مدير الموقع

مدير الموقع

تعريف الكاتب هنا تعريف الكاتب هنا تعريف الكاتب هنا تعريف الكاتب هنا تعريف الكاتب هنا تعريف الكاتب هنا 

يُعد هذا اللقاء الثاني ضمن حلقات الموسم الأول من الملتقى العلمي (ملتقى التحولات والقضايا العالمية)، [والذي ينظمه مركز الحضارة للدراسات والبحوث]، وقد ناقش فيه د. مصطفى كمال باشا (أستاذ كرسي السياسة الدولية بقسم السياسات الدولية – جامعة أبيريستويث) موضوعًا مهمًّا، عنوانه “التحولات العالمية الراهنة.. وموقع العالم العربي والإسلامي منها“.

واعتبر باشا هذا اللقاء إضافة للقاء الذي سبقه وقدَّمه كلٌّ من: د. نادية مصطفى، د. مدحت ماهر. وأمَّل أن يكون هذا اللقاء فاتحة لما بعده من لقاءات.

بداية استخلص باشا مجموعة من العناصر والأفكار والمفاهيم الأساسية تعتبر مفاتيح أساسية لفهم هذا المنتدى عن التحولات والقضايا العالمية من منظور حضاري:

العنصر الأول: مرتبط بتجديد الفكر؛ بإدراك أن هناك تراثًا إسلاميًّا، وأن هذا التراث الإسلامي يحتاج لإعادة استدعاء، وربما نتيجة التطوُّرات في الداخل والخارج انزوى الاهتمام به، ولكنه من الثراء الذي يحتاج لإعادة الاستدعاء والتجديد، وأنَّنا لا نتحدَّث فحسْب عن رؤية إسلامية أو رؤية لعلوم اجتماعية، وإنما عن قراءة إسلامية بالمعنى الحضاري للعلوم الاجتماعية، وهذا من المهم التركيز عليه في الرؤية الحضارية. كما رصد أن من العناصر الأساسية التي تنبني عليها هذه الفكرة هي فكرة أهمية استعادة الغرب لحضاريَّته؛ بأن يصبح الغرب حضارة ضمن حضارات أخرى تعيش وتتواجد، وأن لا يصبح هو الوحيد الذي ينتج المعرفة، وأن يدرك أن هناك حاجة لمراكز حضارية بديلة تنتج معرفة أخرى.

نقطة أخرى وهي العلم الذي لا ينفصل عن القيم ولا الأخلاق ولا الدين، ومن ثم هناك رفض لفكرة أن العلم يمكن أن يكون خاليًا من القيم، وهناك قناعة بأنه لا بدَّ أن يكون هناك أساسٌ أخلاقيٌّ للعلم الذي نسْعى لتأسيسه.

النقطة الخامسة: إدراك الحدود والقدرات، وحدود العلوم، حتى لا نتوهَّم الكمالَ ولا القداسة، وأن المطروح في هذه الفكرة الحضارية أنها رؤية لا تدَّعي القداسة، فهي تدرك حدودَها وحدودَ إمكانيَّاتها البشرية.

النقطة السادسة: تخصُّ مسألةَ تطبيق الرؤية الحضارية، وكيف يمكن تفعيل هذه الرؤية الحضارية، وما هي الأدوات والمناهج اللازمة لهذا الأمر، ويرى د. باشا أن المدرسة المصرية لمنظور حضاري إسلامي قطعت شوطًا هامًّا في التطبيق والتفعيل لهذه الرؤية الحضارية.

النقطة السابعة: لا وجود لنظرية تنفصل عن السياق التاريخي والسياسي والاجتماعي، ويرى باشا أن مشكلة نظرية العلاقات الدولية تتمحور حول هذه المسألة؛ وهي أنها لا تُحَدِّثُ العالمَ ولا تُحَدِّثَ الجنوبَ العالمي، ولا تُحَدِّثُ العالمَ الإسلامي، ولكنها تتحدَّث مع ذاتها، وتتحدَّث عمَّا تراه هي، وما تعبر عنه، كما لو كان هو العلاقات الدولية، بينما هو ليس كذلك.

النقطة الثامنة ترتبط بهذه المسألة وهي: كيف يجب أن نفهم ما هي المشكلات الدولية التي تحيط بنا، وما هي الحلول التي يمكن تقديمها في هذا الصدد.

النقطة التاسعة: كل حضارة لها عناصر أساسية ولها خصوصية، والخصوصية الإسلامية ترتبط بمعنى خاص بالقيم والأخلاق والثقافة، وهذه الخصوصية الإسلامية موجودة رغم التنوُّع الكبير عبر الأقاليم الإسلامية، نفس الحال ينطبق على الحضارة الغربية، فهي أيضًا لها خصوصية رغم اختلاف الدول والمناطق.

النقطة الأخيرة: وهو التحدِّي الأكبر الذي أشارتْ إليه المحاضرة السابقة، ويخصُّ التفاعل بين الأمة والدولة وبين الحالة العالمية، حيث لا ينفصل حال الأمة وتطوير حالها أو تغييره عن فهمنا ومعرفتنا بالعالم من حولنا.

وأشار إلى أن المحاضرة تقوم على أربعة أفكار أساسية:

“Common Sense” وهو طرح قدمه الفيلسوف الإيطالي أنطونيو جرامشي، حول المسلَّمات التي لا نتجادل معها، أو المنطق الذي نتعامل معه كونه مسلَّمات.

