حق الاعتراض (الفيتو)- Veto

هو حق تمتلكٌه خمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي، روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، يُخولها رفض أي قرار يُقدم للمجلس دون إبداء أسباب.

ويعود أصل كلمة “فيتو” إلى اللغة اللاتينية، وتعني “أنا أعترض”، شَاع مدلولها أكثر بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وقيام الأمم المتحدة عام 1945.

ويَكفي اعتراض أي من الدول الخَمس دائمة العضوية في مجلس الأمن -من أصل 15 عضوًا في المجلس- ليتم رفض القرار وعدم تمريره نهائيًا، حتى وإن كان مقبولًا للدول الأربع عشرة الأخرى.

نشأة حق الاعتراض (الفيتو):

لَم تكن فكرة امتلاك حق الاعتراض على تَصرفات المُنظمات الدولية بالشيء الجديد في عام 1945 فقد كان لكل عضوٍ في مجلسِ العصبةِ حقًا للاعتراض فيما يتعلق بالمسائلِ غيرِ الإجرائية.

عند تَأسيس العٌصبة، كان هُناك أربعة أعضاءٍ دائمين وأربعة غير دائمين، وتَوسع المجلس بِحلول عام 1936، ليَضُم أربعة أعضاءٍ دائمين وإحدى عشر عضوًا غير دائم، مما يعني أن هناك خَمسة عشر دولة تَتَمتعُ بحقِ الاعتراض، ووُجود هذا العدد الكبير من أصحابِ الكلمةِ جعلَ من الاتفاق على أيّ أمرٍ يُطرح صعبٌ للغاية.

وظٌهور حق الاعتراض “الفيتو الحالي” كان نَتيجةً لمناقشاتٍ مستفيضةٍ خلال المفاوضات لتشكيل الأممِ المتحدةِ في مؤتمر دمبارتون أوكس – Dumbarton Oaks Conference في عام 1944 ويالطا عام 1945.

 والدليل على ذلك هو أنَّ الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي والمملكة المتحدة والصين أيّدوا جميعًا مبدأ الإجماع، ليس لرغبتهم كقوى كُبرى في العمل معًا، ولكن أيضًا لحمايةِ حُقوقها السياديةِ ومَصالحها الوطنية، وقد أوضَحَت الدول العظمى في سان فرانسسكو -San Francisco بأنه في حَال لم يتم منحهم حق الاعتراض فإنَّه لن يكون هُناك أمم متحدة.

الفيتو في ميثاق الأمم المتحدة:

تنص المادة (27) من ميثاق الأمم المتحدة فيما يخص حق الاعتراض “الفيتو”:

  • لكل عُضو في مجلسِ الأمنِ صوتٌ واحد.
  • تُتخذ قَرارات مجلس الأمن بشأن المسائلِ الإجرائية بعد التصويت الإيجابي للأعضاءِ الخمسةِ الدائمين.
  • تُتَخذ قرارات مجلس الأمن بشأن المسائل الأخرى بعد التصويت الإيجابي من تسعة أعضاء، بما في ذلك الأصوات المتزامنة للأعضاءِ الدائمين.

إن التصويت السلبي من قِبَل أي من الأعضاء الدائمين سَيَمنَع اعتماد مَشروع القرار. ولكن امتناع أو غِياب أحد الأعضاء الدائمين عن التصويت لا يمنع إصدار القرار.

وعلى الرغم من أنَّ حَق الاعتراض لم يُذكر بالاسم في ميثاق الأمم المتحدة، فإنَّ المادة 27 تَتَطَلب أصوات متزامنة من الأعضاء الدائمين، لهذا السبب يُشار أيضًا إلى “قوة حق الفيتو” على أنها مبدأ (إجماع القوى العظمى).

استخدامات الدول الأعضاء لحق الفيتو:

 بدأ استخدام حق الفيتو في عام 1945م بعد قيام منظّمة الأمم المتحدة، فاستخدمته موسكو 120 مرّة، مرّتان منها في عهد الاتحاد الروسيّ والباقي في عهد الاتحاد السوفيتيّ، أمّا فرنسا فاستخدمته 18 مرّة، واستخدمت بريطانيا حقّ النقض 32 مرة، كانت تتفق مع الولايات المتّحدة في جزء منها، وفي جزء آخر مع فرنسا، وأحيانًا تتّفق مع كلتيهما، وكان من استخدام بريطانيا له دفاعها عن رودسيا لمنع انهيارها؛ إلّا أنها انهارت وأُقيمت دولة زيمبابوي على أرضها، أمّا الولايات المتحدة فقد استخدمت حقّ الفيتو 77 مرّة منها 36 مرّة دفاعًا عن مصالح إسرائيل، أمّا الصين فقد استخدمته أقلّ مقارنة ببقية الأعضاء، فبلغ عدد مرّات اعتراضها 5 مرات فقط.

