أثر الدراسات التشريعية المقارنة في بيان ثراء الفقه الإسلامي*

By د. حمد بوجمعة** نيسان/أبريل 15, 2025 1213 0

 

ملخص:

يعد الفقه الإسلامي من أعظم النظم القانونية اليوم ثراء وسعة بما يحويه من كنوز وتراث فقهي لا يستطاع حصر مسائله كثرة ، غير أن بعض المشككين في ثراء الفقه الإسلامي لمزوه بالنقص والتشويه، وأنه فقه جامد لا يقبل التطور وأنه لا يصلح أن يكون نظامًا قانونيًا يحكم البشرية مثل النظم القانونية اللاتينية والجرمانية اليوم، لذلك فإن الدراسات المقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية لتميط اللثام عن تلكم الكنوز والتراث الفقهي العظيم الذي يزخر به الفقه الإسلامي ولم يجد فقط من يتناوله ويظهره بلغة جديدة ومظهر صالح لهذا العصر، فالدراسات المقارنة تعتبر من أهم الطرق اليوم للكشف عن أعظم النظريات الفقهية والمبادئ القانونية التي هي مبعثرة في التراث الكبير الذي يزخر به الفقه الإسلامي، خصوصًا وقد شهد الغرب أنفسهم بثراء الفقه الإسلامية وصلاحيته ليكون نظامًا قانونيًا من أعظم النظم القانونية كمجمع لاهاي للقانون المقارن، كما شهد بذلك كبار فقهاء القانون في الغرب من أمثال إدوارد لامبير وغيره، ولذلك فإن الدراسات المقارنة هي السبيل الوحيد للكشف عن أرقى المبادئ القانونية التي سبق بها الفقه الإسلامي جميع النظم القانونية المنتشرة اليوم.

الكلمات المفتاحية: الدراسات المقارنة؛ النظم القانونية؛ الفقه الإسلامي؛ القوانين الغربية.

Abstract:

Islamic jurisprudence is considered one of the greatest legal systems today, rich and vast, with its treasures and jurisprudential heritage, whose many issues cannot be counted. Latin and Germanic legal systems today, so the comparative studies between Islamic jurisprudence and man-made laws are in order to unveil those treasures and the great jurisprudential heritage that Islamic jurisprudence abounds with, and it has not found only those who deal with it and show it in a new language and appearance that is valid for this era. Comparative studies are considered one of the most important ways today to uncover the greatest jurisprudential theories and legal principles that are scattered in the great heritage that Islamic jurisprudence abounds with, especially as the West themselves witnessed the richness of Islamic jurisprudence and its validity to be a legal system of the greatest legal systems such as The Hague Complex of Comparative Law, as witnessed by that. Senior jurists of law in the West, such as Edward Lambert and others, therefore, comparative studies are the only way to reveal the finest legal principles by which Islamic jurisprudence preceded all the legal systems prevalent today.

Keywords: comparative studies, legal systems, Islamic jurisprudence, Western laws.

 

مقدمة:

يعتبر الفقه الإسلامي من أعظم النظم القانونية اليوم ثراء وسعة بما يحويه من كنوز وتراث فقهي لا يستطاع حصر مسائله كثرة، غير أن بعض المشككين في ثراء الفقه الإسلامي لمزوه بالنقص والتشويه، وأنه فقه جامد لا يقبل التطور وأنه لا يصلح أن يكون نظامًا قانونيًا يحكم البشرية مثل النظم القانونية اللاتينية والجرمانية أو الأنجلوسكسونية اليوم، لذلك فإن الدراسات المقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية لتميط اللثام عن تلكم الكنوز والتراث الفقهي العظيم الذي يزخر به الفقه الإسلامي ولم يجد فقط من يتناوله ويظهره بلغة جديدة ومظهر صالح لهذا العصر، فالدراسات المقارنة تعتبر من أهم الطرق اليوم للكشف عن أعظم النظريات الفقهية والمبادئ القانونية التي هي مبعثرة في التراث الكبير الذي يزخر به الفقه الإسلامي، خصوصًا وقد شهد الغرب أنفسهم بثراء الفقه الإسلامية وصلاحيته ليكون نظامًا قانونيًا من أعظم النظم القانونية، وعليه نتساءل: هل حققت وأبانت المقارنات التشريعية بين الفقه الإسلامي وغيره من النظم القانونية اليوم عن ذلك الثراء الذي يزخر به الفقه الإسلامي فروعًا وأصولاً، أم أن ما يقال من أسبقية وأفضلية وغنى الفقه الإسلامي على الكثير من النظم القانونية من حيث المبادئ والنظريات والأسس القانونية، وأنه من أهم دعائم القانون المقارن اليوم مجرد ادعاء؟ هذا ما سنراه من خلال المحاور التالية:

  1. تعريف المقارنات التشريعية.
  2. نشأة المقارنات التشريعية.
  3. دور المقارنات التشريعية في إبراز مدى ثراء الفقه الإسلامي ومكانته.
  • تعريف المقارنات التشريعية:

بداية نعرف مصلح المقارنات ونبين المقصود منه، ثم نعرف مصطلح التشريع، وأخيرًا نعرف مصطلح المقارنات التشريعية.

 

  • تعريف المقارنات:

المقارنات لغة: مصدر الفعل قارن وقارن الشيء مقارنة وقرانا، تجمع على مقارنة، يقال اقترن به وصاحبه، وقارنته قرانا أي صاحبته، وبين القوم سوى بينهم، وبين الزوجين قرانا أي جمع بينهما، والشيء بالشيء وازنه به، وبين الشيئين وازن بينهما فهو مقارن، ويقال الأدب المقارن، أو التشريع المقارن[1].

اصطلاحًا: يعرفها الدريني بقوله: مقابلة الرأي بالرأي، مقابلته أو موازنته به، ليعرف مدى اتفاقهما أو اختلافهما، وأيهما أقوى وأسد بالدليل[2]. وهو لا يخرج عن المعنى اللغوي السالف الذكر.

لكن إذا أطلق هذا المصطلح في الفقه الإسلامي فالقصد منه هو الفقه المقارن وهو مصطلح حديث يعبر به عما عرف قديمًا عند الفقهاء بعلم الخلاف، وقد عرفه الدريني بقوله: "تقرير آراء المذاهب الفقهية الإسلامية في مسألة معيّنة، بعد تحرير محل النزاع فيها، مقرونة بأدلتها، ووجوه الاستدلال بها، وما ينهض عليه الاستدلال من مناهج أصولية، وخطط تشريعية، وبيان منشأ الخلاف فيها، ثم مناقشة هذه الأدلة أصوليًا، والموازنة بينها، وترجيح ما هو أقوى دليلاً، أو أسلم منهجًا، أو الإتيان برأي جديد، مدعم بالدليل الأرجح في نظر الباحث المجتهد"[3].

أما إذا أطلق هذا المصلح في مجال القانون فيقصد به ما يصطلح عليه في هذا العصر بالقانون المقارن والذي هو فرع من فروع القانون يقصد به مقارنة النظم القانونية لعدة دول بعضها ببعض، في سبيل الوصول إلى ترقية وتحسين القانون الوطني وسد ثغراته إن وجدت، ويقصد به أحيانًا تجميع أفضل النظم القانونية المعتمدة في كثير من الدول للحصول على تقنين موحد يأخذ من أحسن وأفضل تلكم النظم والقوانين ويتجاوز النقائص والسلبيات الموجودة فيها لأجل الوصول إلى قانون موحد تأخذ به الدول جميعًا مثل قانون حقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني ...[4].

