أُمّة (في المفهوم الإسلامي) – “Nation (in Islam) “Ummah

الأمة لغًة تعني الدين والطريقة فيقال فلان لا أمة له أي لا دين له. ويقول الشاعر العربي: “هل يستوي ذو أمة كفور”، كما تدل الأمة عند العرب أيضًا على النعمة والعيش الحسن. والأمة تعني كل جماعة بشرية، وكذلك كل جنس من الحيوان والطير، ويذهب بعض المستشرقين إلى اعتبار مصطلح الأمة دخيلًا على اللغة العربية نظرًا لعدم شيوعه بين العرب قبل الإسلام، وأنه من المصطلحات الأجنبية في القرآن الكريم. ويرى هؤلاء المستشرقون أن اللفظ قد يكون مأخوذًا من العبرية (أما) أو من الآرامية (أميتا). ويرد بعض المحققين العرب على هذا الادعاء بالنفي، فتقارب اللغتين العربية والعبرية تاريخيًا يجعل من الصعب الجزم بأيهما أسبق من الأخرى بل من الممكن الاعتقاد أنها انتقلت إلى العرب عبر التواصل التجاري أو أنها كانت لغة القوم الذين كانوا يقطنون مكة حين قدم إليها نبي الله إبراهيم مع زوجته وابنه. ومهما تكن الادعاءات فإن مصطلح الأمة قد أصبح جزءًا لا يتجزأ من التراث الإسلامي.
وردت كلمة ولغة في القرآن الكريم 19 مرة، منها 13 آية مكية، والبقية الباقية مدنية، كما وردت كلمة أمم 11 مرة، منها 10 آيات مكية وآية واحدة فقط مدنية، مع ملاحظة أن لفظ «الأمة» في الآيات المكية إنما يعود إلى الأمم الكافرة التي كذبت أنبياء الله ورسله قبل الإسلام. وقد ورد ذكرها من باب العظة والاعتبار لمشركي قريش كما في قوله تعالى {وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل} (غافر – 5). هذا وقد جاءت أمة في القرآن الكريم بمعان متعددة على الوجه التالي:

  1. بمعنى دين {ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة} (النحل – 12). أي على دين واحد.
  2. بمعني إمام {إن إبراهيم كان أمة قانتا…} (النحل – 130)، أي إمام الحنفاء.
  3. بمعنى زمن {وادكر بعد أمة…} (يوسف – 15) . أي تذكر بعد مدة من الزمن.
  4. بمعنى عصبة أو مجموعة من الناس {ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون} (القصص – 23)، أي جماعة من الناس يسقون أغنامهم.
  5. بمعنى قوم {أن تكون أمة هي أربي من أمة} (النحل – 12)، بمعنى أن يكون قوم أكثر من قوم.
    بذلك يمكن القول إنه ليس هناك معنى محدد لكلمة أمة، بل وحتى لو قبلنا الوجه الجماعي كمعني لهذا المصطلح، فليس من السهل اعتباره معني سياسيًا نظرًا لعدم تحديد هوية هذه الجماعة أو مدى اشتراكها في صفات معينة أو لغة مثلًا.
    أشار القرآن الكريم إلى العرب على أنهم أمة {وكذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم} (الرعد – 30). كما ميز القرآن أمة المسلمين من فيها من الأمم في ثلاث آيات مدنية:
  1. {وكذلك جعلناكم امة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس} (البقرة – 143)، والوسط هو العدل والأخير والأفضل.
  2. {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} (آل عمران – 11).
  3. {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} (آل عمران – 14). ويرى بعض المفسرين أن الآيتين الأخيرتين تدلان على عمومية لفظ الأمة في المجتمع الإسلامي كل بحسب عصره، وبذلك تتميز الأمة الإسلامية على مستويين، الأول داخل الأمة الإسلامية، حيث تكون هناك مجموعة من الأفراد تدعو لي الخير وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر. والثاني هو المستوى العالمي حيث تكون الأمة الإسلامية أفضل أمم الأرض السابقة واللاحقة من جهة القيام بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    يترتب على ذلك تناقض المفهوم القرآني للأمة مع المفهوم المعاصر الذي يعني الاشتراك في اللغة والعادات والتاريخ وكذلك بالنسبة للموقع الجغرافي والجذور العرقية، فالقرآن يتعامل مع المصطلح بشكل أشمل وأوسع حيث ينتمي للأمة الإسلامية كل مسلم يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر بغض النظر عن جنسه أو لونه أو لغته او تاريخه.
    أما الأحاديث النبوية التي تشير إلى مفهوم الأمة الإسلامية فهي أكثر من أن تحصى ويتحدث فيها النبي عن أمته في الدنيا والآخرة، وبذلك يتحد المفهوم النبوي للأمة مع المفهوم القرآني، وإن كانت الشواهد في الأحاديث أكثر بكثير من الآيات القرآنية.
    لم يستطع معظم علماء الإسلام الفكاك من أسر المفهوم القرآني للأمة، وإن استطاع بعضهم الاستعانة بمفهوم اجتماعي في شرحه كالفارابي في مدينته الفاضلة أو بمفهوم تاريخي كالمسعودي في التنبيه والإشراف. لكن ذلك لا يشكل أية مساهمة فعالة على مستوى المفهوم السياسي المعاصر لمصطلح الأمة كما ورد في الموسوعات السياسية الحديثة.

المصدر: إسماعيل مقلد ومحمد ربيع (محررين)، موسوعة العلوم السياسية، جامعة الكويت، الجزء الأول، ص: 121-122.

Rate this item
(0 votes)

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.