نظم المعهد العالمي للفكر الإسلامي بالتعاون مع الجمعية العربية للتربية الإسلامية سيمنار تحت عنوان “الشريعة الإسلامية والقانون”، بتاريخ الثاني من أكتوبر 1988م، حاضر فيه د. جمال الدين عطية وقدمه وأداره د. محمد سليم العوا، وناقشه فيه كل من: المستشار طارق البشري، أ. د. يوسف قاسم، د. علي جمعة، أ. فهمي هويدي، المستشار شريف فوزي، أ. د. محمد عمارة، د. محمد كمال إمام، أ. د. عوض محمد عوض، أ. د. زكريا البري، د. عبد اللطيف خليف، د. محمود حمدي زقزوق، د. صلاح عبد المتعال، د. عاطف البنا، الشيخ زيدان أبو المكارم.
ومادة السيمنار حصرية لموقع حوارات الشريعة والقانون، وتنشر لأول مرة بالفضاء الرقمي.
ومما جاء في تقديم د. العوا للسيمنار:
“يشرفني باسم الجمعية العربية للتربية الاسلامية، والمعهد العالمي للفكر الاسلامي أن أرحب بحضراتكم في مفتتح نشاط مشترك للجمعية والمعهد وحلقة النقاش الأولى، التي تدار اليوم حول الشريعة الاسلامية والقانون.
والجمعية والمعهد يربطهما برنامج تعاون نرجو أن يكون مستمرًا وواسعًا وشامـــــلًا، وذا هدف محدد، وهو تجلية الفكر الإسلامي في مناحيه كلها، وجوانبه كافة، وتطوير أساليب البحث فيه، والإفادة من المناهج العلمية الحديثة التي يتبعها المتقدمون في العلوم الاجتماعية والإنسانية بوجه خاص. فالفكر الإسلامي ليس فكرًا جامدًا ولا مستعصى على تقبل كل جديد مفيد، ما دام هذا الجديد المفيد يقع في إطار المباح والمسموح به من أصول الشريعة وقواعدها، ولا يصطدم بما يمتنع عنه استعماله والاستفادة منه من فروعها وجزئياتها.
ويمتد برنامج التعاون بين الجمعية والمعهد ليشمل حلقات نقاش -كهذه الحلقة التي نديرها اليوم- ومحاضرات سوف يعلن عن برنامجها المفصل قريبًا بإذن الله، ولقـــــــــــاءات ثقافية غير منتظمة بين الباحثين والمفكرين والعلماء وطلاب العلم، بهدف تعريف الأجيال العاملة بالأجيال الناشئة، وتيسير الإفادة للأجيال الصاعدة من الأجيال التي رسخت أقدامها في البحث العلمي وقدمت لأمتها كل ما عندها أو أحسن ما عندها، وينبغي أن تورث علمهـا للأجيال التي تليها حتى تسير رايات العمل الفكري الإسلامي مرفوعة وخفاقة بإذن الله.
وحلقة اليوم التي دعت اليها الجمعية العربية للتربية الإسلامية والمعهد العالمي للفكـر الإسلامي وتُدار حول الشريعة الاسلامية والقانون، يقدمها الأخ الدكتور الكريم جمال عطية.. والأستاذ الدكتور جمال عطية ليس غريبًا عن المفكرين المصريين المشتغلين بالفكر الإسلامي، فهو ومثقف متنوع الثقافة في مختلف فروع المعرفة. باحث راسخ القدم في القانون والشريعة الإسلامية، فبينما تراه يكتب في القانون أو يحاضر فيه، يشتغل بالفقه الإسلامي وأصوله، ويكتب فيهما، ويهتم بالفن بقدر ما يهتم باللغة كما يهتم بالتطور الاقتصادي. بل ويمارس العمل الاقتصادي المصرفي فعلًا على أساس من الإسلام وهديه، فهو واحد من أولئك الذين نحسبهم ولا نزكي على ربنا أحدًا. وهو من الذين نذروا أنفسهم لقضية الإسلام ورسالته، يعملون فيها بكل طاقة مما آتاهم الله، وأشهد أن الله قد آتاه طاقة غير محدودة، فأنا أعرفه منذ وقـــــــــــت بعيد وبالتحديد منذ ربع قرن وما رأيته في أي حال من أحواله إلا عاملًا مجدًا، مشغولًا بخطة جديدة وبحث جديد ومشروع جديد أخفقت كثير من مشروعاته مع الأسف ولكنه لم يتوقف عـــــن إنشاء مشروعات جديدة، وباءت كثير من خططه بسبب الظروف التي تحياها أمتنا بما لم نكن نتمنى لها أن تبوء به، وهو مع ذلك مصمم على وضع خطط جديدة، وكان يحدثني منذ أيام عن وريقات عثر عليها عمرها قرب ثلاثين عامًا، كتبها في أحد الأماكن التي يخلو الانسان فيها إلى نفسه مضطرًا غير مختار، يفكر فيها مع نفسه لأنه ممنوع أن يفكر فيها مع غيره، ويناجي ربه، لأنه حرم من أن يناجي خلق الله، فانشغل الناس بهمومهم وانشغل الدكتور جمال عطية بخطة لمائة عام…
إنكم تتحدثون اليوم وتناقشون وتؤيدون وتنتقدون فكر رجل لا يقتصر هدفه على سنة ولا سنتين، وأمله لا يمتد الى عمر رجل أو رجلين، ولكنه يفكر في خطة أجيال ومستقبل أمة، وينشغل بمشروع متكامل لتقدم الإسلام وحضارته. وأود أن أشير إلى آخر كتابين صدرا له، وأرجو ان يكون الأخوة الحاضرون قد اطلعوا عليهما أو سمعوا بهما وهما “التنظير الفقهي”، وأتبعه بالتطبيق في كتابه “النظرية العامة للشريعة الإسلامية” وهما يدلان على صدق ثقافته الإسلامية وأصالتها وعمق إدراكه لهــــا وفهمه لأصولها وعلاقة هذه الأصول بفروع حياتنا الدنيا.
لم أكن أريد بما قلته أن أقدم الدكتور جمال عطية اليكم، فهو بالنسبة للحاضرين جميعًا غير محتاج الى تقديم، ولكني أريد أن أسجل له كلمة شكر ابتداءً وقبل أن يتلقى كلمات حضراتكم وما فيها من نقد. وأنا واثق من أنه سوف يستفيد من كل نقد يوجه إليه، بقدر ما أفدنا نحن دائمًا من انتقاداته لأفكارنا وأعمالنا”.