إذًا فالدراسة المقارنة يتجاذبها جانبان، الجانب النظري الذي يتناول العلاقات المتشابكة بين النظم القانونية المختلفة لمعرفة أوجه الشبه والتباعد، والتأثر والتأثير فيما بينها، وجانب عملي يجعل المقارنة مصدر إلهام في صياغة القواعد القانونية[5].

  • تعريف التشريع:

التشريع لغة: من شرع بتشديد الراء وهي مورد الشاربة الماء، واشتق من ذلك الشرعة في الدين والشريعة ومنه قوله تعالى ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾[6].

وفي الإصلاح بحسب نسبة التشريع، فإذا كان القصد هو التشريع الإلهي فهو: "اسم للنظم والأحكام التي شرعها الله أو شرع أصولها أو كلف المسلمين إياها ليأخذوا بها في علاقتهم بالله وعلاقتهم بالناس"[7].

أما إذا كان المقصود هو التشريع القانوني الوضعي فله عدة معان أهما سن القوانين بواسطة السلطة المختصة في الدولة وفقًا لإجراءات خاصة، وقد يقصد به القاعدة القانونية في حد ذاتها أو مجموعة النصوص القانونية ذات الوحدة الموضوعية الواحدة المنظمة لجانب ومجال معين مثل القانون التجاري أو المدني فيقال التشريع التجاري والمدني ويكون عندئذ مرادفا للتقنين... [8].

هذا وقد يتداخل مفهوم التشريع الإسلامي مع مفهوم التشريع الوضعي في حالة ما إذا عمدت الدولة إلى تقنين أحكام الفقه الإسلامي وإجازتها بواسطة مؤسساتها المختصة عبر مراحل وطرق خاصة فحينئذ يقصد بالتشريع ما سن من قوانين مستمدة من التشريع الإسلامي[9].

  • تعريف المقارنات التشريعية:

من بين أهم التعريفات لهذا المصطلح تعريف الدكتور شويش المحاميد والذي يستبدل مصطلح المقارنات بالموازنات ولا مشاحة في المصطلحات حيث يرى أنها "عرض الآراء والنظريات الفقهية الإسلامية وما يقابلها في القانون الوضعي، وبيان أوجه الموافقة والمخالفة بينهما تأسيسًا على أصولهما، استمدادًا وبحثًا بالأسلوب الذي يظهرهما على حقيقتهما"[10]، وقيل هي "المقابلة والموازنة بين الأصول والمبادئ والنظريات التشريعية المختلفة للوقوف على الحق أو الصواب في النظامين التشريعيين المقارن بينهما، أو لإظهار تفوق أحدهما أو أسبقيته"[11].

 

  • نشأة المقارنات التشريعية:

بالرجوع إلى النص الذي نقله صاحب مجلة المنار – الشيخ محمد رشيد رضا - عن ابن رفاعة الطهطاوي متحدثًا عن أول تجربة للمقارنات التشريعية - والتي كانت في مصر لأسباب تاريخية وحضارية عديدة ومنها ذلك الولوع الشديد بالحضارة الغربية من طرف الخديوي إسماعيل والذي حمله على تطبيق القانون الفرنسي في البلاد المصرية – حيث يقول: "إن الحكومة المصرية لما قررت العمل بقوانين فرنسا المقتبس أكثرها من الشريعة الإسلامية ولا سيما مذهب المالكية لم يكن للأمة المصرية التي يدين سوادها الأعظم بالإسلام قول ولا رأي في شؤون الحكومة، وكان من أسبابه تقصير علماء الأزهر في القيام بما يجب عليهم من إغنائها بأحكام الشريعة الغراء عن سواها ومن المشهور عن إسماعيل باشا طلب منهم ذلك فلم يستجيبوا له. حدثني علي باشا رفاعة قال حدثني والدي – رفاعة الطهطاوي – أن إسماعيل باشا الخديوي استحضره، وقال له يا رفاعة بك، إنك أزهري تعلمت وتربيت في الأزهر فأنت أعلم الناس بعلماء الأزهر، وأقدرهم على إقناعهم بما ندبتك له، أن الإفرنج قد صار لهم حقوق ومعاملات كثيرة في هذه البلاد، وتحدث قضايا بينهم الأهالي، وهم يشكون إلي أنهم لا يعلمون بماذا يحكم لهم أو عليهم في هذه القضايا ليراعوه ويدافعوا به عن أنفسهم، لأن كتب الفقه التي يحكم بها علماؤنا معقدة وكثيرة الخلاف، فاطلب من علماء الأزهر أن يضعوا كتابًا في الأحكام المدنية الشريعة، مثل كتب القوانين في تفصيل موادها، وعدم وجود خلاف فيها، يترتب عليه اختلاف القضاة في أحكامهم، فإن لم يفعلوا، فإنني أضطر إلى العمل بقانون نابليون الفرنسي، أو ما هذا مؤداه.

قال علي باشا رفاعة: فأجابه والدي بقوله: "يا أفندينا، إنني سافرت إلى أوروبا وتعلمت فيها، وخدمت الحكومة، وترجمت كثيرًا من الكتب الفرنسية باللغة العربية، وقد شخت ووصلت إلى هذه السن، ولم يطعن أحد في ديني، فإذا أنا اقترحت الآن هذا الاقتراح على علماء الأزهر بأمر أفندينا، فإنني أخشى أن يقولوا إن الشيخ رفاعة قد ارتد عن الإسلام في آخر عمره برضاه بتغيير كتب الشريعة، وجعلها كالقوانين الوضعية، فأرجو أن يعفيني أفندينا من تعريض نفسي لهذا قبل موتي، لئلا يقال إنه مات كافرًا"[12].

الأمر الذي دفع بالخديوي إسماعيل إلى طلب ترجمة القانون الفرنسي من طرف السيد رفاعة الطهطاوي والاتصال بأحد علماء الأزهر وهو الشيخ مخلوف المنياوي، مفتي الصعيد، فقام الشيخ بما طلب منه، وقارن بين القانون الفرنسي والفقه المالكي مركزًا على أوجه الشبه – والتي كان كثيرة جدًا- وذلك في مجلدين طبعا حديثا بعنوان "المقارنات التشريعية: تطبيق القانون المدني والجنائي على مذهب الإمام مالك"[13] مما دفع بالخديوي إسماعيل إلى الأمر بتطبيق القانون الفرنسي في الأراضي المصرية، وكانت هذه هي البداية الأولى لدخول القوانين الغربية للبلاد الإسلامية.

وجلي من خلال صدور أول تجربة للمقارنات التشريعية علي يد الشيخ مخلوف المنياوي أن البداية الفعلية للدراسات التشريعية المقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين الحديثة الغربية قد ظهرت قبل إعلان النشأة المنهجية للقانون المقارن، وذلك في مؤتمر باريس سنة 1900م. وسنشير باختصار إلى هذه التجربة وغيرها من التجارب المتعلقة بالمقارنات التشريعية والتي هي البدايات الأولى لهذا العلم.

