صدر كتاب "العالم من منظور غربي" للدكتور عبد الوهاب المسيري· ضمن سلسلة الكتب التي تصدرها "دار الهلال" المصرية (العدد رقم 602، فبراير 2001م).
وناقش الدكتور عبد الوهاب المسيري من خلال هذا الكتاب قضية بالغة الاهمية وهي قضية "التحيز"، حيث جاء في تقديمه لهذا الكتاب:
التحيز، كما جاء في المعاجم، هو الانضمام والموافقة في الرأي، وقضية التحيز في المنهج والمصطلح هي إشكالية مهمة تواجه أي دارس في الشرق والغرب والشمال والجنوب، ولكنها تواجهنا في العالم الثالث بحدة، فنحن ننشأ في بيئة حضارية وثقافية لها نماذجها الحضارية والمعرفية المختلفة النابعة من تراثنا الحضاري ومن واقعنا التاريخي، ولكننا نواجه بنماذج أخرى تحاول أن تفرض نفسها على واقعنا وعلى وجداننا وفكرنا.
منذ نهاية القرن الثامن عشر، ومع انتشار الإنسان الغربي التدريجي في أرجاء العالم، من خلال التشكيل الاستعماري الغربي، وقيامه بتدويل نماذجه الحضارية والمعرفية الحديثة، بدأ أيضا ما يسمى "الغزو الثقافي"، وهو محاولة الإنسان الغربي فرض نماذجه هذه على شعوب العالم، وهي نماذج أثبتت نفعها في العالم الغربي في المجالات الاقتصادية والسياسية، ولكنها لها جوانبها المظلمة والمدمرة في مجالات أخرى، وهذه النماذج ليس لها بالضرورة علاقة قوية بواقع شعوب العالم الغربي (أي الغالبية العظمى لشعوب الأرض)، وهي لهذا السبب ليست قادرة على التفاعل مع هذا الواقع أو على الإسهام في تفسيره أو تغييره، بل ويؤدي تبنيها أحيانا إلى تدميره.
إن لكل مجتمع تحيزاته، ولكن ما حدث هو أن كثيرًا من شعوب العالم بدأت تتخلى عن تحيزاتها النابعة من واقعها التاريخي والإنساني والوجودي، وبدأت تتبنى التحيزات الغربية، وبدأت تنظر لنفسها من وجهة نظر الغرب.
وقد تناول المسيري قضية التحيز من خلال تقسيم كتابه إلى جزئيين، حيث ناقش في الجزء الأول قضية التحيز مستعرضًا التحيز للنموذج المعرفي المادي المرتبط بالحضارة الغربية الحديثة، وسعى من خلال الجزء الثاني إلى تقديم النموذج البديل.
واختتم المسيري دراسته بنتيجة هامة تتمثل في أن فقه التحيز هو فقه لكل ابن من أبناء هذه الأمة بأديانهم واتجاهاتهم، طالما أنه يدافع عن هويتنا الحضارية ويرى أنها تستحق الحفاظ عليها، فالإسلام بالنسبة للمسلمين عقيدة يؤمنون بها، وهو بالنسبة لكل من ينتمى لهذه المنطقة النواة الأساسية للحضارة التي ينتمون إليها، ونحن إن لم نتنبه لخطورة الغزوة الحضارية التي تقوضنا من الداخل والخارج وتقضى على هويتنا وعلى أشكالنا الحضارية ومنظوماتنا المعرفية والقيمية والجمالية، فربما قد يتحقق لنا البقاء لا ككيان متماسك له هوية محددة وإنما كقشرة خارجية لا مضمون لها.
محتويات الكتاب:
مقدمة.
الباب الأول: النماذج والتحيز
الفصل الأول: النماذج والتحيز: تعريف
الفصل الثاني: التحيز للنموذج الحضاري الغربي
الفصل الثالث: التحيز للنموذج المعرفي المادي
الفصل الرابع: بعض التحيزات المتعينة
الباب الثاني: نحو نموذج بديل
الفصل الأول: آليات تجاوز التحيز
الفصل الثاني: النموذج البديل
خاتمة
رابط مباشر لتحميل الكتاب
- الدكتور عبد الوهاب المسيري (أكتوبر 1938م- يوليو 2008م): مفكر وعالم اجتماع مصري، وهو مؤلف موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية" أحد أكبر الأعمال الموسوعية العربية في القرن العشرين، فضلا عن موسوعته –في جزئين المعنونة "العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة"، ومؤلفاته وكتاباته وحواراته القيمة التي لا تزال تنال اهتمامًا كبيرًا من القراء والمتابعين على مستوى العالم الإسلامي.