هذا الكتاب هو نفسه الرسالة التي تقدم بها د. عبد السميع أحمد إمام لنيل درجة أستاذ من قسم الدراسات العليا في كلية الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، وقد فازت بتقدير (جيد) عام 1360هـــــ/1941م، وصدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب عن درا الطباعة المحمدية بالقاهرة عام 1376ه/1957م.
ومما جاء في التقديم لهذا الكتاب ما يلي:
إن من مفاخر الشريعة الإسلامية اتساع صدرها للباحثين. وقبول أحكامها المسايرة الزمن. وشمولها لما يتجدد فيه من المعاملات مع السهولة والتيسير ومراعاة مصالح العباد. فهي الدستور الخالد. والقانون العادل. مصدرها كتاب الله المنزل «لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه» وتبيانها هدى النبي المرسل ليبين للناس ما نزل إليهم. فهو لسان الشريعة الناطق. وبيانها الصادق. ومترجمها الأمين بلسان عربي مبين. بلغ الرسالة. وأدى الأمانة. واجتهد. ووعد المجتهدين بالثواب. ما دام الحق رائدهم، ومعرفة الحكم غايتهم ومطلبهم. وقد بذلوا في ذلك وما قصروا. فكثر من أعلام أمته من شمروا عن ساعد الجد. واستفرغوا غاية الجهد. في استكناه أسرار الدين واستنباط أحكامه أصولاً وفروعًا حتى تسنموا ذروة الاجتهاد. وخلفوا لمن بعدهم تراثًا مجيدًا خالدًا على الأيام.
فلو أننا شرعنا نستضئ بنوره لنتعرف أحكام ما حدث في عصرنا من معاملات إذًا لأمكن أن نصوغ منه مثالاً يساير الزمان في جدته ويجاري المجتمع في حضارته. وبهذا نكون قد أدينا خدمة للإنسانية. وقمنا بما في الوسع من واجبات الدين.
وقد رأيت أنواعًا من البيوع استحدثت في هذا العصر وأخرى يخيل للناظر فيها أنها لم تكن معروفة من قبل، وقد اختلط سليمها بسقيمه، حتى اشتبه الصحيح منها بالعليل، ولم يدر الخالص فيها من الدخيل.
فرغبت في جعل موضوع رسالتي التي أتقدم بها لنيل درجة الأستاذية هو البحث في أصول البيوع الممنوعة في الشريعة الإسلامية وموقف القوانين الوضعية منها، عسى أن أهتدى إلى رأي التشريع الإسلامي في هذه المستحدثات وأتمكن من الحكم عليها بالتطبيق على أمثالها أو بإدخالها تحت القواعد العامة التي تتناولها حتى يأخذ كل منها ما يستحقه من الحظر أو الإباحة ويستقر مع لداته من الحلال أو الحرام.
ولم أتردد في الحكم بالجواز على ما أراه منها مشمولاً بما يفيد حله من الضوابط الشرعية، وقد رسمت لنفسي أفقًا أتنقل فيه، إذ إني نظرت إلى البيوع التي حظرتها الشريعة الإسلامية فوجدت أسباب منعها تنحصر في أنها فقدت أمرًا مما أوجب الشارع توفره في البيع الجائز، ثم نظرت في كتب الأحكام فألفيت الأمور التي يجب توفرها في عقد البيع لا تخرج عن الأركان والشروط فمن ثم حزمت رأيي أن أتتبعها في كتب المذاهب المعروفة، ثم أتكلم على كل منها بما يفيد أنه أصل ينشأ عن فقده النهى عن بعض البيوع، وقد لاحظت فيما اختصصته بالذكر منها أن يكون مما له مساس بحياتنا العملية أو يصلح أساسًا لبعض ما ظهر التعامل به في عصرنا الحالي، ولم يفتني أن ألمح إلى آراء علماء القانون الوضعي حينما يتعرضون لما يتصل بموضوع البحث، وربما دعاني بعض المواطن إلى شيء من التطويل كي يستوفي المقام حقه من الدرس.
وقد اجتهدت أن أستخلص من مجموع ما أبحثه من المذاهب المختلفة والآراء المتعددة نواحي من النظر تكون مساعدة لي على تكوين رأي خاص أو ترجيح مذهب من المذاهب السالفة محاولاً جهدي أن أدنو من الانصاف قدر المستطاع.
محتويات الكتاب:
المبحث الأول: في كون المعقود عليه مالاً شرعيًا، وفيه مواطن.
المبحث الثاني: في كون المعقود عليه موجودًا.
المبحث الثالث: في كون المعقود عليه معلومًا للمتبايعين.
المبحث الرابع: في كون المعقود عليه غير منهي عنه وفيه مواطن.
المبحث الخامس: كون المعقود عليه مقدور التسليم.
المبحث السادس: كون المعقود عليه مملوكًا للعاقد.
خاتمة في مراتب البيوع الممنوعة.
رابط مباشر لتحميل الكتاب