يُعد الدكتور حامد سلطان أحد أبرز فقهاء القانون الدولي العام ليس في وطنه مصر فحسب بل في المنطقة العربية والإسلامية بأكملها، ولذا أطلق عليه عميد أساتذة القانون الدولي العام بالشرق الأوسط.
مولده:
ولد الدكتور حامد سلطان عام 1912م في القاهرة، وترجع أصوله إلى قرية قلوصنا التابعة لمركز سمالوط محافظة المنيا وإن كان ولد بالقاهرة عام 1912م، ولقد تأثر الدكتور حامد سلطان بنشأته وسط أهل قريته، حيث تعلم فيها الكثير الأمر الذي كان له عظيم الأثر في جعله مفكرًا عبقريًا معاصرًا.
مؤهلاته العلمية:
تلقى الدكتور حامد سلطان تعليمه في المدارس الحكومية، وبعد حصوله على الشهادة الثانوية سافر إلى باريس، ثم عاد إلى القاهرة لاستكمال دراسته،والتحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة، والذي كان يطلق عليها في ذلك الوقت جامعة «فؤاد الأول»، حيث تخرج بها عام 1934م، وبعد تخرجه عُين مدرسًا بها، وظل يتدرج في المناصب الأكاديمية إلى أن أصبح أستاذًا متفرغًا لقسم القانون عام 1968م.
تلاميذه:
تتلمذ معظم أساتذة القانون الدولي العام على يد هذا العالم الجليل والفقيه المبدع، وكان مشرفًا على عشرات الرسائل العلمية لعدد كبير من كبار المسؤولين والعلماء والمفكرين أمثال الدكتور عاطف صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق، وفقيه القانون الجنائي ورئيس مجلس الشعب الأسبق الأستاذ الدكتور أحمد فتحي سرور، والأستاذ الدكتور مفيد شهاب أحد أعلام القانون الدولي ورئيس جامعة القاهرة الأسبق ووزير التعليم العالي الأسبق ووزير المجالس النيابية والشئون القانونية بجمهورية مصر العربية، والدكتوره عائشة راتب -رحمها الله- أستاذة القانون الدولي العام بجامعة القاهرة، ووزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية في الفترة من 1974 وحتى 1977 وكانت تعتبر في ذلك الوقت ثاني امرأة تشغل هذا المنصب، وفقيه القانون الدستوري الدكتور يحيى الجمل رحمه الله.
مكانته العلمية:
احتل الدكتور حامد سلطان مكانة علمية مرموقة لا سيما في مجال القانون الدولي العام؛ حيث لا يكاد يخلو مرجع في القانون الدولي العام من ذكر اسمه، فهو يعد من الرواد الذين كتبوا في القانون الدولي العام، ويعد أيضًا من بين الفقهاء المعاصرين الذي حاول الربط بين القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية.
ونظرًا لإسهاماته البارزة في مجال القانون الدولي العام بصفة خاصة، ومجال العلوم الإنسانية والاجتماعية بصفة عامة؛ فقد حصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1983م، وحصل أيضًا -رحمه الله- على العديد من الجوائز والأوسمة المصرية والعربية والأجنبية.
ويُذكر أن الدكتور حامد سلطان له أكثر من 60 كتابًا فى القانون الدولى العام والخاص، أبرزها كتابه المعنون القانون الدولي العام وقت السلم، وكتابه ” أحكام القانون الدولي العام في الشريعة الإسلامية”.
اسهاماته في مجال القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية:
من أهم إسهامات الدكتور حامد سلطان في مجال القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية هو كتابه الذي حمل عنوان أحكام القانون الدولي العام في الشريعة الإسلامية، والذي جاء في 269 صفحة، وتم تقسيمه إلى مبحث تمهيدي وأربعة فصول وخاتمة، حيث تناول خلال المبحث التمهيدي أبعاد المقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، كما تناول في الفصل الأول مصادر الأحكام في القانون الدولي وفي الشريعة الإسلامية وطبيعتها وتفسيرها، ثم تطرق في الفصل الثاني إلى أصول التنظيم الدولي في الشريعة الإسلامية، بينما خصص الفصل الثالث لبيان القواعد الخاصة بضبط علاقات الدول في وقت السلم، وفي الفصل الرابع تناول القواعد الخاصة بضبط العلاقات الدولية في وقت الحرب.
أهم المناصب التي شغلها الدكتور حامد سلطان:
تولى الدكتور حامد سلطان عديد من المناصب منها:
- عضوية محكمة القضاء الإداري للأمم المتحدة.
- المستشار القانون للرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر خلال مفاوضات الجلاء عام 1953م وفي السودان عام 1954م.
- عضواً بمؤسسة كارنيجى للسلام الدولى عام 1959م.
- عضو المجمع العلمي المصري.
- رئاسة الجمعية المصرية للقانون الدولي.
- ممثلاً لمصر في هيئة التحكيم بشأن طابا.
- فى أكتوبر عام 1975م اختاره الرئيس الراحل/ أنور السادات مقررًا للجنة البحوث السياسية.
- تم اختياره من قبل الوفود الأفريقية بالإجماع رئيسًا لها فى الحوار بين الشمال والجنوب فى جنيف للأعوام من عام 1973م إلى 1977م.
- ورأس وفد مصر بالمؤتمر الثالث لقانون البحار بالأمم المتحدة عام 1978م.
دوره في قضية استرداد طابا:
لعب الدكتور حامد سلطان دورًا كبيرًا في استرداد طابا ورجوعها إلى المصريين، حيث كان -رحمه الله- ممثل اللجنة القومية لاسترداد طابا أمام هيئة التحكيم الدولية في مقرها بجنيف في سويسرا، وكان ذلك تحديدًا عام 1988م، وقد استطاع بما يمتلكه من علم وحجج قوية استندات على أسانيد قانونية في إقناع هيئة التحكيم بأن مصر لها الأحقية في تلك الأرض، وبالفعل حصلت مصر على حقوقها بفضل أبنائها الذين لم يتوانوا في خدمتها حتى تم النطق بحكم “مصرية طابا” بأغلبية 4 أصوات من إجمالي 5 يمثلونها، والصوت الوحيد التي لم تحصل عليه مصر كان لممثل الوفد الإسرائيلي “روث لابيدوت”.
وفاته:
توفي أستاذنا الدكتور حامد السلطان في عام 1992م عن عمر يناهز الثمانين عامًا، قضى معظمها في خدمة البحث العلمي، فليرحمه الله رحمة واسعة