  • تجربة الشيخ مخلوف المنياوي: الشيخ مخلوف المنياوي من علماء الأزهر الشريف (توفي سنة 1878م، شغل منصب القضاء في صعيد مصر، لما وثق الخديوي إسماعيل بعلمه، كلفه بمهمة مقارنة القانون الفرنسي بالفقه الإسلامي بعدما تم ترجمته من طرف رفاعة الطهطاوي كما سبق ذكره، وقد ركز المنياوي في هذه المقارنات بين القانون الفرنسي والفقه المالكي على وجه الخصوص، فيذكر نص المادة الفرنسي ويتلوه بذكر ما يقابلها من مصادر الفقه المالكي مثل مختصر خليل وشروحه كمواهب الجليل... وبداية المجتهد وغيرها من مصادر الذهب المالكي، ليصل في الغالب الأعم إلى نتيجة مؤداها موافقة النص الفرنسي للفقه المالكي أو إلى مخالفته له وهو أمر قليل نادر[14].
  • تجربة قدري باشا في المقارنات التشريعية: يعد العلامة قدري باشا[15] من أعلام الفقه والقانون في مصر، ولد سنة 1820م واشتغل مترجمًا بوزارة المالية، ثم مستشارًا بالمحاكم المختلطة فناظرًا للحقانية فوزيرًا للمعارف، وقد اشترك في وضع القانون المدني المصري آنذاك، له عدة تأليف كان القصد منها إحياء الفقه الإسلامي بضرورة تطبيقه وجعله المصدر الأساس للقانون المصري فألف كتابه مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان في المعاملات الشرعية وكتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية، وآخر في الوقف، ومن ذلك كتابه القيم والذي لم يطبع بعد - على حد علمي – وهو لا يزال مخطوطًا بدار الكتب المصرية والموسوم "بيان المسائل الشرعية التي وجدت في القانون المدني مناسبة وموافقة لمذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان"، والذي يسعى إلى تحقيقه ونشره الأستاذ أحمد مُحمد سراج، والذي يقول في كتابه ضمان العدوان في الفقه الإسلامي تعليقًا على منهج قدري باشا في كتابه في المقارنات ومقارنته بكتاب مخلوف المنياوي منا نصه: "ويختلف منهج قدري باشا في مقارناته عن مخلوف المنياوي في إجرائه المقارنة بين القانون الفرنسي والمذهب الحنفي، الذي جرى عليه العمل القضائي في مصر والدولة العثمانية، ويختلف هذان المقارنان في أمر آخر له أهميته، هو مسارعة قدي باشا إلى إثبات وجه المخالفة بين المادة الفرنسية وقواعد المذهب الحنفي، دون أن يرهق نفسه بالتخريج على أقوال علماء المذهب الحنفي، أو بالتنبيه على الاتفاق في بعض ما تشتمل عليه المادة القانونية، دون بعضها الآخر، وبهذا فإنه إذا كان الشيخ مخلوف مستندًا في مقارناته إلى منهج الأشباه والنظائر، فإن قدري باشا اعتمد منهجًا آخر وهو منهج الفروق..." [16].
  • تجربة سيد عبد الله حسين: صاحب هذه التجربة هو المحامي سيد عبد الله حسين التيدي المولود سنة 1889م درس وتخرج من الأزهري، وأكمل دراسته في السوربون وتخرج منها بشهادة الليسانس في القانون، قام بعمل جبار بمقارنته للقانون الفرنسي بالفقه المالكي وذلك لما عزمت الحكومة المصرية على إصدار قانون مدني جديد على أسس غربية، فكتب سيد عبد الله حسين كتابه هذا والموسوم بالمقارنات التشريعية بين القوانين الوضعية والتشريع الإسلامي (مقارنة بين فقه القانون الفرنسي ومذهب الإمام مالك بن أنس) ليثبت أن الفقه الإسلامي صالح للاستمداد منه وأن الأولى هو تقنين أحكام الفقه الإسلامي لتكون القانون الوحيد في البلاد المصرية، فأثبت من خلال كتابه هذا أن التشابه بين النظامين الإسلامي – المذهب المالكي على الخصوص- والقانون الفرنسي بلغ نسبة 90%، فيبدأ أثناء عملية المقارنة بذكر المادة القانونية ثم يتبعها برصد قواعد الفقه المالكي المتعلقة بالموضوع، منتهيًا إلى تحديد مواضع الاتفاق أو الاختلاف، ويختلف منهج سيد عبد الله حسين عن مخلوف المنياوي في عدم اكتفائه بالمقارنة الجزئية، فيتناول معها بعض العناصر الداخلة في مجال المقارنة الكلية، كإثبات التأثر والتأثر، وظروف الاتصال بين النظامين المقارن بينهما، والموقف العام لكل نظام بشأن الموضوع محل المقارنة[17].
  • تجربة السنهوري من خلال كتابه مصادر الحق في الفقه الإسلامي: الدكتور عبد الرزاق السنهوري شخصية معروفة كان لها الحظ الأوفر والباع الكبير في إحياء الدراسات المقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية وخصوصًا القانون الفرنسي، فقد اهتم السنهوري بالمقارنات التشريعية منذ قدومه من فرنسا سنة 1926م إلى وفاته سنة 1971 من أجل تطوير التفكير الفقهي الإسلامي حتى يستعيد مركزه اللائق به، بالإضافة إلى تحقيق الاستقلال التشريعي للبلاد العربية والإسلامية. ويتجلى منهج السنهوري في كتابه مصادر الحق في الفقه الإسلامي كما يقول هو نفسه في مقدمة كتابه هذا: "فنحن إذا نعمد إلى موضوع من أهم الموضوعات وأعقدها في الفقه الغربي لكي يعالجه في الفقه الإسلامي، وبذلك نضع الفقه الإسلامي إلى جانب الفقه الغربي فيما هو هام جوهري، وفيما هو دقيق خفي، ونعالج الفقه الإسلامي بأساليب الفقه الغربي"[18]، ثم يستطرد قائلاً في كونه لن يألو جهدًا في إبراز الفروق بين النظامين ولن يصطنع التقريب بينهما بقوله "بل على النقيض من ذلك، سنعنى بإبراز هذه الفروق حتى يحتفظ الفقه الإسلامي بطابعه الخاص، ولن نحاول أن نصطنع التقريب بين الفقه الإسلامي والفقه الغربي على أسس موهومة أو خاطئة، فإن الفقه الإسلامي نظام عظيم له صنعة يستقل بها، ويتميز عن سائر النظم القانونية في صياغته، وتقضي الدقة والأمانة العلمية علينا أن نحتفظ لهذا الفقه الجليل بمقوماته وطابعه، ونحن في هذا أشد حرصًا من بعض الفقهاء المحدثين فيما يؤنس فيهم من ميل إلى تقريب الفقه الإسلامي من الفقه الغربي، ولا يعنينا أن يكون الفقه الإسلامي قريبًا من الفقه الغربي، فإن هذا لا يكسب الفقه الإسلامي قوة، بل لعله يبتعد به عن جانب الجدة والابتداع، وهو جانب للفقه الإسلامي منه حظ عظيم"[19].

