المحكمة الدستورية الكويتية: دستورية الإلزام بإخراج الزكاة من أموال القُصَّر ولو كانوا ينتمون للمذهب الجعفري

الحكم الصادر بجلسة ٢٥ من نوفمبر ۲۰۱۳م

في الدعوى المقيدة في سجل المحكمة الدستورية

برقم (٥) لسنة ۲۰۱۳ ((دستوري))

بعد أن أحالت محكمة الاستئناف القضية

رقم (٧٤٥) لسنة ۲۰۱۲ أحوال جعفري/۷

المرفوعة من: عفيفة عباس عبدالله الرئيس.

ضد:

مدير عام الهيئة العامة لشئون القصـر بصفته.

شريعة إسلامية * مذاهب دينية (المذهب الجعفري) * إخراج الزكاة من أموال القصر المشمولين برعاية إدارة شئون القصر* مبدأ المساواة

النعي بعدم دستورية القرار الوزاري رقم (٣٥) لسنة ۱۹۸۰ بشأن إخراج زكاة أموال المشمولين برعاية إدارة شئون القصر بمقولة أنه فرض الزكاة على كافة القصر الكويتيين الذين لا وصي عليهم دون مراعاة الأحكام الخاصة بالزكاة في المذاهب الدينية المختلفة كما ألزم القصر الكويتيين من غير المسلمين بالزكاة رغم أنها ليست من أصول دينهم بالمخالفة للمبادئ العامة للشريعة الإسلامية فضلًا عن أن إخراج الزكاة جبرًا من أموال القصر الكويتيين دون إصدار تشريع مماثل بفرض الزكاة على أموال غيرهم من المواطنين الكويتيين يعد إخلالًا بمبدأ المساواة.

استظهار المحكمة من نص المادة (۲) من الدستور بأن دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع أن الدستور بموجب هذا النص حمل المشرع أمانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ما وسعه ذلك إلا أنه لم يلزمه بإتباع مذهب فقهي معين بل يسوغ له أن يتخير أي من المذاهب الفقهية حتى يجمع الناس على رأي واحد يرفع به الخلاف ويحقق الصالح العام.

القرار المطعون عليه بإخراج زكاة أموال القصر المشمولين برعايتها صدر أخذًا بالرأي الراجح في المذاهب الفقهية الإسلامية – لا محل للنعي على القرار بأنه فرض الزكاة على غير المسلمين من القصر الكويتيين إذ لا أثر لهذا النعي على النزاع الموضوعي الذي أقيم ممن ينتمي إلى المذهب الجعفري – القول بإخراج الزكاة جبرًا من أموال القصر الكويتيين يقتضي إصدار تشريع مماثل بفرض الزكاة على أموال غيرهم من المواطنين الكويتيين تحقيقًا لمبدأ المساواة مردود بأن دور هذه المحكمة لا يتجاوز وظيفتها القضائية بمعاييرها وضوابطها إلى وظيفة التشريع – رفض الدعوى.

الحكم الصادر بجلسة ٢٥ من نوفمبر ۲۰۱۳م

برئاسة السيد المستشار/ يوسف جاسم المطاوعة رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ خالد سالم علي وخالد أحمد الوقيان
وعادل ماجد بورسلي وإبراهيم عبد الرحمن السيف

في الدعوى الدستورية المقيدة في سجل المحكمة الدستورية
برقم (٥) لسنة ۲۰۱۳ ((دستوري))

الوقائع

حيث إن حاصل الوقائع – حسبما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – أن المدعية (عفيفة عباس عبد الله الرئيس) كانت قد أقامت على المدعى عليه الدعوى رقم (١٩٤٠) لسنة ٢٠١٢ أحوال جعفري/ ۲ ، بطلب الحكم بندب خبير حسابي من إدارة الخبراء بوزارة العدل للاطلاع على ملف القاصر (سيد على نجيب) والحساب المذكور، على سند من القول أن المدعى عليه بصفته قد أصبح وصيًا على القاصر بعد وفاة والده نجيب سيد على الموسوي بتاريخ 19/4/1999، إلى أن تم تعيينها وصية عليه بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم (١٥٢٤) لسنة ٢٠٠٩ أحوال جعفري / ٩ بتاريخ 15/7/2009، فأقامت الدعوى لمحاسبته عن إدارته الأموال القاصر خلال تلك المدة ندبت المحكمة الكلية خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره طلبت المدعية إلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى لها مبلغ (٥٦٧ و ٤٥٣٧٩ د.ك) المستقطع من أموال القاصر دون وجه حق. وبتاريخ 25/6/2012 حكمت المحكمة برفض الدعوى استنادًا إلى وجوب إخراج الزكاة من أموال القاصر إعمالًا لقرار وزير العدل رقم (٣٥) لسنة ۱۹۸۰. استأنفت المدعية هذا الحكم بالاستئناف رقم (٧٤٥) لسنة ٢۰۱٢ أحوال جعفري / ۷.