أفرطت موسكو في استخدامها لحق الفيتو؛ الأمر الذي دعا إلى تلقيب وزير خارجيتها بالسيد “نيات”؛ أي الشخص دائم الرفض، أمّا سبب الإفراط فهو معاندة موسكو للغرب المبالغ بها، وبالنسبة للولايات المتّحدة فقد رفضت 54 قرارًا، منهم 36 مرة تعترض فيها على انتقاد اسرائيل أو مطالبتها بالانسحاب من فلسطين التي احتلتها منذ عام 1967م، وفي عام 1976م وقفت الولايات المتحدة الأمريكية في وجه قرارين طالبا بمنح الشعب الفلسطيني حقّ تقرير مصيره، كما استخدمت الولايات المتّحدة حق الفيتو لرفض إدانة الإسرائيليّين عندما حرقوا المسجد الأقصى، وعندما تم اغتيال الشيخ أحمد ياسين المؤسّس لحركة حماس، وفي عام 2011م رفضت الولايات المتّحدة قرارًا يدين استيطان إسرائيل بالرغم من موافقة أربعة عشر عضوًا عليه.

أنواع حق الاعتراض(الفيتو):

  • الفيتو الحقيقي أو المبسّط: وهو يعني التصويت السلبي من قِبل عضو من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن على مسألة موضوعية، أي أنَّه في حالة ما إذا صوّتت أي من الدُول الأعضاء الدائمين سلبًا ضد أي مشروع قرار يتعلق بالمسائلِ الموضوعية فإنَّ القرار لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يَصدر، وهذا الفيتو هو النوع المألوف والشائع الاستعمال في أروقة مجلس الأمن ويسمى الفيتو الحقيقي أو الافتتاحيّ.
  • الفيتو المُزدوج: لم تَرِد المسائل الإجرائية ولا المسائل الموضوعية على سَبيل الحصرِ في الميثاق، لذلك فإنّه ولِغرضِ تكييف مسألة معينة يصار إلى عرضها أمام مجلس الأمن للتصويت عليها لبيان طبيعتها هل هي مسألة إجرائية أم موضوعية، وأثناء التصويت يقوم العضو الدائم الذي يريد الحَيلولَة دون صدور قرارٍ معين من مجلسِ الأمن لِصالح تلك المسألة بتكييف تلك المسألة على أساس أنَّها موضوعية وليس إجرائية، و ذلك باستخدام حق الاعتراض بِقصد تحويل المسألةِ المعروضة المراد تكييفها من إجرائية إلى موضوعية، ولقد ظهر الاعتراض المزدوج استنادًا إلى اعتبارِ مسألة التكييف القانونية مسألة موضوعية حيث تستطيع الدول الدائمة استعمال حق الاعتراض سواء عند البحث في موضوع التكييف وسواء عند دراسة الموضوع ذاته.
  • الفيتو المُستتر: يعني الدفع بثلث الأعضاء للامتناع عن التصويت أو التصويت ضِد مشروع القرار المعروض أمام مجلس الأمن، وهذا النوع من الفيتو صورة تكشفُ واقعَ العملِ في مجلسِ الأمنِ خصوصًا بالنسبةِ لنظام التصويت، وتوضيحًا لهذا النوع، فإنَّ الولايات المتحدة تمكنت عن طريق السيطرة على عددٍ كافٍ من الأصواتِ داخلَ المجلس من مَنع صُدورِ أيِّ قرارٍ من المجلس يتعارضُ مع مصالحها، ومن دون أن يَستعمل أي من الأعضاء الدائمين حق الاعتراض، وتأسيسًا على ذلك يكونُ الاختلاف بينَ كلٍ من الاتحاد السوفيتي (السابق) والولايات المتحدة اختلافًا شكليًا أو ظاهريًا أكثر منه اختلافًا حقيقيًا أو واقعيًا، فَكلا الطرفينِ استعمل حق الفيتو وإن كانت روسيا قد استعملت حق الفيتو القانوني أي الظاهري إلا أنَّ الولايات المتحدة استعملت ما يمكن تسميته بالفيتو الواقعي أي المستتر.
  • الفيتو بالوكالة: يُمكن استعمال الفيتو بالوكالة أو بالنيابة عندما تٌقَدِّم دولة دائمة العضوية على استعمالِ حقِّ النقض الفيتو لصالحِ دولة أخرى من الدول الدائمة العضوية، فَيستطيع عضو مجلس الأمن الدولي الدائم الذي يكون طرفًا في نزاعٍ معروضٍ على المجلس الامتناعِ عن التصويت ويمكن أن يُنيب هذا العضو عضوًا آخر في مجلس الأمن باستخدام حَق الفيتو، وهذا التصرف يُعرَف بالفيتو بالوكالة، وأكثر الدول التي تمارس هذا النوع من الفيتو هي الولايات المتحدة الأمريكية.
  • الفيتو الجماعي: يُمكن للأعضاءِ غيرِ الدائمين في مجلسِ الأمن أن يَكون لهم الحَق في نقضِ أيّ مشروع قرار يُعرض أمامَ المجلس، فَمتى ما رُفضَ أكثر من سِتة أعضاء غير دائمين في المجلسِ مَشروع القرار أثناء التصويت عَليه فإنَّ الأغلبية المطلوبة من تِسعة أصوات لا يمكن أن تَتحقق حتى لو صوتَ كُل الأعضاء الدائمين لصالحِ مشروع القرار، وهذا النوع من الفيتو نادر الحُصول، ولهذا لهذا السبب يُشار أيضًا إلى “قوة حق النقض” على أنها مبدأ )إجماع القوى العظمى).