"ثم يستطرد في بيان منهجه في كتابه ليصل إلى رصد حركة الاجتهاد في الفقه الإسلامي بقوله: "وسنحاول بقدر ما يتهيأ لنا من الأسباب أن نحدد اتجاه الاجتهاد الفقهي في مراحله المتعاقبة، حتى نتبين من وراء ذلك هذا الاجتهاد، فنتابعه في تطوره إلى حيث يقف بنا في آخر خطواته، ثم ننظر إلى أين كان يصل لو أنه تابع تطوره، ونفعل ذلك في كثير من الأناة والحرص[20].

والذي يلاحظ أن سعة اطلاع السنهوري على المطولات الفقهية في المذاهب المختلفة، إلى جانب الدراسة المستفيضة للقانون المقارن على يد عمالقته هيأه ليقود الحركة الإصلاحية للمنظومات التشريعية في البلاد العربية برمتها، وعليه لا عجب أن ترى السنهوري يتحدث في الفقه كأبرع الفقهاء المدققين، وفي القانون كأمهر القانونيين المحنكين، فيستطيع الدمج والمزج بينهما بقدرة فائقة، ليربط بين الكليات والجزئيات مع ملاحظة الظواهر القانونية والفقهية خلال دراساته وتقييدها[21].

وكما تلت أيضًا جهود السنهوري العديد من البحوث والدراسات في مجال المقارنات التشريعية بين الفقه الإسلامي وغيره من النظم القانونية فقد سبقتها بعض الجهود كان أهمها جهود الشيخ أحمد أبو الفتح، وجهود أحمد إبراهيم بك[22]..

  • دور المقارنات التشريعية في إبراز مدى ثراء الفقه الإسلامي ومكانته:

لا شك أن للمقارنات التشريعية بين الفقه الإسلامي وغيره من النظم القانونية قد برهنت بما لا يدع مجالا للشك أن الفقه الإسلامي فقه واسع ثري، غني بالمبادئ والنظريات الفقهية والقانونية، غير أن الغربيين لا يعترفون بذلك، ويؤكد الشيخ سيد عبد الله حسين أن المشرعين الغربيين تآمروا وغيبوا فضل الفقه الإسلامي على قوانينهم بقوله: "وقد أجمع المتشرعون الوضعيون إجماعًا سكوتيًا قاطعًا على عدم ذكر التشريع الإسلامي كتشريع ملأ الأرض عدلاً وعلمًا، وقد كان يحكم به في بلادهم مئات السنين يوم أن كانوا يتخبطون في ظلمات الجهالة، وقد كنت كلما تقدمت في الدراسة بجامعتهم[23] أجد النصوص هي النصوص، بل والتعليل للأحكام عندهم هو التعليل في الفقه الإسلامي، خصوصًا في مذهب الإمام مالك"[24].

فللدراسات المقارنة أهمية ودور كبير في إظهار وإبراز مكانة الفقه الإسلامي – إذ بضدها تعرف الأشياء - سواء كانت هذه المكانة التي اكتسبها الفقه الإسلامي عالمية بأن أصبح أحد أهم دعائم القانون المقارن في العصر الحديث، أو برجوع الدول العربية للاستمداد منه بدل الاعتماد على القوانين الغربية التي دخلت للبلاد العربية مع دخول المستعمر، وسأجمل دور المقارنات التشريعية في إبراز مدى ثراء الفقه الإسلامي ومكانته في ما يلي:

  • إظهار مكانة الشريعة الإسلامية وفضلها:

تهدف الدراسات المقارنة إلى إظهار فضل الشريعة وكمالها ورفعة قدرها، وأحقيتها بالتطبيق، وعلو شأنها فوق القوانين الأرضية كافة، إذ بها صلاح الدنيا ورفعة الآخرة، وبتطبيقها يرتفع الفساد الذي ظهر في البر والبحر بسبب عتو الإنسان واجترائه على محارم الله وحدوده، ويظن البعض أن في مقارنة الفقه الإسلامي بالقانون الوضعي تقليلاً من شأن الفقه الإسلامي، وهذا من ضعف الثقة بفقهنا الإسلامي، والواقع أن الدراسات المقارنة تجلي مزايا ومدى ثراء الفقه، مما يجعله محل تقدير واحترام الجهات العلمية العالمية[25].

 فإذا كان فقه التشريعات الغربية في أوروبا وأمريكا وليد قرنين من الزمان على الأكثر فإن الفقه الإسلامي له أربعة عشر قرنا طوّف الآفاق شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا، ونزل السهول والوديان والجبال والصحاري، ولاقى مختلف العادات وتقلب في جميع البيئات، وعاصر الرخاء والشدة، والسيادة والاستعباد، والحضارة والتخلف، وواجه الأحداث في جميع هذه الأطوار، فكانت له ثروة فقهية ضخمة لا مثيل لها، وفيه يجد كل بلد أيسر الحلول لمشاكله، وقد حكمت الشريعة الإسلامية في أزهى العصور فما قصرت عن الحاجة، ولا قعدت عن الوفاء بأي مطلب، ولا تخلفت بأهلها في أي حين، فلا ينبغي أبدًا لمن كانت هذه الشريعة دستورهم أن يتسوّلوا على موائد غيرهم، ولأجل إبراز هذه المكانة للفقه الإسلامي ذهب كثير من الفقهاء إلى مقارنة الفقه الإسلامي بغيره من النظم القانونية وفي ذلك يقول الشيخ أبو زهرة: "وإذا كنا نتجه إلى القوانين الحديثة في دراستنا، فإننا نتجه إلى تقسيمها وتنظيم الكتابة فيها ونقارب من هذه الناحية الشكلية، ولا نحاول التقريب في الناحية الموضوعية، وإن تعرضنا للموضوع أحيانًا، فلبيان فضل الشريعة على القانون الوضعي وما سبقت به القوانين كلها من حسنات[26].

  • إبراز غنى الفقه الإسلامي بالنظريات والمبادئ القانونية:

بعد أن اطّلع علماء الغرب وفقهاء القانون على ما يحويه الفقه الإسلامي من مبادئ ونظريّات ما كان للقانون الغربيّ أن يصل إليها، لولا الاستعانة به والاستمداد منه، فقد صاغ هذا الفقه عددًا من النّظريات التي انتقلت بالتفكير القانوني نقلة ذات آثار بعيدة في تطوّر هذا التفكير، من ذلك نظرية الضرورة والدّفاع الشرعي عن النّفس، ونظريّة الظروف الطارئة، وتعادل التزامات أطراف التعاقد، وجبر الضرر بنقله إلى المتسبّب في حدوثه أو توزيعه في المجتمع.

وقد تبلورت في الفقه الإسلامي نظرية التعسف في استعمال الحق، وحماية حق الخصوصية، والشفعة، والوقف، وتحريم الرّبا، ومنع الاحتكار، والغرر والمقامرة.

وقد أوضح هذا الفقه عددًا من المفاهيم التشريعية التي لا يخفى أثرها في تحقيق مصالح النّاس وتيسير تعاملاتهم، من ذلك مفهوم النّيابة في التعاقدات، ونقلل الالتزامات بين الأحياء أو الحوالة، ومفهوم الرّضائية في العقود وإطلاق سلطان الإرادة.

