التلفيق وموقف الأصوليين منه "بحث نظري تطبيقي يتناول مفهومه - أسسه - مجالاته – حكمه"

By محمد بن عبد الرزاق بن أحمد الدويش أيلول/سبتمبر 22, 2024 856 0

 

صدرت الطبعة الأولى من كتاب "التلفيق وموقف الأصوليين منه" لمؤلفه محمد بن عبد الرزاق بن أحمد الدويش[*] عن مجلة الوعي الإسلامي التي تصدرها وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية لدولة الكويت، في 1434هــــ/ 2023م.

وحسبما جاء في مقدمة الدراسة فإن الباحث يتناول من خلالها المفهوم الأعم للتلفيق من وجهة أصولية تقعيدية؛ سواء أكان المبحوث مما يتعلق بالتلفيق، أم مما يتعلق به التلفيق تأصيلاً، وإن لم يحمل اسمه، أو كان مما يدخل في مفهوم الاسم، وينضوي تحته.

ويتركز البحث فيه على تأصيل هذا الموضوع، وتطبيقه على شيء من الجزئيات؛ بغية إيضاح معالمه، وإبراز صوره. ولا يدخل في هذا البحث المفهوم الفقهي للتلفيق؛ المقتضي تتبع جميع المسائل التي يقال بدخول التلفيق فيها، ومناقشتها، والانتهاء إلى ما استقر عليه الأمر في كل واحدة منها.

كما أنه لا يدخل في موضوعه -هنا- مفهوم التلفيق عند المحدثين؛ المقتضي تتبع كل حديث دخله شيء من ذلك، وبيان وجه التلفيق فيه، وإن جاءت الإشارة عرضًا إلى هذين الصنفين من التلفيق فإنما هي من باب الإشارة إلى تمام القسمة الداخلة في هذا المسمى، دون التعرض لتفصيل شيء يخرج عن موضوع هذا البحث من وجهة تأصيلية تقعيدية، مخدومة بالجانب التطبيقي - في حدود البيان والتوضيح - ببعض الفروع الفقهية؛ كما أسلفت.

فهو إذن بحث في جزئيات المفهوم الأعم لهذا النوع الخاص من المسمى العام لهذا المصطلح الذي هو «التلفيق» بمجالاته الثلاثة: الاجتهاد، والتقليد، وما يسمى بالتشريع، وما يرتبط بهذا الموضوع، أو يرتبط هو به، من وجهة تأصيلية.

وأبرز الباحث أهمية هذا الموضوع ودوافع الكتابة فيه، من خلال النقاط التالية:

  • يتناول بحث هذا الموضوع جوانب عملية ترتكز عليها الفتوى فيما عُملَ، وفيما يمكن أن يعمل الآن، أو غدًا، ونتيجته مما يتعلق بدين الأمة: أفرادًا أو جماعات، إتيانًا، أو انكفافًا. وما هذه نتيجته فإن إبرازه وإجلاء صوره مطلب لا يستهان به.
  • أن بحثه، وإجلاء صوره، والتمييز بين المقبول منه والمردود، لم يبرز بصورة ظاهرة مستقلة، يرتكز فيها على بيان أسسه عند المتقدمين، ومسار استنتاج أحكامه عند المتأخرين الذين درجوا -في جملتهم- على بحثه ضمن مباحث التقليد، واعتبره جلهم جزءًا منه، وأنه هو فقط مجاله الذي لا يتجاوزه.
  • ولا ينكر أن ثمة كتابات مبثوثة حوله - كما ستأتي الإشارة إلى هذا قريبًا ـ لكنها لم تنح في الجملة منحى الاستقلال، والتقعيد، ورد هذا الموضوع إلى أسسه، ومن ثم التفريع على تلك القواعد، ولم يسلك هذا المسلك إلا عدد محدود مع اختصار كبير ربما فرضته طبيعة بحثه مدرجًا في مبحث التقليد الذي يرى جُلّ من كتبوا فيه أنه جزء منه، وواقع تحت مفهومه، ولأجل هذا رأيت إفراده بالبحث مستفيدًا من تلك الكتابات السابقة، ومضيفًا ما يمكن أن يدخل تحت مفهوم هذا المصطلح من وجهة تأصيلية تقعيدية مخدومة بالجانب التطبيقي الموضح لها مما يقتضيه بحث الموضوع على صورة لها سمة الاستقلال.
  • أن بحثه بصورة مستقلة على هيئة تأصيلية، وربط قواعده بالفروع الموضحة لها يظهر مدى أهمية هذا الموضوع، وما يترتب على بحثه من بيان الأحكام المندرجة تحته: إقدامًا، أو انكفافًا، إباحة، أو حظرًا، وبخاصة إذا وثقت هذه الدراسة بالحجج، والأدلة، والاستقراء الصحيح لما كان عليه سلف الأمة إزاء هذا الموضوع.
  • أن المتتبع لما كتب حول هذا الموضوع يرى فوارق كبيرة في الأحكام المتعلقة به: ما بين مانع له جملة وتفصيلاً، ومبيح له جملة وتفصيلاً ومتوسط بين هؤلاء وأولئك، ومندفع في المطالبة بالأخذ به، وبخاصة من له وجهة ظاهرة في قضية التقنين والإلزام المبني على التخير والانتقاء. ويدرك المتأمل في تلك الكتابات أن ثمة حلقات في تلك السلسلة من الآراء يحتاج الأمر إلى إجلائها، وتمحيص بعض منها.

