أثر أحكام الوقف وتطبيقاته المعاصرة في تنمية القطاع المصرفي

By د. هاني محمود حسن أحمد تموز/يوليو 16, 2024 639 0

 

نُشرت هذه الدراسة في مجلة العلوم الاقتصادية والقانونية، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، ع: 2، السنة السادسة والستون، يوليو 2024م، للباحث د. هاني محمود المدرس بقسم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة عين شمس.

 

وجاء في ملخص هذه الدراسة ما يلي:

عملت العديد من الأبحاث الوقفية الحديثة على التنبيه على فقه الأولويات الوقفية والتنموية، والإفادة من الإمكانات المتجددة في توسيع رقعة الأوقاف الإسلامية باستحداث صور وقفية جديدة تجتذب المزيد من الشرائح المانحة، وتعمل على تعظيم دور الوقف التنموي في دعم قضايا الأمة الإسلامية، وحل مشكلات المجتمعات، وإسعاف الفئات الأولى بالرعاية.

وفي هذا السياق ظهر في الاتجاه الوقفي المعاصر الحرص على تطوير الصيغ الوقفية القائمة، والسعي في إيجاد صيغ جديدة تحقق متطلبات تنمية الأوقاف وتعظيم الموارد الوقفية باستثمار إمكانيات الاقتصاد والمالية في منظورها الإسلامي، مما يؤدي إلى خدمة القطاع المصرفي الإسلامي، واستحداث صور مالية متجددة مشتقة من النظم الإسلامية، تبلغ ذروتها في أطروحة البنوك الوقفية استثمارًا لإمكانيات غير مستغلة مستمدة من نظام الوقف وفلسفته يمكن أن تسهم في حل مشكلات الاقتصاد الإسلامي في جانبه المصرفي والتنموي - من خلال إمداد المصرفية الإسلامية بصيغ تستند إلى أنظمة الاستثمار الوقفي، وتعين العمل المصرفي الإسلامي على تجاوز مشكلة الاعتماد على المرابحات والتورق، ومضاعفة قدراته التمويلية، ما يضع الوقف الإسلامي في صلب مرتكزات الاقتصاد المعاصر في منظوره الإسلامي الأصيل، وهو ما يفرض على العقل الفقهي والتنموي - الإسلامي البحث والسعي في استيعاب المنتجات الفقهية والاقتصادية الإسلامية؛ من أجل تحقيق التكامل بين القطاعين الوقفي والمصرفي؛ من أجل حل مشكلات كل منهما بالآخر، ورفع كفاءتهما الشرعية والاقتصادية، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية المنوطة بالمؤسسات المالية الإسلامية من خلال فتح قنوات من خارج القطاع الربحي - تعينها على القيام بهذا الدور بما يسهم في تحقيق مقاصد نظرية المال الإسلامية، وهو ما يدعونا إلى إعادة النظر في نظرية المال الإسلامية بما يستوعب الرصيد التنموي الذي يضيفه النظام الوقفي لنظريات الاقتصاد الإسلامي ومنتجاته التطبيقية، بما يسهم في تعزيز أخلاقياته وأدواره التنموية والاجتماعية، وتحرير الأمة الإسلامية من أسر الخضوع للقوالب التي فرضتها الحداثة الغربية من خلال الاقتصاد الوضعي القائم على النظام الربوي المتحالف مع التغول الرأسمالي الزاحف على الفطرة الإنسانية وبساطتها واعتدالها.

منهج البحث:

اتبع الباحث في بحثه المنهج الشائع في الدراسات الشرعية عامة، وهو المنهج الوصفي التحليلي، الذي يقوم على وصف ما هو قائم بالفعل، والتحليل العقلي لهذا الموصوف بغية التوصل إلى النتائج التي يصبو البحث إلى تحصيلها.

واتبع كذلك المنهج الاستقرائي في جمع المادة العلمية من مظان البحث، كما استخدم المنهج التحليلي في تحليل المادة العلمية من منظور يتعاضد فيه الحكم الفقهي مع التقدير الاقتصادي والبحث الاجتماعي والمسح التاريخي، وفضلاً عما سبق استخدم الباحث كذلك المنهج النقدي في الموازنة والتقييم.