وفي المجال الجنائي كان الفقه الإسلامي هو الذي طور مفهوم المسؤولية وأسباب الإباحة، ونظرية تفسير الشك لمصلحة المتهم، وغير ذلك من النظريات التي يصعب حصرها، والتي انتقلت بالتفكير القانوني إلى آفاق واسعة رحيبة[27].

يقول الدكتور عبد الرزاق السنهوري: "وإذا كان بعض المستشرقين مثل شنوك هيرجرونج وجولد زيهر خيل إليهم أن مبادئ الشريعة الإسلامية جامدة لا تتطور، فذلك راجع إلى أنهم ليسوا من رجال القانون، بل من رجال التاريخ. فهم ينظرون إلى الشريعة الإسلامية نظرة المؤرخ لا نظرة الفقيه، وإلا فإنّ رجال القانون ممن درسوا الشّريعة يختلفون عن هؤلاء المستشرقين في نظرتهم إلى الشريعة الإسلامية، ويكفي أن نشير إلى الفقيه الألماني "كوهلر" والأستاذ الإيطالي "دلفيكيو" عميد كلية الحقوق بروما، وإلى العميد الأمريكي "فيجمور"، وإلى كثيرين غيرهم من الفقهاء فهم يشهدون بما انطوت عليه الشّريعة الإسلامية من مرونة وقابلية للتطور، ويضعونها إلى جانب القانون الروماني والقانون الإنجليزي، إحدى الشرائع الأساسية الثلاث التي سادت ولا تزال تسود العالم...

إلى أن قال "إن في الشريعة عناصر لو تولتها يد الصّيّاغة فأحسنت صياغتها لصنعت منها نظريّات ومبادئ لا تقل في الرّقي والشّمول ومسايرة التطور عن أخطر النّظريات الفقهيّة التي تتلقّاها عن الفقه الغربيّ الحديث. وضرب لذلك أربعة أمثلة فقال: إنّ كلّ مطّلع على فقه الغرب يدرك أن من أحدث نظرياته في القرن العشرين: نظريّة التعسّف في استعمال الحق، ونظريّة الظروف الطّارئة، ونظريّة تحمّل التبعة، ومسؤولية عديم التمييز.

وكل هذه النظريات أساس كبير في الشريعة الإسلامية لا يحتاج إلا إلى الصياغة والبناء"[28].

يقول الدكتور علي علي منصور: ولقد عثرت أخيرًا على مقال للأستاذ الدكتور عبد السلام ذهني تحت عنوان "تجميع القوانين والشّريعة الإسلامية" ورد فيه "لما كنت بمدينة ليون بفرنسا بقسم الدكتوراه في سنة 1911 - 1920م كان أستاذنا "لامبير" يرى أنّ الفقه الإسلامي في المعاملات كنزٌ لا يفنى ومعين لا ينضب، وكان يشير على الطلبة المصريين بالرجوع لوضع رسائلهم في الدكتوراه في مواضيع من الشريعة الإسلامية، وفعلاً وضع الدكتور محمد فتحي رسالة الدكتوراه عن مذهب الاعتساف في استعمال الحق والخروج عما شرع له عند فقهاء المسلمين، وما كادت الرسالة تطبع في كتاب حتى نفدت في ستة أشهر، وكتبت عنه المجلات القانونية كثيرًا، وأشادت بعظمة التشريع الإسلامي...

وما كتب الفقيه الألماني "كوهلر" في مقال له "إنّ الألمان كانوا يتيهون عُجبًا على غيرهم لخلقهم نظرية الاعتساف في استعمال الحق؛ وإدخالها ضمن التشريع في القانون المدني الذي وضع سنة 1787م، أما وقد ظهر كتاب "الدكتور فتحي" وأفاض في شرح هذه النظرية نقلاً عن رجال الفقه الإسلامي، فإنّه يجدر بعلماء القانون الألماني أن يتنازلوا عن المجد الذي نسبوه لأنفسهم، ويعترفوا بالفضل لأهله، وهم فقهاء الإسلام الذين عرفوا هذه النظرية وأفاضوا في الكلام عليها قبل الألمان بعشرة قرون[29]...

  • الاعتراف الدولي بمكانة الفقه الإسلامي وثراءه وأنه من أهم دعائم القانون المقارن اليوم:

ونكتفي بذكر شهادة بعض المؤتمرات الدولية للقانون المقارن لا على سبيل الحصر مثل:

  • المؤتمر الدولي للقانون المقارن سنة 1932م والذي انعقد في مدينة لاهاي في دورته الأولى، حيث يعترف أعضاؤه من الفقهاء الألمان والفرنسيين وغيرهم بأن الشريعة الإسلامية إحدى الشرائع الأساسية التي سادت ولا تزال تسود العالم، وبأنها مرنة قابلة للتطور، وهي فقه حيّ نامٍ متطور يجب النظر إليه بعين الاعتبار.

وفي دورته الثانية سنة 1937م في نفس المدينة قد مثل الأزهر فيه مندوبان من كبار العلماء ببحثين: الأوّل عن "المسؤولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية" والثاني عن "استقلال الشريعة والفقه الإسلامي، ونفيّ كلّ صلة مزعومة بين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني".

وقد تمخض المؤتمر عن نتائج مهمة حول الفقه الإسلامي، نبّه إليها رجال التشريع الغربي وهي:

  • اعتبار الشريعة الإسلامية مصدرًا من مصادر التشريع العام.
  • أنها حية قابلة للتطور.
  • أنها شرع قائم بذاته غير مأخوذ عن غيره.
  • مؤتمر المحامين الدولي سنة 1938م الذي انعقد في نفس المدينة – لاهاي – وقد اشتركت فيه 53 دولة من جميع أنحاء العالم، وضم عددًا كبيرًا من الأساتذة والمحامين اللامعين من مختلف البلدان.

ومن القرارات التي اتخذها المؤتمر – بناءً على اقتراح من لجنة التشريع المقارن في المؤتمر، وعطفًا على ما أقره مؤتمر القانون المقارن السابق بشأن الشّريعة الإسلامية – ما يأتي:

"نظرًا لما في التشريع الإسلامي من مرونة، وما له من شأن هام يجب على جمعية المحامين الدولية أن تتبنّى الدراسة المقارنة لهذا التشريع وتشجّع عليها".

  • مؤتمر شعبة الحقوق الشرقية من المجمع الدولي للحقوق المقارنة:

وهو المؤتمر المنعقد في كلية الحقوق جامعة باريس للبحث في الفقه الإسلامي سنة 1951م تحت شعار "أسبوع الفقه الإسلامي" برئاسة "ميو" أستاذ التشريع الإسلامي في كلية الحقوق بجامعة باريس، دعت إليه عددًا كبيرًا من أساتذة كليات الحقوق العربية وغير العربية، وكليات الأزهر، ومن المحامين الفرنسيين والعرب وغيرهم من المستشرقين، وقد اشترك أربعة من مصر، واثنان من سوريا، وقد دارت المحاضرات حول خمسة موضوعات فقهية عينها مجمع المكتب الدولي للحقوق المقارنة قبل عام، وتتعلق بالحقوق العامة والخاصة "مدنية، جنائية، إدارية، اقتصادية وتاريخ التشريع" وهي:

  • إثبات الملكية.
  • الاستملاك للمصلحة العامة.
  • المسؤولية الجنائية.
  • تأثير المذاهب الاجتماعية بعضها في بعض.
  • نظرية الربا في الإسلام.