وبحث هذا الموضوع على هيئة مستقلة لعله يساعد على بسط هذه الآراء، وبيان مواطن الالتقاء والافتراق، وتحرير محل النزاع فيها مما يساعد على تضييق شقة الخلاف، وبيان ماله سند من نصوص الشريعة أو قواعدها العامة فيؤخذ به، وما هو خالٍ من ذلك فيطرح؛ لأن الدين مداره على الدليل والحجة، لا على الرأي المجرد، أو ادعاء المصلحة.

 

واختتمت الدراسة بعدد من النتائج الهامة، منها ما يلي:

  • هذا الموضوع مما يتعلق به العمل في شؤون الناس الشرعية، وعلى هذا فلابد من إجلاء القول فيه حتى يكون المكلف -عاملاً كان، أو مفتيًا، أو حاكمًا- على بينة من أمره.
  • الكتابة في هذا المصطلح باسمه لم تبرز إلا عند المتأخرين، إلا أن أسسه، وما ينبني عليه الكلام فيه مما هو مطروق في كتب المتقدمين ممن كتب في علم أصول الفقه، وفي كتب من جاء بعدهم.
  • إطلاق القول بأن التلفيق نتاج التعصب المذهبي قول غير مسلم على إطلاقه؛ إذ إن المتأمل فيه يدرك أن فيه شيئًا من التقريب بين الآراء، والتوفيق بينها -أحيانًا-، والتعصب لا يقارن التلفيق، ولا يتأتى معه إبان وطأته وحمأته.
  • التلفيق من حيث دلالته اللغوية يشمل الجمع بين الآراء تقليدًا، كما يشمل التخير منها تخيرًا مبناه على الترجيح، والنظر، والاستدلال ممن لديه المقدرة على ذلك، دون أن يصل إلى درجة الاجتهاد المطلق، أما من بلغ درجة الاجتهاد المطلق، فلا يمكن وصف عمله بالتلفيق؛ لانفكاكه عن القيام به، معتمدًا على النظر في الآراء الأخرى.
  • التلفيق، وإن كانت دلالته فيها شيء من العموم من حيث إمكانية الاستعمال، إلا أن البحث فيه -هنا- خاص به باعتباره مصطلحًا أصوليًا فحسب؛ مع جريانه في بعض العلوم الأخرى، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ القول بأنه بحث فقهي، لاعلاقة له بعلم الأصول محل نظر، وواقع هذا البحث يثبت خلافه.
  • لا تلازم بين التلفيق، وتتبع الأخف، والأيسر؛ فقد يكون الأمر كذلك، وقد يكون على العكس منه.
  • التلفيق يمكن أن يكون في التقليد المحض؛ سواء أكان ذلك في جزئيات الحكم الواحد في المسألة الواحدة، أم في كليات الأحكام في المسائل المتغايرة، كما يمكن أن يكون في الاجتهاد؛ الذي يراد به التخير المبني على الترجيح بين الآراء ممن له مقدرة على ذلك، ولذا فإن إطلاق القول بأنه جزء من التقليد محل نظر، وأنه يمكن أن يكون في جملة المذاهب، كما أنه يمكن أن يكون في أقوال المذهب الواحد على الصحيح.
  • أن هناك فرقًا بين التخير المبني على أساس النظر والترجيح، والتخير المبني على تتبع شواذ الأقوال والمرويات، وتتبع ما هو الأحظ للنفس في القريب العاجل.
  • أنه لا يظهر فرق بين بين ما يطلق عليه البعض «التلفيق في التشريع» ونوعي التلفيق «التلفيق في التقليد، والتلفيق في الاجتهاد»، وأنه لا يخرج عن واحد منهما؛ وإن تميز بما يراد أن يصاحبه من الإلزام، أو بما اختص به من حيث الهيئة والصورة؛ فإن ذلك لا يرجع إلى حقيقته، وإنما لأمر خارج عنه.

 

محتويات الكتاب:

قسم الباحث دراسته إلى بابين، وخاتمة اشتملت على أهم النتائج، وذلك على النحو التالي:

الباب الأول: الأسس التي انبنى عليها الكلام في التلفيق

المبحث الأول: كيفية التعامل مع المسائل الخلافية في العصور المتقدمة.

المبحث الثاني: هل أن كل مجتهد مصيب؟ وهل الحق متعدد؟

المبحث الثالث: في تخير الأيسر من أقوال العلماء.

المبحث الرابع: في لزوم التزام مذهب معين أو عدمه.

 

الباب الثاني: التلفيق في صورته الآنية.

الفصل الأول: مجالات التلفيق.

المبحث الأول: التلفيق في التقليد.

المبحث الثاني: التلفيق في الاجتهاد.

المبحث الثالث: التلفيق في التشريع.

الفصل الثاني: في حكم التلفيق.

المبحث الأول: في حكم التلفيق في التقليد.

المبحث الثاني: في حكم التلفيق في الاجتهاد.

المبحث الثالث: حكم التلفيق في التشريع.

الخاتمة.

 

رابط مباشر لتحميل الكتاب

 


[*] الأستاذ المشارك في قسم أصول الفقه في كلية الشريعة في الرياض بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

Rate this item
(0 votes)

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.