شاعر الإسلام محمد إقبال (صاحب كتاب "تجديد الفكر الديني في الإسلام")

يحتاج الحديث عن الدكتور محمد إقبال (9 نوفمبر ١٨٧٧ – 21 أبريل ۱۹۳۸م) إلى اختصاصيين في اللغات الأردية والفارسية والإنجليزية، وفي الفلسفة والشعر والسياسة والعقيدة، ليتمكنوا من الإحاطة بجوانب عبقريته؛ حيث إن إقبال من الشخصيات التي لاقت اهتمامًا عظيمًا، وكُتبت عنها كتابات كثيرة في العصر الحديث، ليس على صعيد العالم الإسلامي فحسب، بل في شتى أروقة الثقافة العالمية. يقول عنه الشيخ أبو الحسن الندوي ( ١٣٣٣ - ١٤٢٠هـ/ ١٩١٤_١٩٩٠) "لا أعرف شخصية ولا مدرسة فكرية في العصر الحديث تناولها الكتاب والمؤلفون والباحثون مثلما تناولوا هذا الشاعر العظيم". ونجد إقبال يتحدث عن نفسه، فيقول: إن جسدي زهرة من حبة كشمير، وقلبي في حرم الحجاز، وأنشودتي من شيرازه. هذا التنوع في الأصل والفكر والشعور أوجد هذا الخليط المتنوع الرائع من الأفكار والمعرفة عند هذه الشخصية المتميزة".

حياته

هو إقبال ابن الشيخ نور محمد، كان أبوه يكنى بالشيخ تتهو، أي الشيخ ذي الحلقة بالأنف، ولد في سيالكوت إحدى مدن البنجاب الغربية [الهند]. في الثالث من ذي القعدة ١٣٩٤هـ الموافق ٩ من تشرين أول نوفمبر ۱۸۷۷م وهو المولود الثاني من الذكور بين إخوته. ويعود أصل إقبال إلى أسرة برهمية حيث كان أسلافه ينتمون إلى جماعة محترمة من اليانديت في كشمير، واعتنق أحد أجداده الإسلام في عهد السلطان زين العابدين بادشاه (٨٢٤ - ٨٧٨هـ/ ١٤٢١ - ١٤٧٣م) قبل حكم الملك المغولي الشهير «أكبر». ونزح جد إقبال إلى سيالكوت التي نشأ فيها إقبال، ودرس اللغة الفارسية والعربية إلى جانب لغته الأم الأردية، ثم رحل إلى أوروبا وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة ميونخ في ألمانيا عام (١٣٢٦ هـ / ١٩٠٨م).

وفي أوروبا كان أينما حل يحاول أن ينشر صورة صحيحة عن الإسلام، وقد أثر بأسلوبه البليغ وبشعره البديع في العديد من الشخصيات الشهيرة، ومنهم موسوليني (١٣٠٠ - ١٣٦٤ هـ / ١٨٨٣ - ١٩٤٥م)؛ الذي وجه له دعوة لزيارة إيطاليا، والتي لباها إقبال فيما بعد، وألقى محاضرة متميزة في روما، وضح فيها الفرق بين كل من الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية، وأوضح أن سبب تأخر المسلمين بعد أن كانوا دائما في الصدارة هو بعدهم عن صحيح الدين الإسلامي، وذكر الحضور بعظم الحضارة الإسلامية التي يقي أثرها واضحا جليا في الحضارة الأوروبية الحديثة.

وفي زيارته لإسبانيا عام (١٣٥١ هـ/ ١٩٣٢م) حرص على زيارة المعالم الإسلامية، وذرف الدمع العزير أمام جامع قرطبة، متذكرًا - بمشاعر شاعر مؤمن- ثمانية قرون من الحضارة الإسلامية العظيمة. والجدير بالذكر أنه رفض الدعوة الفرنسية لزيارة مستعمراتها في شمال أفريقيا، وأبى أن يصلي في مسجد باريس موضحًا أن صلاته ثمن بخس لشهداء طرابلس الشام.

