باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 3 يولية سنة 1999موافق 19 ربيع الأول سنة 142هـ.
بحضور السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال…………………… رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري، ومحمد على سيف الدين، وعدلي محمود منصور، ومحمد عبد القادر عبد الله، وعلى عوض محمد صالح، وأنور العاصي. وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق……………… رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ حمدي أنور صابر……………………………………… أمين السر
صدر الحكم قادما:
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا رقم 164 الحكم التاسع القضاء «دستورية».
المقامة من:
- السيد/ رئيس الجمهورية.
- السيد/ رئيس مجلس الوزراء.
- السيد/ رئيس اللجنة بمجلس الشعب.
- السيد/ وزير العدل.
- السيدة/ فتحية إبراهيم محمد.
- السيدة/ ابتسام زكى السيد أحمد.
- السيدة/ ايمان زكى السيد أحمد.
- السيدة/ هنادى زكى السيد أحمد.
- السيد/ بكر حسن أحمد حسنين.
التدابير
بتاريخ التاسع عشر من أغسطس سنة 1997، أودع المشهر هذه التنوعة بقلم كتاب المحكمة، طلبًا للحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والخامسة من المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 بحكم 1929 الخاص بالتمويل القانوني للتحكم بالقانون رقم 100 لسنة 1985.
أشكرت هيئة قضايا الدولة على مذكرة طلبت في ختامها حكم عدم قبول الطعن في المادة الأولى من المادة (۲۰) ومهمتها ورفض الاختصاص فيما يتعلق بذلك.
وبعد الانتهاء، وأودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت لذلك على النحو المبين بمحضر النظر، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الترجمة على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الواقع – على ما يبين من محطات متنوعة وسائر الأصول – تتحصل في أن المدعى عليها الخامسة قد أقامت ضد كل من المدعى عليه والمدعى عليه التاسع التاسع أحوال شخصية «نفس» شبرا، ابتغاء القضاء بإلزامهما بتسليمها ابنتها الصغيرة المشمولة بحضانتهما فقط ابن أخيهما المكمل.
ونظرت في ذلك بدفع المسمى المسمى بعدم دستورية المادة نص (۲۰) من الرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص بقانون الائتمان الخاص بالحساب الشخصي بقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض قوانين اللعبة. تم اتخاذ قرار محكمة الموضوع الجديد للدفع؛ وأذنت للمسمى بمكان دستوري، وقد احتل المركز الماثلة.
وحيت في هذه السابقة القضائية أن باشرت الرقابة على دستورية الفقرة الأولى من المادة (۲۰) من الرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 – ماهرها – فأصدرت بجلستها المعقودة في الخامس عشر من مايو سنة 1993 حكمها في القضية رقم 7 قرار 8 القضاء الشرعية برفض الحظر بالنسبة إلى الطعن بعدم دستورية هذا النص. وقد نشر ذلك الحكم بالجريدة الرسمية بتاريخ 5/6/1993. إذ كان ذلك، للتداول في المحكمة الدستورية العليا قولا فصلا لا يقبل تويلا ولا تعقيبا من أي جهة كانت، فإن الخصومة الدستورية بالنسبة لذلك النص – تتطلب عينية بطبيعتها – قد تكون حاسمة وتغدو الأقسام – في هذا الشق منها – غير مقبولة.
وحيث إن النطاق – تلك المثابة – أصبح منحصرًا في القسم الخامس من المادة (۲۰) التي تسمح بأن:
«.. إثبات الحق في الحضانة العالمية، ثم للمحارم من النساء؛ مقدمًا فيه من يدلي بالأم على من يدلي بالأب، ويعتبره يستحق من الجهتين على الترتيب التالي:
الأم، فأم الأم وإن علت، فأم وإن علت …. فعمات الأب بالترتيب».
وحيثما تُدعى المدعى عليها ينى على هذا النص، مخالفته لمبادئ الشريعة الإسلامية؛ والتي تُعتبر الحضانة السليمة للمحضون لا للحاضنة؛ ينبغى في كل حال الاعتداد بصلحه دون توقف عند الترتيب مجرد للحاضنة أو الحاضنة: فورا بمراعاة أمانتهم وكفاءتهم؛ حتى لا تولول الحضانة إلى مضيعة للصغار.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة، قد يتم طردها على أن حكم المادة من الدستور الثاني – بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980 – يقيد الامتياز المالي من تاريخ العمل بهذا الدمج؛ وأن مؤداه ألا تناقضاتها – ومن غير القانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ – مبادئ الشريعة الإسلامية التي لا تخضع للاجتهاد فيها؛ والتي تمثل ثوابتها – مصدرًا وتأويلًا – إذ هي عصبة على التأويل فلا يجب تحريفها، ولكن يجب الرد على النصوص الخاصة بها للفصل في تقرير يحدثها أو مخالفتها للدستور. ولا كذلك حكم الظن غير الذي بثبوتها أو بدلالتها، أو بهما؛ إذ هي بطبيعتها تمتلك الشعر بتغير الزمان والمكان، ومارونتها ولمويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافاتها، وتصنيفها لشئون العبادة بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً؛ ولا يعطل تبعاً لحركتهم في الحياة، ومن ثم تنحصر دائرة الاجتهاد فيها على أن يكون هذا الاجتهاد واقعاً ثانياً في إطار عناصر الكلية للشريعة بما لا يجاوزها، ملتزماً ضوابطها الثابتة، متحرياً مناهج الاستدلال على الحكم المنهجي، والقواعد الضابطة لإتقانها، كافلاً صون المقاصد الكلية للشريعة بما عليك الحفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال.