التحولات العالمية، ماذا يحدث حولنا من تحولات؟ ليس فقط العولمة، ولكن تحولات عميقة يرصدها د. باشا في نسيج وبنية العالم من حولنا.

ما التحديات التي تواجه الرؤية الحضارية؟

إعادة تخيل مفهوم العصبية كما طرحه ابن خلدون.

الفكرة الأولى: حول الأفكار السائدة عن العالم الإسلامي

وكيف يتم التعامل مع هذه الأفكار السائدة على أنها طبيعية وصحيحة، وعلى أنها حقائق (أن هذا العالم الإسلامي به عنف، وعدم مساواة، …).

بداية فهذه الصور الذهنية شديدة السلبية عن العالم الإسلامي يتمُّ التعامل معها في الغرب كما لو أنها واقعًا مسلَّمًا به، وليس مجرَّد صور ذهنية متحيِّزة ضدَّ هذا الإسلام، ومشكلتها الأساسية أنها تأخذ الصبغة العالمية، وتصبح مهيمنةً لدرجةٍ لا يمكن التشكيك في صحتها.

وهذا الفكر له تداعيات في الواقع كثيرة، وله مؤسِّسين ومنظِّرين أمثال برنارد لويس، ممَّن دفعوا بأن هناك خللًا جسيمًا في الحضارة الإسلامية، لا يمكن معه لهذه الحضارة أن تتطوَّر.

أما من وجهة نظر العالم الإسلامي فهناك شعور بالدونية، وهناك تشكيك في الذات والقدرات الذاتية، منبعه -في تقدير د. باشا- الاستعمار من ناحية، ثم هذا الفهم الغربي للعالم الإسلامي من ناحية أخرى، ثم لنرى كيف يتجلَّى هذا الشعور بالدونية في مساحات تفكير العالم الإسلامي في حلول لمشاكله السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو مشاكل الحكم أو غيرها.

ويرى د. باشا أن من أهمِّ إسهامات المدرسة الحضارية المصرية في هذا الصدد، أنها ترفض هذه الثنائية؛ ترفض التعامل مع هذه الصفات للعالم الإسلامي على أنها مسلَّمات، كما أنها ترفض هذا الشعور بالدونية، وترى أن هناك مصادر إسلامية كثيرة يمكن إعادة البناء عليها وتحقيق تغيير، ويرى أن من أهمِّ ما يميِّز المدرسة أنها تتحدَّث من منطلق الندِّية والتكافؤ وليس من موقع الشعور بالأفضلية على الآخرين.

يؤكِّد د. باشا أن هناك دائمًا خياريْن أمام كلِّ حضارة، إمَّا أنها ترفض الحداثة، أو تزدريها لعدم قدرتها على اللحاق بها. إلا أن المدرسة المصرية قدمت حلا ثالثا؛ وهو الإيمان بالعلم واحترام العلم ولكن أيضًا مع ربط هذا العلم بالقيم، والتأكيد على أن الحداثة التي تقدِّمها هي حداثة بفهمها الخاص، لا ترفض العلم ولا تنكره، ولكن تضيف له بصمات خاصة.

الفكرة الثانية: التحديات والتحولات العالمية

التحديات الجديدة في مواجهة التحديات القديمة

يرى د. باشا أن هناك تحديات قديمة ترتبط بالاستعمار الأوروبي، منذ وصول نابليون لهذه المنطقة، وتأثيره طويل المدى، وهو يمتدُّ ولا ينتهي، ويفت في عضد الجسد الاجتماعي للعالم الإسلامي.

ولكن هناك بالإضافة لذلك تحديات جديدة من بينها صعود الدولة القومية الحديثة، وهي وعاء جغرافي جديد، وتطور مؤسَّسي شهدْناه في القرون الماضية منذ ما بعد وستفاليا، ولكنها تعتبر المنافس الأساسي للحضارة، فالناس يعيشون داخل حضارة، ولكن هذا يتمُّ تحدِّيه بخلْق دولة مدنيَّة حديثة أصبحت واقعًا وتشكِّل تحدِّيًا للتفكير الحضاري.

هذا التناقض بين الحضارة والدولة، يحدِّد ملامح العديد من المشكلات التي نرصدها في واقعنا الإسلامي المعاصر، ولكن محاولة التفكير كما لو أن الدولة القومية غير موجودة هو جهدٌ لا طائلَ من ورائه، فالأهم هو كيف نفكر في الحضارة في ضوء هذه المعطيات الجديدة؟ وهذا ما فعلتْه المدرسة الحضارية، حيث كانت الموازنة بين الاثنين حاضرة، على سبيل المثال في فكر ابن خلدون: كان واعيا بهذه المواجهة بين الإسلام كحضارة وبين الدولة.

إن أزمة الحضارة الإسلامية أنها فقدت القوة السياسية والاقتصادية والثقافية، وهذا جعلها الطرف الأضعف في مواجهة الدولة، ولكنه يرى أن هذا أيضا يتغيَّر، وأن هذا الفقدان للقوة يرتبط بهيمنة قوة أو اثنتين على العالم، ولكن مع التعدُّدية أصبحت هناك فرصة لرؤية جديدة أن تظهر.

ومن ثم أهمية أن لا نقلِّل من القوة الحضارية، فالحضارة مكوِّن للقوَّة وليس مجرَّد إطارٍ للتفكير، وهذه القوة الحضارية التي ترتبط بإدراكنا لذاتنا وإدراكنا للوجود، لا يلتفت لها الكثيرون من النخبة في العالم الإسلامي، لا إلى أهمية الثقافة ولا إلى أهمية التعليم كقوة، وهذه القوة الثقافية ليست القوة الناعمة وإنما القدرة على تطوير إجابات أو حلول لمشاكلنا من منطلقات ذاتية.

بالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة من التحديات المهمة في خلفية واقعنا المعاصر:

التحدي الأول هو الحداثة الغربية: وكيف أنه يتم التعامل معها على أنها مرجعية عالمية، تُقَيَّمُ على أساسها الحضارات والمجتمعات والمناطق الحضارية المختلفة، ويرى د. باشا أن هذه المسألة يتمُّ التشكيك في صحتها تدريجيًّا، وأصبح هناك إدراك متنامٍ بأن هناك سبلًا متعدِّدة للتحديث وليس مجرد سبيل واحد.

التحدِّي الثاني: يخصُّ تلك العلاقة بين الحداثة والعلمانية، وكيف أن الحداثة تقوم على صلةٍ وطيدةٍ بالعلمانية، ومن ثم كان هناك تصوُّر أن الدين هو عائق أمام الحداثة والتطوُّر، وهي فكرةٌ يرى أيضًا أنه يتمُّ تحدِّيها والخروج عليها تدريجيًّا.

والتحدِّي الثالث: الفصل بين الأخلاق والسياسة، وهي فكرة يتمُّ غرسُها وتغذيتُها في مجتمعاتنا، حتى أضْحى كثيرون يتصوَّرون أن السياسة يمكن لها أن تتحرَّك بلا ضابط أخلاقي، وأن السياسة هي ممارسة القوَّة وإنجاز الأمور بأي وسيلة، ويؤكِّد باشا أن الرؤية الحضارية تذكِّرنا أن السياسة بدون أخلاق هي سياسة شديدة الضعف.

ننطلق للعنصر الثاني في هذه المحاضر، وهو يدور حول: ماذا يحدث حولنا من تحولات عالمية أساسية؟

بحيث إن إدراكها واستيعابها يقوِّي ويدعم من الرؤية الحضارية وقدرتها على الإسهام.

التحول عن النظام الليبرالي العالمي، وظهور نظام ما بعد ليبرالي: فنحن في عالم يتجاوز مرحلة العالم الليبرالي، ويدرك أن هناك أجزاء لم يصل إليها، ولكن أربعة عناصر تحدِّد هذه الصفة وإن كانت لم تتبلْور بعد بالكلية:

التحول نحو المزيد من التعدُّدية في مراكز القوى، وهي تعدُّدية ثقافية واقتصادية وسياسية، ومركزها ليس فقط الغرب، بل مركزها خارجَه كالصين والهند؛ كذلك ترتبط بهذه المسألة -في تقدير د. باشا- فكرة وجود مساحة حركة كبيرة لم تكن موجودة من قبل للدول والحضارات الأخرى، مثالا على ذلك حالة أوكرانيا، وكيف أنها نجحت في الاستفادة من هذه التعدُّدية في الاتفاق على بعض القضايا وفي تصويت الأمم المتحدة.

إضعاف الهيمنة الغربية، وكيف أن المركز الثقافي والسياسي والاقتصادي يتحرَّك تدريجيًّا من الغرب إلى آسيا.

وجود نماذج بديلة من التنمية، وكيف أن العلاقة بين السياسة والاقتصاد أصبحت لها أشكال أو تصورات متعدِّدة ولم يعد لها تصوُّر واحد، حتى العلاقة بين الديمقراطية والتنمية لم تعد بتلك الأهمية التي كانت عليها من قبل، والمثال الحاضر هو الصين.

ما بعد العولمة: وكيف أن هناك اتجاهات تعادِي العولمة في ظلِّ وجود اتجاهات تؤكِّد وجودَها، صحوة للقومية على سبيل المثال مرتبطة بوباء كورونا وكيف تمَّ وضع حدودٍ ومعوِّقات قومية سريعًا بين الدول، وكيف أصبح العالم المعولَم معاديًا للعولمة، أيضًا ما يخصُّ الهجرة: فبالفعل هناك حركة مفتوحة بين المال وانتقال التكنولوجيا، ولكن حركة البشر ليست بهذه السهولة، والاتحاد الأوروبي يحرص على توقيع اتفاقيات مع دول مثل تونس وليبيا من أجل الحدِّ من هذه الهجرات.

تراجع في منطق الحداثة العلمانية، حيث حدث رفضٌ كبيرٌ من شعوب العالم لهذه الحداثة العلمانية، وليس العالم الإسلامي وحده. الهند بها رفض شديد للحداثة العلمانية أيضًا.

يؤكِّد د. باشا على أكثر من جزئية: القومية العلمانية كانت هي السائدة في الستينيات والسبعينيات ولكنها لم تعد بهذه الأهمية على الإطلاق، النقطة الثانية التي تخصُّ صعود أو عودة تجدُّد الاهتمام بالديني، حيث يذكر د. باشا أن هذا ليس حال العالم الإسلامي أو الشرق الأوسط فحسْب، وإنما هذا الاهتمام بالديني موجود في آسيا وفي جنوب شرق آسيا، وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك وعي يومي متزايد حول كيف نأكل وكيف نتحدَّث وكيف نلبس، وكل ذلك مرتبط بمكون الدين، وفي حين كان يُنظر إلى الحديث بخطاب ديني في فترة مضت على أنه حديث متخلِّف لم يعد هذا هو الحال الآن.

النقطة الأخيرة هي الوعي الحضاري، سواء في العالم الإسلامي أو في غيره بإرث حضاري ممتدٍّ عبر القرون الماضية.