وقد ألقيت المحاضرات كلها باللغة الفرنسية وخصص لكل موضوع يوم، وعقب كل محاضرة كانت تفتح مناقشات مهمة بين المؤتمرين والمحاضرين تطول أو تقصر بحسب الحاجة وتسجّل خلاصتها.

وفي خلال بعض المناقشات وقف أحد الأعضاء، وهو نقيب سابق للمحاماة في باريس قائلاً:

"أنا لا أعرف كيف أوفّق بين ما كان يحكى لنا عن جمود الفقه الإسلامي وعدم صلاحيته أساسًا تشريعيًا يفي بحاجات المجتمع العصري المتطوّر، وبين ما نسمعه الآن في المحاضرات ومناقشاتها، مما يثبت خلاف ذلك تمامًا، ببراهين النصوص والمبادئ".

وفي ختام المؤتمر وضع المؤتمرون بالإجماع التقرير الآتي:

"بناء على الفائدة المتحققة من المباحث التي عرضت أثناء أسبوع الفقه الإسلامي، وما جرى حولها من المناقشات التي نستخلص منها بوضوح:

  • أن مبادئ الفقه الإسلامي لها قيمة حقوقية تشريعية لا يمارى فيها.
  • إنّ اختلاف المذاهب الفقهية في هذه المجموعة الحقوقية العظمى ينطوي على "ثروة من المفاهيم والمعلومات، ومن الأصول الحقوقية" هي مناط الإعجاب، وبها يستطيع الفقه الإسلامي أن يستجيب لجميع مطالب الحياة المدنية، والتوفيق بين حاجاتها.

وبناءً على ما تقدّم يعلنون رغبتهم في أن يظل أسبوع الفقه الإسلامي يتابع أعماله سنة فسنة ويكلفون مكتب المؤتمر وضع قائمة للموضوعات التي أظهرت المناقشات ضرورة جعلها أساسًا للبحث في الدورة القادمة.

ويأمل المؤتمرون أن تؤلَّف لجنة لوضع معجم للفقه الإسلامي يسهِّل الرجوع إلى مؤلفات هذا الفقه، فيكون موسوعة فقهيّة تعرض فيها المعلومات الحقوقية الإسلامية وفقًا للأساليب الحديثة".

وأخيرًا جاء في توصيات ندوتي كليات الحقوق في العالم الإسلامي المعقودة أولاً في بيروت سنة 1973م، وثانيًا في بغداد سنة 1974م: "إنّ الشّريعة الإسلامية صالحة كنظام قانوني شامل من خلال تجربتها الواقعية في القرون الماضية، وأنّ انحسارها لم يكن لقصورها؛ بل كان لأسباب خارجة عن ذاتها"[30].

 

  • إبراز استقلالية الفقه الإسلامي وتميزه عن الفقه الغربي:

لقد كان لظهور الدراسات المقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين الغربية الفضل في تفنيد بعض الشبه التي أثيرت حول الفقه الإسلامي من ذلك مسألة تأثر الفقه الإسلامي بالقانون الروماني، والتي أيدها معظم المستشرقين على اختلاف بينهم في مدى هذا التأثر[31]، وكان دومينيكو غاتيسكي أول من زعم أن الفقه الإسلامي مستمد من القانون الروماني، وذلك في كتابه باللغة الإيطالية والمسمى: " كتاب يدوي للحقوق العثمانية العامة والخاصة" والذي طبع في الإسكندرية سنة 1856م، والذي زعم فيه مؤلفه أن الشرع الإسلامي يتشابه ويتماثل مع القانون الروماني في عدد من المسائل، وأن قواعد القانون الروماني قد دخلت وتسربت إلى المسلمين بسهولة في زي الأحاديث الموضوعة التي نسبت إلى النبي R[32].

وتبعه بعد ذلك الكثير من المستشرقين مثل جولد زيهر، وسانتيلانا، وشرمان، وكاروزي، وآموس، وساشو، ودي بور، وفون كريمر ... إلى التشكيك في أصالة الشريعة الإسلامية بدعوى أنها مستمدة من القانون الروماني، أو أنها تأثرت به كثيرًا، أو أن القانون الروماني من أهم مصادرها على تفاوت بينهم في ذلك بين مغال ومعتدل، ومن الذين غلوا كثيرًا في ذلك شيلدونآموس الذي زعم في كتابه (القانون المدني الروماني)" أن الشرع المحمدي ليس إلا القانون الروماني للإمبراطورية الشرقية معدلاً وفق الأحوال السياسية في الممتلكات العربية[33].

لكن بعد ظهور الدراسات المقارنة التي أبانت على تميز الفقه الإسلامي وأنه من أعظم النظم القانونية في العصر الحالي، كثير من المنصفين من المستشرقين أنفسهم نفى أي صلة بين الفقه الإسلامي والقانون الروماني، ومنهم نالينو وفتزجيرالد[34]. بل ورجع بعضهم عن دعواه أمثال جولد زيهر[35].

 

الخاتمة

لطالما رأينا كيف أن فقهاء الغرب يتباهون بما انحدر إليهم في تراثهم التشريعي عن الرومان من آراء ونظريات مختلفة مأثورة عن فقهاء الشرع الروماني وشراحه، ويجدون في تلك الآراء كمالا وثراء لفقههم، مع أن فقههم على سعته ليس إلا شيئًا يسيرًا، أو غيضًا من فيض بالنسبة لما ورثناه من اجتهادات من فقهنا الإسلامي، لكن بعد ظهور الدراسات المقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين الغربية والتي أماطت اللثام عن حقيقة ما يتمتع به الفقه الإسلامي من رصانة وانسجام بين مبادئه وقواعده وغناه بالنظريات والمبادئ القانونية والتي ما ظن فقهاء الغرب أبدًا أنها موجود في ثنايا الفقه الإسلامي، إضافة لتلك المرونة التي يتميز بها والتي من التأثير في باقي الشعوب، وامتيازه بإيجاد الحلول لما يطرأ من الوقائع ويستجد من النوازل[36]، ناهيك عن المبادئ والقيم الأخلاقية التي تجدها بارزة في جميع النظريات والقواعد والأحكام الفقهية[37]، لذلك كانت تلكم الاعترافات بمكانة الفقه الإسلامي سواء اعترافات فردية من كبار الفقهاء الغربيين، أو اعترافات مجامع ومؤسسات ومؤتمرات القانون في الغرب، وإضافة لانتزاع هذا الاعتراف من فقهاء الغرب ومؤسساته القانونية الرسمية بثراء الفقه الإسلامي وأنه مدرسة قانونية كبرى مثل المدرسة اللاتينة الجرمانية والمدرسة الأنجلوسكسونية، لكن هذا لا يكفي في نظري بل لا من تعريف الجيل بثراء الفقه الإسلامي وأنه أصلح من القوانين الوضعية الغربية إذا وجد اليد التي تصوغه بلغة العصر وتعرضه أحسن عرض، ولذلك في نظري لا بد من أمور أهما:

  • التعريف بالفقه الإسلامي وبيان مكانته من خلال مقارنته بالقانون الوضعي.
  • إرشاد المهتمين بالفقه الإسلامي إلى ما يحتويه من كنوز تشريعية ونظريات دفينة تضاهي بل تفوق النظريات الغربية تنتظر من يكشف عنها الحجاب ويخرجها للوجود.
  • التنويه بضرورة إعادة تجديد الفقه الإسلامي من خلال إعادة صياغته صياغة بسيطة بلغة العصر يفهمها الطلبة وتسهل عليهم عملية المقارنة بالقانون الوضعي.
  • بيان أن الدراسات المقارنة هي الوسيلة التي نستطيع بواسطتها إظهار ما يحتويه الفقه الإسلامي من نظريات ومبادئ قانونية راقية.