انتقاد حق الفيتو:

 تعرّض حق الفيتو للكثير من الانتقادات، فيقول منتقدوه أنّ الكثير من القرارات التي يُقرّها مجلس الأمن الدولي لا يتم تنفيذها بسبب الفيتو، كما أنّ الأعضاء الخمسة الفائزون في الحرب العالمية الثانية لا يعكسون الأوضاع السياسية الحالية، فعلى سبيل المثال لم تَعُد بريطانيا وفرنسا تمثلان قوى عسكرية أو اقتصادية عظمى في العالم، وبعبارة أخرى لم تعودا من القوى الرئيسية كالسابق، كما يرى منتقدو الفيتو أنّه إذا تم إلغاؤه سوف يصبح المجلس أكثر ديمقراطية وسوف يسود رأي الأغلبية من الأعضاء؛ الأمر الذي يؤدي إلى زيادة القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، وبالتالي حل المزيد من الأزمات العالمية.

فهناك تناقض واضح بين حق الفيتو وقواعد الأنظمة الديمقراطية الأخرى؛ حيث لم يتمّ انتخاب الدول دائمة العضوية بطريقة ديمقراطية، كما أنّ نظام التصويت لا يتّفق مع نظام الأغلبية المعروف؛ حيثُ تنصّ قاعدة استخدام حقّ الفيتو على أنّه لكلّ عضو من أعضاء مجلس الأمن صوت واحد فقط، وعلى الرغم من أنّ عدد الأعضاء خمسة عشر إلّا أنّ تنفيذ أيّ قرار يتطلب تسعة أصوات فقط من بينها أصوات الأعضاء الدائمين، أمّا النتيجة الحاسمة فتعتمد على رأي الأعضاء الدائمين فقط لكون مسؤولية حفظ الأمن والسلام تقع على عاتقهم، وتمتنع عن التصويت الدول التي تكون واقعة في النزاع المشار إليه في القرار، كما يضع مجلس الأمن شروطًا لمشاركة الدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة والتي تكون طرفًا في النزاع؛ حيث يمكن للدول الأعضاء في هيئة الأمم أن تشارك في المناقشات المطروحة؛ إلّا أنه ليس لها الحق في التصويت على مشاريع القرارات.

 الجدير بالذكر أنّ من سلبيات حق الفيتو على مستوى القضية الفلسطينيّة أنّه منح الولايات المتحدة الحقّ في دعم إسرائيل بإبطال أيّ قرار يقضي بوقف الاحتلال وأعمال العنف والقتل في أراضي فلسطين، وهذا ما أدّى إلى التشكيك في مصداقية الأمم المتحدة على مختلف الأصعدة.

وقد اقترحت دول عدم الانحياز في هيئة الأمم المتحدة مشروع قرار يسعى إلى إجراء تعديلات في بعض نصوص ميثاق الأمم المتحدة، وذلك لكي تتلاءم نصوص الميثاق مع الوضع السائد حاليًا في المنظمات الدولية، ومن أهم التعديلات المقترحة تعديل فقرة مجلس الأمن الدولي ليصبح مجلس الفيتو الأمريكي، ولكي يتناسب مع دور القوة الأمريكية العظمى التي تستعمل حق الرفض لإبطال مشروع أي قرار يقف في صف أي جهة مستضعفة.

___________________________

المصادر:

  • الفيتو … حق النقض في مرمى النقد، الجزيرة نت، 19 مايو 2015، https://2u.pw/iL4J2oE.
  • سائد عبد الله، النقض (الفيتو) – Veto، الموسوعة السياسية، 28 يوليو 2017، https://2u.pw/KDKGWg2.
  • حق الفيتو، موسوعة معرفة، https://2u.pw/Q7AEWDC.
  • عبد الله دردونة، تعريف حق الفيتو، موقع موضوع، 11 أغسطس 2022، https://2u.pw/of7yyux.
Rate this item
(0 votes)
Last modified on الإثنين, 30 تشرين1/أكتوير 2023 19:16

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.