غياب الدقة وعدم اليقين وقلة الشعور بالمخاطر المشتركة التي تُحيط بنا، فلم يصل واقعنا لهذه الدرجة من عدم الاستقرار من قبل.

يرى د. باشا أن هناك حالة متزايدة من الانقسام في العالم الإنساني، أعداد قليلة جدًّا تسيطر على موارد كبيرة جدا، 1% يسيطرون على 52% من موارد العالم، هناك قابلية للاختراق غير مسبوقة، وهناك حاجة لأن نقدِّم إجابات حضارية للبشر، لكي نُعيد إليهم الشعور بالأمل والهُوية، ونُعطيهم منطقًا للتعامل مع الحياة من حولهم، وهم غالبية البشر، هناك حالة من عدم اليقين مرتبطة كذلك بالتكنولوجيا التي جعلت كل نواحي حياتنا محفوفة بالمخاطر.

صعود الشعبوية: مع فكرة أنها تطرح حلولًا سهلة لمشكلات معقَّدة، وكيف أن شعوب العالم ككل أصبحت تبحث عن هذه الحلول السهلة.

يرصد د. باشا كيف أن هناك تراجعًا في السياسة التقليدية، في الشمال وفي الجنوب. وهناك سياسة استقطاب كبيرة في الشمال تهيمن على المجتمعات الغربية بحيث يكاد لم يعد هناك مجال للحوار بين القطبين المختلفين، أيضًا يتم تحميل الطبقات الأضعف والأفقر (كالمهاجرين وغيرهم) مشاكل المجتمعات، ومحاولة تشويه صورتهم بحيث يحملون كافة آفات هذه المجتمعات.

بالإضافة إلى التراجع في الالتزام بالقيم الديمقراطية -والذي يرصده د. باشا- خاصة في وسط وشرق أوروبا، وكيف أن هذه القيم الديمقراطية تتراجع مقابل قيم شعبوية آخذة في الصعود.

التكنولوجيا: أحد أكبر مصادر التهديد التي نواجهها كبشر وعالم إنساني، وأبعاد هذا التهديد والخطر لم يتم إدراكه كلية بعد.

يرصد د. باشا ثلاثة متغيرات حديثة في عالمنا: شبكات التواصل الاجتماعي، ومسألة الرقابة المتزايدة على حياتنا، والذكاء الاصطناعي. وتساءل ما المشترك بينهم؟ المشترك هو أنهم يغيرون علاقتَنا بأنفسنا وبالعالم من حولنا، وبعضنا البعض، في كيفية معيشتنا كعالَم إنساني، وكيف يغيرون ملامح هذا العالم الذي نعيش فيه، والذي أصبحنا شديدي التعلُّق به. فكيف تؤثر هذه التكنولوجيا الاتصالية على الصداقات والعلاقات، وعلاقات الأهل والمعلمين بتلاميذهم، هناك إذن حاجة لرصد تأثير هذه التكنولوجيا على الحضارة الإنسانية.

مسألة الرقابة: نجد أن الخصوصية انتهكت بشكل غير مسبوق، لم تعد هناك مساحات خاصة لم تخترقها التكنولوجيا، ومجرد سحب نقود يعطي معلومات عن أين أنت وكيف ستنفق هذه النقود… إلى آخره.

مسألة الذكاء الاصطناعي: وكيف أنه تحدٍّ لا نستوعب مداه، في تصوُّره أن الذكاء الاصطناعي يؤثر بسرعة تغير أسرع بكثير مما نتصور وأننا شديدي البطء في إدراك هذا التأثير على العالم من حولنا، فهو يؤثر في الأفكار وفي إنتاج المعرفة وفي كيفية التفكير، وأبعاد أخرى كثيرة من حياتنا كبشر، له بالتأكيد تأثيرات إيجابية في قطاع الطب مثلا، لكن -في تقدير د. باشا- لو تحكَّمت التكنولوجيا في حياتنا وخسرنا حريَّتنا؛ فهذا تحدٍّ حضاري وجودي وليس تحديًا بسيطًا، لا بدَّ أن نبدأ اليوم في التفكير فيه.

التغير المناخي: ما نعيشه اليوم هو إرث من الثورة الصناعية، التي تنقلب على البشر وكأن الطبيعة تنتقم من البشر لإخلالهم بالتوازن الذي وضعه الله في الكون.

يؤكد د. باشا أن لدينا تصورًا إسلاميًّا خاصًّا عن هذه الأزمة تحديدًا؛ وأن هذه الأزمة هي منتج لتحطيم القيم، حين توقَّفنا عن التعامل مع الحياة والعالم والكون من حولنا كهبةٍ من الله، وأفرطْنا في الطمع كبشر وتصوَّرنا القدرة على السيطرة المتناهية على الطبيعة، واليوم نرى تداعيات هذه التصوُّرات.

ويرى أن من أهمِّ المشكلات الاجتماعية التي تتولَّد عن قضية التغيُّر المناخي هي مسألة عدم العدالة البيئية، لأن الذي يشارك أقلَّ في هذه المشكلة هو الذي يتحمَّل العبء الأكبر، ومثال على ذلك أفريقيا التي لا تتعدَّى مساهمتها 5% في هذه المشكلة، مشكلة الانبعاثات الكربونية وغيرها ولكنها مع ذلك تتحمَّل العبء الأكبر من هذه المشكلة.

