارضة الحزب الشيوعي وحزب الاتحاد المنشق عن الاستقلال، لرفضهم الرؤية الإسلامية للدستور التي يتبناها علال، ونتج عن ذلك انفراد القصر الملكي بوضع الدستور لصالح الملك في عدد من القضايا الخلافية كاختصاصات الملك الواسعة، وطبيعة النظام السياسي، ودور البرلمان، ودور الأحزاب، وكيفية تشكيل الحكومة وصلاحياتها.
المؤلفات
رغم انشغاله بالنضال السياسي أيام مقاومة الاستعمار وبعد الاستقلال، استطاع العالم والزعيم السياسي أن يؤلف كتبا عديدة تزيد على الثلاثين في مجالات مختلفة، بالإضافة إلى مئات المحاضرات والمقالات والمذكرات والخطب السياسية والقصائد الشعرية.
ومن مؤلفاته:
- النقد الذاتي.
- مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها.
- دفاع عن الشريعة.
- الحركات الاستقلالية في المغرب العربي.
- · صحراء المغرب المغتصبة.
- الإسلام وتحديات العصر.
- المدخل لعلوم القرآن والتفسير.
- · بديل البديل.
- نضالية الإمام مالك.
كما ألَّف للفاسي كتبًا باللغة الفرنسية، وأصدر مجلة “البينة”، وجريدة “صحراء المغرب”، و”الحسنى”.
الوفاة
توفي علال الفاسي يوم الاثنين 20 مايو/أيار 1974، في العاصمة الرومانية بوخارست، وهو في مهمة دبلوماسية على رأس وفد من حزب الاستقلال.
__________________________________
المصادر: