أعلن الدكتور أحمد عبد الظاهر[1] -في الخامس من ديسمبر 2024- عن مبادرته بتقديم مقترح لمشروع أسماه "المعجم التاريخي للمصطلحات القانونية" لدراسة تاريخها وتطورها وانتقالاتها، والذي يستهدف –بحسب مقدمه- توثيق التطور التاريخي للمصطلحات القانونية في اللغة العربية، وجعلها في متناول الأجيال الحالية والمستقبلية، فهو ليس مجرد خطوة تقنية أو لغوية، بل من شأنه أن يصبح ركيزة أساسية للحفاظ على الموروث القانوني العربي وتطويره بما يتماشى مع مستجدات العصر.
وقد وجه د. عبد الظاهر مقترحه إلى مجمع اللغة العربية لدراسته، حيث تضمن هذا المقترح ما يأتي:
فكرة المشروع وأهدافه
يهدف المشروع إلى جمع وتوثيق ذاكرة المصطلحات القانونية في اللغة العربية عبر العصور، ويقوم المشروع على تتبع تطور هذه المصطلحات من حيث تاريخ نشأتها وتغيراتها عبر الزمن، ويشمل هذا التتبع رصد التحولات النحوية والدلالية التي طرأت على المصطلح، بدءًا من استعماله الأول في النصوص القانونية والفقهية وصولًا إلى الاستخدام الحديث.
يتجاوز المشروع مجرد توثيق المصطلحات القانونية الحالية، فيسعى إلى تقديم سجل تاريخي يشمل كافة التطورات التي مرت بها المصطلحات، على سبيل المثال، بعض المصطلحات القانونية قد تبدأ بدلالة لغوية محددة ثم تتحول مع الزمن إلى دلالات قانونية أوسع أو أكثر تخصصًا، ومن هنا تأتي أهمية المشروع في تقديم فهم شامل لتاريخ المصطلح، مما يساعد في فهم النصوص القانونية القديمة وفهم نية المشرع عند وضع النصوص القانونية.
أحد الأهداف الأساسية للمشروع هو تعزيز الفقه القانوني العربي، فتوثيق المصطلحات القانونية بشكل دقيق وتاريخي يساعد الباحثين والأكاديميين والقانونيين في الوصول إلى فهم أعمق للنصوص القانونية وتطوراتها، كما يهدف المشروع إلى توفير أداة مرجعية شاملة لكل من يهمه أمر القانون العربي ولغة الضاد.
أهمية المشروع
يُعتبر مشروع المعجم التاريخي للمصطلحات القانونية ذا أهمية كبيرة على عدة مستويات:
- توثيق التاريخ القانوني: يساعد المشروع في الحفاظ على التراث القانوني العربي من خلال تتبع التطورات التي مرت بها المصطلحات القانونية على مر العصور.
- دعم اللغة العربية: من خلال هذا المشروع، يتم تعزيز مكانة اللغة العربية كلغة قانونية يمكن أن تواكب التطورات القانونية العالمية.
- مساعدة الباحثين والقانونيين: يعد المعجم التاريخي للمصطلحات القانونية أداة بحثية هامة للباحثين والأكاديميين والقانونيين الذين يسعون لفهم التطورات التاريخية التي مرت بها المصطلحات القانونية.
- التعاون بين اللغويين والقانونيين: سيساعد على حدوث نوع من التعاون بين المختصين في اللغة العربية وأساتذة القانون، مما يساهم في تقديم مصطلحات قانونية دقيقة وموثوقة، وتطوير الفهم المشترك بين الجانبين فيما يخص دلالة المصطلحات القانونية واستخداماتها المختلفة.
السياق التاريخي للمعجم القانوني
تعود فكرة المعاجم القانونية إلى منتصف القرن العشرين، عندما بدأ مجمع اللغة العربية في التفكير في إعداد معجم قانوني للمصطلحات العربية، وكانت هذه الفكرة تعكس الحاجة إلى تنظيم وتوثيق المصطلحات القانونية بما يتماشى مع المستجدات القانونية والاجتماعية في ذلك الوقت.