وقد نالت مصر إعجاب العلامة إقبال، وقام بزيارته الأولى لها وهو في طريقه إلى إنجلترا عام (١٣٢٣هـ/ ١٩٠٥م). وبعد حوالي ستة وعشرين عامًا قام بزيارته الثانية لمصر عام (١٣٥٠هـ/ ١٩٣١م)، وقام بمقابلة العلماء والأدباء ورجال الدولة فيها؛ حيث استقبل استقبالًا رسميًا مهيبًا وقام بزيارة القاهرة والإسكندرية وظل يذكر زيارته هذه إلى مصر في مجالسه حتى آخر أيامه. ومن أشعاره التي نظمها في مديح مصر ما قاله في ديوانه الهدية الحجاز»:

رياح البيد وافيني وسيري عُبَاب النيل في خَفْق أَثِيرِي

وأدي القَوْلَ عَنْ عُمرٍ فقولي كُنِ السُّلْطَانَ يَعْرَفُ بِالفَقِيرِ

وبعد عودة إقبال إلى وطنه في شهر يوليو سنة (١٩٠٨م/ ١٣٢٦هـ)، بعد أن قضى في أوروبا ثلاث سنوات لم تغير من أخلاقه شيئًا بل أفادته في التدريب على منهج البحث والإلمام بالفلسفة الغربية. وشعر إقبال بأنه خلق للأدب الرفيع والشعر البديع، فأخذ ينظم الشعر، ويخط النشر الذي صار فيما بعد كنوزًا توارثتها الأجيال. وعلى عكس الشعراء والفلاسفة لم يرتقْ إقبال برجًا عاجيًا، بل كان وثيق الصلة بأحداث المجتمع الهندي حتى أصبح رئيسًا لحزب العصبة الإسلامية في الهند ثم العضو البارز في مؤتمر الله أباد التاريخي عام (١٣٤٩هـ / ١٩٣٠م) حيث نادي بضرورة انفصال المسلمين عن الهندوس، ورأى ضرورة تأسيس دولة إسلامية، واقترح لها اسم باكستان. وتوفي عام (١٣٥٧هـ / ١٩٣٨م) بعد أن ملأ الآفاق بشعره البليغ وفلسفته العالية. وقد غنت له أم كلثوم إحدى قصائده، وهي "حديث الروح»، وبسبب روائعه من الشعر الصوفي استحق بجدارة أن يسمى شاعر الإسلام.

 

مؤلفاته:

الشعر

(1) الدواوين المنظومة باللغة الأردية

(۱) بانگ درا (صلصلة الجرس) ١٩٢٤م.

(۲) بال جبریل (جناح جبريل ) ١٩٣٦م.

(۳) ضرب کلیم (شريعة موسى) ۱۹۳۷م.

(ب) الدواوين المنظومة باللغة الفارسية

(۱) اسرار خودي (أسرار الذات) ١٩١٥م.

(۲) رموز بيخودي (أسرار نفي الذات) ۱۹۱۸م.

(۳) پیام مشرق (رسالة الشرق) ١٩٢٣م.

(٤) زبور عجم (أناشيد فارسية) ۱۹۲۹م.

(۵) جاوید نامه (رسالة الخلود) ۱۹۳۲م.

(1) مسافر (المسافر) ١٩٣٦.

(۷) پس چه باید کرد اى اقوام مشرق (ماذا يجب أن تعمل يا أم الشرق؟) ١٩٣٦م.

(۸) ارمغان حجاز (هدية الحجاز) ۱۹۳۸

(۹) سرود رفته (أنشودة الماضي) ١٩٥٩م.

 

النثر:

(1) علم الاقتصاد (باللغة الأردية) ١٩٠٣م.

(۲) تطور ما وراء الطبيعة في فارس رسالة الدكتوراه، باللغة الإنجليزية (١٩٠٨م).

(۳) تجديد الفكر الديني في الإسلام (باللغة الإنجليزية) ١٩٣٠م.

(٤) رسائل إقبال إلى محمد علي جناح ١٩٤٤م (باللغة الأردية، طبعت بعد وفاته).

(5) خطب إقبال وبياناته ١٩٤٤م (باللغة الأردية، طبعت بعد وفاته).

________________

المصدر: جزء مستل بتصرف واختصار من تقديم أ. الشيماء الدمرداش العقالي لكتاب محمد إقبال، تجديد الفكر الديني في الإسلام، ترجمة محمد يوسف عدس، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 2011.

Rate this item
(0 votes)
Last modified on الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 12:58

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.