الشيخ محمد بن مصطفي المراغي

الإمام الأكبر الشيخ محمد بن مصطفى الفراغي الحنفي، شيخ الأزهر الشريف، ولد بمراغة في السابع من ربيع الآخر سنة ١٢٩٩ ه، ٩ مارس ۱۸۸۱م، وأتم حفظ القرآن الكريم بها، وأخذ يختلف إلى علماء مدينة طهطا، وما لبث حتي اتجهت نفسه إلى رياض الأزهر الشريف، فتتلمذ على الشيخ محمد عبده، وهو من خواص تلاميذه ومريديه، ونهل من معين الأساتذة: دسوقي العربي، ومخلد حسنين العدوي، ومحمد بخيت المطيعي، وأبي الفصل الجيزاوي، وعلي الصالحي، وتقدم سنة ١٣٢٢ هـ / ١٩٠٤م لشهادة العالمية، وكان موضع إعجاب الأساتذة في لجنة الامتحان وتقديرهم، وحصل على الدرجة الثانية، وكان عمره يوم ذاك أربع وعشرين سنة.

تصدر في حلقة من حلقات التدريس في الأزهر من سنة ١٣٢٢هـ/ ١٩٠٤م، ولم يدم طويلا، ففي نفس السنة عين قاضيا شرعيا لمحكمة دنقلة، ثم قاضيا لمحكمة الخرطوم، وفي سنة ١٣٢٥هـ/۱۹۰۷م عين مفتشا بوزارة الأوقاف المصرية، ثم عاد سنة ١٣٢٦هـ/١٩٠٨م إلى السودان قاضيا لقضاتها، ومكث في المنصب حتى سنة ۱۳۳۷هـ/ ۱۹۱۹م، وتعلم الإنجليزية في خلال هذه المدة، ثم عاد إلى مصر؛ ليتولى التفتيش العام على القضاء الشرعي، وفي سنة ١٣٣٨هـ/١٩٢٠م عُين رئيسًا لتفتيش القضاء الشرعي بوزارة الحقانية، وظل بها حتى سنة ١٣٣٩هـ/١٩٢١م، ثم عُيّن عضوًا بالمحكمة الشرعية العليا، وبقي بها حتى سنة ١٣٤٢هـ/١٩٢٣م، ثم عين رئيسًا لمحكمة مصر الشرعية العليا، وقد تقدم -وهو في هذا المنصب- للحصول على كرسي في هيئة كبار العلماء ببحث: «الأولياء والمحجورين»، فقبل بين زمرة علمائها، وسافر في هذه الفترة إلى الحجاز للاشتراك في المؤتمر الإسلامي سنة ١٣٤٤هـ/١٩٢٥م ممثلا لمصر، ثم تولى مشيخة جامع الأزهر، وقد تولاها مرتين: الأولى قصيرة، ومدتها أربعة عشر شهرًا في سنة ١٣٤٧هـ / ١٩٢٨م، والثانية طويلة تبلغ نحو عشر سنوات من سنة ١٣٥٤هـ/ ١٩٣٥م، وكانت الفترة الأولى فترة الغراس، والثانية فترة الأزهار والإيراق والإثمار، فوضع قانون الأزهر الجديد برأيه، وعرضه على أهل الحل والعقد من رجال الوزارة، ومندوبي البلاط الملكي، وتولى الدفاع عنه بنفسه، حتى إذا ما وقع الخلاف بينه وبينهم في بعض مواده الأساسية، وتعذر عليه الإقناع بوجهة نظره استقال من منصب المشيخة ورياسة المعاهد غير آسف على جاهها، ثم عاد ليطبقه في المرة الثانية بتظاهرات خرج فيها الطلاب يصيحون بقولهم: «إما تحت راية المراغي، وإما إلى القرى تاركين الأزهر للبوم والغربان»، وكان يقود المظاهرات الشيخ أحمد حسن الباقوري سنة ١٣٥٤هـ/١٩٣٥م.

وكان في طليعة علماء الإصلاح، وعلى صلة وثيقة مع علماء الصحوة. وتوفي بالإسكندرية بعد أن اشتد عليه المرض في مستشفى فؤاد الأول (المواساة) في الرابع عشر من رمضان سنة ١٣٦٤هـ/ ٢٢ أغسطس ١٩٤٥م، وصلي عليه في الجامع الأزهر، وأم المصلين عليه الشيخ عبد الرَّحْمَن عليش الحنفي، ودُفن في القاهرة قرب السيدة نفيسة رضي الله عنها.

وخرج من عقبه: أحمد مرتضى باشا المراغي (١٣٢٦ – ١٤١١هـ / ١٩٠٨ – ١٩٩١م) : تخرج في كلية الحقوق سنة ١٣٥١هـ / ١٩٣٢م، وتقلب في الوظائف، وكان آخر وزير للداخلية قبل أحداث ١٩٥٢م، وله مذكرات بعنوان «غرائب من عهد فاروق وبداية الثورة المصرية)، وحسن رشاد – زامل الفاروق خلال دراسته-، وعبد الرحمن راغب، وإسماعيل صادق، وعبد اللطيف، وعزة، ونعمة، وهند، وإقبال، وتحيات، وأبو بكر، وشريف.

من آثاره:

  • «بحث في ترجمة القرآن الكريم وأحكامها».
  • «بحوث في التشريع الإسلامي وأسانيد قانون الزواج والطلاق رقم (٢٥) سنة 1929».
  • “الأولياء والمحجورين” (مخطوط بالمكتبة الأزهرية).
  • «مباحث لغوية بلاغية»، كتبها أثناء تدريسه لكتاب التحرير في الأصول (مخطوط).
  • «تفسير جزء تبارك» (مخطوط).
  • رسالة «الزمالة الإنسانية»، كتبها لمؤتمر الأديان بلندن سنة ١٣٥٥هـ/١٩٣٦م.
  • “الدروس الدينية»، كانت دروسًا يلقيها على الملك فاروق، وكبار رجال الدولة وجمهرة من الشعب في تفسير القرآن الكريم في عصور وأمسيات كل جمعة من رمضان مدة عشر سنوات بأسلوب مبتكر في التفسير آثار إعجاب العالم الإسلامي عامة، والعلماء منهم خاصة، وقد طبعت تلك الدروس مسلسلة في مجلة «الأزهر» من سنة ١٣٥٥هـ ١٩٣٦م، وأفردت في كتاب مستقل سنة ١٣٧١هـ/ ١٩٥٢م.

_________________________________

المصدر: جلال محمد حمادة، تراجم أعيان الأسر العلمية بمصر، الشيخ محمد مصطفي المراغي، الجزء الأول، دار الفتح، عمان، 2019، ص: 645-647.

Rate this item
(0 votes)
Last modified on الثلاثاء, 31 تشرين1/أكتوير 2023 08:05

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.