لتحميل ملف الدراسة

 

* مجلة العلوم الإسلامية والحضارة، مج: 8، ع: 2، 2023م، ص125-148.

** أستاذ الشريعة والقانون - جامعة المسيلة الجزائر.

 

المراجع

_______________

المعاجم والقواميس:

  • محمد بن أبي بكر الرازي، مختار الصحاح، عني بترتيبه: محمود خاطر، دار الفكر، الطبعة الأولى، 2001م.
  • مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، مصر، الطبعة الرابعة، 2004م.

المراجع العامة:

  1. أحمد الريسوني، الكليات الأساسية للشريعة الإسلامية، دار الكلمة للنشر والتوزيع، مصر، الطبعة الأولى، 2009م.
  2. الدسوقي السيد الدسوقي عيد، استقلال الفقه الإسلامي عن القانون الروماني والرد على شبه المستشرقين، مكتبة التوعية الإسلامية، جيزة – العراق -، الطبعة الأولى، 1989م.
  3. ساجر ناصر حمد الجبوري، التشريع الإسلامي والغزو القانوني الغربي للبلاد الإسلامية، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 2005م.
  4. سيد عبد الله حسين، المقارنات التشريعية بين القوانين الوضعية والتشريع الإسلامي (مقارنة بين فقه القانون الفرنسي ومذهب الإمام مالك بن أنس) دراسة وتحقيق: محمد أحمد سراج، وآخرون، دار السلام، مصر، الطبعة الثانية، 2006م.
  5. شويش هزاع علي المحاميد، مسيرة الفقه الإسلامي المعاصر وملامحه، دراسة وثائقية تحليلية، دار عمار، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 2001م.
  6. شوكت محمد عليان، التشريع الإسلامي والقانون الوضعي، دار الشواف، ط / 1996م.
  7. عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1998م.
  8. عبد الكريم زيدان، نظرات في الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط/ الأولى، 2011م.
  9. عبد الكريم زيدان، المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، دار عمر بن الخطاب –الاسكندرية – مصر، 1969م.
  10. علي علي منصور، مقارنات بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، دار الفتح، بيروت، ط/ 01، 1970م.
  11. صوفي حسن أبو طالب، بين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني، مكتبة نهضة مصر، القاهرة.
  12. محمد إبراهيم طاجن، أثر مدرسة الحقوق الخديوية في تطوير الدراسات الفقهية، مركز نهوض للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2020م.
  13. محمد أبو زهرة، الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي، دار الفكر العربي، القاهرة، الطبعة الأولى.
  14. محمد أحمد سراج، ضمان العدوان في الفقه الإسلامي، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2015م.
  15. محمد أحمد سراج، الفقه الإسلامي بين النظرية والتطبيق، الطبعة الأولى، د ت ن.
  16. محمد الصباغ، التشريع الإسلامي وحاجتنا إليه، المكتب الإسلامي، ط/ الثانية، بيروت، 1977م.
  17. محمد رشيد رضا، مجلة المنار، مقال بعنوان: "مناظرة في مساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات"، عدد ذي الحجة، 1930م.
  18. محمد شلتوت، الإسلام عقيدة وشريعة، دار الشروق، القاهرة، الطبعة العاشرة، 1980م.
  19. محمد فتحي الدريني، بحوق مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1994م.
  20. محمد قدري باشا، مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان في المعاملات الشرعية، إشراف: محمد أحمد سراج، أحمد جابر بدران، مركز الدراسات الفقهية والاقتصادية، دار السلام، مصر، الطبعة الأولى، 2011م.
  21. محمد وحيد الدين سوار، التعبير عن الإرادة في الفقه الإسلامي، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط/ الثانية، 1998م.

المقالات:

  1. رحيمة بن حمو، نحو نظرية للمقارنة بين الشريعة والقانون، مجلة المعيار، قسنطينة، مجلد 23، عدد 46، سنة 2019م.
  2. عبد الرزاق السنهوري، وجوب تنقيح القانون المدني، مجلة القانون والإدارة، سنة 06، العدد01.
  3. عبد المجيد الصلاحين، العلوم الإسلامية وتحديات العولمة – الفقه نموذجًا – مجلة العلوم الإسلامية والحضارة، مجلة علمية دولية محكمة، مركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارة، الأغواط، الجزائر، العدد الأول، جانفي 2016م.
  4. كارلو ألفونسو نالينو، نظرات في علاقات الفقه الإسلامي بالقانون الرومي، مقال ضمن كتاب "هل للقانون الرومي تأثير على الفقه الإسلامي"، دار البحوث العلمية، الطبعة الأولى، 1973م.
  5. فتزجيرالد، الدين المزعوم للقانون الرومي على القانون الإسلامي، تعريب محمد سليم العوا، مقال ضمن كتاب "هل للقانون الرومي تأثير على الفقه الإسلامي"، دار البحوث العلمية، الطبعة الأولى، 1973م.

 

 

مراجع باللغة الأجنبية:

  1. ANTIGA PASHAYEVA, Religion and Law: The Ratio of Law and Morality in Islam, International Journal of Islamic Thought, 22 (Dec.) 2022 p:3-4.

 

doi: https://dio.org/10.55781/rsic.v8i2.473

[1] مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، مصر، الطبعة الرابعة، 2004م، ص: 760.

[2] محمد فتحي الدريني، بحوق مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1994م، ج1/ 17.

[3] محمد فتحي، مرجع سابق، ج 1 / 17-18.

[4] محمد أحمد سراج، ضمان العدوان في الفقه الإسلامي، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2015م، ص: المقدمة، الصفحة هـ.

  • رحيمة بن حمو، نحو نظرية للمقارنة بين الشريعة والقانون مجلة المعيار، قسنطينة مجلد 23، عدد 46، سنة 2019م. ص: 642.

[5] محمد أحمد سراج، ضمان العدوان في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص: المقدمة، الصفحة هـ.

[6] محمد بن أبي بكر الرازي، مختار الصحاح عني بترتيبه: محمود خاطر، دار الفكر، الطبعة الأولى، 2001م، ص: 285.

[7] محمد شلتوت، الإسلام عقيدة وشريعة، دار الشروق، القاهرة، الطبعة العاشرة، 1980م، ص: 73.

