صدرت الطبعة الأولى من كتاب "حضارة الإسلام وحضارة الغرب والسلام المفقود" لفضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب[*] عن مجلس حكماء المسلمين في 1440هـــــ/ 2019م.
ويُذكر أن أصل هذا الكتاب هو كلمة أُلقيت في احتفال ليلة القدر بقاعة مؤتمرات الأزهر الشريف، في 26 رمضان عام 1432هـــــــ، الموافق 26 أغسطس عام 2011م.
وقد تناول شيخ الأزهر خلال هذه الكلمة العديد من الأفكار لا سيما الحديث عن دعاوى ونظريات الغرب الحديثة، نظرية صدام الحضارات، وسطية الحضارة الإسلامية وأثرها، الأثر الأخلاقي والإنساني لوسطية الإسلام والمسلمين، عهد نصارى نجران من صور التسامح الرفيع، واجبات المسلم أمام التحديات المعاصرة.
وجاء الحديث عن هذه الأفكار انطلاقًا من أن الاحتفال بليلة القدر هو في حقيقة الأمر احتفالاً بالقرآن الكريم ذلكم الكتاب الذي صنع حضارة إسلامية رائعة، ثم حماها -ولا يزالُ يَحميها- مِنَ الذوبان والاندثار، وهو الَّذِي يَقِيها الآنَ ضَرَباتِ الانتقام التي تُوجّهها إليها اليوم حضارات أخرى معاصرة، أدارت ظهورها لهَدْيِ الأديان، واتَّخِذَت من صراع الحضارات وصداماتها المسلحة مذهبًا وفلسفة وعقيدةً.
وأكد الدكتور الطيب من خلال هذا الكتاب على العديد من الحقائق منها ما يلي:
- إن نظرية صدام الحضارات التي تحكم فلسفة الأنظمة الغربية هي نظرية استعمارية بامتياز، وهي مصممة بعناية لتسويغ الصدام المحتوم مع الإسلام؛ والذي يستولى هاجسه على أصحاب القرار في الغرب.
- إن حضارة الإسلام لا تعرف استقطاب الحضارات الأخرى، ولا نفيها ولا استبعادها، ولو كانت كذلك لما صدمت حضارة المسلمين على وجه التاريخ، ولما بقيت حتى الآن.
- تميزت حضارة الإسلام بالوسطية عن الحضارات الأخرى التي انحازت إما إلى المادة، وإما إلى الرُّوحِ؛ والفضل في ذلك يرجع لوسطية القرآن الكريم نفسه، وتوازيه وتعادله في خطاب الإنسان، ولأنَّ الإنسانَ مُواطِنٌ في عالمين ينتمي بروحه إلى عالمِ الغَيْبِ، وبجَسَدِهِ إلى عالَمِ المادة والشهادة، فقد نزَلَ القرآن الكريم بكُلِّ ما يُلبي الازدواج في هذه الحاجات.
- من المعلوم لدى المُنصِفينَ -حَتَّى مِن غير المسلمين- أنَّ القتال في الإسلام لم يكُن أبدًا لتغيير الأديان، أو لفرضِ ثقافة على أُخرى وتفردها بالإملاء والتأثير، وأكبر برهان على سماحَةِ المسلمين في هذا الأمر هو امتزاج ثقافة المسلمين بالثقافات السائدة، وتلاحُمُها وتبادلُ التَّأثّرِ بها والتأثير فيها، كالثقافة اليونانية وغيرها.
وفي نهاية الكتاب أوصى فضيلته إلى ضرورة إنجاز مشروع حضاري إسلامي يواجه التحديات ويُصحح مسار الأمة، ويُلبي طموحات شعوبها.
رابط مباشر لتحميل الكتاب
[*] الشيخ أحمد الطيب هو أحمد محمد أحمد الطيب الحسَاني، وُلد في 6 يناير 1946م الموافق 3 صفر 1365هـ ، وهو الإمام الأكبر شيخ الأزهر (الإمام الثامن والأربعون) منذ 19 مارس 2010م حتى الآن (بارك الله في عمره)، والرئيس السابق لجامعة الأزهر، ومفتي الجمهورية سابقًا، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وهو أستاذ في العقيدة الإسلامية، يتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة وترجم عددًا من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية وعمل محاضرًا جامعيًا لمدة في فرنسا.