يتساءل د. باشا عن ما هي التداعيات الحضارية والثقافية للتغير المناخي؟ ويرى أننا نحتاج لميثاق أخلاقي جديد مع الطبيعة وأن لا نتوهم القدرة على السيطرة على الطبيعة، واليوم.. أصبحت الصين والهند مصدرًا أساسيًّا للانبعاثات الكربونية؛ وبالتالي يجب علينا أن نبحث في إرثنا الثقافي أو الحضاري عن إجابات لهذه المشكلة.

الفكرة الثالثة: ما هي التحديات التي تواجه الرؤية الحضارية؟

– المشكلة الأكبر هي تلك العلاقة بين التحديات وبين القدرات فهي تحديات كبيرة تواجه مجتمعاتنا الإنسانية، ولكن هل نمتلك القدرات لمواجهة هذه التحديات، يرى أنه يجب أن ندرك حجم التحدِّي بأن نستوعب بالفعل حجمه الحقيقي ثم نستوعب حجم قدراتنا، وإن كنَّا نمتلكها أو لا، وإن لم نمتلكها فمن أين نأتي بها؟

– يؤكِّد أنه ليست لدينا إجابات جاهزة، وإنما هي مسائل تحتاج للتفكير العميق فيها، وبعض هذه التحديات شديدة الخطورة ولا يمكن حتى إصلاحها بسهولة متى شرعْنا في هذا.

ضغط الوقت يرصده د. باشا ويرى أنه لا بدَّ وأن نتحرَّك سريعًا، لأن بعض هذه المشكلات تمَّت صناعته في وقت ضئيل للغاية ولكن نحتاج وقتًا طويلًا للتعامل معها وليس لدينا رفاهية التفكير البطيء في الحلول.

الفكرة الرابعة: إعادة تخيل مفهوم العصبية كما طرحه ابن خلدون

يمكن أن نسأل أنفسنا ما هي الموارد الحضارية التي نمتلكها؟ نمتلك لغة وتاريخًا وفنًّا وموسيقى وأساطير، ولا نحتاج حتى لمجرد ترديد مقولات بأننا كنا حضارة عظيمة أو غيره، ولكن بالفعل هناك موارد وإمكانات يمكننا أن نستعيدها وأن نبني عليها.

المسألة الأخرى التي تسمح لنا بالتعاطي مع التحديات التي رصدها د باشا: هي مسألة أن المعرفة هي إرث عالمي مشترك، وهي ليست حكرًا على حضارة بعينها، فيمكن أن نعرف من الغرب أو الشرق، أينما وجدت المعرفة فنحن مطالبون بالبحث عنها والسؤال عنها.

يجب أن نتجنب الانغلاق على الذات، كما يجب أن نتجنَّب محاولة تقليد الآخرين، فلا نحن ننفتح على الآخرين دون وعي بالذات ولا نحن نقلِّدهم، وإنما نفهم التراث الإنساني بإبداع وانفتاح فكري، لا نرفض المعرفة لمصدرها، وإنما ننقِّح ونفهم ما لدى الآخرين، ثم نبحث ونؤسِّس أخلاقيًّا لما يمكن أن نقدِّمه.

إعادة تعريف القيم العالمية: يؤكِّد د. باشا أن هناك بالفعل قيمًا إنسانية عالمية مثل قداسة الحياة، وقداسة الطبيعة وبالتالي التعامل معها كهبة ونعمة كبيرة لا بدَّ أن نصونَها، وهي قيم ليست ذات خصوصية أو قومية أو غيرها وإنما هي قيم عالمية، ختم باشا حديثه بأنه يمكن أن نبدأ من هذه النقاط في محاولة لمواجهة التحديات والسعي في محاولة حقيقية للتغيير.


* نقلاً عن: موقع مركز الحضارة للدراسات والبحوث،

https://2u.pw/ichFFPD

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 3 يولية سنة 1999موافق 19 ربيع الأول سنة 142هـ.

بحضور السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال…………………… رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري، ومحمد على سيف الدين، وعدلي محمود منصور، ومحمد عبد القادر عبد الله، وعلى عوض محمد صالح، وأنور العاصي. وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق……………… رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ حمدي أنور صابر……………………………………… أمين السر

صدر الحكم قادما:

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا رقم 164 الحكم التاسع القضاء «دستورية».

المقامة من:

  1. السيد/ رئيس الجمهورية.
  2. السيد/ رئيس مجلس الوزراء.
  3. السيد/ رئيس اللجنة بمجلس الشعب.
  4. السيد/ وزير العدل.
  5. السيدة/ فتحية إبراهيم محمد.
  6. السيدة/ ابتسام زكى السيد أحمد.
  7. السيدة/ ايمان زكى السيد أحمد.
  8. السيدة/ هنادى زكى السيد أحمد.
  9. السيد/ بكر حسن أحمد حسنين.

التدابير

بتاريخ التاسع عشر من أغسطس سنة 1997، أودع المشهر هذه التنوعة بقلم كتاب المحكمة، طلبًا للحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والخامسة من المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 بحكم 1929 الخاص بالتمويل القانوني للتحكم بالقانون رقم 100 لسنة 1985.

أشكرت هيئة قضايا الدولة على مذكرة طلبت في ختامها حكم عدم قبول الطعن في المادة الأولى من المادة (۲۰) ومهمتها ورفض الاختصاص فيما يتعلق بذلك.

وبعد الانتهاء، وأودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.