وقد خلص الباحث في دراسته إلى عدد كبير من النتائج والتوصيات، والتي يمكن سرد بعضها على النحو التالي:

أولاً: النتائج:

  1. لاحظ البحث فجوة بارزة بين المنجز الفقهي الأصيل والوسيط والمعاصر وبين التطبيق العملي في واقع المصرفية الإسلامية والوقفية؛ وذلك لأسباب ليست جميعها ترجع إلى تقصير المصرفية الإسلامية والوقفية، بل تعود -في جانب منها- إلى القيود والعوائق التي تفرض عليها، وتعوقها عن الإفادة من كامل عطاء المنجز الفقهي لدى التطبيق العملي.
  2. للنظام الوقفي وفلسفته التنموية أثر جليل وإمكانيات لم تُستوعب بعد في تعزيز المالية الإسلامية، يمكن أن يكون مدخلاً أصيلاً لتطوير العمل المصرفي الإسلامي استنادًا إلى مشتقات التمويل والاستثمار الوقفي.
  3. الرصيد التنموي الذي يضيفه النظام الوقفي لنظريات الاقتصاد الإسلامي ومنتجاته التطبيقية يسهم في تعزيز أخلاقيات الاقتصاد الإسلامي وأدواره التنموية والاجتماعية، وتحرير الأمة الإسلامية من أسر الخضوع للقوالب التي فرضتها الحداثة الغربية من خلال الاقتصاد القائم على النظام الربوي المتحالف مع التغول الرأسمالي الزاحف على الفطرة الإنسانية وبساطتها واعتدالها.
  4. أثبتت تجربة المصارف الوقفية في بعض الدول على مبدأ الوساطة المبنية على القيم، ونرى أهمية إبراز الصبغة الإسلامية الخالصة الموازية لهذا الأساس الفلسفي استكمالاً لتحرير فلسفة العمل التنموي الإسلامي من المصطلحات التي صكت في الغرب بالأساس في إطار سعي المؤسسات الغربية لتهذيب التوحش الرأسمالي الذي لا ينبت في البيئة الإسلامية التي تراعي مقاصد الشريعة في المال والتنمية.
  5. على أساس جواز وقف النقود أُجيز الوقف الاستثماري القائم على وقف القيمة دون العين، وأنشئت أشكال استثمارية حديثة؛ كالمصارف الوقفية، والصناديق الوقفية.

 

ثانيًا: التوصيات:

  1. بات من الضروري الآن أن يكون لدى الأمم وقف عالمي - في إطار الإرث الإنساني المشترك - لمقاومة الأوبئة، والحفاظ على البيئة وتمويل أبحاث المصل واللقاح؛ كي لا يبقى أغلب البشر معرضين لتحكم احتكار شركات الأدوية التي سبقت إلى ابتكار اللقاح، أو احتكار الدول الغنية التي تبادر بالحصول على الكميات الأكبر على حساب الغالبية العظمى التي تنتمي إلى الدول الفقيرة، ويمكن للمصرفية الإسلامية أن تدير هذا الوقف بكفاءة على أن يكون لها وللمساهمين في المصارف والصناديق الوقفية المخصصة لهذا الغرض من غير الواقفين الحق في الحصول على نسبة من عوائد حق الاختراع.
  2. ضرورة البت الفقهي المعاصر في أمر الوحدات المصرفية المستندة إلى الصيغ المصرفية من خلال الاجتهاد الجماعي؛ ولهذا نوصي بإصدار قرارات مجمعية تنظم الجوانب المتعلقة بهذه المؤسسات وتعزز نتائج الأبحاث التي صدرت في هذا الجانب.
  3. إعداد مقرر المصرفية الوقفية، وشموله لمختلف المعارف والخبرات التي يحتاج إليها العاملون والدارسون والمتدربون في قطاع (المصرفية الوقفية) باعتبار هذا القطاع تجليًا من تجليات الفلسفة التنموية لنظام الوقف الإسلامي بصفته شريكًا للقطاعات التنموية الإسلامية الأخرى وعلى رأسها القطاع المصرفي، ويدرس هذا المقرر في إطار "معهد لدراسات المصرفية الوقفية" ندعو الجهات المانحة -المعنية بتنمية القطاعين الوقفي والمصرفي الإسلامي- إلى تمويل إنشائه.
  4. تشكيل اتحاد للواقفين في كل بلد يكون شريكًا لوزارات الأوقاف في النظارة على الوقف؛ لتلافي سلبيات انفراد الإدارة الحكومية بالنظارة على الوقف.
  5. انطلاقًا مما أسماه الباحث بـ (فقه أولويات الوقف) يوصي بضرورة وضع مؤشرات علمية تحدد بدقة ما هي المجالات والشرائح الأولى بالرعاية فتساعد الواقفين على اختيار الأولى عند الوقف.

تقسيمات البحث:

تم تقسيم البحث إلى تمهيد وثلاثة مباحث، وذلك على النحو التالي:

المبحث الأول: أهمية الصيغ الوقفية في العمل المصرفي.

المبحث الثاني: مرتكزات الصيغ الوقفية في العمل المصرفي.

المبحث الثالث: نموذج عملي للعمل المصرفي وفق الصيغ الوقفية.

الخاتمة: اشتملت على أهم نتائج البحث وتوصياته.

 

 رابط مباشر لتحميل الكتاب

 

Rate this item
(0 votes)
Last modified on الأربعاء, 17 تموز/يوليو 2024 09:09

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.