[8] محمد إبراهيم طاجن، أثر مدرسة الحقوق الخديوية في تطوير الدراسات الفقهية، مركز نهوض للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 2020م، ص325.

[9] أحمد الريسوني، الكليات الأساسية للشريعة الإسلامية، دار الكلمة للنشر والتوزيع، مصر، الطبعة الأولى، 2009م، ص 21.

[10] شویش هزاع علي المحاميد، مسيرة الفقه الإسلامي المعاصر وملامحه، دراسة وثائقية تحليلية، دار عمار، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 2001م، ص524.

[11] محمد إبراهيم طاجن، مرجع سابق، ص326.

[12] محمد رشيد رضا، مجلة المنار، مقال بعنوان: "مناظرة في مساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات"، عدد ذي الحجة 1930م.

  • نقلاً عن محمد إبراهيم طاجن، مرجع سابق، ص 338- 339.

[13] وقد قام بتحقيقه وإخراجه إلى النور كل من أ. د/ محمد أحمد سراج، وأ. د/ علي جمعة محمد، من منشورات دار السلام المصرية، 1990م.

[14] للاطلاع أكثر على منهج الشيخ مخلوف المنياوي في كتابه المقارنات التشريعية، انظر: مقدمة المحقق للكتاب: المقارنات التشريعية تطبيق القانون المدني والجنائي على مذهب الإمام مالك، دراسة وتحقيق أ. د/ محمد أحمد سراج، أ. د/ علي جمعة محمد، دار السلام، الطبعة الأولى، 1999م، ج11/1-20. محمد أحمد سراج، ضمان العدوان في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص: المقدمة من الصفحة س - ر.

[15] انظر ترجمته في كل محمد أحمد سراج، ضمان العدوان في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص: من المقدمة ر - ذ. محمد قدري باشا، مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان في المعاملات الشرعية، اشراف: محمد أحمد سراج، أحمد جابر بدران، مركز الدراسات الفقهية الاقتصادية، دار السلام، مصر، الطبعة الأولى، 2011م،  ج 1 / 10- 14.

[16] محمد أحمد سراج، ضمان العدوان في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص: المقدمة من الصفحة ث.

[17]  لمزيد إيضاح حول منهج سيد عبد الله حسين في كتابه المقارنات ينظر: محمد أحمد سراج، ضمان العدوان في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص: من المقدمة ذ- غ، سيد عبد الله حسين، المقارنات التشريعية بين القوانين الوضعية والتشريع الإسلامي (مقارنة بين فقه القانون الفرنسي ومذهب الإمام مالك بن أنس) دراسة وتحقيق: محمد أحمد سراج، وآخرون، دار السلام، مصر، الطبعة الثانية، 2006م، ج 1/ 16-32.

[18] عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1998م، ج 1 / 5.

[19] عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ج 1 /6.

[20] عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ج1 /7. وانظر أيضًا في بيان منهج السنهوري في كتابه مصادر الحق، محمد أحمد سراج، ضمان العدوان في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص: من المقدمة غ – زز.

[21] محمد إبراهيم طاجن، مرجع سابق، ص: 381.

[22] راجع في بيان هذه الجهود وغيرها، محمد إبراهيم طاجن مرجع سابق، ص: 365-399.

[23] ذلك أن سيد عبد الله حسي بعد دراسته في الأزهر وتخرجه منه بشهادة العالمية في الفقه الإسلامي، درس الحقوق بجامعة ليون بفرنسا كما ذكر هو نفسه ذلك، سيد عبد الله حسين، مرجع سابق، ج 1/ 61.

[24] سيد عبد الله حسين، مرجع سابق، ج 1/ 61.

[25] محمد إبراهيم طاجن، مرجع سابق، ص: 352.

[26] محمد أبو زهرة، الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي، دار الفكر العربي، القاهرة، الطبعة الأولى، نقلاً عن محمد إبراهيم طاجن، مرجع سابق، ص: 353.

[27] محمد أحمد سراج، الفقه الإسلامي بين النظرية والتطبيق، الطبعة الأولى، د ت ن. ص 205.

[28] عبد الرزاق السنهوري، وجوب تنقيح القانون المدني، مجلة القانون والإدارة سنة 06، العدد 01، ص03 علي علي منصور، مقارنات بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، دار الفتح، بيروت، ط/ 01، 1970م. ص41-42.

[29] من مقال نشر في الجريدة القضائية في 23 جانفي 1937م نقلاً عن علي علي منصور، مرجع سابق، ص 41-42.

[30] انظر: ساجر ناصر حمد الجبوري، التشريع الإسلامي والغزو القانوني الغربي للبلاد الإسلامية، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 2005م، ص: 244 - 247. شوكت محمد عليان، التشريع الإسلامي والقانون الوضعي، دار الشواف، ط / 1996م، ص: 196؛ علي علي منصور، مرجع سابق، ص 9-10. عبد الكريم زيدان، نظرات في الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط/ الأولى، 2011م، ص: 15؛ محمد وحيد الدين سوار، التعبير عن الإرادة في الفقه الإسلامي، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط/ الثانية، 1998م، ص، ب؛ محمد الصباغ، التشريع الإسلامي وحاجتنا إليه، المكتب الإسلامي، ط/ الثانية، بيروت، 1977م، ص 13 - 14.

[31] عبد الكريم زيدان، المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، دار عمر بن الخطاب، الإسكندرية، مصر، 1969م، ص: 73.

[32] كارلو ألفونسو نالينو، نظرات في علاقات الفقه الإسلامي بالقانون الرومي، مقال ضمن كتاب "هل للقانون الرومي تأثير على الفقه الإسلامي"، دار البحوث العلمية، الطبعة الأولى، 1973م، ص: 9.

[33] صوفي حسن أبو طالب، بين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني، مكتبة نهضة مصر، القاهرة، ص: 6.

[34] فتزجيرالد، الدين المزعوم للقانون الرومي على القانون الإسلامي، تعريب محمد سليم العوا، مقال ضمن كتاب "هل للقانون الرومي تأثير على الفقه الإسلامي".

[35] فيتزجيرالد، مرجع سابق، ص: 121؛ صوفي حسن أبو طالب، بين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني، مرجع سابق، ص: 8. عبد الكريم زيدان، المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص: 74؛ الدسوقي السيد الدسوقي عيد، استقلال الفقه الإسلامي عن القانون الروماني والرد على شبه المستشرقين، مكتبة التوعية الإسلامية، جيزة - العراق، الطبعة الأولى، 1989م، ص:14.

[36] عبد المجيد الصلاحين، العلوم الإسلامية وتحديات العولمة - الفقه نموذجًا -، مجلة العلوم الإسلامية والحضارة، مجلة علمية دولية محكمة، مركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارة، الأغواط، الجزائر، العدد الأول، جانفي 2016م، ص: 39.

[37] ANTIGA PASHAYEVA Religion and Law: The Ratio of Law and Morality in Islam. International Journal of Islamic Thought Vol. 22 (Dec.) 2022 p:3-4148.

Rate this item
(0 votes)
Last modified on الجمعة, 13 حزيران/يونيو 2025 04:31

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.