ونظرت لذلك على النحو المبين بمحضر النظر، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الترجمة على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الواقع – على ما يبين من محطات متنوعة وسائر الأصول – تتحصل في أن المدعى عليها الخامسة قد أقامت ضد كل من المدعى عليه والمدعى عليه التاسع التاسع أحوال شخصية «نفس» شبرا، ابتغاء القضاء بإلزامهما بتسليمها ابنتها الصغيرة المشمولة بحضانتهما فقط ابن أخيهما المكمل.

ونظرت في ذلك بدفع المسمى المسمى بعدم دستورية المادة نص (۲۰) من الرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص بقانون الائتمان الخاص بالحساب الشخصي بقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض قوانين اللعبة. تم اتخاذ قرار محكمة الموضوع الجديد للدفع؛ وأذنت للمسمى بمكان دستوري، وقد احتل المركز الماثلة.

وحيت في هذه السابقة القضائية أن باشرت الرقابة على دستورية الفقرة الأولى من المادة (۲۰) من الرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 – ماهرها – فأصدرت بجلستها المعقودة في الخامس عشر من مايو سنة 1993 حكمها في القضية رقم 7 قرار 8 القضاء الشرعية برفض الحظر بالنسبة إلى الطعن بعدم دستورية هذا النص. وقد نشر ذلك الحكم بالجريدة الرسمية بتاريخ 5/6/1993. إذ كان ذلك، للتداول في المحكمة الدستورية العليا قولا فصلا لا يقبل تويلا ولا تعقيبا من أي جهة كانت، فإن الخصومة الدستورية بالنسبة لذلك النص – تتطلب عينية بطبيعتها – قد تكون حاسمة وتغدو الأقسام – في هذا الشق منها – غير مقبولة.

وحيث إن النطاق – تلك المثابة – أصبح منحصرًا في القسم الخامس من المادة (۲۰) التي تسمح بأن:

«.. إثبات الحق في الحضانة العالمية، ثم للمحارم من النساء؛ مقدمًا فيه من يدلي بالأم على من يدلي بالأب، ويعتبره يستحق من الجهتين على الترتيب التالي:

الأم، فأم الأم وإن علت، فأم وإن علت …. فعمات الأب بالترتيب».

وحيثما تُدعى المدعى عليها ينى على هذا النص، مخالفته لمبادئ الشريعة الإسلامية؛ والتي تُعتبر الحضانة السليمة للمحضون لا للحاضنة؛ ينبغى في كل حال الاعتداد بصلحه دون توقف عند الترتيب مجرد للحاضنة أو الحاضنة: فورا بمراعاة أمانتهم وكفاءتهم؛ حتى لا تولول الحضانة إلى مضيعة للصغار.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة، قد يتم طردها على أن حكم المادة من الدستور الثاني – بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980 – يقيد الامتياز المالي من تاريخ العمل بهذا الدمج؛ وأن مؤداه ألا تناقضاتها – ومن غير القانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ – مبادئ الشريعة الإسلامية التي لا تخضع للاجتهاد فيها؛ والتي تمثل ثوابتها – مصدرًا وتأويلًا – إذ هي عصبة على التأويل فلا يجب تحريفها، ولكن يجب الرد على النصوص الخاصة بها للفصل في تقرير يحدثها أو مخالفتها للدستور. ولا كذلك حكم الظن غير الذي بثبوتها أو بدلالتها، أو بهما؛ إذ هي بطبيعتها تمتلك الشعر بتغير الزمان والمكان، ومارونتها ولمويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافاتها، وتصنيفها لشئون العبادة بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً؛ ولا يعطل تبعاً لحركتهم في الحياة، ومن ثم تنحصر دائرة الاجتهاد فيها على أن يكون هذا الاجتهاد واقعاً ثانياً في إطار عناصر الكلية للشريعة بما لا يجاوزها، ملتزماً ضوابطها الثابتة، متحرياً مناهج الاستدلال على الحكم المنهجي، والقواعد الضابطة لإتقانها، كافلاً صون المقاصد الكلية للشريعة بما عليك الحفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال.

وحيث إن البيِّن من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ المشار إليه أن وجود الولد ذكرًا كان أم أنثى في يد الحاضنة – سواء قبل بلوغهما سن العاشرة أو الثانية عشرة أو بعدها – لا يغل يد والدهما عنهما ولا يحد من ولايته الشرعية عليهما؛ فإن عليه مراعاة أحوالهما، وتدبير أمورهما، وولايته عليهما كاملة؛ وإنما يد الحاضنة للحفظ والتربية ولها القيام بالضروريات التي لا تحتمل التأخير كالعلاج والإلحاق بالمدارس بمراعاة إمكانات الأب. وأن ترتيب الحاضنات والحاضنين من العصبة وذوى الأرحام مأخوذ من فقه المذهب الحنفي، بما مؤداه أن أحكام الأهلية للحضانة – بوجه عام – يرجع في شأنها إلى الأرجح من فقه ذلك المذهب.

وحيث إن الصغير تثبت عليه منذ مولده ثلاث ولايات: أولاها: ولاية التربية؛ ثانيتها: الولاية على النفس؛ وثالثتها: الولاية على ماله. وتثبت الولايتان الأخيرتان – كأصل عام – للعصبة من الرجال. أما ولاية التربية، وهي الحضانة، فغايتها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه في الفترة الأولى من حياته التي لا يستغنى فيها عن النساء ممن لهن الحق في تربيته شرعًا. والأصل فيها هو مصلحة الصغير؛ وهى تتحقق بأن تضمه الحاضنة إلى جناحها باعتبارها أحفظ عليه وأحرص على توجيهه، وأقدر على صيانته؛ ولأن انتزاعه منها – وهى أشفق عليه وأوفر صبرًا – مضرة به إبان هذه الفترة الدقيقة التي لا يستقل فيها بأموره. وقد وردت الآثار الصحاح بأن النساء أحق بالحضانة في هذا الدور من حياة الصغير؛ فقد روى أن امرأة احتكمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شأن حضانة صغيرها وقد أراد أبوه – مطلقها – أن ينزعه منها فقال لها الرسول الكريم: «أنت أحق به»؛ فلزم من ذلك أن تكون الحضانة للمحارم من النساء أولا؛ وأن تقدم قرابة الأم منهن على قرابة الأب؛ وهو ما توخاه النص المطعون فيه.

