صدور كتاب "مناهج تطوير قوانين الأحوال الشخصية: دراسة نقدية تطبيقية في المشاريع العربية" للدكتور أحمد حسين عثمان

صدر حديثًا كتاب "مناهج تطوير قوانين الأحوال الشخصية: دراسة نقدية تطبيقية في المشاريع العربية" للدكتور أحمد حسين عثمان، عن دار العادل القانونية بالقاهرة. والكتاب يعد دراسة مهمة في حقل التشريعات المتعلقة بالأحوال الشخصية في العالم العربي، حيث يتناول المؤلف بعمق الإشكاليات المتعلقة بتطوير هذه التشريعات في ضوء التغيرات الاجتماعية والسياسية التي تشهدها المنطقة. ويطرح الكتاب مناهج جديدة للإصلاح والتطوير القانوني، مستندًا إلى تجارب سابقة وواقع القوانين الحالية.

وقد قدم للكتاب فضيلة الأستاذ الدكتور محمد قاسم المنسي (أستاذ الشريعة الاسلامية ووكيل كلية دار العلوم السابق بجامعة القاهرة)، وهو التقديم الذي اعتمدنا عليه في بيان أهمية الكتاب وما تضمنه من إضافات مهمة في موضوعه، وذلك على النحو الآتي:

 

أهمية الكتاب:

تنطلق أهمية هذا الكتاب من عدة محاور أساسية، منها أن قوانين الأحوال الشخصية في العالم العربي قد خضعت لتحولات كبيرة على مر الزمن. فمنذ الحقبة الاستعمارية وما تلاها من استقلال الدول العربية، ظهرت الحاجة إلى تطوير هذه القوانين بحيث تراعي المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وتحقق التوازن بين القيم الدينية والمبادئ القانونية الحديثة.

وتبرز أهمية إعداد مشروعات شاملة لقوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية والإسلامية لعدة أسباب: أولها، تحقيق الوحدة التشريعية بين تلك الدول. وثانيها، مواكبة التطورات الاجتماعية التي لا تتوقف وتفرض نفسها على المجتمعات. وهذه المشاريع القانونية لا تستهدف فقط تلبية احتياجات اليوم، بل تهدف إلى مواجهة الصراعات بين القوى المحافظة التي تسعى إلى الحفاظ على القيم والتقاليد، وبين القوى الداعية إلى الحداثة والتغيير.

ويأتي هذا الكتاب ليكون دعوة لإعادة النظر في المناهج القانونية التي تم اتباعها في تطوير قوانين الأحوال الشخصية، فهذه المناهج؛ قد أصبحت غير كافية لتلبية الاحتياجات التشريعية المتجددة في مجال الأسرة، ومن هنا تأتي أهمية طرح الدكتور أحمد حسين عثمان لفكرة البحث عن منهج جديد أو عدة مناهج تسهم في مواجهة المشاكل الاجتماعية التي يفرزها الزمن.

 

وفي هذا السياق، يقترح المؤلف ثلاثة محاور رئيسية للعمل على تطوير القوانين:

  1. المنهج الانتقائي الإنشائي: يهدف هذا المنهج إلى اختيار الأحكام المناسبة من مختلف المذاهب الفقهية وتطبيقها وفقًا لمقتضيات الواقع والمصلحة الاجتماعية.
  2. ضم المقارنة بين القوانين العربية إلى المقارنة بين المذاهب: يتيح هذا المحور المجال لمراجعة التشريعات المختلفة في الدول العربية والإسلامية والبحث عن أفضل السبل لتوحيد القوانين أو تحسينها.
  3. نظام قضائي قوي: ويقترح المؤلف بناء نظام قضائي جديد يتيح تطبيق المنهجية الجديدة وتحقيق التوازن المطلوب بين التقاليد والتحديث.

 

تحليل نقدي لمشروع القانون الموحد:

من أبرز النقاط التي يتناولها الكتاب هو التحليل النقدي الذي يقدمه الدكتور أحمد حسين عثمان لمشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد بين مصر وسوريا، بحسبان أن هذا المشروع، الذي أشرف عليه فقهاء بارزون مثل مصطفى الزرقا والشيخ حسن مأمون، يعتبر نموذجًا بارزًا للإصلاح القانوني في مجال الأحوال الشخصية. وعلى الرغم من مرور عقود على إعداد هذا المشروع، فإنه لا يزال يحتفظ بقيمته العلمية والقانونية، ويعد من الأعمال الرائدة التي تستحق التحليل والدراسة.

يشير المؤلف إلى أن مشروع القانون الموحد كان خطوة نوعية في مجال التشريع، حيث جمع بين الفقه الإسلامي والتشريعات الحديثة في إطار واحد، مما جعله نموذجًا يحتذى به في مشاريع تطوير قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية.

 

أهمية الإصلاح القضائي:

من النقاط التي يركز عليها الكتاب أيضًا ضرورة تفعيل فكرة المعيار في قوانين الأحوال الشخصية، وتطوير عملية تفسير النصوص من جانب القضاة، حيث يشير المؤلف إلى أن القضاء يلعب دورًا محوريًا في تحقيق العدالة داخل المجتمع، ومن هنا تأتي أهمية تعزيز نظام قضائي قوي يتماشى مع التشريعات المطورة، ويحقق التوازن بين المصلحة العامة وحقوق الأفراد. كما يتناول المؤلف في هذا الإطار مسألة تفسير القوانين وعلاقتها بالمنظومة القانونية. ويشير إلى أن هناك مدارس متعددة في تفسير التشريعات، منها المدرسة الفقهية والتشريعية، وهو ما يستدعي فهمًا دقيقًا للقوانين المطبقة، وكيفية توظيفها في تحقيق العدالة.

 

وتميزت لغة الكتاب وأسلوبه في المجمل لغة علمية دقيقة وجيدة، وإن غلبت عليها النبرة الحماسية في بعض الأحيان. ورغم ذلك، فقد كانت الأفكار المطروحة في الكتاب جديرة بالنقاش والتحليل، وهو ما يجعل هذا العمل إضافة مهمة للمكتبة القانونية العربية. ولا تقتصر أهمية هذا الكتاب على محتواه فحسب، بل تعكس أيضًا الجهد الكبير الذي بذله الدكتور أحمد حسين عثمان في مسيرته العلمية، فإن الدكتور عثمان يُعد من الباحثين المتميزين الذين جمعوا بين الدراية الفقهية والقانونية، وهو أمر نادر ومهم في الدراسات الإسلامية المعاصرة.

 

بدأ الدكتور عثمان مسيرته العلمية بدراسة جهود مصطفى الزرقا في الفقه الإسلامي، وانتقل بعدها لدراسة أعمال السنهوري باشا، أحد أبرز فقهاء القانون في العالم العربي. هذا التنوع في الخلفية العلمية جعل من الدكتور عثمان باحثًا واعدًا يمتلك أدوات نقدية وتحليلية تجمع بين الفقه الإسلامي والقانون المدني.

 

فهرس موضوعات الكتاب:

الفصل الأول: مداخل معرفية وقانونية للنظر في قوانين الأحوال الشخصية.

الفصل الثاني: المناهج التي اتبعت في تطوير الأحوال الشخصية.

الفصل الثالث: المنهج المقترح في تطوير الأحوال الشخصية ومحاوره.

الفصل الرابع: دراسة تطبيقية لمنهج التطوير المأمول على القانون الموحد بين مصر وسوريا.

Rate this item
(0 votes)

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.