البديل الإسلامي للتأمين رؤية فقهية وتطبيقية ومستقبلية دعوة للعمل بنظام التأمين طبقًا لمشروع قانون المعاملات المدنية

By أ. د. جابر عبد الهادي سالم الشافعي آذار/مارس 15, 2025 416 0

نُشرت هذه الدراسة للأستاذ الدكتور جابر عبد الهادي سالم الشافعي· في مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية الصادرة عن كلية الحقوق- جامعة الإسكندرية، مج: 2، ع: 3/ يوليو 2022م.

 

وجاء تقديم هذه الدراسة على النحو الآتي:

يعتبر موضوع التامين بأنواعه المختلفة من المعاملات التي فرضت نفسها في هذا العصر في كافة الدول ومنها الدول الإسلامية، وذلك لما يمثله التأمين من أهمية كبرى في هذه الآونة على الصعيد الاقتصادي والمالي والاجتماعي، فشركات التأمين اليوم تُعد من المؤسسات المالية الضخمة؛ حيث تقوم بتجميع مبالغ مالية ضخمة من خلال الأقساط التي يلتزم المؤمن لهم بدفعها لهذه الشركات ثم القيام باستثمارها في وجوه كثيرة، فضلاً عن اشتراط قوانين الدول حد أدنى لرأس مال هذه الشركات دائمًا تكون كبيرة، فشركات التأمين لها دور هام على الصعيد الاقتصادي والمالي.

هذا فضلاً عن دورها على الصعيد الاجتماعي فالتأمين يوفر نوعًا من الأمن للأفراد داخل المجتمع ضد المخاطر التي قد تهددهم في أشخاصهم أو أموالهم.

ونتيجة لكثرة المخاطر المحدقة بالإنسان وبالأموال في هذا العصر، ازداد الاهتمام بالتأمين بأنواعه المختلفة على الصعيد العالمي، وأيضًا على صعيد الدول الإسلامية من قبل العلماء سواء أكانوا من علماء الاقتصاد أم القانون.

كما حظي التأمين بأنواعه المختلفة باهتمام كبير من قبل علماء الفقه الإسلامي فتعرضوا له لبيان ما إذا كان من المعاملات الجائزة شرعًا أم من المعاملات المحرمة أم من الأمور المشتبهة، كما سعو إلى إيجاد نوع من التأمين يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية يكون بديلاً عن أنواع التأمين التي لا تتفق وأحكام الإسلام.

ولا شك أن فتح المجال أمام البديل المباح عند المنع من المحظور له أهمية كبيرة فإذا قرر العالم أن أمرًا ما يُعد محظورًا شرعًا فإنه يجب الاجتهاد في وضع البدائل المباحة شرعًا حماية للدين وإصلاحًا للناس خاصة إذا كان هذا الأمر يهدف إلى تحقيق حاجات الناس، وهذا من الفقه والنصح في دين الله.

فقد جاء في كتاب إعلام الموقعين: "إذا منع المفتي المستفتي من محظور وجهه إلى بديل مباح... من فقه المفتي ونصحه إذا سأله المستفتي عن شيء فمنعه منه وكانت حاجته تدعوه اليه، أن يدله على ما هو عوض له منه فيسد عليه باب المحظور ويفتح له باب المباح، وهذا لا يتأتى إلا من عالم ناصح مشفق قد تاجر مع الله وعامله بعلمه، فمثاله في العلماء مثال الطبيب العالم الناصح في الأطباء يحمي العليل عما يضره ويصف له ما ينفعه، فهذا شأن أطباء الأديان والأبدان، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما بعث الله من نبي إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم، وهذا شأن خلق الرسل وورثتهم من بعدهم، ورأيت شيخنا قدس الله روحه يتحرى ذلك في فتاويه مهما أمكنه، ومن تأمل فتاويه وجد ذلك ظاهرًا فيها، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً أن يشتري صاعًا من التمر الجيد بصاعين من الردى، ثم دله على الطريق المباح فقال: بع الجميع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيبا، فمنعه من الطريق المحرم وأرشده إلى الطريق المباح، ولما سأله عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث والفضل بن عباس أن يستعملهما في جباية الزكاة، ليصيبا ما يتزوجان به، منعهما من ذلك وأمر محمية بن جزو وكان على الخمس أن يعطيهما ما ينكحان به، فمنعهما من الطريق المحرم وفتح لهما الطريق المباح، وهذا اقتداء منه بربه تبارك وتعالى فإنه يسأله عبده الحاجة فيمنعه إياها ويعطيه ما أصلح له وأنفع منها وهذا غاية الكرم والحكمة".

فالبحث عن البديل المباح عند المنع من المحظور هو مهمة العلماء، وإذا لم يقوموا بهذا الدور، فقد يعتلي من قبل أشخاص لا ورع لهم في العلم فيسيروا بالناس نحو المحظور هروبًا من الحرج.