وحيث إنه ليس ثمة نص قطعي يقرر حكمًا فاصلًا في شأن ترتيب الحاضنات- بعد الأم – فيما بينهن؛ ومن ثم يكون باب الاجتهاد في هذا النطاق – عن طريق الأدلة الشرعية النقلية والعقلية – مفتوحًا، فلا يصد اجتهادُ اجتهادًا أو يكتسب عصمة من دونه؛ ولا يقابل اجتهاد على صعيد المسائل التي تنظم الأسرة بغيره إلا على ضوء أوضاعها وأعرافها، بما لا يناقض شريعة الله ومنهاجه. وقد جاء بالأثر أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وجدة ابنه «عاصم» – أم أمه – تنازعًا بين يدى الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه على حضانته فأعطاه إياها، وقال للفاروق: «ريحها ومسها ومسحها وريقها خير له من الشهد عندك». ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ذلك. أما الفقهاء أصحاب المذاهب فقد اتفقوا على أن أم الأم -التي تدلى إليها مباشرة – تلي الأم في ترتيب الحاضنات. فقد قال الحنابلة بثبوت الحضانة للأم ثم أمها ثم أم أمها وهكذا ثم الأب ثم أمهاته. والشافعية على أنه إذا اجتمع الذكور مع الإناث فتقدم الأم على الأب ثم أم الأم وإن علت بشرط أن تكون وارثة ثم بعدهن الأب ثم أمه ثم أم أمه وإن علت إذا كانت وارثة. ويرى الحنفية – ومعهم المالكية – أن أحق الناس بحضانة الصغير بعد أمه أمها وإن علت. وإذ كان هذا هو ما نحاه النص الطعين؛ بما ارتآه محققًا مصلحة الصغير – وعليها مدار الحضانة – مستلهمًا بذلك مقاصد الشريعة الكلية، دائرًا في فلك الأصول العامة لها؛ فإن النعي عليه بمخالفته للمادة الثانية من الدستور يكون حريًا بالرفض .

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

أمين السر رئيس المحكمة

إعداد أ. عبده إبراهيم

تقديم أ. د. سيف الدين عبد الفتاح

يمثل هذا الكتاب أحد الجهود العلمية المبذولة في سبيل إحياء تراث الأستاذ الدكتور حامد ربيع، وهو موضوع رسالة ماجيستير عن إسهامات أ. د. حامد ربيع في التراث السياسي الإسلامي للأستاذ عبده إبراهيم تحت عنوان: “التجديد السياسي عند حامد ربيع: دراسة في ضوء المنظور الحضاري”، وتأتي هذه الدراسة تجسيدًا لما مثله أ. د. حامد ربيع باهتمامه بمختلف فروع العلوم السياسية من نقلة حضارية للعلوم السياسية في الوطن العربي، فقد اهتم بمختلف فروع العلوم السياسية برؤية منهجية جمعت بين المعرفة الغربية، وقيم وأصالة التراث الإسلامي، وشمولية التراث الإنساني، وأسهمت إبداعاته الفكرية المتنوعة والمتكاملة وثوابته الحضارية ورسالته الكفاحية في الاهتمام بهموم أمته فهو عالم “حمل هم أمته في عقله وفكره وإنتاجه العلمي المتنوع..”، وكانت له رؤية تجديدية تمثلت في موضوعاته التي اهتم بها، وكذلك طريقة تناوله لها، وتعامله معها، في الوقت نفسه الذي امتاز بمنظور حضاري شامل أسهم من خلاله في تقديم رؤية حضارية لعلم السياسة العربي، تتضمن رؤية تجديدية نابعة من قلب الحضارة الإسلامية، وفي هذا السياق فقد جاءت هذه الدراسة “القيمة” للتعرف على جانب من إسهام حامد ربيع  الموسوعية، وقد ركزت على جهوده في التجديد الحضاري من منظور معرفي إسلامي.

وقد قام بتقديم الكتاب أ. د. سيف الدين عبد الفتاح أحد أنجب تلاميذ د. حامد ربيع المباشرين، ومما جاء في هذا التقديم:

” كان إحياء تراث أستاذي الدكتور حامد عبدالله ربيع (رحمة الله عليه) -ولا يزال- واحدًا من أهداف حياتي العلمية الأساسية، ولكم كانت سعادتي كبيرة عندما تحدث معي تلميذي عبده إبراهيم بشأن رغبته في أن يكون موضوع رسالته في الماجستير عن إسهامات أستاذنا الدكتور حامد ربيع في التراث السياسي الإسلامي، وبعد مناقشات ومداولات كثيرة استقر رأينا على أن يكتب في (التجديد السياسي عند حامد ربيع دراسة في ضوء المنظور الحضاري)، ولقد أنجز رسالته على خير ما يكون ولاقت استحسان لجنة المناقشة التي رأت أنها رسالة علمية ممتازة ومتميزة. إن الاهتمام بأستاذنا الدكتور حامد ربيع يحتاج إلى مشروعات بحثية تقوم عليها مؤسسات ومراكز بحثية، وهذا الكتاب وغيره من الكتب –التي سبق وأشرف على إصدارها قسم العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية– إنما تمثل لبنات مقدرة في مشروع إحياء تراث هذا العلم الكبير.