وبتاريخ 18/12/2012 قضت المحكمة بوقف نظر الاستئناف، وبإحالة اللائحة الصادر بها قرار وزير العدل رقم (٣٥) لسنة ۱۹۸۰ بشأن إخراج زكاة أموال المشمولين برعاية إدارة شئون القصر إلى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستوريتها ، بعد أن ارتأت -من تلقاء نفسها- مخالفة تلك اللائحة لأحكام الدستور وعقب ورود ملف القضية إلى إدارة كتاب هذه المحكمة، تم قيدها في سجلها برقم (٥) لسنة ٢٠١٣ دستوري»، وتم إخطار ذوى الشأن بذلك، وأودعت المدعية مذكرة طلبت في ختامها الحكم بعدم دستورية قرار وزير العدل سالف الذكر. وقد نظرت هذه المحكمة الدعوى بجلسة 18/9/2013 على الوجه المبين بمحضرها، وقررت إصدار الحكم بجلسة 31/10/2013، وفيها قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.

حيث إن إجراءات الإحالة قد استوفت أوضاعها المقررة قانونًا. وحيث إن القرار الوزاري رقم (٣٥) لسنة ۱۹۸۰ الصادر من وزير العدل بشأن إخراج زكاة أموال المشمولين برعاية إدارة شئون القصر قد نص في المادة (۱) منه على أن تقوم إدارة شئون القصر بإخراج زكاة الأموال عن القصر والمحجور عليهم المشمولين برعايتها وذلك طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية ونصوص هذا القرار، وأورد في باقي مواده الأحكام المتعلقة بالأموال التي تجب فيها الزكاة وشروط إخراجها وتحديد النصاب الشرعي وكيفية أداء الزكاة من الأموال المختلفة ومصارفها.

وحيث إن مبنى النعي على قرار وزير العدل سالف الذكر -حسبما يبين من حكم الإحالة- أنه قد خالف المواد (۲) و (۷) و (٣٥) من الدستور، إذ فرض الزكاة على كافة القصر الكويتيين الذين لا وصي عليهم دون مراعاة الأحكام الخاصة بالزكاة في المذاهب الدينية المختلفة بالمخالفة لمبدأ حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وترتب عليه وجوب إخراج الزكاة من أموال القصر الكويتيين من أتباع المذهب الجعفري رغم أنهم غير مخاطبين أصلًا بهذه الفريضة في المرحلة العمرية السابقة على البلوغ طبقًا لأحكام مذهبهم. كما ترتب على ذلك القرار إلزام القصر الكويتيين من غير المسلمين بالزكاة رغم أنها ليست من أصول دينهم، وذلك بالمخالفة للمبادئ العامة للشريعة الإسلامية التي تقضى بألا يخاطب غير المسلمين بفرائض الدين الإسلامي. فضلًا عن أن إخراج الزكاة جبرًا من أموال القصر الكويتيين دون إصدار تشريع مماثل بفرض الزكاة على غيرهم من المواطنين الكويتيين يعد إخلالا بمبدأ المساواة.

وحيث إن هذا النعي -في جملته- مردود، ذلك أن النص في المادة (۲) من الدستور على أن دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، يدل على أن الدستور بموجب هذا النص يحمل المشرع أمانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ما وسعه ذلك، إلا أنه لم يلزمه بإتباع مذهب فقهي معين، بل يسوغ له أن يتخير أي من المذاهب الفقهية، حتى يجمع الناس على رأى واحد يرفع به الخلاف ويحقق الصالح العام.

لما كان ذلك، وكان القانون رقم (٦٧) لسنة ۱۹۸۳ في شأن إنشاء الهيئة العامة لشئون القصر -والذي حل محل القانون رقم (٤) لسنة ١٩٧٤ في شأن إدارة شئون القصر- قد ناط بهذه الهيئة تولى الوصاية على القصر الكويتيين الذين لا ولي أو وصي عليهم، وأجاز لها إدارة أموال القصر وناقصي الأهلية وفقًا الأحكام الشريعة الإسلامية، وإذ صدر القرار الوزاري رقم (٣٥) لسنة ١٩٨٠ بشأن إخراج زكاة أموال القصر المشمولين برعايتها، أخذًا بالرأي الراجح في المذاهب الفقهية الإسلامية الذي أوجب الزكاة في أموالهم وألزم الولي أو الوصي بإخراجها، فإن القرار بذلك لا يكون قد خالف أحكام الشريعة الإسلامية أو تضمن مساسًا بحرية الاعتقاد ولا محل للنعي عليه بأنه فرض الزكاة على غير المسلمين من القصر الكويتيين، إذ لا أثر لهذا النعي على النزاع الموضوعي والذي أقيم ممن ينتمي إلى المذهب الجعفري. ومن ثم يضحى الادعاء بمخالفة ذلك القرار للدستور على غير أساس صحيح. أما عن القول بأن إخراج الزكاة جبرًا من أموال القصر الكويتيين يقتضي إصدار تشريع مماثل بفرض الزكاة على غيرهم من المواطنين الكويتيين تحقيقًا لمبدأ المساواة، فإن هذا القول مردود بأن دور هذه المحكمة لا يتجاوز وظيفتها القضائية -بمعاييرها وضوابطها- إلى وظيفة التشريع.

وبالترتيب على ما تقدم، فإنه يتعين القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى.

Rate this item
(0 votes)
Last modified on الأحد, 29 تشرين1/أكتوير 2023 13:43

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.