ولقد قام العلماء بمحاولات لوضع البديل الإسلامي للتأمين ودفعه إلى مجال التطبيق وبالفعل دخلت بعض هذه البدائل حيز التطبيق في بعض الدول الإسلامية، في حين لم يدخل بعضها الآخر.

ولهذا كان الهدف من هذا البحث الإشارة إلى البديل الإسلامي للتأمين من خلال رؤية فقهية وتطبيقية ومستقبلية، لذلك كان بعنوان: "البديل الإسلامي للتأمين رؤية فقهية وتطبيقية ومستقبلية- دعوة للعمل بنظام التأمين طبقًا لمشروع قانون المعاملات المدنية".

 

واختتم الباحث دراسته بتقديم ثلاث توصيات قام بتوجيهها إلى عدة جهات يمكن إجمالها على النحو التالي:

التوصية الأولى: وتقضى بدعوة شركات التأمين العاملة في الدول العربية والإسلامية إلى إنشاء فروع لها في بلدانهم تعمل وفقًا لنظام التأمين الإسلامي، لتلبية رغبات شريحة لا بأس بها في هذه الدول، أو الأخذ بنظام وثائق أو بوالص التأمين مع المشاركة في الأرباح، أو بإصدار وثائق تقضى برد شركة التامين للأقساط التي حصلتها من المستأمن إذا لم يحصل على تعويض في نهاية مدة التأمين.

التوصية الثانية: وتقضى بدعوة شركات التأمين الإسلامية إلى إنشاء فروع لها في الدول العربية والإسلامية، وأيضا بدعوة رجال الأعمال والمؤسسات المالية الكبرى إلى إنشاء شركات تأمين إسلامية في هذه الدول، وذلك لتلبية رغبات هذه الشريحة بهذه الدول، كما حدث بالنسبة للبنوك الإسلامية.

التوصية الثالثة: وتقضى بدعوة المؤسسات والهيئات والأفراد الذين يتحرون الحلال والحرام، أن من يريد التعامل مع شركات التأمين، فإنه ووفقًا لما أطلعت عليه من أبحاث ودراسات وأراء وفتاوى فردية وجماعية بشأن التأمين، أقول: إن كان في البلد شركات تأمين إسلامية أو فروع لهذه الشركات، يجب التعامل مع هذه الشركات أو هذه الفروع دون غيرها، لأن في هذه الشركات ما يُسمى بنظام هيئة الرقابة الشرعية، وهي هيئة تشكل من العلماء الشرعيين تكون أمينة على أن تتم أعمال هذه الشركات بما يوافق أحكام الفقه الإسلامي، وإذا تمت أعمال هذه الشركات بما يخالف أحكام الفقه الإسلامي يكون الإثم على أعضاء هيئة الرقابة الشرعية هذه وليس على المتعاملين مع هذه الشركات الدول التي بها مثل هذه الشركات، بالإضافة إلى وجود ما يسمى بالهيئة العليا للرقابة الشرعية على أعمال التأمين في بعض الدول التي بها مثل هذه الشركات.

 

تقسيمات البحث:

تناول الباحث موضوعه من خلال تقسيمه إلى فصل تمهيدي، وفصلين، وخاتمة، وذلك على النحو التالي:

الفصل التمهيدي: التأمين بين الفقه الإسلامي والقانون

المبحث الأول: قدم ظاهرة التأمين وبدايات الحديث عنه من قبل علماء الفقه الإسلامي

المبحث الثاني: أقسام التأمين والتعريف بها

المبحث الثالث: مواقف علماء الفقه الإسلامي المختلفة من التأمين التجاري

الفصل الأول: البديل الإسلامي للتأمين من التنظير إلى التطبيق

المبحث الأول: البديل الإسلامي للتأمين من حيث التنظير (فقه إسلامي للتأمين)

المطلب الأول: طريق البحث عن بديل إسلامي للتأمين

المطلب الثاني: التأمين التكافلي وموقفنا منه

الفرع الأول: التأمين التكافلي كطريقة من طرق البديل الإسلامي للتأمين

الفرع الثاني: موقفنا من التأمين التكافلي كبديل إسلامي للتأمين

المطلب الثالث: وسائل إسلامية موصلة إلى أهداف التأمين

المبحث الثاني: البديل الإسلامي للتأمين من حيث التطبيق

الفصل الثاني: مستقبل البديل الإسلامي للتأمين والدعوة للعمل به

المبحث الأول: مستقبل البديل الإسلامي للتأمين

المبحث الثاني: دعوة للعمل بنظام التأمين طبقًا لمشروع قانون المعاملات المدنية كبديل إسلامي

الخاتمة

 

 

رابط مباشر لتحميل الدراسة

 

  • أستاذ الشريعة الإسلامية كلية الحقوق جامعة الإسكندرية- كلية القانون جامعة أبو ظبي.
Rate this item
(0 votes)
Last modified on السبت, 15 آذار/مارس 2025 14:18

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.