رسالة دكتوراة نُوقشت في قسم العلوم الإسلامية في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة باتنة بالجزائر عام 2014، للباحث أحمد بورزق، وإشراف الأستاذ الدكتور عبد القادر بن حرز الله، وفيما يلي ملخص الرسالة.
“الأصل الذي تقوم عليه العقود في الشريعة الإسلامية هو التراضي بين طرفي العقد، وإذا اختل هذا الركن المهم فإنه يفسد ولا تترتب عليه أية آثار، وقد انتشرت في وقتنا الحاضر أنواع من العقود مقترنة بشروط تعسفية تؤثر على هذا الركن، كذلك انتشر ما يسمى بعقود الإذعان التي ينفرد فيها الطرف الأقوى الذي يقدم خدمة أو سلعة محتكرة بفرض الشروط التي في الغالب ما تحقق له مصلحته، وتضر دائمًا بالقابل، الذي ينحصر دوره في إبرام العقد في القبول أو الرفض. والإرادة في الشريعة الإسلامية هي التي تنشئ العقد فقط، ولكن أحكام العقود وآثارها تكون من الشارع وليس العاقد. خلافًا لما يراه أهل القانون حيث إن إرادة الطرفين هي المحددة لمضمون وأحكام العقد، بالإضافة إلى آثاره. والمشرع الجزائري قام بتعريف الشروط التعسفية وتحديدها ووضع قائمة سوداء وقائمة رمادية تتضمن هذه الشروط، وقد كان المعيار الذي أخذ به هو معيار الإخلال الظاهر بين حقوق والتزامات طرفي العقد وهو ما تبناه المشرع الفرنسي وما جاء في التعليمة الأوربية بخصوص ذلك. وبالنظر إلى القانون المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية، فإن الشرط التعسفي هو كل بند أو شرط بمفرده أو مشترك مع بند واحد أو عدة بنود أو شروط أخرى من شأنه الإخلال الظاهر بالتوازن بين حقوق وواجبات أطراف العقد، وهذا المعيار -أي معيار الاختلال الظاهر بالتوازن بين حقوق وواجبات أطراف العقد- هو الذي تبناه المشرع الجزائري نقلًا عن المشرع الفرنسي، لتقدير تعسف الشروط وإجحافها. وتعتل الشروط التعسفية من الشروط الباطلة وحكم هذه الشروط الباطلة، أنها قد تكون شروط باطلة مبطلة للعقد، كالشرط الذي يناقض مقصود العقد، وينافي مقتضاه منافاة تامة، أو الشرط الذي يخل باليمين، أو شرط يؤدي إلى محظور شرعي كمن باع دارًا، واشترط على المشتري اتخاذها معا لأهل الفساد. أو الشرط المؤدي للجهالة أو الغرر. وهناك شروط باطلة تلغى، ويمضي بها العقد كأن يشترط البائع على المشتري إسقاط حقه في الجائحة تصيب الثمر أو الزرع بعد بدو صلاحه وقبل طيبه عقد الإذعان حكمه الإباحة، وأما الشروط التي يضعها أحد الطرفين في هذه العقود فإنها تخضع لما تخضع له كافة الشروط في الإسلام واشتمال عقد الإذعان على أي صورة من صور الاستغلال للطرف الضعيف كالشروط التعسفية أو الاحتكار يعد نوع من أنواع الظلم، ويوجب الإثم مع بطلان هذه الشروط. إن الشريعة الإسلامية تتضمن الأساس القوي لتدخل القاضي في مجال العقد وتعديله بسبب الإذعان إذا تضمن شروطًا من شأنها المساس بالتوازن المطلوب بين الأداءات المتبادلة، وهو ما يسجل للفقه الإسلامي قصب السبق في محاربة الإذعان والتعسف والعمل على إيجاد التوازن العادل بين الأداءات المتبادلة في المعاوضات دون غبن أو ظلم.
رابط مباشر لتحميل الرسالة