البهائية في نظر الشريعة والقانون

By المستشار علي علي منصور حزيران/يونيو 25, 2024 566 0

 

صدرت الطبعة الثانية من كتاب "البهائية في نظر الشريعة والقانون" للمستشار علي علي منصور[1] -رحمه الله- عن المكتب الإسلامي للطباعة والنشر ببيروت عام 1391هــــ.

وأصل هذا الكتاب هو حكم أصدرته محكمة القضاء الإداري المصرية في 16 يونيو 1952م، في القضية رقم 915 لسنة 4 ق، أثناء رئاسة مؤلف الكتاب المستشار علي علي منصور لها، وهو الحكم الذي عُرف بحكم البهائية. ويُذكر أن الحكم نفسه نشره المؤلف كذلك في حوالي 40 صفحة في كتابه مقارنات بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، طبعة دار الفتح ببيروت (1390هـ/1970م)، وهو الكتاب الذي نشره موقعنا من قبل.

والبهائية هي فرقة من الفرق المبتدعة التي ارتدت عن الإسلام، تأسست في ستينيات القرن التاسع عشر على يد بهاء الله (١٨١٧-١٨٩٢) وهو أحد نبلاء الفرس، ويعتبر معتنق البهائية مرتدًا عن الإسلام...

وقد لاحظ المستشار علي منصور -أثناء نظر هذه القضية- أن قيمة القضية المالية كانت قليلة؛ ولكن المقصود منها محاولة الحصول على حكم يتضمن مشروعية وجود هذه الطائفة بدينها ونظمها، وبصحة عقد الزواج بين بهائي وبهائية، ولذا فقد أمرت المحكمة بتقديم الكتب المقدسة لهذا الدين المزعوم، فتبين منها أن أول داعية له إيراني كان مسلمًا ويًدعى "ميرزا علي محمد" ادعى سنة ١٨٤٤م أنه نبي ورسول يوحى إليه من قبل الله ليبدأ دورة دينية جديدة بعد أن مُحي الدين الإسلامي وأصبح غير صالح للتطور، وسمى هذا النبي المزعوم نفسه "الباب"، وأنه جاء ليبشر بقدوم نبي ورسول بعده اسمه "البهاء".

واستطرد المستشار قائلاً: "ولما حاكمت الدولة العلية هذا الأفاق وأعدمته قام من بعده شخص يُدعى "ميرزا حسين علي" ابن أحد وزراء إيران، وأعلن في بغداد أنه الرسول المنتظر - موعود كل الأزمنة - فاعتقل وسجن في قلعة عكا إلى أن مات، وزعم أتباعه أنه هو الإله نزل إلى الأرض، وأن محمدًا عليه الصلاة والسلام لم يكن آخر الرسل بل آخر الأنبياء فقط، والصلاة عندهم تسع ركعات في اليوم، والصوم ١٩ يومًا كل سنة، تنتهي بعيد النيروز، وأنهم يؤمنون بوحدانية الله، ويدعون إلى دين عالمي يعترف بكل الرسل السابقين.

"وأتباع هذا المذهب يتسترون عن الناس، ويغررون بالسذج، ويبشرون لعقيدتهم في محافل سرية كالماسونية التي هي فرع من الصهيونية، وكان لهم محفل في مصر ودار كبيرة، وبعد هذا الحكم الذي كشف سترهم، وقرر أنهم يدعون أن كتابهم الموحى به يُسمى "الأقدس"، وفيه سور كبار وسور صغار على نسق القرآن، بعد ذلك راقبتهم المخابرات في مصر، وأغلقت مصر المحفل البهائي، وسلمته لجمعية المحافظة على القرآن الكريم وأغلقت فروعه".

وكما أشار المستشار علي منصور قائلاً: "والمهم أنه عند حضوري ليبيا سنة ١٩٥٣م بالمحكمة العليا أخطر بهائيو مصر البهائيين في ليبيا بذلك فتقرب إلي "د. جيوليك"، وهو أمريكي كان يعمل مديرًا لمحال البيع داخل قاعدة الملاحة بحجه المناقشة والاستفادة من معلوماتي في الشريعة الإسلامية؛ لأنه حاصل على الدكتوراه من سان فرانسيسكو في مقارنة الأديان، وأنه أسلم بعد أن كان مسيحيًا، وبعد فترة تبينت أنه بهائي وزوجته "بهية فرج الله" عراقية كردية بهائية، ولم تطل إقامتي في ليبيا، ولما عدت بعد خمسة عشر سنة علمت أن البهائية كان لها نشاط في ليبيا، وكان يحميها رئيس وزراء سابق منذ ١٣ سنة، ولما أظهرت دعوتها قامت مظاهرات في "بنغازي"، وحاولت قتل زعيم البهائيين دكتور "كلدان آني" -إيراني الأصل- وتقرر إخراجه من البلاد تهدئة للحال بعد أن اقترح ذلك حسن التومي مدير المباحث، وحكومة الثورة في ليبيا أخذت للأمر أهبته وتعقبت هذه الفئة حتى طهرت البلاد منها، وتبين أنهم كانوا يجتمعون سرًا في قاعدة الطيران الأميركية بطرابلس -قاعدة الملاحة- مع ممثلين للبهائية من تونس، وبتصفية هذه القاعدة في آخر يونيه سنة ١٩٧٠م طبقًا لاتفاق ليبيا الثورة مع أمريكا تصفى البهائية نهائيًا في الجمهورية العربية الليبية.

وخلصت المحكمة في هذه القضية إلى أن دعوى المدعي بجميع أسسها من جميع نواحيها ساقطة منهارة لا سند لها من قانون أو واقع، حقيقة بالرفض، ولهذا حكمت المحكمة برفض الدعوى، وإلزام المدعي بمصروفاتها.

رابط مباشر لتحميل الكتاب


[1] المستشار علي علي منصور، تولى مناصب عليا في القضاء في مصر وفي ليبيا، ففي مصر تولى رئاسة محكمة القضاء الإداري، ورئاسة محكمة الاستئناف العليا، وفي ليبيا تولى رئاسة المحكمة الدستورية العليا. كما أنه انتدب لتدريس القانون المقارن بكلية الشريعة جامعة الأزهر، وترأس لجنة خبراء العلوم بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية في مصر، فضلا عن ترأسه اللجنة العليا لتعديل القوانين الوضعية وَفْق أحكام الشريعة الإسلامية في ليبيا، وأشرف على مراجعة القوانين الإماراتية ومطابقتها للشريعة الإسلامية عام 1979م. من مؤلفاته الأخرى: "مقارنات بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية"، و"الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام"، و"نظام التجريم والعقاب في الإسلام - مقارنا بالقوانين الوضعية: الحدود - القصاص – الدية".

Rate this item
(0 votes)
Last modified on الثلاثاء, 25 حزيران/يونيو 2024 08:57

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.