في التاسع من يوليو عام 2004م أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها بشأن مدى مشروعية بناء الجدار العازل التي تقوم إسرائيل ببنائه -آنذاك- في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولقد جاء هذا القرار بناء على طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر عام 2003م؛ حيث طلبت الجمعية من المحكمة تحديد الآثار القانونيَّة المترتبة على قيامِ إسرائيل بصفتها السُلطة المُحْتلَّة ببناءِ جدارٍ عازلٍ في الأراضي الفلسطينيَّة المُحْتلَّة.
وخلصت محكمة العدل الدولية في الرد على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى خمس نقاط أساسية يمكن إجمالها على النحو التالي:
- مخالفة الجدار العازل الذي قامت إسرائيل ببنائه في الأراضي الفلسطينيَّة المُحْتلَّة لأحكام ومبادئ القانون الدولي.
- يتعين على إسرائيل إزالة الجدار وتفكيكه من أجل إنهاء حالة خرق القانون الدولي.
- تقع على عاتق إسرائيل مسؤوليَّة جبرِ الضررِ الناتجِ عن بناءِ الجدارِ الفاصلِ في الأراضي الفلسطينيَّة المُحْتلَّة بما في ذلك مدينة القُدس.
- على كلِ الدول الالتزام بعدم الاعتراف بشرعيَّة وجود الجدار الفاصل الذي أقامته إسرائيلُ، وكافة النتائج المُتَرتِّبة على إقامته وعدم تقديم أي عون أو دعم من شأنه تعزيز وتثبيت وجود الجدار غير القانوني، وعلى كل الدول الأعضاء التي وقَّعت على اتفاقيَّة جنيف عام 1949 الخاصة بحماية المدنيين في أوقات الحرب والتي تحترم مِيثَاق الأمم المُتَّحِدَة أنْ تَحُثَّ إسرائيلَ على الانصياع لقرارات الأمم المُتَّحِدَة والمواثيق الدوليَّة ذات الصلة.
- على الأممِ المُتَّحِدَة وتحديدًا الأمانة العامة ومجلس الأمن الدولي أنْ تقوم بما يَلْزَم وما هو مطلوب لإنهاء الوضع غير القانوني الذي أقامته إسرائيل في الأراضي الفلسطينيَّة المُحْتلَّة[1].
ونرى أن الدول العربية لم تستثمر فتوى محكمة العدل الدولية الصادرة بعدم مشروعية بناء الجدار العازل ولم توظفه التوظيف الأمثل، مثلما تفعل إسرائيل وحليفاتها الولايات المتحدة الأمريكية في استغلال أي موقف لصالحها، لا سيما أن ذلك القرار صدر من أعلى هيئة قضائية دولية، وقد أدان إسرائيل وبشدة، وأكد على انتهاكها لأحكام ومبادئ القانون الدولي، ولم يتوقف عند هذا الحد بل طالبها بضرورة احترامها للقانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م، كما طالبها بهدم الجدار، وتعويض الجانب الفلسطيني.
وفي الحقيقة إن هذا الأمر ليس بالأمر المستغرب على الموقف العربي؛ حيث إن صانعي القرار في الوطن العربي، ووسائل الإعلام، والمراكز البحثية نادرًا ما تعر مثل هذه القرارات والأحكام القضائية أي اهتمام يُذكر، وتسعى في توظيفها في خدمة القضية الفلسطينية ومراكمة البناء عليها في المحافل الدولية.
[1]للمزيد من التفاصيل راجع: د. عبد الله محمد بن عبود، الجدار العازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة "دراسة قانونية سياسية في ضوء فتوى محكمة العدل الدولية"، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2013م، ط1.
رابط مباشر لتحميل النص الكامل للقرار