تُعد رسالة الدكتوراه المعنونة بـ “دور أهل الحل والعقد في النموذج الإسلامي لنظام الحكم” للدكتور فوزي خليل -والتي نشرها المعهد العالمي للفكر الإسلامي بالقاهرة ضمن سلسلة الرسائل الجامعية (28) عام 1996م- من أهم الرسائل العلمية التي تناولت موضوع أهل الحل والعقد، وقد جاء في مقدمة هذه الدراسة:
في ضوء “أزمة الصفوة الحاكمة في العالم الإسلامي” ومن منطلق الإسهام في حركة الإحياء الإسلامي، كان اختيار الباحث لهذا الموضوع “دور أهل الحل والعقد في النموذج الإسلامي لنظام الحكم”. والدور حركة أو سلوك متمايز أو متواتر يصدر عن نسق معين لمقصد محدد، وأهل من المؤهل أو المستحق. إذ يقول تعالى: ﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَاهْلُ المَغْفِرَةِ﴾. والحل والعقد كما يبين من االدلالات اللغوية تعبير عن الفاعلية، هذا يعني أن البحث يدور حول حركة وسلوك المؤهلين للفاعلية في النموذج الإسلامي لنظام الحكم. ما هى عناصر هذه الحركة وفقًا للرؤية الإسلامية؟ ومَن المؤهلون لهذه الحركة؟ وما عناصرهم أو فئاتهم؟ وما التصور الإسلامي لمؤهلاتهم أو ما شروط الصلاحية التي تؤهلهم للحركة والفاعلية السياسية في حياة الأمة؟ وما الإطار المؤسسي الذي يشمل أهل الحل والعقد أصحاب الفاعلية السياسية؟ وهل أهل الحل والعقد في النموذج الإسلامي لنظام الحكم صفوة سياسية كما يتصور أصحاب نظريات الصفوة؟ وهل مؤهلاتهم مصادر قوة سياسية كما هو الحال في الصفوة السياسية؟ وهل حركة أو دور أهل الحل والعقد يطابق في طبيعته وغايته وعناصره دور الصفوة السياسية كما تصوره كُتاب الصفوة الذين طوروا النموذج الوظيفي لـ” تالكوت بارسونز” مثل سوزان كيلر التي تحدثت عن وظائف الصفوة الاستراتيجية؟ وأخيرًا، ما الخصوصيات الإسلامية في هذه الجوانب؟
الإجابة عن هذه التساؤلات تشكل مناط البحث أو الإطار الفكري لهذه الدراسة.
أهمية الدراسة:
يمكن الحديث عن أهمية علمية أو نظرية وأخرى عملية لهذا الموضوع حيث تشير الأولى إلى الحاجة العلمية أو النظرية التي يفي بها موضوع الدراسة، والثانية تشير إلى الحاجة المجتمعية أو الواقعية التي يواجهها ويفي بها الموضوع.
الأهمية العلمية:
وترجع الأهمية العلمية لهذه الدراسة لإسهامها على المستوي النظري في الجوانب الآتية:
- تقديم أو صياغة نموذج وظيفي متكامل الأبعاد للحياة السياسية من المنظور الإسلامي يُناط بأهل الحل والعقد، أو بعبارة أخرى بناء نموذج للفاعلية أو الحركة السياسية كما تراها الرؤية الإسلامية، وتحديد عناصر هذا النموذج ومقاصده وضوابطه وخصوصياته التي تميزه عن نموذج الفاعلية في الرؤية الغربية.
- بناء إطار لمعايير الصلاحية للتجنيد السياسي وهو ما يعبر عنه في الفقه الإسلامي لمعايير التولية للولايات العامة.
- تحديد نسق مفاهيمي مترابط لأهل الحل والعقد يجمع عناصرهم ومؤسساتهم باعتبارهم المؤهلين للفاعلية السياسية في النمودج الإسلامي لنظام الحكم.
الأهمية العملية:
حيث تقدم الدراسة إسهامًا في الجانب السياسي لحركة الإحياء الإسلامي أو الصحوة الإسلامية التي أصبحت واقعًا له وجوده وبهدف إلى قيادة الواقع والممارسة إلى الوضع الذي تقصد إلى تحقيقه الشريعة الإسلامية بما يحقق مصالح الأمة وعاؤها المقاصد العامة للشريعة من حفظ للدين والنفس والعقل والنسل والمال وبما يجعل هذه المصالح أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد في العاجل والأجل.
ولا يتحقق ذلك إلا من خلال قيادة صالحة وواعية بدورها ومدركة لمسئوليتها التي تتحملها، ورسم الإطار العملي الذي يمكنها من ذلك، والذي يتمثل في الذرائع أو الوسائط المؤسسية التي تتعين للنهوض بما يحقق هذا الدور بالفعالية المطلوبة لتحقيق مهمة الاستخلاف للإنسان على هذه الأرض، وبما يمكن من تعبيد الناس لإله الناس.
تقسيم الدراسة:
تنقسم الدراسة الي فصل تمهيدي وبابين:
الفصل التمهيدي ويعني ببیان تصور الدراسة للنموذج الإسلامي لنظام الحكم من خلال المقومات العامة وخصائصها انطلاقًا من الرؤية الإسلامية للتصور الغربي للمفاهيم المدرسية لنظم الحكم والكشف عن المفهوم الفقهي لنظام الحكم الإسلامي، وذلك باعتبار أن هذا النموذج هو المجال الذي يمارس أهل الحل والعقد دورهم من خلاله.
أما الباب الأول فيطرح مفهوم الدراسة لجماعة أهل الحل والعقد مبينًا طبيعتها بين الجماعات السياسية التي تطرحها النظرية السياسية الغربية من صفوة سياسية أو جماعات المصالح أو الأحزاب السياسية أو التكنوقراط، وذلك بعد مراجعة استخدامات المصطلح ودلالاته في الفقه السياسي الإسلامي القديم والحديث.
أما الباب الثاني فيعني بطرح الأدوار المختلفة لأهل الحل والعقد والرؤية الإسلامية لطبيعة مفهوم الدور بالنسبة لما يماثله من مصطلحات إسلامية وخصوصيتها بالنسبة لمثيلاتها في الرؤية الغربية، وتم طرح هذه الأدوار من خلال ربطها بمقاصدها على اعتبار أن الدور وسيلة تتغيا تحقيق مقصد معين، ومن ثم تم طرح الأساس النظري لمفهوم الدور والمقصد بالنسبة لأهل الحل والعقد وعرض الأدوار المختلفة التي تتعلق بمقصد التمكين العقدي في داخل الأمة وخارجها. ثم الأدوار المتعلقة بتدبير الأمور العامة للرعية سواء تلك المتعلقة بالتدبير النظمي والبناء المؤسسي، أم تلك المتعلقة بتدبير النشاط الاقتصادي في الأمة، أو ما يتعلق بالاجتهاد التشريعي ومواجهته لما يستجد للأمة من مصالح ووقائع.
رابط مباشر لتحميل الرسالة