في الأربعينيات من القرن العشرين، عهد مجلس المجمع إلى لجنة القانون بإعداد هذا المعجم، وضمت اللجنة في عضويتها عددًا من كبار رجال القانون، مثل الدكتور عبد الحميد بدوي، والدكتور عبد الرزاق السنهوري، اللذين لعبا دورًا كبيرًا في إرساء أسس المشروع، وبدأت اللجنة في إعداد مصطلحات قانونية للفروع المختلفة مثل القانون المدني، والقانون التجاري، وقانون المرافعات، والقانون الإداري، والتأمين.
استمرت الجهود في هذا المجال، واستعانت اللجنة بعدد من أساتذة كليات الحقوق لإعداد مصطلحات الفروع القانونية المختلفة، وقد أثمر هذا التعاون عن إعداد معجم يحتوي على نحو ثمانية آلاف مصطلح قانوني، تمثل مختلف فروع القانون، ورغم هذه الجهود الكبيرة، إلا أن المشروع لم يشمل البعد التاريخي للمصطلحات، أي أنه لم يتطرق لتتبع التطور التاريخي لهذه المصطلحات.
التحديات التي تواجه المشروع
رغم أهمية المعجم التاريخي للمصطلحات القانونية، إلا أن هناك عدة تحديات قد تعيق تنفيذه بشكل كامل، من أبرز هذه التحديات:
- الحاجة إلى فريق متخصص: يتطلب تنفيذ المشروع فريقًا متعدد التخصصات يضم خبراء في القانون واللغة العربية والتاريخ.
- جمع النصوص القديمة: يحتاج المشروع إلى جهود كبيرة في جمع النصوص القانونية والفقهية القديمة التي تحتوي على المصطلحات القانونية، ويتطلب ذلك الوصول إلى مكتبات تاريخية ومصادر قد تكون غير متاحة بسهولة.
- التحديات التقنية: قد يتطلب المشروع استخدام تقنيات متقدمة لتحليل النصوص وتتبع تطور المصطلحات، استخدام هذه التقنيات قد يكون مكلفاً ويحتاج إلى موارد مالية وبشرية كبيرة.
- الدعم المؤسسي: يتطلب المشروع دعماً كبيراً من المؤسسات الأكاديمية والحكومية لضمان تنفيذه بشكل صحيح، من الضروري أن يتم توفير الموارد اللازمة للفريق العامل على المشروع.
تقسيمات المعجم المقترح (الأبواب والفصول):
يري القائمون على المشروع أنه من الملائم اتباع الآلية والمنهجية ذاتها المتبعة في معجم القانون الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والذي اشتمل على ثلاثة عشر بابًا، على النحو التالي:
الباب الأول: القانون الدستوري.
الباب الثاني: القانون المدني.
الباب الثالث: قانون المرافعات المدنية والتجارية.
الباب الرابع قانون العقوبات.
الباب الخامس: قانون الإجراءات الجنائية.
الباب السادس: التشريعات الاجتماعية.
الباب السابع: القانون التجاري.
الباب الثامن: القانون الإداري
الباب التاسع: القانون البحري.
الباب العاشر: القانون الجوي.
الباب الحادي عشر: التأمين.
الباب الثاني عشر: القانون الدولي العام.
الباب الثالث عشر: القانون الدولي الخاص.
وتجدر الإشارة من ناحية أخرى إلى أنه قد روعي الترتيب الهجائي العربي في كل فرع على أن تكون الواو المهموزة في أول الواوات والياء المهموزة في أول الياءات، وقفي كل فرع بفهرس ذي مدخل هجائي فرنسي.
لتحميل الملف التعريفي بالمشروع
المصدر:
أشرف الشيخ، نحو معجم تاريخي للمصطلحات القانونية، نقابة المحاميين المصرية، 5 ديسمبر 2024، https://bit.ly/3ZSe9o9
[1] أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة- المستشار القانوني بدائرة القضاء – أبو ظبي، وعضو مجلس إدارة (أكاديمية أبو ظبي القضائية)، وعضو المجلس الاستشاري في (أكاديمية شرطة دبي)- حاصل على دكتوراة في القانون الجنائي وحقوق الإنسان عام 2002 من جامعة باريس الثانية بانتيون أساس في الجمهورية الفرنسية. نال جائزة الدولة التشجيعية" عام 2012 في مصر.