يشتمل مصطلح “الشريعة الإسلامية” على كلمتين: الشريعة، والإسلامية، والشريعة “لغة” هي: مشرعة الماء وهي مورد الشاربة التي يشرعها الناس فيشربون منها ويستقون. والشريعة والشرعة: ما سنَّ الله من الدين وأمر به كالصوم والصلاة والحج والزكاة وسائر أعمال البر، ومنه قوله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ﴾[الجاثية:18]، وقوله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً﴾[المائدة:48]؛ قيل في تفسيره: الشرعة الدين، والمنهاج الطريق، وقيل: الشرعة والمنهاج جميعًا الطريق، والطريق هاهنا الدين، وقال ابن عباس: شرعة ومنهاجًا: سبيلا وسُنَّة. وفي المفردات عن ابن عباس: الشرعة: ما ورد به القرآن، والمنهاج: ما ورد به السُّنَّة. وقال قتادة: شرعة ومنهاجًا: الدين واحد والشريعة مختلفة. وقال الفراء في قوله تعالى: ﴿على شريعة﴾: على دين وملة ومنهاج، وكل ذلك يقال.
أما في الاصطلاح فتعني الشريعة “ما شرع الله – تعالى- لعباده من الأحكام التي جاء بها نبي من الأنبياء صلّى الله عليهم وسلم، وعلى نبينا وسلم”.
أما “الإسلامية” فهي نسبة إلى الإسلام، والإسلام لغة، هو: الطاعة والانقياد، ويطلق في الشرع على الانقياد إلى الأعمال الظاهرة، كما بين ذلك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلّا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت»، وقيل: إنه “هو الخضوع والانقياد للأحكام، بمعنى قبولها والإذعان بها”، وعرَّفه الشيخ محمود شلتوت بأنه: “دين الله الذي أوصى بتعاليمه في أصوله وشرائعه إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم، وكلفه بتبليغه إلى الناس كافة”.
وبناءً على ذلك فإن الشريعة الإسلامية هي: “الأحكام التي شرعها الله – تعالى – لعباده، ونزل بها الوحي على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، لتستقيم بها أحوالهم في الدنيا والآخرة”، وبمعنى آخر، هي: “كل ما شرعه الله للمسلمين من دين؛ سواء أكان بالقرآن نفسه، أم بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير؛ فهي لهذا تشمل أصول الدين، أي ما يتعلق بالله وصفاته والدار الآخرة، وغير ذلك كله من بحوث علم التوحيد أو علم الكلام. كما تشمل كل ما يتعلق بتهذيب المرء لنفسه وأهله، وما يجب أن تكون عليه العلاقات الاجتماعية، وما هو المثل الأعلى الذي عليه أن يعمل لبلوغه أو مقاربته، وما هي الطرق التي يريد بها أن يصل إلى هذا المثل أو الغاية من الحياة، وهذا كله هو ما يعرف باسم علم الأخلاق. ومع هذا أو ذاك، تشمل الشريعة أحكام الله لكل من أعمالنا، من حل وحرمة وكراهة، وندب، وإباحة..”.
وأحكام الشريعة الإسلامية – من ناحية أخرى- قد ترد في صورة أحكام تفصيلية تتعلق بالعقيدة – كالإيمان بالله واليوم الآخر، وهكذا- أو بالعبادات –كفرض الصلاة والزكاة والحج، أو بالأخلاق – كوجوب الصدق والوفاء بالعهد وتحريم الكذب والغش والغدر-، أو بالمعاملات –كأحكام النكاح والطلاق وتحريم الزنا والربا والعقوبات المقدرة في الشريعة كالحدود والقصاص، وقد ترد في صورة قواعد ومبادئ عامة –كمبدأ الشورى، ومبدأ المساواة، ومبدأ العدالة، وقاعدة لا ضرر ولا ضرار.
وهذا المعنى الواسع لمصطلح الشريعة الإسلامية والذي تتكون فيه من أقسام ثلاثة: عقائد، وأخلاق، وتشريعات عملية شاملة للعبادات والمعاملات، هو ذاته المعنى الذي أوجزه النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المشهور الذي رواه أبو هريرة: “الإيمان بضع وسبعون شعبة: أعلاها: قول لا إله إلا الله [عقيدة]، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق [معاملات]، والحياء شعبة من شعب الإيمان [أخلاق]”.
* جزء مستل من: د. حازم علي ماهر، تطبيق الشريعة الإسلامية والنصوص الدستورية، تقديم المستشار طارق البشري، مصر: دار النهضة العربية، الإمارات: دار النهضة العلمية، 1439ه/2018م، ص26-30 (بتصرف واختصار مع حذف الهوامش).