فحامد ربيع هو أحد رواد علم السياسة في مصر والعالم العربي، يمتد مشروعه في مجالات علوم السياسة وقضاياها وتفريعاتها المتنوعة، وتشكل آثاره ومصنفاته ركيزة أساسية في مدرسة علم السياسة العربية، وتعبر عن حقبة تاريخية مهمة هي بمثابة عقدة إستراتيجية في تاريخ أمتنا المعاصر، خصوصا أن هذه الفترة شهدت معظم الأحداث الكبرى التي تشكلت على أساسها المنطقة العربية، ولا تزال متأثرة بها حتى يوم الناس هذا، وبالأخص أحداث وتطورات الصراع العربي الإسرائيلي/ الصهيوني، والذي أولاه “ربيع” العناية والاهتمام البالغين، وقدم فيه الرؤية الحضارية العميقة الكاشفة عن طبيعة هذا الصراع الذي وصفه ربيع نفسه بالمصيري.

إلا أن إسهام ربيع الأساسي -والذي لا يزال يحتاج إلى دراسة أعمق واهتمام أكبر- يتمثل في إسهاماته في النظرية السياسية والتراث السياسي الإسلامي؛ وهو المقصد الذي وفقني الله تعالى لتحقيقه، وذلك بالقيام على تحرير وإعادة نشر إسهام أستاذنا في هذا المجال محققًا ومدققًا، وقد صدر تحت عنوان (مدخل في دراسة التراث السياسي الإسلامي)، وبالرغم من ذلك فإن المجال الربيعي في أفكاره ومدوناته وآثاره لا يزال في حاجة إلى اهتمام أكبر يسهم في الكشف عن جواهره التي لا تقل قيمة وعمقا وثراء عن إسهام كبار المفكرين في النماذج الحضارية الأخرى قديمًا وحديثا.

وبالنسبة إلى النص الربيعي الذي دارت حوله هذه الدراسة، فإنه يلزم النظر إليه بوصفه نصًا حضاريًا جامعًا بين أضلاع مثلث من الخصائص، وهذا المثلث بدوره يشكل مجهر الرؤية والاهتمام للباحث في النص الربيعي بعموم؛ وتتمثل أضلاع هذا المثلث في كفاحية العالم، بنائية الخطاب، وكليات الفكر والنظر”.

وقد اشتملت الدراسة على ثلاثة فصول: الفصل الأول تناول الخريطة الإدراكية للأستاذ الدكتور حامد ربيع، أما الفصل الثاني فقد تناول إسهاماته المنهجية، أما الفصل الثالث فقد تناول مسألة الحضارة الإسلامية والتجديد السياسي عبر قراءة أ. د. حامد ربيع في إطار مقارن مع آخرين من مدرسة المنظور الحضاري.

رابط مباشر للكتاب

انطلقت فعاليات المؤتمر العلمي الدولي الرابع لكلية الشريعة والقانون بدمنهور (عاصمة محافظة البحيرة بجمهورية مصر العربية)، تحت عنوان: “قضايا المناخ والبيئة في ضوء الفقه الإسلامي والقانون” يوم الإثنين الموافق 18 سبتمبر 2023م.

وذكر الدكتور محمد المغازي، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر فرع دمنهور، أن انعقاد المؤتمر الدولي الرابع للكلية حول قضايا المناخ، يعتبر ترجمة حقيقة على أرض الواقع لقمة المناخ 2022 التي عقدت في مصر وتضمنت مخرجاتها فتح المجال أمام الجامعات والمؤسسات عن المناخ.

وتابع عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر فرع دمنهور، خلال حواره مع الإعلامية سالي سالم، ببرنامج «البيت»، المذاع على فضائية «الناس»، يوم الإثنين الماضي: «محاور المؤتمر تتناول الدلائل العلمية على القدرة الإلهية في تكوين الغلاف الجوي، ومظاهر التغييرات المناخية وأسبابها وآثار التغيرات المناخية والحلول العلمية المقترحة للتغلب على آثار التغيرات المناخية في إطار القدرات المصرية، وتناول الجهود المصرية العملية لمواجهة التغيرات المناخية».

وأضاف أن هناك محاور المؤتمر القانونية تتناول أثر التغيرات المناخية على تنفيذ الالتزامات التعاقدية الوطنية والدولية، ومسئولية الشركات العامة والخاصة عن الإهمال المناخي وتأثير التغيرات المناخية على التجارة الدولية، وتأثير حقوق الملكية الفكرية على نقل التكنولوجيا للدول النامية، وانعكاسه على قدرة مواجهة التغيرات المناخية، بالإضافة إلى تناول محاور أخرى عديدة فقهية وقانونية.

وأشار إلى أن توصيات المؤتمر تتركز على الجانب التوعوي على الدور البيئي، لأنها واجب فردى واجتماعي، أيضًا بالإضافة إلى الجانب التشريعي، فظاهرة الاحتباس الحرارى تخص 50% من سكان العالم، وبالتالي نحتاج إلى إجراءات وتعديلات في بعض القوانين المتعلقة بالبيئة.

الصفحة 2 من 2