وحيث إن البيِّن من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ المشار إليه أن وجود الولد ذكرًا كان أم أنثى في يد الحاضنة – سواء قبل بلوغهما سن العاشرة أو الثانية عشرة أو بعدها – لا يغل يد والدهما عنهما ولا يحد من ولايته الشرعية عليهما؛ فإن عليه مراعاة أحوالهما، وتدبير أمورهما، وولايته عليهما كاملة؛ وإنما يد الحاضنة للحفظ والتربية ولها القيام بالضروريات التي لا تحتمل التأخير كالعلاج والإلحاق بالمدارس بمراعاة إمكانات الأب. وأن ترتيب الحاضنات والحاضنين من العصبة وذوى الأرحام مأخوذ من فقه المذهب الحنفي، بما مؤداه أن أحكام الأهلية للحضانة – بوجه عام – يرجع في شأنها إلى الأرجح من فقه ذلك المذهب.
وحيث إن الصغير تثبت عليه منذ مولده ثلاث ولايات: أولاها: ولاية التربية؛ ثانيتها: الولاية على النفس؛ وثالثتها: الولاية على ماله. وتثبت الولايتان الأخيرتان – كأصل عام – للعصبة من الرجال. أما ولاية التربية، وهي الحضانة، فغايتها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه في الفترة الأولى من حياته التي لا يستغنى فيها عن النساء ممن لهن الحق في تربيته شرعًا. والأصل فيها هو مصلحة الصغير؛ وهى تتحقق بأن تضمه الحاضنة إلى جناحها باعتبارها أحفظ عليه وأحرص على توجيهه، وأقدر على صيانته؛ ولأن انتزاعه منها – وهى أشفق عليه وأوفر صبرًا – مضرة به إبان هذه الفترة الدقيقة التي لا يستقل فيها بأموره. وقد وردت الآثار الصحاح بأن النساء أحق بالحضانة في هذا الدور من حياة الصغير؛ فقد روى أن امرأة احتكمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شأن حضانة صغيرها وقد أراد أبوه – مطلقها – أن ينزعه منها فقال لها الرسول الكريم: «أنت أحق به»؛ فلزم من ذلك أن تكون الحضانة للمحارم من النساء أولا؛ وأن تقدم قرابة الأم منهن على قرابة الأب؛ وهو ما توخاه النص المطعون فيه.
وحيث إنه ليس ثمة نص قطعي يقرر حكمًا فاصلًا في شأن ترتيب الحاضنات- بعد الأم – فيما بينهن؛ ومن ثم يكون باب الاجتهاد في هذا النطاق – عن طريق الأدلة الشرعية النقلية والعقلية – مفتوحًا، فلا يصد اجتهادُ اجتهادًا أو يكتسب عصمة من دونه؛ ولا يقابل اجتهاد على صعيد المسائل التي تنظم الأسرة بغيره إلا على ضوء أوضاعها وأعرافها، بما لا يناقض شريعة الله ومنهاجه. وقد جاء بالأثر أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وجدة ابنه «عاصم» – أم أمه – تنازعًا بين يدى الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه على حضانته فأعطاه إياها، وقال للفاروق: «ريحها ومسها ومسحها وريقها خير له من الشهد عندك». ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ذلك. أما الفقهاء أصحاب المذاهب فقد اتفقوا على أن أم الأم -التي تدلى إليها مباشرة – تلي الأم في ترتيب الحاضنات. فقد قال الحنابلة بثبوت الحضانة للأم ثم أمها ثم أم أمها وهكذا ثم الأب ثم أمهاته. والشافعية على أنه إذا اجتمع الذكور مع الإناث فتقدم الأم على الأب ثم أم الأم وإن علت بشرط أن تكون وارثة ثم بعدهن الأب ثم أمه ثم أم أمه وإن علت إذا كانت وارثة. ويرى الحنفية – ومعهم المالكية – أن أحق الناس بحضانة الصغير بعد أمه أمها وإن علت. وإذ كان هذا هو ما نحاه النص الطعين؛ بما ارتآه محققًا مصلحة الصغير – وعليها مدار الحضانة – مستلهمًا بذلك مقاصد الشريعة الكلية، دائرًا في فلك الأصول العامة لها؛ فإن النعي عليه بمخالفته للمادة الثانية من الدستور يكون حريًا بالرفض .
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس المحكمة